منتديات وهج الذكرى

منتديات وهج الذكرى (https://www.wahjj.com/vb/index.php)
-   وهج الخواطر والأشعار الحصرية (https://www.wahjj.com/vb/forumdisplay.php?f=150)
-   -   كم وددتُ ! (https://www.wahjj.com/vb/showthread.php?t=50955)

عبد العزيز 02-29-2024 07:51 PM

كم وددتُ !
 

تقادمَ عهده بمليكة قلبه ، فمضى صوب ملتقاهما عند شجرة الصفصاف فرأى المقعد خالٍ إلا من بعض الورق المتساقط ، والغبار الذي علاه !
طاف حول الشجرة ، ثم عاد إلى المقعد ومسح الغبار ، وجلس ونظر إلى حرفي اسميهما اللذين نَقَشَتْهُمَا على جذعها الضخم ، اللذين كاد يعفوهما تقادم العهد !
كان الحنينُ يستعرُ بقلبه ، والذكرى تموجُ بين حناياه ، فقال : لا تعلمين كم وددتُ لو غمرتكِ بالقبل من مفرق رأسكِ إلى أخمص قدميكِ وملأتُ رئتيَّ من عبق أنفاسكِ !
ولا تعلمين كم وددتُ لو اجتمعنا تحت شجرة أيكٍ في بستان أفيح وارف الظلال متفتح الأزهار جاري الأنهار مغرد الأطيار فتحتسين الشاي وأحتسي من رضابكِ ما يُنسيني ألم النوى وليال السهاد ثم تقضمين كعكة ثم تناوليني إياها وقد علق بها بعضاً من شهد رضابكِ وعبق أنفاسكِ مع بسمة تعلو محياكِ تفتر عن لآليكِ الغر فأتناولها ترياقًا لنأي طال أمده وسط السعادة التي تكتنفنا !
ولا تعلمين كم تخيَّلْتُ أنه ضمني وإياكِ سقفٌ واحدٌ ، فأداعبُكِ وأغضبُكِ –قاصدًا- فتشيحين فأدير محيَّاكِ العذب فأراكِ مقطِّبَة ، فتقولين : (عزو ترى بأعطيك كف) فينساب صوتُكِ العذب في قلبي وروحي انسياب الطمأنينة في قلب المؤمن ، وأقول : سأهواكِ وإن بلغتِ من العمر عتيًّا ! فرؤيتكِ بلسمُ الجسد المدنف ، ووصلكِ أنسُ القلبِ الـمُوحشِ ، ويدكِ حين تضعينها على قلبي ترياق الحمم فيه ، ومزامير صوتكِ بهجة يومه !
ثم ابتسم ، وقال : حين أفيقُ أراني وحيدًا دونكِ أكابدُ هجرًا يفوقُ احتمالي ، وحنينًا لا قبل لي به !
وضع يده على وجهه ، وأطرق برأسه وقال : حين تستعر أتن الحنين أعزف عن الطعام كما هو الحال في كلِّ مَرَّةٍ ولكن الذي استجد الآن انصرام الريعان ، تداني الخطى ، إرْهاقُ الكاهلِ ، شيخوخة القلبِ ، إدْنَافُ الجسد !
ثم اتكأ على المقعد ، وأجال ناظره بين أفانين الشجرة والطيور التي تغرِّدُ ، ثم قال : هأنذا أُناجي ذكراكِ ، وأبثُّها تباريح الهوى ، وإدناف الجوى ، وعيناي ترقبان أفول الشمس نحو الغروب ! فهل تأفلُ الشمسُ ويخيِّمُ الغسقُ دون شمسٍ تبزغُ وبدرٍ يكتملُ ونجمٍ يضيءُ ؟!
فيما مضى كان أنيسي القلم والتذكر والمضي مع الأماني عنكِ ، أما الآن فقد جفاني القلم وجفوته ، وعزَّتِ الأماني ، ولانتِ القناةُ ، وضَعُفَ الزَّنْدُ !
ثم نهض واتجه إلى جذع الشجرة ومرَّرَ يده على الحرفين ، وقال : لا أؤمن بالكثير من ترهات الفلاسفة ، لكنَّ تفسيرهم للحنين الداهم المفاجئ أبهجني لأنه عنكِ ومنكِ !
ثم اتكأ على الجذع ، وقال : مليكة قلبي : بضَّعْتُ قلبي في إثر الراحلين ، أما آن لكِ أن تلمِّي أشتاته وتُسكني بلابله ، وتُخمدي أجيج حنينه ؟!
مليكة قلبي : ها هو عزُّو أسفل شجرة الملتقى العزيزة على قلبه المتأصلة فيه ، يبسطُ حنينه ، ومقه ، دنفه ، أعذاره ! فعودي فما عاد في العمر بقيَّةٌ لهجرٍ ، ولا في القلب متَّسعٌ لحنين !
ثم نهض ومضى صوب الشمس المائلة للغروب وعيناه لا تريمان عنها ، وهو يقول : سأحتفظُ بتلك الليالي والأيام والحنين المدنف ذكرى أتبلغُ بها في هذا السبيل الوعر ، والوحدة الممضة إلى أن تغرب الشمسُ ويأفلَ القمرُ ، وتغورَ النجومُ !
وليدة اللحظة 19/8/1445 هـ 7:39 مساءً .

وارفة البيان 02-29-2024 08:05 PM

رد: كم وددتُ !
 
ولو كنا نستطيع القبض علي ذكرياتنا العذبة لأحتجنا عمر أخر مع أعمارنا
هي لقطات كأنها صور فوتوغرافية لكنها مطبوعة في مخيلتنا نسترجع منها بعض ذكرى فقط
تكاد تلك الشجرة مدونة لعشاق عهد مضى يعودون إليها بعد حين او يعودون بعد فراق إليم كعهدك
أما القلم فاأظنه كان الصدوق الذي لم يفارقك وإلا ماكنا نقرأ روائع أستاذي عزو
ياليت ماتكتبه يكون كتباً ضمن مكتبتي لأمد يدي إليها كلما شاقني حرفك وتشوقت ان أقرأ عن الوفاء في الحب

وارفة البيان 02-29-2024 08:08 PM

رد: كم وددتُ !
 
مثلما تقول الهمس اعطينا الحقوق
نشر، ختم، ومكافأة الحصري

عبد العزيز 02-29-2024 08:14 PM

رد: كم وددتُ !
 
أختي الموقرة وارفة : أي سحرٍ تنفثينه عبر قلمكِ ، والله إنه لسحرٌ يخلبُ الألباب ، ولو كان هناكَ أُمِّيٌ لا يعرف كيف يوضعُ القلم بين الأنامل ، وقُرئتْ عليه ردودكِ لودَّ من كلِّ قلبه لو حُبي الكتابة !

أختي وارفة : أنتِ الشمس المضيئة التي تنيرُ السبيل لمن وضع القلم بين أنامله (جزيل الشكر ووافر الامتنان مدى العمر) .

أسعدكِ ربي ورضي عنكِ أسعدكِ ربي ورضي عنكِ أسعدكِ ربي ورضي عنكِ

احمد الحلو 03-01-2024 05:58 PM

رد: كم وددتُ !
 
استاذي الغالي الاديب الرمز عبد العزيز

حزن يتربع على حافة الذكريات

وألم يرسم مافات وما ياتي

وحافة يأس استذكار لكل ماجرى ويجري

وسفر في العتمة

كل هذا يجعل

الخطى متعثرة

والسفر نوع من المخاطرة

في تيه الحياة

ابدع قلمك وتميزت بقوة احساسك

فى نص رائع رائع لك

تقبل مروري الخجل وجدا

الذى لايليق بهذا المتصفح بأسمك المتميز

سوسنتي الحلوة مع تقييمي

احمد الحلو

شمس الاصيل 03-02-2024 08:40 AM

رد: كم وددتُ !
 
استاذي عبدالعزيز

ختمت رائعتك ب ( وليدة اللحظه ) ويالها من لحظه جال فيها التفكير مابين لوعة الذكرى وعنفوان الشباب وريعانه ولحظاته التي تخلق الذكرى ولاتنسينا ماض تليد عريق مفعم بالحب وبين واقعنا الذي يأبى ان يتركنا عيش بسلام فيخيم على ليالينا ذكريات الأمس وتحول حياتنا مابين ابتسامه لاتريد ان تظهر ومابين ماض يشعرنا بأننا احياء ..

تصوير رائع وحضور ملهم واسلوب شيق جداً في الكتابه اشكرك عليه .

عبد العزيز 03-02-2024 12:19 PM

رد: كم وددتُ !
 
الكاتب المبدع والمصمم المتفرد والصديق العزيز أحمد الحلو : لو علمتُ أن هذه القصة ستجعلني أبهجُ ناظري وأسعد قلبي برؤية معرفك العذب لكتبتها منذ أمد !

العزيز أحمد : تأتي نسمة مساء عليلة ، وغيثًا وكَّافًا يزيل العناء ، ويقصي الشجى ، ويملأ القلوب أنسًا وسرورًا (أسعدكَ ربي ورضي عنكَ) .

امتناني الجم .

عبد العزيز 03-02-2024 12:23 PM

رد: كم وددتُ !
 
العزيز بهاء : شعرتُ بالشهد ينساب في فمي وأنا اقرأ ردكّ العذب البديع (أسعدكَ ربي ورضي عنكَ) .

امتناني الجم .

* مررتُ قلم التعديل على جزء منها لأن البعض استهجن بعض ما ورد فيها !

ناطق العبيدي 03-02-2024 08:16 PM

رد: كم وددتُ !
 
سطور نالت الإعجاب برقي هذا الطرح
وهذا سَّــر إبداعك وذائقتك المتميزة،
سوف أظل أترقب الجديد بكل شوق،
لك كل الود والاحترام

عبد العزيز 03-03-2024 06:10 PM

رد: كم وددتُ !
 
العزيز ناطق : جزيل الشكر لمروركَ العذب .


الساعة الآن 10:34 AM بتوقيت الرياض

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون