الموضوع: الـ حـــب ..
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-03-2013   #176


الصورة الرمزية فيلسوف الكلمة
فيلسوف الكلمة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 378
 تاريخ التسجيل :  Aug 2011
 أخر زيارة : 05-28-2021 (01:39 AM)
 المشاركات : 9,268 [ + ]
 التقييم :  1787934227
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 1
تم شكره 131 مرة في 98 مشاركة
افتراضي



الرائع للخيال طعم اخر
مهما حاولنا الدنو من تعريف ذلك
الذي يحتلنا كرها , ويقيم بنا قسرا , ويتسلل
الى ارواحنا ونحن نشعر بتسلله الى الاعماق
ونتجاهل تسلله فينا رغبة ورهبه , الا اننا نستطيب
ذلك التسلل , فلا نتونا في ان نحشوه فينا ان صاحب تسلله
الى اعماقنا بطء ونحن نستحثه اندفاع اسرع واعمق ,ثم بعد ان
يستقر بالعمق منا نبارك ذلك المقدم ونرحب بالقادم ..

اذا فالحب يا اخي هو من نجوب الافاق وكل اصقاع المعموره بحثا
عنه ممثلا فيمن لا نملك مقاومة البعد عنه ان حالفنا الحض بلقياه من
بين البشر لانه حتما سيكون مهوى قلوبنا وافئدتنا وغاية من نبحث عنه
لنسلمه قلوبنا التي احبته هو بذاته ..
فلان تاخر مقدم الحب الذي هو الوسيلة والغاية في العثور على الحبيب
ان تاخر مقدمه لقلوبنا .
فاننا لا نبالي باي مشقه قد تعترضنا للوصول اليه وان بلغنا حد اللهاث
الهستيري ولان قضينا العمر كله في حل وترحال لا يهدأ حتى نجد
من يهفوا له القلب فنرتمي في احضان رضاه باسم الحب مقدمين
له مجملنا ولا نبالي .

ولان الحب حين يحكم قبضته علينا ونكون ضمن دائرة حكمه وسلطانه
فانه قد يغالي في امتحان ولائنا لمن احببناه فيبادر الى نحر قلوبنا كاثبات ولاء
وقرابين طاعه , وحتى يتهيأ للحب ايضا امكانية ان ينالنا شرف الانتساب اليه
وادراجنا ضمن خاصته الواقعين تحت سلطانه وسطوته المعروفين يقينا باسم
(( المحبين )) فان مما يعاب عليه وما يمكن ان يمثل قسوته احيانا وعلى الرغم
من انه لا يجد غضاضه في ذلك هو انه يعمد الى فرقة المحبين وخلق الجوى
والتنائي بينهم .!!

فينتج عن تلك القسوه والقهر استدرار ادمعنا التي نسكبها مدرار في غزارة
لا مثيل لها . سحبها اشواق تتلظى بانفسنا للقاء من احببنا
ولكن الحب قد قرر ان يفعل بنا الافاعيل فرقة وتباعد .

فيدفع بنا نتيجة ذلك الى ان نجافي مضاجعنا تحت اشتداد لهيب الاشواق بحنايانا
فتستنهضنا حرقة تلك الاشواق كرها .. فنبادر فورا لشعورنا بتغير الحال للبحث عن صديق
او معين يواسينا ويشاطرنا لواعج الاشواق , ويسامرنا لنبثه وجدنا , فلا نجد الا الليل صديقا
والقمر مناجا , والسهر رفيق , فيحول المحبين سكون ليلهم الى مطايا يعتلونها ويسوقونها
باتجاه عالم الخيال معتلين سروج الاماني ليجدوا بذلك العالم الجميل متسعا لسلوى ,او نخفيف
السنة لهب نار حطبها شوق لا يخبو ولا ينفذ بل يزيد اضطرامها للقاء حبيب عز مطلبه .

فيكون الخيال كريما حد البذخ ان تهيا لهم من خلاله ما لم يدركوه واقعا
وحقيقة مع علمهم سلفا بانهم ليس الا محلقين في فسحة خيال , يهيأ لهم
بكرمه اغلى امنيات الوجود لديهم , وهي مناجاة احبتهم واحتضان اطيافهم
وعناقهم فيما يشبه لثم ام لرضيعها بعد ان تهيأ لها لقائه مرة اخرى بعد يأس
من لقاء احب الخلق الى نفسها رضيعها !.

ولان المحبين يعلمون مسبقا بانهم بعد ان يعودوا من عالم الخيال الذي يتاح لهم
ضمنه امتطاء صهوات الرجاء على سروج الاماني فانهم وحتما لن يجدوا إلاّ الالم
متكئ في محيطهم ينتظر عودتهم من رحلتهم لعالم الخيال الجميل ليعيدهم الى
واقعهم المولم ويبدأ من جديد يستحثهم بذلك الالم بان يعودوا للسير باتجاه شوقا اعمق
فيزدادوا هيام مستمر .


ورغم اننا نعلم مسبقا ويقينا بان الحب نصل ذو حدين وانه في كثيرا من الاحيان قد
يصيبنا باحدهما حد العمق فقليلا من نجا من نصله وايضا فقليلا ما صفا , وجاد , بجمع احبه كما يشتهون ,
الا ان من عجيب الامور ومفارقاتها وما لم يوجد له تفسير الى يومنا هذا هو ان المحبين يكنّون
لذلك المسمى ((حـــــــــب ))
ولاء لا نظير له , فقد اثبتت التجارب ان اعز مطالبهم وخلاصة امانيهم , هو بقائهم سائرين خلف ذلك
الاعمى المسمى حبا فكما يقال (( الحب اعمى )) مهما اتضح لهم من عيوب المحبوب الذي تملكهم
باسم الحب وضمن نطاقة وتعريفه . وما اضن مبعث ذلك الولاء النادر إلاّ لان اهل الحب والهوى قد علموا
ان ترجمان حالهم لمن احبوا , لكن يكون الا باسم الحب ولسانه وحده فاكنوا له ذلك الولاء المطلق . والاعجب
من ذلك حد الدهشه هو تلذذ اهل الحب لدرجة السعادة بالتشبث بذلك الضرير الاعمى وقد رضيوا ان
يسيرون خلفه ويلحقون به فيما يشبه لحاق العبد بسيده ليكون تحت امره ورهن اشارته وطوع بنانه
بكل تذلل .

غير عابئين بما قد يعترض طريقهم من عثرات ينتج عنها جراح لا حصر لها , او ما قد يجدوه من حرج كونهم
مبصرون قبلوا فيما يشبه التبلد ’ ان يقودهم ضرير اعمى . وما قد يترتب على ذلك من الاوجاع والجراح , وكذا ما قد يرون من نظرات
الازدراء من قبل الاخرين , حين يتسائلون في حيرة قائلين أي حماقة بلغت بهولاء , فهم المبصرون ورضوا بان يقودهم اعمى!!!!

والاعجب انهم يعلمون مسبقا ان الحب رغم ولاء اهله له , ولاء مطلق الا انهم يعلمون
يقينا بانه وحتما سيحولهم الى متسولين حقيقيون يستجدون في انكسار لا مثيل له وبضعفة
من المّت به حاجة , واعترته فاقة وعلت حاله مذلة السؤال على ابواب قلوب من احبوا يستجدونهم
تفضلا بان يجودوا عليهم بلحظة لقاء , ينالهم فيها شرف المثول بين ايدي احبتهم وليمتعوا انفسهم بروعة
ما يقع تحت ابصارهم من ذلك الجمال الرباني الذي قد يتورى عن اعين الناس قاطبة فلا تراه الا عيون
محب فيمن احب !

فمما تعارف عليه ان المحب يرى من احب على غير ما يراه كل البشر لانه يراه بعين المحب والرضى
فالشاعر يقول :
ان للعاشقين عيونا .. ترى مالا يراه الاخرين
وقول اخر :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة.. ولكن عين السخط تبدي المساويا

اذا فهو يرى محبوبه ملاك يسيرعلى الارض , يمثل النقاء والرقه والروعه والجمال فلا يرى حسنات الناس
قاطبة الا في شخصه , ولا يرى جمال وحسن الكون الا في محياة محصورا , ولا ينصت في خشوع وتلذذ
منقطعا النظير الا حين يسمع صوته , فيخاله نغم شجي به عذوبة اوتار الات الوجود جميعا , فصوت الحبيب
يمثل له شدوا , ونغم , لا مثيل لهما وموشحات يتمايل لها طربا .

اذا فالحب هو ذلك الشعور الخفي الذي يخالجنا , ولا نملك الا ان نرفع له كل راياتنا استسلاما ,
ونقر له بعجزنا الكلي عن عدم قدرتنا بتعريف جماله وتناقضاته .
الله الله من الحب وعمايله ..
اذا فخلاصة القول انك اخي للخيال , قد انتقيت ذلك الوتر بالغ الحساسية جدا بقصد
ان يعزف الجميع عليه لانه الوترالوحيد الذي يتلائم وفطرتنا رغم انه قد حيّر من قبلنا
وحيّرنا , وحتما سيحيّر من ياتي بعدنا الاحاطة بتعريفه ..

انه يمثل الرقه والقسوه ,التعقل والجنون , االداء والدواء , الفرح والحزن , انه مجموعة من التناقضات المحببة الى النفوس
والتي ان دنوت من تعريف احداها بقصد التعريف المطلق لادركنا العجز قبل بلوغ ذلك ..

فما اكتسب الحب رفعته وعلو شانه الا لانه يمثل عاطفة بشريه فطريه , ان اعتراها الهيام نحو شخص بعيه فانه
يصعب كبح جماحها , او تهدئة تسعرها , فينتج عن ذلك الهيام في حال حرمان محب ممن احب , بعد ان ارتضاه قلبه
واستطابه واسكنه سويداه دون الناس اجمعين , سينتج عن ذلك الحرمان شوق مجنون لا مثيل له يتبعه ضنا , ينتج عنه
سقما , حين يدرك الياس فيعتريه مرض .. قد ينتهي بوفاة محب ان حكم عليه بالحرمان ممن احب . ولكم سمعنا او قرأنا
قصص محبين حرموا من بعض فانتهت حياة احدهما او كليهما بتلك النهاية المفزعة .

اذا فتعريف الحب لدى المحبين هو بانه ذلك الجمال المطلق ..
رغم كل ما ذكر من تناقضاته .


للخيال طعم اخر دمت جميلا
ورائعا بقدر روعة مدادك ومواضيعك .
تقبل تقديري




 
 توقيع :

التعديل الأخير تم بواسطة فيلسوف الكلمة ; 09-03-2013 الساعة 06:23 PM

رد مع اقتباس