عبثا تريد إقناعة بمقولة ورثتها من جيل مضى،،، وورثها هذا الجيل عن جيل أشد عمقا في الماضي بمقولة "الحب يصنع المعجزات" تركتها تتحدث فاتخذت زاوية بعيدة من الحجرة وظلت تشرح لي وجهة نظرها وهي تلوح بيديها مستخدمة لغة اللسان ولغة الجسد لتوصيل ما تريد توصيله،، تركتها تمارس الأدوار كلها: المؤلف والمخرج والممثل واكتفيت أنا بدور المشاهد وان كنت في الحقيقة أتابع كل كلمة وحركة بدور الناقد.. كل ما أبديه لها هو نظراتي المحيرة فلم تكن تعلم هل أنا مؤيد أو معارض،،
تركتها وقمت للغرفة المجاورة أبحث في دفاتري القديمة عن معجزة من المعجزات ..وأترك دفاتري لأسير في دروب مكتبتي عن معنى المعجزة ثم عن تطبيقها،، وها أنا أصل لتعريف ، المعجزة: هي كل ما اخترق العادة هي كل ما أحدثته أنت وعجز عنه الآخرون ،،عدت أنظر اليها من خلف ستارة الغرفة المسدلة على بابها الموارب وجدتها تمسح دمعتين تحدرتا ثم سمعت نبرة صوت خشنة تنهي المكالمة بعفوية غليظة أسلمت رأسي لوسادتي كي تحتضن أفكاري،، أبحث عن المعجزة التي أحدثها الحب أفكر في هذه المقولة الكبيرة التي نطبقها على وردة يهديها المحبوب لحبيبته وعن اللثمة يضعها العاشق على خدود معشوقته لعلها هي المعجزات التي يتحدثون عنها!!!
تقابلنا في الصباح نحتسي سويا كوبا من الشاي مع قطع البسكوت المغطى بالكريمة كنت أختلس النظر إليها بين الاحتسائه والأخرى كانت عيناها مقتظة وكأنها تحكي هما يغلي أو تخبر عن دمع ظل راقدا على مقلتيها حتى بخرته حرارة الغرفة .. حاولت كعادتي أن أسرق الأحزان من وجهها ففتحت نقاشا حول آخر المستجدات في عالم التكنولوجيا،، لكنني صدمت حين وجدت تراجعا في متابعتها وتراجعا في منقشاتها وكأنها تخبرني عن معجزة أخرى يحدثها الحب تجيبني بكلمة وتتعلق عيناها بالهاتف دقائق، ،استنتجت أنها تنتظر خبرا ما أو مكالمة أو على موعد ،،وفجأة وانا وسط كل هذه الاحتمالات انفرج فمها عن ابتسامة عريضة ذابت بها كل بقاع البؤس المرتسمة عليها قامت وتركتني عجلى ترتب حالها للخروج
دفعني فضولي للنظر في الهاتف وجدت رسالة قصيرة محاطة بقلوب وورود "مش منك خلاص " تعجبت كيف يمكن لهذه الرسالة الضعيفة في الشكل والمضمون أن تعيد الحياة بأكملها اليها في أي كتاب قرأت أن حياتها معلقة برضا رجل أو غضبه ،،من علمها أن سعادتها تستمد من غيرها ،،من آخبرها أن الفتاة بلا معجب بها ليست فتاة بل وليست انسانا ،،،من غرس في حقل أفكارها أن الفتاة من أجل أن تكمل حياتها لابد أن تتقيد برجل يمنحها بسمة فتحيا... ويحرمها من أخرى فتشقى.. بصرف النظر عن شيء آخر سوى أنه رجل أبدا إعجاب ولم يبد تضحية تذكر .. إنني على يقين أن المرأة تحب بعقلها على عكس ما يقولون "المرأة تنجذب خلف عواطفها" وأقصد بذلك إنها حين تدخل في أي علاقة تكون جادة ومسؤولة وتضحي بكل شى من أجل استكمال ما بدأته ، ، أما الرجل فهو عاقل في الزواج تافه وغير جاد في الحب يمنح الكلمة لعشرة في وقت واحد
خرجت من البيت وأنا أتباعها بنظراتي جلست في مكتبتي اقرأ عن معجزة الحب مرة أخرى بعد ساعتين عادت وهي تحمل نتيجة العام الأول من جامعتها المرموقة على الرغم من تدني مستوى الدرجات لكنني لم أجد حسرة كالتي وجدتها في عينيها بالأمس.. نظرت إلى عيوني وشفتاها تشير عليها أن تتكلم وتحكي،،، تجاهلتها وكأنني لا أرى ترددها نادتني أجبتها بشيء من الثقل :
- نعم
- تنهدت وأخذت تبكي لا أدري من أنا أشعر أنني فقدت كل شيء جميل في حياتي ووضعتها كلها بين يدي انسان ربطني بحبل صعب عليا فكه
- قلت وانا أبدي استغرابا:أليست هذه هي معجزة الحب ؟!
- ركبت جواد كبريائها من جديد: ألم تكن السعادة هي أمل الفلاسفة والمفكرين؟!!
- ابتسمت نصف ابتسامة: حقا السعادة هي أن تنامي باكية وتستيفظي على كلمة هامشية يلقيها لك متى يريد؟! حقا السعادة أن تنازلي عن كل ما جنيته من أجل أن تفوزي بلقاء تحت شجرة نائية تسمعين كلمات تشعرك انك أجمل امرأة وأعظم امرأة وانت في نهاية الأمر لا تعدين في عينيها أنثى في أقل درجات النساء
- احتدت ملامح وجهها: أخبرني انت إذن عن الحب الذي يصنع المعجزات قلت لها قومي معي أخدتها وفتحت لها جريدة الأهرام عن الفتاة بنت حارس العمارة التي كانت الأولى على الجمهورية
- نظرت إلي مستنكرة : وأين المعجزة ؟!!قلت لها المعجزة في رجل بسيط لا يقرأ وأم جاهلة تقضي ليلها ونهارها تمسح السلالم لكنهما عاشا حبيبن لم تعطه يوما وردة ولم يمنحها يوما خاتما من الالماظ ولم يقرأا الشعر، ولم يشاهدا قصة عبلة وعنترة أو مجنون ليلي ممثلة ، ولم يسمعا يوما عن أسطورة تيتنك أو مصرع كيلوبترا، ولم يتجادلا حول حكم فولتير وغاندي.. لكنهما اجتمعا على إخراج فتاة لو رسبت لكان معها الف عذر. لكنها تحدت بفضل حب أبويها كل شيء أليست هذه هي المعجزة التي نجنيها من الحب ؟!!!
جميل جدااا أن تستعمي بعواطفك أن ترسمي لنفسك هالة من السحب البيضاء تقضين عليها ساعات من اللاوعي تفجرين فيها شيئا من هموم الحياة ...لكنك للأسف أنانية تريدين أثر الحب دون أن تعيشي اللحظات الحرجة التي تفرز مثل هذه الأحاسيس ، إنك في الحقيقة تنظرين إليه بعين واحدة ، وعين واحدة لا تكفي .
- وضعت يدها على شعرها ::: صدقني لا أكاد أفهم ، من فضلك وضح؟؟
- تجاهلت طبلها ، وعدت مسترسلا في كلامي : صدقيني الناس لن يستمعوا منك إلى قصة الشخص الذي منحه الله كل شيء لكنهم سينصتون جيدا لهذا الشخص الذي تحمل طعنات الدهر ليصبح شيئا ، كونك تنظرين فقط إلى مبرد الهواء وتستمتعين بصقيعه دون أن تنظري بعينك الأخرى إلى كميات الهواء الساخن التي تهرب من الزاوية الأخرى أو إلى هذه المواتير الدؤوبة التي لا تكل ولا تمل من أجل أن تبرد الغرفة التي تجلسين فيها مسترخية .سيجعل نظرتك إلى الحب بل وللحياة نظرة قاصرة ضيقة مشوبة ، اكثر المعادن صلابة مرت بدرجات حرارة عالية .. وأقلها تماسكا لم تتحمل لهيب النيران فأسرعت تتشكل أعمدة مدعية قدرتها على تحمل المسئولية لكنها خرت قطعا متناثرة مع أول إعسار مر بجوارها .
- لم يعد لدي كلام آخر أقوله ...من فضلك دعيني أرحل .


💢💢💢💢💢💢

مما قرأت

المواضيع المتشابهه:

• مفردة واحدة تكفى
• ياحظ تكفى .. تصميمي
• بكفي الالم و العار
• ...{بردان أنا تكفى .. أبي احترق بدفا}...
• ياليل تكفي ضمني ماعاد فيني للجراح

الجوري ,Poem r ,همس المطر و 1 آخرون معجبون بهذا

ريماس