عرض مشاركة واحدة
قديم 04-18-2013   #33


الصورة الرمزية بسمة روح
بسمة روح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 234
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 09-13-2014 (01:00 PM)
 المشاركات : 12,175 [ + ]
 التقييم :  53790370
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي



المسألة الثالثة: دوام الصلاة
يقول الله تعالى "أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إلَى غَسَقِ الليْلِ وَقُرْءَانِ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْءَانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا(78)وَمِنَ الليْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا"الإسراء: ٧٨ - ٧٩ بينت هذه الآيات أن الصلاة تكون على مدار الساعة وأن المحافظة على ذلك يكون سببا في نيل المقامات العالية يوم القيامة.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار (البخاري عن ابن مسعود) ، ومعنى الحديث: أن كل ما في هذه الدنيا لا يستحق أن يتنافس عليه وأن يبذل فيه الوقت والجهد إلا أمران : الأول: دوام الصلاة، الثاني: دوام النفقة .
وهذان الأمران اقترن ذكرهما في القرآن كثيرا، ذلك أن عليهما مدار القوة والنجاح في الحياة ، فالعلم والمال هما ركنا النجاح في أي أمر من أمور الحياة.
يقول الله تعالى:"إنَّ الإنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا(19)إذَا مَسَّهُ الشَّرُ جَزُوعًا(20)وَإذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا(21)إلَّا الْمُصَلِّنَ(22)الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ(23)" المعارج: ١٩ - ٢٣ ، هذا خبر من العليم الخبير ، خالق هذا الإنسان ومدبره ، ينص على أن الإنسان كل إنسان خلق هلوعا؛ إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين ، وليس كل المصلين بل الذين هم على صلاتهم دائمون، فهذا شرط وصفة مهمة لتحقيق هذا المقصود العظيم من مقاصد الصلاة ، الشرط هو دوام الصلاة ، الصلاة على مدار الساعة.
وخير تفسير عملي لقوله تعالى:"الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ" المعارج: ٢٣ هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد كان ورده في الليل والنهار أربعون ركعة هذا الثابت في معظم النصوص وبيانه كما يلي:
17 ركعة الصلوات الخمس
11 ركعة صلاة الليل
12 ركعة السنن الرواتب
ومن النصوص الواردة في بيان تطوع النبي صلى الله عليه وسلم في النهار ما أخرجه ابن ماجه عن عاصم بن ضمرة قال سألنا عليا رضي الله عنه عن تطوع النبي - صلى الله عليه وسلم – بالنهار- فقال: إنكم لا تطيقونه، فقلنا أخبرنا به نأخذ منه ما استطعنا، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الفجر يمهل حتى إذا كانت الشمس من ها هنا ــ يعني من قبل المشرق ــ مقدارها من صلاة العصر من ها هنا - يعني: من قبل المغرب- قام فصلى ركعتين، ثم يمهل حتى إذا كانت الشمس من ها هنا ــ يعني من قبل المشرق - مقدارها من صلاة الظهر من ها هنا قام فصلى أربعا، وأربعا قبل الظهر إذا زالت الشمس، وركعتيه بعدها، وأربعا قبل العصر يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين، والنبيين، ومن تبعهم من المسلمين، والمؤمنين ، قال علي رضي الله عنه : فتلك ست عشرة ركعة تطوعه - صلى الله عليه وسلم - بالنهار، وقلَّ من يداوم عليها، قال وكيع: زاد فيه أبي فقال حبيب بن أبي ثابت: يا أبا إسحق، ما أحب أن لي بحديثك هذا ملء مسجدك هذا ذهبا.
ومعنى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في النهار ست عشرة ركعة تطوعا وبيانها كما يلي: ركعتان بعد شروق الشمس بنحو ساعتين ، وأربع ركعات قبل أذان الظهر بساعتين، وهذه صلاة الضحى ، ثم راتبة الظهر قبلها أربع ركعات وبعدها ركعتان ، ثم راتبة العصر أربع ركعات.
المتأمل في ورد النبي صلى الله عليه وسلم اليومي من الصلاة يرى أنه موزع على الأربع وعشرين ساعة بنظام بديع بحيث لا يفصل وقت طويل بين صلاة وصلاة ، فصلاته صلى الله عليه وسلم على مدار الساعة دون توقف هذا دأبه كل يوم ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : اكلفوا من العمل ما تطيقون ،فعلى المسلم أن يأخذ نفسه بالتدريج لكي يصل إلى التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم كما وكيفا ، ولا يحسن التعنت في هذا الأمر ومشادة النفس بل يؤخذ الأمر بالتدريج والمجاهدة والصبر ولو استغرق ذلك سنوات فالمهم أن الهدف واضح وأنك تسير في الطريق الصحيح ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

ليست العبرة والحكمة والسر في عدد الركعات بل المهم أولا: في توزيع الصلاة على مدار الساعة، وتتابع الصلاة بحيث لا يفصل بين صلاة وأخرى وقت طويل، وثانيا: أن تكون الصلاة حقا صلاة، كما تم تفصيله في هذا الكتاب.
والمتأمل فيما ذكرته في هذا الجدول رسما للصلاة على خريطة الوقت يجد أنه لا يفصل بين صلاة وأخرى أكثر من ساعتين إلى ثلاث ساعات.
الأرقام الموجودة في الجدول للتمثيل، وهي قابلة للزيادة والنقص حسب كل شخص.
يلاحظ أن الصلاة على مدار الساعة تستغرق أقل من أربع ساعات من أربع وعشرين ساعة في اليوم والليلة، أي السدس وتساوي 16،6% من الوقت اليومي فقط، فكيف بنا لو كانت الفريضة خمسين صلاة فماذا يكون حالنا، فالحمد لله الرحيم الكريم الذي لم يفرض علينا سوى خمس وأعطانا ثواب الخمسين، ودعانا إلى الاجتهاد والزيادة حسب ما نطيق.
الدائم وإن كان قليلا تحس أنه كثير، وقد لا تصدق الحسابات حين تحسبها بلغة الأرقام ، ومن ذلك الصلاة ، فتوزيعها على مدار الساعة وإن كانت بكميات قليلة تحس أنها كبيرة وربما أحسست أنها ثقيلة بينما هي في الحقيقة لا شيء متى نسب ما تستغرقه من وقت إلى بقية ساعات اليوم مع استحضار واستصحاب أنها الصلاة أعظم عمل في هذه الحياة.
البرنامج المبين في الجدول يمثل مرحلة من التربية والمجاهدة على الصلاة وفوقه مراحل ، ويعتبر الحد الأدنى لتحقيق حياة القلب على مدار الساعة ، وربما وجدت من يستكثر مثل هذا البرنامج ويعتبره تكليفا بما لا يطاق ، ويشفق على صاحبه ويدعوه إلى الرفق بالنفس والاقتصاد في العبادة.
توزيع الصلاة على مدار الساعة له سر عظيم وأثر كبير في دوام حياة القلب، وخاصة في الوقتين الطويلين الضحى والليل، فمتى تحقق دوام الصلاة تحققت الحياة .
من المهم جدا في مسألة دوام الصلاة أن تكون وفق مواعيد محددة معلومة.
إن طلب دوام الصلاة دون وضوح في المواعيد ربما يؤدي للارتباك وعدم الوضوح في الوقت والجهد وربما أدى إلى النكوص وعدم الالتزام.
وأقترح الاستفادة من كتاب: (مفاتيح إنجاز الأهداف وبرنامج مواعيد)، للتفقه في هذه القضية والاستفادة من القواعد والتوجيهات المذكورة في الكتاب.
إن وجود مثل هذا الجدول يضع النقاط على الحروف ويعطي كل ذي حق حقه فلا إفراط ولا تفريط بل الصلاة بمقادير ومواعيد مدروسة موزونة محددة بكل دقة، ويمكن التعديل فيها كلما لزم الأمر.
إن توقف الصلاة عن القلب أكثر من ساعتين أو ثلاث يصيب القلب بالكسل عن الصلاة، فالوقاية من الكسل عن الصلاة دوام الصلاة على مدار الساعة.
إن القلب إذا توقفت عنه الصلاة ولو ساعات فإنه يشعر بالنقص ويحس بالتعب وهذا أمر جربه العارفون وأوصى بمراعاته الصالحون تأكيدا لوصية رب العالمين وهدي سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
الصلاة للقلب مثل الماء للبدن يحتاجها على مدار الساعة ومتى توقفت عنه فإنه يعطش وقد يشتد عطشه فيصاب بالجفاف والقسوة، وربما صعبت عليه الصلاة إلا بجهد كبير، فإن الصلاة تعين على الصلاة، فالله سبحانه وتعالى يقول : "وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إلَّا عَلَى الخَاشِعِينَ" البقرة: ٤٥، وأعظم ما يعين على الخشوع في الصلاة؛ الصلاة فهي التي تحقق العلم والإيمان والذكر الذي يثمر الخشوع الذي يعين على الصلاة ، ثم الصلاة تثمر الخشوع وهكذا لا يزال العبد في ارتقاء وصعود حتى يصل أعلى المقامات، وفي أي وقت يغفل عن الصلاة أو يتهاون بها فإن خشوعه ينقص فتنقص صلاته ولا يزال في نقص حتى يصل أدنى المستويات.
فمتى أردت الصلاة فعليك بالصلاة مهما تطلب ذلك في البداية من جهد كبير وشاق ثم بعد ذلك تسهل عليك بالتدريج حتى تصير لك سجية وطبعا لا يمكنك مفارقتها.
ومن الأسرار التي يحققها دوام الصلاة حراسة القلب من الشيطان، في مناوبات متتالية يسلم بعضها الحراسة إلى بعض ، فالصلاة هي سلاح المؤمن الذي يجاهد به هذا العدو ، وفي أي لحظة يضع هذا السلاح ويغفل عنه يحصل ضعفه ويتسلط الشيطان عليه وقد لا يستطيع النهوض والصعود مرة أخرى إلا بصعوبة، فالوقاية خير وأسهل من العلاج، الوقاية بدوام هذا الغذاء الذي به حياة القلب .
إن دوام الصلاة هو العلاج القوي الفعال لما يعاني منه البعض من تسلط الشيطان على النفس ، وما يحدثه من أمراض نفسية أو عضوية، وما يوجد من وساوس قهرية تحول بين الإنسان وممارسة حياته بصورتها الطبيعية، وهذا من الفوائد وليس من المقاصد ، إنما السر أن الصلاة تحقق التوحيد في القلب فيقوى على مقاومة الشيطان، أقول هذا لئلا يأخذ البعض الصلاة على أنها مجرد علاج للأمراض النفسية وربما إذا أخذها بهذه النية لا يتحقق له ما يريد فنؤكد على أن السر في التوحيد ووسيلته دوام الصلاة .
كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم صلاة النافلة على الراحلة في السفر خاصة في الوقتين الطويلين الليل والضحى مع أنه يجمع ويقصر ، الجمع والقصر للصلوات المفروضة، أما صلاة النافلة فأمرها واسع ، ويعفى فيها عن بعض الشروط والصفات تيسيرا لفعلها، ودعوة إلى الاستزادة منها حال السفر.





 
 توقيع :


رد مع اقتباس