الحذر من محقرات الذنوب
روى الإمامُ أحمد رحمه الله تعالى حديثًا عظيمًا بسند صحيح، يدلُّ على أن المسلم ينبغي له أن يحذر من الذنوب والخطايا، وألَّا يستهين بأمر الصغائر؛ فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ - يعني: ما تحقرونه من الذنوب والصغائر والأشياء اليسيرة - فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ))، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ لَهُنَّ مَثَلًا: كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا أَرْضَ فَلاةٍ، فَحَضَرَ صَنِيعُ الْقَوْمِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ، فَيَجِيءُ بِالْعُودِ، وَالرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْعُودِ، حَتَّى جَمَعُوا سَوَادًا، فَأَجَّجُوا نَارًا، وَأَنْضَجُوا مَا قَذَفُوا فِيهَا[1].
إنَّ هذا الحديثَ ينبغي الوقوف عنده؛ حيث إن الصغائر تجتمع على الرجل فتُهلِكه، فتجده يعمل الذنوب المتتابعة، وهو يعتقد أنها ذنوب صغيرة، وهي إذا اجتمعت على المرء أهلكته، وهذا أمرٌ خطيرٌ. فيتعيَّن - أخي المبارك - الحذر من الذنوب والمعاصي، وعدم التهاوُن بها، أو شيء منها؛ حيث إن الصغائر إذا كثرت، فأصرَّ عليها صاحبُها، تراكمَتْ عليه المخالفاتُ، فيبدو للمرء ما لم يكن يحتسب، والله المستعان. قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "للمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة المضرَّة بالقلب، والبدن في الدنيا والآخرة، ما لا يعلمه إلا الله، ومنها حرمان العلم، فإن العلم نورٌ يقذفه الله في القلب، والمعصيةُ تُطفئ ذلك النور، ومنها حرمان الرزق، ومنها وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله، لا تُوازنها، ولا تُقارنها لذَّةٌ أصلًا، ولو اجتمعت له لذَّات الدنيا بأسرها، لم تَفِ بتلك الوحشة، وهذا أمر لا يحسُّ به إلَّا مَنْ في قلبه حياة، "وما لجُرْحٍ بميِّتٍ إيلام"، فلو لم تترك الذنوب إلَّا حذرًا من وقوع تلك الوحشة، لكان العاقل حريًّا بتركها"[2]. فإنَّ العبد إذا كان قويَّ الإيمان تحرَّج من كل معصية صغُرتْ، أو كبرتْ؛ لأنه ينظر إلى عَظَمة مَنْ عصاه، لا إلى صِغَر المعصية. فو الله، لو أن العاصي استشعر نظر الله إليه حال فعله للمعصية حقَّ الاستشعار، لأقلع عنها، كيف لا وهو قد يتركها لو رآه رجلٌ من صالح عشيرته؟ إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل خلوت ولكن قل عليَّ رقيبُ ولا تحسبنَّ الله يغفُل ساعةً ولا أن ما يخفى عليه يغيبُ قال تعالى: ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ... ﴾ [المطففين: 14]، والرَّينُ: هو الذنب بعد الذنب، حتى ينطمس القلب، نسأل الله العافية، فإذا تتابعت الذنوب، انطمس القلب عن رؤية الحق، فصار الإنسان بمنزلة مَنْ لا يعقل، ولا يبصر، ولا يسمع، والواقع شاهدٌ بذلك، حيث تتوالى العقوبات على بعض المجتمعات، ولم تتغيَّر حياتها بتحسُّن، إما بتوبة أو نَوْبة، نسأل الله العافية، ولماذا يصرُّ العبد على المعصية، وهو يعلم تحريمها، ويعلم أن الله يسمعه ويراه؟ السبب هو: مرض القلب وفساده، فأسرع لعلاج القلب قبل أن يستشري فيه الفساد فينطبع. [1] أخرجه أحمد في المسند برقم (3818) 6 /367، والطبراني في الأوسط برقم (7323) 7 /219، والبيهقي في الشعب برقم (6881) 9 /406، وصحَّحَه الألباني في صحيح الجامع برقم (2680) 1 /522. [2] الجواب الكافي 1 /52. |
رد: الحذر من محقرات الذنوب
روح الامل
جميل ما قدمت من طيب اختي في ميزان اعمالك الطيبه شكرا ام عبد العزيز |
رد: الحذر من محقرات الذنوب
|
رد: الحذر من محقرات الذنوب
جزاك الله خير الجزاء
و جعله الله في ميزان حسناتك و أسعدك الرحمن |
رد: الحذر من محقرات الذنوب
يعطيك العافية يارب ولك مني باقات من القرنفل تحمل في شذاها اسمي معاني الاحترام |
رد: الحذر من محقرات الذنوب
عافاااك ربي على طررررحك الجميل والمميز والرااااائع
لك خالص الود والتقديررر |
رد: الحذر من محقرات الذنوب
جزاك الله خيـر وبارك الله في جهودك وأسال الله لك التوفيق دائماً وأن يجمعنا الله وأياكم على الود والإخاء والمحبة تحياتي لك |
رد: الحذر من محقرات الذنوب
جزاك الله خير الجزاء ورفع قدرك في السماء ورزقك الجنه ونفع بك وبطرحك القييم بارك الله فيك |
رد: الحذر من محقرات الذنوب
جزاكم الله خير الجزاء جميعا شاكرة مروركم
|
رد: الحذر من محقرات الذنوب
جزاك الله خير ورحم والديك وانار قلبك وعقلك بنور الايمان وجعل عملك هذا في ميزان حسناتك وجعل الجنة مثواك امين يارب
|
الساعة الآن 12:01 AM بتوقيت الرياض |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By
Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون