عرض مشاركة واحدة
قديم 06-24-2011   #13


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



لا أدري كيف أشكر العمة ماريا، لم يكن بوسعي سوى أن أبتسم وأهز رأسي ممنوناً
لها، ولكني كنت أريد أن أقول لها الكثير، أن أقول شكراً أيتها العمة، لقد أحسست
معك بحنان الأم، لقد عطفت وأحسنت لي من غير أن تعرفيني، لمجرد أنك رأيت إنسانا
يحتاج المساعدة، أشكرك من كل قلبي.... وكانت العمة ماريا قد أحست بي من دون أن
أتكلم، وشعرت من خلال حركاتي، كم أنا شاكر لها...!
كما توقعت، لم يمض وقت طويل حتى جاء أيمن وهو يعتذر ويتأسف عما حصل البارحة
ويضع اللوم على روكسانا، بأنها هي التي جعلته يسكر، ولا يدري ماذا حصل له
لم يكن بوسعي سوى أن أسامحه، فليس باليد حيلة، ولكن العمة ماريا لم تسكت
فأخذت تصرخ بوجه أيمن، ومن نبرة صوتها فهمت بأنها كانت توبخه ،ومن إشارات يديها
وتحركاتها، فهمت بأنها تريدني أن أنام عندها كل يوم، ثم ذهبت إلى المطبخ لتعد
لنا الشاي، فسألت أيمن عن صاحب الصورة، ذلك الرجل الذي ينظر إلينا بسخط.
ضحك أيمن وقال إن هذا الرجل كان زوج العمة ماريا، وقد كان رجل دين يعمل في
الكنيسة، ولكنه توفي منذ زمن بعيد....
شربنا الشاي مع العمة ماريا، ولم تدعني أخرج حتى تأكدت بأني سوف أعود لأنام
عندها في الليل...
كانت أول مرة أخرج فيها إلى الشارع منذ قدومي، فقد أراد أيمن أن يُعرفني
بالمدينة، وأن نتفسح قليلاً، والحمد لله، لم تأت معنا روكسانا لأني لم أعد أطيق
رؤيتها. مشينا مسافة قصيرة حتى وصلنا إلى مكان الحافلة، ولكن هذه المرة لم أر
الغجر في الشارع، فخمنت أنهم ذهبوا ليناموا،لأنهم يتعبون طوال
الليل في ملاحقة أرزاقهم...
ركبنا الحافلة ولم تكن مكتظة، فقد ركبنا من بداية الخط، ولكن ما هي إلا دقائق
حتى امتلأت بالركاب ولم يعد هناك مكان يتسع لنملة...
كان كل شيء غريبا بالنسبة لي، المباني المرتفعة، السيارت،ا لناس، وجوه جديدة
كل شيء أراه لأول مرة!
الأمر الغريب الذي رأيته، أن العجائز يقفون في ممر الحافلة، والشباب يجلسون
على الكراسي، ولا أحد يبالي، فتحركت النخوة داخلي، وأعطيت مكاني لأحدى
العجائز، وكذلك فعل أيمن، وأظنه فعل ذلك خجلاً مني..
على جانبي وقفت فتاة شقراء جميلة، في العشرين من عمرها، وكانت تبتسم لي كلما
التقت نظراتنا، وتقترب مني أكثر وأكثر وسط الزحام، وكانت يدها تمتد
لتلمسني بهدوء، مما جعل العرق يتصبب مني، وفجأة شعرت بيد أيمن فوق يدها داخل
جيبي، سحب أيمن يدها، وتأكد جيداً بأنها لم تأخذ شيئا، ثم صرخ بوجهها وتركها لتغور
بين الركاب بحثاً عن مغفل غيري...
نزلنا من الحافلة، ولم ينته الدرس الذي لقنني إياه أيمن عن الحرص والحذر من
النشالين، وأنواعهم، وطريقة عملهم، وأشياء أخرى كثيرة، لم أحفظ منها
سوى أن أبقي يدي في جيبي، وأن أدع جواز سفري والأوراق المهمة في البيت
مشينا بوسط المدينة، وكان أيمن يتكلم بدون توقف، وهو يشرح لي عن الأماكن
وعن مغامراته و ذكرياته مع النساء في كل شارع نسير فيه، وكنا ندخل من محل
تجاري إلى آخر، نشاهد الألبسة، والأثاث والأجهزة الكهربائية، فقد كانت معروضة
بشكل جميل جداً، يجعل المرء يشتهي شراءها، ولكن يا حسرة من أين؟ فجيوبي فارغة
قضينا وقتا طويلا في التنقل من مكان إلى آخر، وقد بدأت أشعر بالتعب من كثرة المشي
فجلسنا نستريح على مقعد خشبي في حديقة عامة كبيرة تقع في منتصف المدينة، تمتلئ
بالأشجار الكبيرة، في منتصفها بحيرة صغيرة يحيط بها أنواع كثيرة من الورود..
كانت الحديقة كبيرة جداً بحيث يحتاج الزائر أكثر من نصف ساعة لقطعها سيراً
على الأقدام، وكانت المقاعد الخشبية مثبتة على جوانب الممرات تحت الأشجار، وكان
أغلب زوار الحديقة من العجائز التي ملت الجلوس بالبيت، فتجد في الحديقة
متنفساً جميلاً، بعيداً عن بيوتهم الصغيرة التي تشبه علب الكبريت
ليس ببعيد عن مكان جلوسنا، وفي الجهة المقابلة لنا، جلست امرأة عجوز، وقد
أدارت ظهرها لنا، ولم أكن أرى منها سوى شعرها الأبيض، وقد وضعت بجانبها
حقيبة يدها، وهي تمسك بها بحرص شديد، وأعتقد أن هذا هو السبب الذي جعل عيون
اللصوص تلاحقها...

اقترب من خلفها رجل في الثلاثين من عمره، وكان يحمل بيده شيئا حادا، ومن غير أن
تشعر به، وبخفة اللصوص قص جانب الحقيبة، وأحدث فتحة تمر منها يده، وأخذ يُخرج
محتويات الحقيبة من غير أن يضايقه أحد، والطريف فيةالأمر، أن اللص كان يعيد
الأشياء التي لا تهمه إلى داخل الحقيبة، ولكنه لم يحصل على مراده من طرف الحقيبة
فحاول سحبها من بين يدي العجوز، فأحست به، وأخذت تصرخ، واللص يشد الحقيبة، وهي
تمسك بها بكل قوتها، فبدأ اللص يضربها على رأسها لكي تصمت، وألقى بها أرضاً، ولكن
العجوز أبت أن تدع له الحقيبة.


يتبع





 
 توقيع :
قال تعالى {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً }النجم28

دائما النية الطيبة لاتجلب معها إلا المفاجآت الجميلة
لاتغيروا أساليبكم فقط غيروا نياتكم فعلى نياتكم ترزقون



رد مع اقتباس