عرض مشاركة واحدة
قديم 06-24-2011   #12


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



هونت على أيمن، وقلت له بأني سوف أقف بجانبه وأساعده، ولن أدعه يعود
للقمار مرة ثانية، ولكن العيون الصفراء الثعلبية التي تراقب حديثنا
باهتمام بالغ، وكأنها تعلم ما نقول، وتراقب حتى أنفاسي،وبيدها زجاجة الخمر
تشرب تارة وتدخن تارة أخرى، هل ستدعه في حاله؟ إني اعتقد أنها هي التي تأخذه
إلى نوادي القمار، وأعتقد أنه يحبها كثيراً،ىوسوف تجره إلى القمار مرة ثانية
وعندما تنتهي النقود التي معه سوف ترميه في الشارع ليعود مرة أخرى ليطلب
النقود من أهله، هكذا كانت الأفكار تدور في رأسي، ولا أعلم إذا ما كنت على
صواب، أم أني أظلم هذه الفتاة؟ ولكني كنت على يقين أنها فتاة سيئة!
انتهيت من تناول طعامي، ثم وضعت علبة الكرتون الفارغة على المنضدة، ومن هنا
بدأت المشاكل! لم يعجب روكسانا أن أضع العلبة على المنضدة، فأخذت تصرخ بوجه
أيمن، ولم أكن في حاجة إلى الترجمة، فتعابير وجهها، وحركات يدها، كانت تترجم
صراخها، وأظن أنها غاضبة أيضاً لأني لم أغسل الصحون المرمية في المغسلة منذ أكثر من شهر!
حاول أيمن تهدئتها، ولكن عبثاً، فالكحول التي شربتها كانت كفيلة بجعلها تصرخ
وتذرف الدموع الكاذبة لساعات طويلة!
حاولت التدخل متصنعاً عدم فهم ما يجري، وسألت أيمن عن سبب غضبها المفاجئ
فتنهد تنهيدته المعتادة الطويلة، ثم قال وهو يحاول أن يخفي الحقيقة:
!لا شيء مهم، أعتقد إنها شربت كثيراً، ولم تعد تعي ما تقول
ولكنه لم يستطيع إخفاء الحقيقة كثيراً، فقد كانت نظرات روكسانا الغاضبة تلاحقه
فتابع كلامه متلعثما: ولكن يا أخي هنا في أوروبا.. كل.. واحد يخدم نفسه بنفسه
أرجوك لا تحزن مني فهنا الوضع مختلف عن الوضع في بلدنا!... وكان يتكلم وهو ينظر
نحوي تارة، وتارة أخرى إلى روكسانا، وكان صوته يرتفع كثيراً عندما ينظر نحوي
وكأنه يقول لروكسانا، لا تغضبي فأنا أوبخه لأنه وضع العلبة الفارغة على
المنضدة، ولم يغسل الصحون، ولكني فهمت اللعبة، وآثرت أن أبقى متصنعاً عدم فهم
ما يجري، لكي يُثبت أيمن رجولته أمام روكسانا!
عاد الصمت ثانية يخيم على الغرفة بعد أن شربت روكسانا زجاجة الخمر، وجلست
بجانب أيمن تداعبه أمامي من غير حياء، وكانت تتوسل إليه أن يخرج معها لشراء
المزيد من الخمر، ومرة أخرى تركاني وحيداً وخرجا...
كانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل عندما فتح الباب ودخلت روكسانا
يتبعها أيمن وبيده زجاجة خمر، كان قد شرب أكثر من نصفها.
في هذه اللحظات كنت بالنسبة إلى أيمن وركسانا، لا شيء، لا فرق بيني وبين أي أثاث
في الغرفة، فقد ذهب الخمر بعقل أيمن ولم يعد يُدرك ما يفعله، فكانا يتصرفان
مثل البهائم، بل البهائم كانت أفضل حالاً منهما!
خجلت من نفسي، ولم أعد أطيق النظر إليهما، فتحت باب الغرفة وخرجت من دون أن
يعيراني أي اهتمام، أو حتى يسألاني إلى أين أنا ذاهب....
سال الدمع من عيني، وأنا أستلقي أمام الباب مثل الكلاب، لأجد نفسي مرة
ثانية على هذه الأرض الصلبة والرطبة، في سكون هذا الليل العميق الذي لا
أعرف مواقع نجومه، فأغفو على همسات أمي تخرج من ذاكرة أعماقي تغني أغنية نومي
الدافئة تمسح بيدها على شعري فأهيم بنومي، يغمرني الحب والحنان والأمان، وأفتح
عيني لأجد العمة ماريا توقظني بهدوء، وتشير لي بيدها أن أدخل بيتها، فلم أتردد
ودخلت إلى بيتها حتى أني لم أر شيئاً سوى السرير، فرحت أغط في نوم عميق
فتحت عيني على رسوم جميلة، مطرزة على الوسادة البيضاء التي لطخها الغبار
والأوساخ من رأسي و رقبتي، ورائحة عرقي تنتشر في المكان...
جُلت بنظري في أرجاء الغرفة، كانت غرفة نوم جميلة، عبارة عن سرير وخزانة ملابس
ومرآة كبيرة الحجم، وكلها مصنوعة من الخشب الثقيل، وأظن أنها أثرية قديمة الصنع
وعلى الحائط، في مقابل السرير، عُلقت صورة لرجل دين، يلبس ثوبا طويلا أسود، له
لحية طويلة سوداء، وعندما نظرت إلى وجهه، اقشعر جسدي من نظراته المخيفة، فقد
كان عابس الوجه، وكأنه يقول لي: ماذا تفعل في غرفتي وعلى سريري أيها الغريب؟
فُتح الباب بهدوء، ثم بان من ورائه وجه العمة ماريا بابتسامة خفيفة، وكأنها
فأر يحاول أن يستطلع المكان قبل دخوله إليه.
تشجعت العمة ماريا على الدخول عندما رأت عيني مفتوحتين وبدأت تكلمني
وهي تعلم أني لا أفهم من كلامها شيئا، ثم ذهبت لتعود ثانية، ومعها منشفة حمام
ولوح صابون جديد، لم يُنزع غلافه بعد...
من خلال الإشارات، فهمت بأنها تريدني أن أذهب إلى الحمام كي أغتسل، وهذا ما كنت
بحاجة إليه، فقد كان حماماً رائعاً بعد كل هذا العذاب!
عندما خرجت من الحمام، أشارت لي العمة ماريا بأن أدخل إلى المطبخ، لتناول الفطور
وهو عبارة عن زيتون أسود، وقطعة جبن، وبيض مقلي...






 
 توقيع :
قال تعالى {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً }النجم28

دائما النية الطيبة لاتجلب معها إلا المفاجآت الجميلة
لاتغيروا أساليبكم فقط غيروا نياتكم فعلى نياتكم ترزقون



رد مع اقتباس