الموضوع: ثم عاد ( رواية)
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-16-2011   #4


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي






ولو تربَّوا في دار النعيم، لم يعرفوا قَدْرَها، كذلك يا حبيبي، فإنه – سبحانه - أراد أمره ونهيه، وليست الجنة دارَ
تكليف فأهبطهم إلى الأرض وعرَّضَهم بذلك لأفضل الثَّواب الذي لم يكن ينال من دون الأمر والنهي؛ ﴿الَّذِي خَلَقَ
الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الملك: 2]، وأظنك يا أحمد تعلم أنه - سبحانه وتعالى - يُحب الصابرين،
ويُحب المحسنين، ويُحِب المتطهرين، ويُحِب الشاكرين، واقتضت حكمته أن يُسْكِن آدمَ وبَنيه دارًا يأتون فيها
بهذه الصِّفات التي ينالون بها أعلى الكرامات، فكان إنزالهم إلى الأرض من أعظم النعم عليهم؛ ﴿وَاللَّهُ يَخْتَصُّ
بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة: 105] ، قال أحمد: سبحان الله! الهبوط من الجنة من أعظم النِّعَم؟! فعلاً لله الحكمة
البالغة، قلت: نعم، يا أحمد، إنَّ من أفعال الله - عزَّ وجلَّ - التي ملؤها الحكمة ما هو ظاهر الحكمة مَعلوم،
ومنها ما يَخفى علينا؛ لحكمةٍ يَعلمها وَحْده سبحانه، قال أحمد: آمنت بالله، والله لقد أثَّرت في قلبي رَغبة
شديدة في أن أتعرَّف على ربِّي أكثر، فهل من الممكن أن نتحدث عن الله قليلاً، قلت: لا، بل نتحدث
كثيرًا إن شاء الله، ما أجمل الحديثَ عن الله!
أتدري يا أخي أنَّ أعظم زينة يُضفيها العبدُ على حياته خطوات يَخطوها في طريق معرفةِ الله - سبحانه وتعالى -
بل كما قال ابن القيم - رحمه الله -: من عرف الله - تعالى - صفا له العيشُ، وطابتْ له الحياة، وهابه كلُّ شيء،
وذهب عنه خوفُ المخلوقين، بل والله، يا أخي، مَن عرف ربَّه حقًّا، استمرأ المُرَّ، واستعذب العذاب في رضاه سبحانه.
قال متلهفًا: زدني عن ربِّي زدني، قلت: يا أخي، الله - عزَّ وجلَّ - له الخلق والأمر، وهو وحْدَه الذي يَملك هذا
الكون بكل ما فيه؛ ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ﴾ [المائدة: 120] كل ما تراه أمامَك، وكل ما يوجد
خلفك ملك ذاتي لله - جل ثناؤه؛ ﴿وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ﴾ [النمل: 91]
كلُّ شيء في هذه الحياة يَستمدُّ احتياجاته منه - سبحانه - جميع احتياجات الخلائق من خزائنه سبحانه؛ ﴿وَلِلَّهِ خَزَائِنُ
السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [المنافقون: 7]، الإمداد بالنوم واليقظة والشُّعور بالراحة والتعب، والقيام والقعود، والضحك
والبكاء، كل هذا وغيره يستمد فاعليته من الله - عزَّ وجلَّ - ولا يُوجد أي مصدر في هذا الكون يقوم بذلك إلاَّ من
خزائنه؛ ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ﴾ [الحجر: 21]، وكُلُّ آثارٍ لقوة تراها في الوجود، فهي مُستمدة منه
سبحانه؛ ﴿لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ [الكهف: 39]، وعندما قالت عاد: ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ [فصلت: 15]، كان الرد الإلهي:
﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ [فصلت: 15]، فله سبحانه القُوَّة المطلقة والفاعليَّة المطلقة -
سبحانه - الذي يَحملنا في البحر والبر والجو، وما السيارة وما أرجلنا إلا أسباب شكليَّة لا قيمةَ لها من دون المدد
الإلهي؛ ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ [يونس: 22]، وتأمَّل معي أخي في بيان هذه الحقيقة وتجليتها في قِصَّة
نَجاة نوح - عليه السَّلام - بعد ركوبه السَّفينة، والتي مكث طويلاً يصنعها؛ ﴿وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ﴾
[القمر: 13]، نعم أخي، فالذي حمل نوحًا - عليه السَّلام - هو الله - سبحانه -

وما السفينة إلاَّ ألواح خشبية ومسامير لا قيمةَ لها من دون المدَدِ الإلهي؛
﴿وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ [يس: 41] .





 
 توقيع :
قال تعالى {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً }النجم28

دائما النية الطيبة لاتجلب معها إلا المفاجآت الجميلة
لاتغيروا أساليبكم فقط غيروا نياتكم فعلى نياتكم ترزقون


التعديل الأخير تم بواسطة الغزال الشمالي ; 06-16-2011 الساعة 08:57 PM

رد مع اقتباس