الموضوع: قصة مشاهد فقد
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 03-20-2023
اميرة الحب غير متواجد حالياً
Egypt     Female
SMS ~ [ + ]
ستجد الحب حتماً حين تؤمن بكل قواك القلبية أنّك تستطيع تحمل كل نقطة عذاب ستواجهك في هذا الطريق، وحين تؤمن وتستوعب جيداً أنّ الحب تضحية، ووفاء، وحنان لا ينتهي
اوسمتي
وسام الادارية النشطة وسام العطاء والتميز تكريم اكتوبر وسام الإدارية المتميزه 
لوني المفضل Gold
 رقم العضوية : 3722
 تاريخ التسجيل : Feb 2021
 فترة الأقامة : 1167 يوم
 أخر زيارة : منذ 21 ساعات (03:57 PM)
 المشاركات : 114,651 [ + ]
 التقييم : 123782353
 معدل التقييم : اميرة الحب has a reputation beyond reputeاميرة الحب has a reputation beyond reputeاميرة الحب has a reputation beyond reputeاميرة الحب has a reputation beyond reputeاميرة الحب has a reputation beyond reputeاميرة الحب has a reputation beyond reputeاميرة الحب has a reputation beyond reputeاميرة الحب has a reputation beyond reputeاميرة الحب has a reputation beyond reputeاميرة الحب has a reputation beyond reputeاميرة الحب has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 14,759
تم شكره 10,760 مرة في 7,033 مشاركة

اوسمتي

user353_pic2thumb قصة مشاهد فقد



(الرُّؤيا والكَلامُ):

• يا بني: "حط الله السِّرَّ، وأغنى المعنى".



أنظر..



كُنت أنظر في عيني كالأبلهِ، أسحب جفنيَّ بقوَّة، أفرش أصواتًا فوق بلادي، والأسماء، أكتبني فوق الرَّصيف عبارة وحيدة أليمة، رأيتُ أعمدة الكهرباء التي تتراصُّ في زحام صمت اللَّيل المخيف، الشوارع الجانبيَّة الخالية من المارة.



أنظر....



لَم يكن غير العتمة، وصوتك الوحيد يا أمي، و(شالك) الحرير، انتظارك المرتَبِك لعودتي أخيرًا.



الرضاعة وثديك المقهور، انحناءَةُ ظهرك حتَّى آخر اليوم، في الأرض المفروشة بالغناء والخضار، فهل تجيئين في عبارةٍ مغزولة بالنَّشيج، أو في كيس دم بمستشفى ما، هل تجيئين كما أرغب، أو كما ترغبين؟



• حين عبرتُ إليك من حائطٍ في الجدار المقابل لغرفتك، أفتِّش عنِّي معك، أفتش عن الحكاية التي كنتِ تَروين، أبحث في الكلمات، وسط بهاء الذِّكريات، حتى في تلك الليلة الأخيرة، والبحر هادرًا كان، تضربين فوق رأسي بالخرافات والتعاويذ، تقرئين البحر لي، والماء في غمرة الحزن يفيض عليَّ ضفتَيْن، يزرعك ثانية في أرضي العطش، لحنانك، أنظر حولي في توجُّس وريبة.



• نعم رأيت.



• هكذا يكون جوهر النظر يا بني؛ لأنَّ الوقت اكتِشاف بين الصِّدق والخداع.



وأنت تَمْشين على قدمَيْن حافِيَتين من شارعٍ لحارة لزقاق، إلى حنين وعمر تُنادين..



تتأمَّلين الكلام في أول التفاصيل، عن الشيخ؛ ليقرأ لي سورة الفتح، هل تَذْكُرين!



أنا أَذْكر كلَّ التَّفاهات الصغيرة التي كنتُ أفعل، منذ الحَبْو على درجات السُّلم، حتَّى منتصف ذراعك الذي يلقفني في رحمة وحَنان، ولا زلت أبكي.



• كان الضَّجيج والناس يَمرُّون، وفي وسط ذلك لَم أَعُد ألْمَحك، كنت قد غبت بما لا يَجْعلني أراك.



أسقط من عيونكم أيُّها العابرون، أختنق في قلب جدارَيْن، وأموت بلا أيِّ جرح.



• مرَّ القطار ورؤوس الرَّاكبين والخيل والجنود والصَّهيل، والتاريخ حين يرتِّب الحكاية، ولا يدخل التفاصيل.



في الممرات والخُطَى الوئيدة، في الحلم كنت وحيدًا، حين تسألني.



• ......



ثُم تعود وتسألني..



أترك يديَّ بين أصابعها الطيبة، مستسلِمًا لحنان غريب.



• يا بُنَي، لا تَكُن فظًّا غليظَ القلب.



ازدحَمَت في رأسي يداك، وأنت تفرِّقين الخصلات واحدةً واحدة.. تَنْظُرين في وجهي باسِمَة، وفي أمِّ عيني تَقْطرين مَدامعك مدائن من الورق المكدَّس في ظنوني التي أذهلَها الخوف.



مساحة باقية تمنحنا الثَّواني التي تلهث؛ لِتَضمني في حضنها أخيرًا، كانت الطَّائرات تطير على ارتفاعٍ منخفِض، في الممرِّ الطويل نقف تودِّعنا الذكريات، نتَحاور، لا أذكر بالتَّحديد عن ماذا كنا نَحْكي، عن أيِّ شيء في البطولة والرجال، عن شجن الأجير، ورسائلي اليوميَّة، هي آخر الكلمات، صوتها الشجيُّ في الدعاء الذي لَم يرحم الوقت من البكاء، والنظر إليَّ، لم أكن أسمع غير جنوحها المستمرِّ في النُّواح، كان المساء - ككلِّ مساء حزينٍ - مولعًا بالحكاية، نواصل النظرات، العبارات، الكلام نفسه يغيب في غياهب الحُزْن، تمسك قابضةً على يديَّ بقوَّة، حاضنةً لأصابعي برجفة، بِرُعب عيونها حين تترصَّد الثواني التي تنهمر كالمطر، لم أعُد أسمعها وسط ضجيج المَارِّين في الكلمات، حملتُ الحقيبة، على أمل السَّير باتِّجاه المغيب، خطوة وحيدة كمرَّة أولى للتَّجربة، غمرَتْنِي في أنينها الباكي، حضنها المرتعش، وجيبُ قلبها الدَّامي يدقُّ بسرعة خاطفة، في لحظاتنا الدامية.. وقفنا.



• يا بني، حطَّ الله السر وأغنى المعنى.



تركتُها تبكي في حضني المنهَك، وتَماسُكي العاجز، حتَّى عن إدراكي، ارتفعَتْ أنَّاتُها والبكاء، دموعها بلَّلَت أطرافَ ثوبها المرسوم جدائلَ، جدائل، أحاول أفلت يدي من يدها، ظلَّت تخلط بقايا الثواني التي تمضي، بأصابعي الواهنة الصامتة كالشتاء، لما سقط شالها الحرير، انكشف لؤلؤُ وجهها الحزين، وتَهدَّل شعرها.



• يمرُّ الوقت، يا أمي.



تنهار باكيةً، أتَماسك، مُحاوِلاً الكلام من حنجرة مُثخَنةٍ بالجراح، يشتدُّ نحيبها، أبكي بلا طائل، تعضُّ على شفتَيْها في لوعةٍ وأسًى، تصنع الدموع، توغلها في الحنايا نهرًا..



مضي الوقت يا أمي..



تُصْلِح شالها الحرير على كتفيها، وتمسح وجهها الذي ينهمر، وتقف ثابتةً في الوعي والتذكُّر.



أتحرَّر من الكلام الباقي والعمر، أنفَلِتُ من يديها، مُحاوِلاً العبور كالعابرين، أنفلت من الوقت والمكان، والحصار، أحاول المُضيَّ خطوةً بعيدة عنها، تُمسِك أطراف أصابعي والثواني، تصنع نسيجًا من الأسماء، والنشيج، والنصائح.



يقول الشيخ: يا بني حط الله السر وأغنى المعنى.



الوقت فراغك بين ما مضى وما سيكون، غيبة للأنا في الجسَد، واعتصار الجسد بالمُشاغلة، واعلم أنَّ ثمرة الجسم تفاحة القلب، فلا تكن غير ما أردت.



كان قلبي مدهوسًا في الوجيب، أصابَتْني غصَّة دفينة، وملأَنِي هَمٌّ، وانزاح كلُّ شيء، رحت لنِسيانك ثانيةً.. في التراب الفصيح، ألْمَح خطوتك تسيل مع الرَّمل، تسيل وتدخل البحر، أرفع قلاع مركبي الفقير، وأعاود الحنين للطفولة.



أحمل حفْنةً منك وأمضي، أتساءل: إنْ كنت هنا الآن في نهار الذاكرة، أم في عتمة العمر؟ أسحب منك الأنفاس بفمي، وأدقُّ فوق صدري بيدك، وفوق صدرك بيدي، أدعك وجهك الصامت الخالي، أرى عيونك المفتوحة، في عيوني صامتة، تنظرين باسمةً، أدخل من باب الصَّمت الموارب، إلى حجرة الدفن.



كنت جثَّة هامدة، وعروق الدَّم الأحمر في كفِّك اصْفرَّت.



جلست على عتب الدار، في الممرَّات والأرصفة، كل الأماكن التي رُحْنا وما رأيتك.



اندسَّت عيونٌ خلف الموت تراك، خلف أفئدة تلهث وتذوب.



كانت عيناك ذابِلَتيْن بما يكفي لأنْ أراك، فقط صوت يَخْرج من غفوةِ رجلٍ ضرير.



خُطًى تسبق الرَّكض، وفضاء غيم، ماء يَسيل على ضفَّتَيْن.



• يا بني حط الله السر وأغنى المعنى.



💢💢💢💢💢💢💢

مما قرأت

المواضيع المتشابهه:



 توقيع :




💕🅰 🅼 🅵 💕



رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ اميرة الحب على المشاركة المفيدة:
 (03-22-2023)