عرض مشاركة واحدة
قديم 09-27-2012   #14


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



الفصل الثالث (الإقتنـاع )



ليس سهلا أن تولد في مجتمع يخاف على المرأة ويخشى عليها ولا يثق بها، مجتمع يعتبر المرأة هشة سهلة التصدع والانجراف، مجتمع
لا يراها كإنسان مثل الرجل.. مع إنه ليس بأكثر حصانة وتدبير.. بل لو يعلم الرجال برأي النساء بهم ' إنهم لا يحسنون التدبير وتملؤهم
اللامبالاة ويغمرهم الكسل، ولا يجيدون التصرف ويتحكم بهم الغضب والتوتر والمزاجية ، من هنا تدير النسوة البيوت ويعددن الميزانيات
ويتولين امور أبنائهن وتربيتهم ومشاكلهم وفوق كل ذلك يتحملن نزوات رجالهن ثم بعد ذلك تكون المرأة من يخاف عليها ولايثق بحسن
خياراتها وتكون العورة في اسرتها..!!المرأة والرجل كل منهما بشر. وهذا البشر به الصالح والطالح، العاقل والسفيه، الصالح والمنحرف، الضال
والمهتدي، الخير والشرير.. وهذا المجتمع مكون منهما الأثنين ومن ذريتهما، حتى الذرية ليس لها دخل كبير بتأثير ابويها ولا يمكن
ان ندمغ انساناً بتاريخ أبيه، فليس شرطا أن يكون ابن المنحرف مجرما بل قد يكون أفضل من ابناء تربويين افنوا عمرهم في
الإصلاح والتهذيب،ومع إن هذا المجتمع تربى الى الستين سنة الماضية على أن تكون لنسائه معاملة خاصة تكرم فيها المرأة بأن تكون
الأم المسيطرة في المنزل والمتحكمة بالأبناء والأحفاد وزوجاتهم وذرياتهم، المرأة القوية التي تحكم بالمنزل وينحني لرأيها الابن رب
العائلة وابناؤه وذريتهم ما دامت على قيد الحياة،إلا إن هذه الصورة انتهت عندما تغيرت النظرة الى المرأة ولم تعد الأم المبجلة التي
يعمل لرأيها أي حساب، بل اصبحت الضعيفة الجاهلة التي لا تعرف شيئا امام زوجها وأبنائها المتعلمين الذين يفرضون عليها معتقداتهم
وعليها القبول لأن ليس لديها معيل. فإن رفضت عيشة الذل والمهانة، اين ستذهب وليس لديها كفاف يومها وهي تحت رحمة غيرها.
والرجال بشر وككل البشر إن لم يكن هناك ما يعادل قوته ويوازنها فإنه يطغى ويغيرعلى الأضعف منه بلا هوادة ولا رحمة.
حتى القوانين والقيم صنعها هؤلاء الرجال وبما يتوافق مع مصالحهم مما ادى إلى انكسار النساء وانزوائهن واصبحن يرددن المثل..
ظل راجل ولا ظل حيطة والتداري وراء ستار اي رجل ولوكان مغيبا، مخمورا، ضائعا، غائبا معظم الأحيان ولكنه يحمل اسم رجل، لقد
بتن يختبئن وراء الأسماء،وجاءت المرحلة الثالثة عندما تعلمت المرأة ولم يعتقد الناس بأن تعليمها سيكون سلاحها الفاعل الذي حملها
بسحابة الثقة الى مرتبة الكرامة والاحترام. كلما تعلمت المرأة كلما انقشعت الظلمات التي حاكها الرجال حولها على مر العصور لتكتشف
ان لديها يدين يمكن ان يعملا كالرجال، وعيوناً يمكن ان ترى ما يرونه والأهم عقول تستطيع استيعاب ما كانوا ينفردون به.
وكانت المفاجأة إنهن برعن اكثر في الدراسة والعلوم، فالمتفوقات في الثانوية العامة اكتسح عددهن الشباب ورويدا رويدا بدأ عددهن
بالتزايد وعدد الشباب بالنقصان والتسرب حتى من المدارس الابتدائية،انقلبت المعادلة واشتغلت المرأة وفتحت البيوت وعمرتها.
هذه المرأة التي تم دوسها وكسرها وتقييدها وتجاوزها وتحويل قدراتها العقلية للثرثرة والنميمة والشجار والغيرة وتدبير المكائد للضرات
والجارات والحموات الى انسانة منتجة وتربوية وصالحة ومورد اقتصادي رفع عائلتها وحقق لها الاستقرار المادي،ووعي المرأة ونضوجها
العلمي والاقتصادي ادى الى رقيها الفكري وبدأ اتجاهها للتوعية الدينية، ولا يمكن لأي كان ان يقول ان المرأة كانت لعقود قليلة ماضية افضل
منها اليوم، حتى في المجتمعات العربية فمنذ الأربعينات كانت المرأة كماً مهملاً، وفي الستينات كانت ثورتها فقط في ارتداء البكيني
والميني جوب وما شابهه وكانت فترة ضياع للجيل كله من رجال ونساء،اما الفترة الحالية فقد وجد الوعي الفكري الذي اتخذ السمة الدينية كرداء
له، ولكن على حسب من يتعامل مع هذا البساط الروحي، فهناك فئة تحكم اغلاقه عليها حتى تختنق ' وهناك فئة تتعامل معه بوعي وفهم
وتعمق حسب المرحلة التي تعيشها والمعطيات التي تملكها لتكون ارضيته التي يتنفس بها لا التي يختنق بين طياتها،نشأت سارة في المرحلة
الثانية التي بدأ المجتمع فيها يستيقظ بكسل ويتمطى بلا اهتمام لمواصلة تعليم بناتهن الجامعي. افتتحت الجامعة بالفعل ودخلتها الطالبات، وقد
عملت بعضهن قبلا بشكل محدود في مدارس البلاد المتفرقة كمدرسات خريجات الثانوية العامة، ولكن الى الآن لم يظهر تأثيرهن وما يمكن
ان يحققنه في المجتمع من تغيير وثورة حققت لهن التوازن المطلوب واظهرت امكانياتهن الفعلية.
وعندما تخرجت كان المجتمع اكثر وعيا وتدبيرا، فقد سبقتها افواج الخريجات من الجامعة وبدأ المجتمع يجني خير مشاركة نصفه الآخر في

العمل وخصوصا الأسر المتوسطة الحال التي اصبحت نساؤها العاملات عمودها الفقري المنتج،ورغم إن العمل في المجال الإعلامي كان مفتوحا
لعمل المرأة المواطنة إلا ان بقية القطاعات مغلقة في وجهها، وكان وجود حتى المرأة المراجعة لمصالحها وليس لديها رجل تعتمد عليه غريبا
وشاذا في هذه الأروقة، وحتى ولوكانت إدارة المرور التي تسمح للمرأة بقيادة السيارة ولكن لا تهيىء لها طاقم الموظفين المعد لاستقبالها
في تلك الفترة، ولا يشعرها بأنها قد هبطت في كوكب رجالي تعتبر المرأة فيه كائناً لا تفسير منطقي له..!
لذلك كان تمسك سارة بالعمل كمهندسة في مؤسسة صناعية في وقت لا يتقبل فيه المجتمع عمل المرأة العاملة إلا تحت مظلة التدريس

بينما على الراغبات بمجالات اخرى تدبر امورهن وتحمل النظرات والتأويلات التي تسكبها النفوس حسب كل إناء بما فيه ينضح ..!!!
كان اصرارها يدور في منطقة ملغومة بالمخاطر الاجتماعية ونظرة الناس وكذلك موقف المؤسسة نفسه الرافض للفكرة اساسا حسب
ما يحاول الموظفون الكبار التلويح به بتعصب وغضب.. ولكن لا يمكنها التنفس إلا من خلال هذا الحلم، ولا يهمها رأي الناس
وليشربوا من البحر ما دامت لا ترتكب منكرا ولا تخالف عقيدة، وإن ايمانها لأكبر من ان تستمع للغو العجائز اوتنمر
المسئولين بلا حق يقنعها ويسرد الوقائع بمنطق واتزان.

يتبع











 
 توقيع :
قال تعالى {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً }النجم28

دائما النية الطيبة لاتجلب معها إلا المفاجآت الجميلة
لاتغيروا أساليبكم فقط غيروا نياتكم فعلى نياتكم ترزقون



رد مع اقتباس