عرض مشاركة واحدة
قديم 05-21-2022   #5


الصورة الرمزية سارة سيرو
سارة سيرو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3332
 تاريخ التسجيل :  May 2019
 أخر زيارة : 04-08-2023 (02:12 AM)
 المشاركات : 13,303 [ + ]
 التقييم :  11000
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Deeppink
شكراً: 157
تم شكره 116 مرة في 74 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: مسابقة القطار اليوم الخامس



القصة القصيرة جداً هو نوع حديث من الأدب انتشر في الفترة المعاصرة بشكل واسع وأصبح نوعاً سردياً قائماً بحد ذاته[1]، تعتبر بالحجم أصغر من القصة القصيرة وقد لا تتجاوز بضعة أسطر وأحياناً قد لا تكون أكثر من سطر واحد.
تتجلى أركان القصة القصيرة جداً الأساسية في: القصصية، والجرأة، والوحدة، والتكثيف، والمفارقة، وفعلية الجملة، والسخرية، والإدهاش، واللجوء إلى الأنسنة، واستخدام الرمز والإيماء والتلميح والإيهام، والاعتماد على الخاتمة المتوهجة الواخزة المحيرة، وطرافة اللقطة، واختيار العنوان الذي يحفظ للخاتمة صدمتها.
هناك شبه إجماع بين النّقّاد والدّارسين، على أنّ منشأ القصة القصيرة جدًا يعود إلى الغرب، من خلال قصّة كتبها الرّوائيّ” أرنست همنغواي سنة1925 م، وهي مؤلّفة من ستِّ كلمات: “للبيع… حذاء طفل لم يلبس قط”. “وهذا دليل على أنّ فن القصّة القصيرة جدًا فنٌّ وافدٌ إلينا، على الرّغم من جذوره التّراثيّة
بمعنى أنَّ نشأة القصّة القصيرة جدًا، وذلك على مستوى الوعي والمقصديّة والنّيّة، غربي النّشأة والاصطلاح([2]) .ويورد معظم الباحثين اسم” ناتالي ساروت” الكاتبة الفرنسية على أنّها أوّل من كتب القصّة القصيرة جدًا عام1932 م، ولكنَّ ثمَّة كتّاب آخرون كتبوا في هذا الفنّ، إلّا أنّهم لم يذكروا مصطلح قصّة قصيرة مباشرة”: وقد وردت أسماء لكتّاب آخرين قبل ساروت بثلاثة عقود أكثر أمثال: أليكس فينون Alex Vinon وإدغار آلن بو Edor Allan poe، ولكنّهم ما أسموا قصصهم بقصص قصيرة جدًا، وحتى ساروت نفسها أسمتها (انفعالات،) ولكن فتحي العشري عندما ترجمها في مستهل سبعينيات القرن الماضي أسماهاقصصًا قصيرة جدًّا)، وبذلك تذهب الرّيادة إلى ساروت([3]). ولا بدّ من الإشارة الى أنّ للقصة القصيرة جدًا جذورًا في تراثنا السّرديِّ العربيِّ القديم، كما أورد العديد من الكتاب والنقاد، وأذكر منهم يوسف حطيني الذي يرى أنّ هذا الجنس الأدبيّ له جذور في تراثنا العربيّ، ساعدت على تجلّي هذا الفنّ وبلورته. ويقول د . مسلك ميمون في كتابه ما قبل السّر: “إنَّ القصّة القصيرة جدًا فنٌّ أصيل، ما دام له جذور في تراثنا وثقافتنا وأدبنا الشّفهيّ والمكتوب والأمر ليس من باب المزايدات الأبستومولوجيّة، بل هي حقيقة دامغة، وصلت إلى حدِّ مستوى الاجتهاد التّعريفيِّ، يعرّفها محمد مينو بما يأتي:” القصّة القصيرة جدًّا حدث خاطف لبوسُهُ لغة شعريّة مرهفة وعنصره الدّهشة والمصادفة والمفاجأة والمفارقة، وهي قصٌّ مختزلٌ وامضٌ يحوّل عناصر القصّة من شخصيّات، وأحداث، وزمان ومكان إلى مجرّد أطياف ويستمدّ مشروعيّته من أشكال القصِّ القديم كالنّادرة والطّرفة والنّكتة، فالشّكلُ قديمٌ ويرجع إلى تلك البداياتِ وربّما يعود إلى الرّواد الأوائل (خواطر، محمود تيمور الملحقة بمجموعته القصصيّة (ما تراه العين سنة1922 ([4]). ويعود الكاتب ليؤكّد عروبيّة هذا الفنّ، وأنّ هذا الفنَّ أورق وأزهر نصوصًا قصيرة جدًا عند نجيب محفوظ (أحلام فترة النقاهة)، وما كتبه يوسف إدريس، وزكريّا تامر، وتوفيق يوسف عوّاد. ويقول أحمد جاسم الحسين: “وفي ما يخصُّ القصّة القصيرة جدًا، وهي تستفيد من سمات عدد من الفنون والأجناس. ولكنَّ ذلك لا يعني أبدًا أن تنسب إليها، أو تصير تابعة لها. نحن أمام فن أدبيٍّ، راح يثبت حضوره وجدواه يومًا بعد يوم، ويبدي مرونة ستتيح له ترسيخ جذوره، وتطوير ذاته، بالإضافة إلى أن هذه المرونة تسمح للكاتب والمتلقّي بحرّيّة الحركة، والإبداع، والتّحليل والتّأويل
إنّ القصّة القصيرة جدًا، هي قصّة أولًا، وقصيرةٌ بعد ذلك، لها خصائصُها، التي تجعلها، تتفرّد عن أيّ نوع أدبيٍّ آخر، وهي قد تستفيد من الفنِّ والموسيقى، والرّواية، والقصّة، لكن لها أركانها وشروطها،أركانها النّابعة من بنيتها وكينونتها المستقلّة، وهي تأخذ ما ينفعها وتترك ما يضرّها، ملتزمة بالمقولة المأثورة “الكثير ما يقال في موجز المقال”؛ فينخدع الكثير بالحجم، فيكتبون من غير دراية أو معرفة بأولويّات هذا الفنِّ، فلا تثير في المتلقّي الدّهشة، ولا تُحدث فارقًا في نفسه، ولا تحمله على التّساؤلات ولا على التّأمُّل…
يقول الدكتور أحمد جاسم الحسين إنَّ بناء القصّة القصيرة جدًّا تتألّفُ من أربعة أركان رئيسة هي: “القصصيّة – الجرأة – وحدة الفكر والموضوع – التكثيف”([6]). أمّا الدّكتور يوسف حطينيي فيحدّد عناصر القصّة القصيرة جدًّا بـ: “الحكائيّة – الوحدة – التّكثيف – المفارقة – فعليّة الجملة”([7]). أمّا الأركان المُهِمّة لدى الدكتور جميل حمداوي فهي: “أركان تتعلّق بالجانب البصريِّ أو الطبوغرافيّ، أو بالجانب التّركيبيّ، أو بالجانب البلاغيّ، أو بجانب القراءة والتقبل، أو بالجانب السّرديّ، أو بالجانب المعماري”([8]). يضيف الباحث الحداثويّ الدكتور مسلك ميمون الكثيرَ من المصطلحاتِ على مفهوم القصّة القصيرة جدًّا، في محاولة لاحتواء إرهاصاتِها وامتدادها العميق، فيتوسّع في تحديد المكوّنات التي تتواشج لتؤسّس لهذا الفنّ، على أنّ هذه المكونات ليست من المستحدثات، أو المستجدّات: “كالإيجاز، والتّكثيف، والرّمز، واللّغة القصصيّة الشّعريّة الإيمائيّة، والكلمة البلاغيّة، والحكاية المحكية، والطريقة الاختزاليّة، والوحدة الموضوعيّة والعضويّة، وخاصّتي الاتّساق والانسجام، وانبثاق التّوتّر الدّراميّ، والتّأرجح بين الواقعيّة التّخييليّة، والرّمزيّة المقنعة وتقنيّة المفارقة المستفزّة . وإن كان لكلِّ كلمة خصوصيّتها في القصّة القصيرة جدًّا، وشروطها، وتقنيّاتها، فإذا أخذنا القصصيّة، أو الحكائيّة التي عمادها السّرد، والتي تستوجب القدرة على الكتابة المختزلة (حذف/ إضمار)، لأن ليس كلّ من يكتب يمتلك هذه القدرة الفنية التي من حسن خصائصها وأبلغها: التراكيب وكثافتها، والأساليب وتنوّعها، والشّيفرة وترميزها، والإشارات الإيمائيّة (gesticulation) وعمق دلالاتها… هذا فضلاً عن نسق المصادفة والمفاجأة، والبعد الأيقونيّ، والتبئير، أي موقع الرّوائيّ من عمليّة القصّ، وعلاقته بالشّخصيّة الحكائيّة، فضلًا عن موازيات النّصِّ كالعنوان مثلاً ما يتيحُ آفاقَ التّأويلِ المختلفة. ويفسح في مجالات القراءة المتنوّعة”([9]).
ولا بدَّ من الإشارة إلى أنّ معظم الباحثين قد شدّد على أهمّيّة القصصيّة والتّكثيف والوحدة، وتأتي المفارقة والرّمزُ والتّناصُّ والاختزالُ من الأركان الأساسيّة المتمّمة لعناصر القصّة القصيرة جدًا، فمثلاً المفارقة تمدّ النّصّ بالحيويّة وبالتّنوُّع، والاختلاف والضّدّيّة، وعلى الكاتب أن يحسن استغلالها لتحقيق الكفاءة النّصّيّة. أمّا التّناصّ فهو تعالق النّصوص وتواشجها، حيث تتوّلد قراءة جديدة من حيث التكثيف والتحليل، والتماهي والاستفادة من نصوص أخرى على مستوى الحدث، أو الشّخصيات في بوتقة تجديدية بعيدة من النمطية وغير مسايرة لما هو رائج.. هنا يدخل عنصر التّخييل الذي يتموضع في قوة الكلمة والمعنى الكامن، والتّجريدية والعصف الذهني.
أما الرمزية فقد خصّص لها الباحثون مساحة واسعة من حيث القراءة والتحليل والتأثير، على أساس أنّها نسقٌ تعبيريٌّ يحتاج إلى تدبّر وتأمّل، للوصول إلى البنية السّرديّة العميقة، والرّمزيّة تتقصّد الابتعاد من المباشرة، حين لا تستطيع التّعابير المعتادة أن تفضي إلى عمق الشّعور، والذات وما تنطوي عليه.
ولا يمكن في صفات معدودة أن نحصي خصائص ومكوّنات القصّة القصيرة جدًا جميعها، فعلى الرغم من صغر حجمها الذي لا يتعدى ثلاثة أو أربعة أسطر في العادة، فإنّها تحتاج الى تقصٍّ وسبر ودراية وإلا تتحول إلى خاطرة تأمّليّة، أو شذرة قصصيّة أو قطعة نثرية



 


رد مع اقتباس