08-15-2012
|
#75
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 498
|
تاريخ التسجيل : Jan 2012
|
أخر زيارة : 11-13-2012 (04:49 AM)
|
المشاركات :
658 [
+
] |
التقييم : 86
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
شكراً: 0
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
|
الشكر موصول لك أختى الغزال على أن
فتحت هذه النافذه الرائعه
اعلم أن العدوان على الناس في أموالهم ذاهب بآمالهم في تحصيلها و اكتسابها لما يرونه حينئذ من أن غايتها و مصيرها انتهابها من أيديهم و إذا ذهبت آمالهم في اكتسابها و تحصيلها انقبضت أيديهم عن السعي في ذلك و على قدر الاعتداء و نسبته يكون انقباض الرعايا عن السعي في الاكتساب فإذا كان الاعتداء كثيرا عاما في جميع أبواب المعاش كان القعود عن الكسب كذلك لذهابه بالآمال جملة بدخوله من جميع أبوابها و إن كان الاعتداء يسيرا كان الانقباض عن الكسب على نسبته و العمران و وفوره و نفاق أسواقه إنما هو بالأعمال و سعي الناس في المصالح و المكاسب ذاهبين و جائين فإذا قعد الناس عن المعاش و انقبضت أيديهم في المكاسب كسدت أسواق العمران و انتفضت الأحوال و ابذعر الناس في الآفاق من غير تلك الإيالة في طلب الرزق فيما خرج عن نطاقها فخف ساكن القطر و خلت دياره و خرجت أمصاره و اختل باختلاله حال الدولة و السلطان لما أنها صورة للعمران تفسد بفساد مادتها ضرورة و انظر في ذلك ما حكاه المسعودي في أخبار الفرس عن الموبذان صاحب الدين عندهم أيام بهرام بن بهرام و ما عرض به للملك في إنكار ما كان عليه من الظلم و الغفلة عن عائدته على الدولة بضرب المثال في ذلك على لسان البوم حين سمع الملك أصواتها و سأله عن فهم كلامها فقال له: إن بوما ذكرا يروم نكاح بوم أنثى و إنها شرطت عليه عشرين قرية من الخراب في أيام بهرام فقبل شرطها، و قال لها: إن دامت أيام الملك أقطعتك ألف قرية و هذا أسهل مرام. فتنبه الملك من غفلته و خلا بالموبذان و سأله عن مراده فقال له أيها الملك إن الملك لا يتم عزه إلا بالشريعة و القيام لله بطاعته و التصرف تحت أمره و نهيه و لا قوام للشريعة إلا بالملك و لا عز للملك إلا بالرجال و لا قوام للرجال إلا بالمال و لا سبيل إلى المال إلا بالعمارة و لا سبيل للعمارة إلا بالعدل و العدل الميزان المنصوب بين الخليقة نصبه الرب و جعل له قيما و هو الملك و أنت أيها الملك عمدت إلى الضياع فانتزعتها من أربابها و عمارها و هم أرباب الخراج و من تؤخذ منهم الأموال و أقطعتها الحاشية و الخدم و أهل البطالة فتركوا العمارة و النظر في العواقب و ما يصلح الضياع و سومحوا في الخراج لقربهم من الملك و وقع الحيف على من بقي من أرباب الخراج و عمار الضياع فانجلوا عن ضياعهم و خلوا ديارهم و أووا إلى ما تعذر من الضياع فسكنوها فقلت العمارة و خربت الضياع و قلت الأموال و هلكت الجنود و الرعية و طمع في ملك فارس من جاورهم من الملوك لعلمهم بانقطاع المواد التي لا تستقيم دعائم الملك إلا بها.
من مقدمة بن خلدون
|
|
|