عرض مشاركة واحدة
قديم 08-05-2020   #6


عزمي ابراهيم عزيز غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3551
 تاريخ التسجيل :  May 2020
 أخر زيارة : 12-24-2021 (04:30 PM)
 المشاركات : 24,747 [ + ]
 التقييم :  70612166
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 14
تم شكره 494 مرة في 175 مشاركة
افتراضي



اخي الكريم شمس الاصيل
اعلم بان الله سبحانه ارحم الراحمين ويجب علينا حسن الظن برب العالمين وان الله قد اعد لعباده المؤمنين ما لا عين رات ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فتيقن وانت محسن الظن بالله ان هناك حياة اجمل في انتظارك
الحياة نفسها تتضمن الموت بداخلها، الحقيقة الأساسية الوحيدة لكوننا أحياء اليوم، هي أننا - يومًا ما - سوف نموت، بعد مئة عام سيكون كل إنسان على سطح الأرض الآن قد فني، انتهى دوره حتى يحل محله جيل جديد، لا شيء جديد في هذا، هذا الاستبدال قد استمر منذ مليار عام وحتى الآن، وسيستمر بعدنا.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" ولا ريب أن حسن الظن إنما يكون مع الإحسان، فإن المحسن حسن الظن بربه أن يجازيه على إحسانه ولا يخلف وعده، ويقبل توبته.
وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات، فإن وحشة المعاصي والظلم والإجرام : تمنعه من حسن الظن بربه، وهذا موجود في الشاهد، فإن العبد الآبق المسيئ الخارج عن طاعة سيده لا يحسن الظن به.
ولا يجامع وحشة الإساءة إحسان الظن أبدا، فإن المسيء مستوحش بقدر إساءته .
وأحسن الناس ظنا بربه : أطوعهم له.
كما قال الحسن البصري: إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وإن الفاجر أساء الظن بربه، فأساء العمل...
قال النووي رحمه الله تعالى:
" ومعنى ( يحسن الظن بالله تعالى ) : أن يظن أن الله تعالي يرحمه ، ويرجو ذلك ، ويتدبر الآيات والأحاديث الواردة في كرم الله سبحانه وتعالى ، وعفوه ورحمته ، وما وعد به أهل التوحيد، وما ينشره من الرحمة لهم يوم القيامة ، كما قال سبحانه وتعالى في الحديث الصحيح " أنا عند ظن عبدي بي "
من فضل الله وامتنانه على عباده أن خلقهم وأوجدهم فحقُّه عليهم العبادة، ومن رحمة الله بخلقه أن جعل للحياة الدنيا نهاية؛ لأنها دار عمل وألم وابتلاء وامتحان، وكدٍّ وكدح وكَبَدٍ وأمراض، وكل شيء فيها يُولد ويموت.
فالساعة تولد وتموت، واللحظة تولد وتموت، واللذة تولد وتموت، بل وكذلك النبات يولد ويموت، والحيوان يولد ويموت، والخلايا تولد وتموت، وكل المخلوقات تولد وتموت، ويبقى الخالق الحي الذي لا يموت.
لمؤمن يعلم أنه خُلق لغاية العبودية، فهو في الدنيا عبد لله وجزاء عبوديته هو الجنة، أما الحياة الدنيا فكلها طريق للآخرة، فيعمل عمل العبد الذي لا يملك شيئًا إلا حاجته، ولا يلتفت ولا ينخدع بشيء.
فتخيل أنك ذاهب لمهمة محددة، وتسير في طريق واضح المعالم، معك زادك الذي يكفيك في طريقك، تسلك الطريق المستقيم الواضح المستنير الذي عليه علامات ودلالات ترشدك في طريقك.
فحالك مطمئن وثابت، لا تخدعك مناظر ما حول الطريق مهما كان جمالها، ولا تطمع نفسك بالتنزه في كل حديقة تراها في طريقك، ولا ترغب في الشراء من كل سوق يمر بجانبي الطريق، بل إنك تقطع الطريق بثبات من دون التفات.
فإذا شعرت بالجوع أكلت، وإذا احتجت للنوم نمت نوم المسافر الذي يريد أن يدرك الوقت ليقطع الطريق، ولا تقف إلا لحاجة، وإن رأيت في طريقك أحد يحتاج مساعدة ساعدته وبادرت بإكمال طريقك، لا تنسى طريقك ولا تنخدع ولا تُلهيك أيُّ حاجة من حاجاتك في الطريق، بل تكمل المسير وهمُّك هو الوصول.
فهذا حال العبد المؤمن في هذه الحياة الدنيا حاله ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، ويسأل الله الهداية في طريقه في كل وقت ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6]، ﴿ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ﴾ [الإسراء: 97].
ولا يخاف المؤمن من الموت؛ لأن الحياة الدنيا سَفَرٌ والموت راحة ووصول للغاية، وانتهاء لتكاليف العبد المكلَّف، فليس عند المسافر إلا هم الوصول، فالموت راحة للمؤمن في سفر الدنيا ورحمة من الله للعبد ووصول، فقد نجح في اختبار الدنيا ولم تخدعه محطات الطريق، فهو في راحة ينتظر تسلُّمَ الجائزة، فقد استراح من همِّ السفر في الحياة الناقصة الضيقة المؤلمة.
والموت انتقال إلى الحياة الدائمة الكاملة، فالمؤمن مقرُّه ليس الدنيا، وأمله وشوقه وسعادته ليست في الدنيا.
إن المؤمن لا يكره لقاء الله ولا يهاب الموت؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت فتنة في قوم فتوفَّني غير مفتون، وأسألك حبك وحبَّ مَن يحبك وحبَّ عملٍ يُقرِّبني إلى حبِّك))، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنها حقٌّ فادرُسوها ثم تعلموها)).
وأولياء الله لا يَكرَهُون الموت بل يشتاقون للقاء الله، وقد أخبر الله عن اليهود: ﴿ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾ [الجمعة: 7]، كما قال بعض السلف: "ما يكره الموت إلا مريب".
وفي حديث عمَّار بن ياسر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أسألك لذَّة النظر إلى وجهِك، والشوق إلى لقائك، في غير ضرَّاء مضرَّة، ولا فتنة مضلة)).
ثم إذا حلَّ بالمؤمن سبب الموت: مرض أو حرق أو غرق أو هدم أو غيره، فإن الله يرحمه وتنزل عليه الملائكة فيسلِّمون عليه، ويسرع ملك الموت في إخراج روحه؛ كي لا يتألم فتخرج روحه تسيل كما تسيل القطرة من فم السِّقاء.
إن الدنيا آلام وأحزان، وإن آخر آلامها للمؤمن يكون بخروج الروح وبسكرات الموت، فتبدأ بعدها الراحة والسعادة للمؤمن.
والله ادَّخر تسعة وتسعين جزءًا من رحمته في الآخرة، وجعل لهم واحدًا في الدنيا، ومع هذا وسِعت رحمته كل شيء سبحانه الرحمن الرحيم.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوامِّ، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطِف الوحش على ولدها، وأخَّر الله تسعًا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة)؛ رواه مسلم.
قد كنت أخشى الموت ولا أحب التفكير فيه، ولكن بعد هذا تبيَّن أن للعبد المؤمن كرامة عند الله فهو يُعينه ويهديه في دينه ودنياه في حياته، ويطمئنه ويبشره عند موته، ويهوِّن عليه قبض روحه ويثبته بعد الموت ويكافئه بالجنة، ما أرحم الله وأعظم جزائه! إن العبودية شرف وإن الإيمان كَنَز. فما الواجب على المؤمن؟
الواجب الالتزام بالعبودية في جميع الأحوال، وأن تكون ديدنه ودينه، وأن يصبغ نفسه بصِبغة العبودية التي تكون ملازمة له، فالصبغة ملازمة للمصبوغ وكذلك العبودية ملازمة للعبد في كل أحواله.
الواجب على المؤمن العودة إلى الله، وسلوك الطريق المستقيم الذي سلكه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه والصالحين والأنبياء من قبلهم، وأن يخففوا العدة ولا يغتروا بما يرونه في الطريق ويحذروا قُطَّاع الطريق، ويجِدُّوا السير إلى الله، فإن المؤمن ما دام أنه في الطريق المستقيم، فمهما سقط فلابد أن يحاول القيام ولا يتخاذل.
يُروى عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه كان يقول: "سيروا إلى الله عُرجًا ومكاسيرَ، ولا تنتظروا الصحة، فإن انتظار الصحة بطالة".
قال أحد العلماء في شرحه لها: "أي: لا تؤجل الطاعة حتى تتعافى تمامًا - من الذنوب - تعبَّد بالمقدور عليه ولو كان فيك علة".
فحال المؤمن: ﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ﴾ [الشرح: 7، 8]، فالمؤمن يستغفر من ذنوبه ويعلن ضعف نفسه، فهو كثير الاستغفار والاستعانة بربه.



 


رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ عزمي ابراهيم عزيز على المشاركة المفيدة:
 (08-05-2020)