عرض مشاركة واحدة
قديم 04-18-2013   #2


الصورة الرمزية بسمة روح
بسمة روح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 234
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 09-13-2014 (01:00 PM)
 المشاركات : 12,175 [ + ]
 التقييم :  53790370
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي




تمهيد: مقالات في الصلاة

هذه مقالات في الصلاة لم يكن لها مكان مناسب في مفاتيح الكتاب، وبعضها جاء ضمن بعض المفاتيح وخشيت أن يقفزه القارئ ويفوت عليه دون أن يشعر فأبرزته في مقال خاص في هذا التمهيد.
المقال الأول: صلاة جوف الليل وصلاة الفجر


إن الصلاة في جوف الليل الآخر لا يعدلها أي صلاة ، إنها الوقود لصحة القلب وحياته ، فهي المنطلق والأساس في كل ما يقال في تزكية القلب وتحقيق النجاح في الحياة ، بدونها يصبح القلب ضعيفا لا يمكنه القيام بما أنيط به من واجبات عظام ومهام ثقال.
إن ترك الصلاة في جوف الليل من أعظم الأسباب فيما أصاب الناس من وهن وضعف وانحراف، لماذا ؟ لأنهم بهذا أضعفوا قلوبهم وتبعها كل ضعف .
إن قناعة الناس وإيمانهم بأهمية هذا العلاج ضعيفة لذلك يحصل التهاون به حتى من بعض طلاب العلم والدعاة والصالحين .
إن هذا العلاج يستحق مهما أخذ من وقت ومهما كان صعبا مادام الثمن قوة القلب ، قوة الإرادة وشرح الصدر واستثمار أعلى للوقت والحياة .
الصلاة في جوف الليل سر من أسرار الحياة ، سهل ميسر بعون الله ، فاستفد منه قبل فوات الأوان.
جوف الليل الآخر من أهم أوقات الصلاة لذلك فإن الشيطان يحرص أشد الحرص على تفويت هذه الفرصة كل ليلة على الإنسان ليتمكن منه وينتصر عليه كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك حين قال : يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب على كل عقدة عليك ليل طويل فارقد <البخاري ومسلم عن أبي هريرة>، وقال عن رجل نام حتى أصبح : ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه <البخاري ومسلم عن ابن مسعود>
فاحذر أن يبول الشيطان في أذنيك ويتسلط على قلبك ويزعجك بأنواع الوساوس، بل احرص كل الحرص على الاستيقاظ قبل الفجر وذكر الله والوضوء والصلاة لتحل عقد الشيطان ،وتحصل بإذن الله على قوة قلبك وتنتصر على الشيطان ولا ينتصر عليك فيؤذيك خلال يومك وليلتك، أنت في معركة وفي مواجهة عدو؛ فاحذر أن تنسى ذلك وتضع سلاحك وتترك الجهاد فتهزم وتخسر.
إن من أسوأ العادات التي ابتلي بها مجتمعنا اليوم عادة السهر بعد صلاة العشاء والتأخر في النوم إلى منتصف الليل أو قريبا من الفجر ثم النوم وتضييع أهم وأثمن وأغلى موارد قوة القلب والنفس ، ومع وضوح الأدلة وكثرتها في هذه المسألة وقوتها إلا أنك ترى الكثير غير مستعد لتغيير هذه العادة والالتزام بالنوم المبكر والاستيقاظ قبل الفجر والصلاة في جوف الليل ، وهذا شيء عجيب تقول له هذا هو العلاج ، وهو يعاني من المرض ويتألم ثم لا تمتد يده لأخذ العلاج ؟
والمشاهد في واقعنا اليوم أن هذه العادة لم يقتصر ضررها على ترك صلاة آخر الليل فحسب بل امتد إلى ترك صلاة الفجر أو التثاقل عنها ، حتى إن صلاة الفجر اليوم أصبحت لا تختلف من حيث المقدار عن صلاة المغرب بينما السنة معلومة في هذه المسألة ، وبالمقارنة بين صلاة الفجر في مجتمعنا اليوم وقبله بعشرات السنوات نجد انحدارا تدريجيا في تخفيفها وقلة من يصليها ، وصاحب هذا النقص في صلاة الفجر زيادة المشكلات في المجتمع وحصول الوهن والضعف في النفوس حتى إن معدلات الإنجاز عند كافة شرائح المجتمع أصبحت مقلقة سواء في ذلك الطالب أو المعلم أو الموظف أو الطبيب أو المهندس أو العامل.
لو صلى الناس اليوم صلاة الفجر كما كان يصليها النبي صلى الله عليه وسلم فإن واقعنا - بإذن الله تعالى- سيتغير إلى الأفضل والأحسن، ويختفي كثير من مظاهر الفشل والنقص شيئا بعد شيء ، فإن الخير يجذب بعضه بعضا ، والشر كذلك يجر بعضه بعضا، فالإنسان إما في صعود أو هبوط لا يمكنه التوقف أبدا.

المقال الثاني: الصلاة أعلى استثمار للحياة

إن المتأمل في هدي النبي صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا يجد أن الصلاة هي أهم ما يميز به الأوقات الفاضلة وفرص العمر الثمينة كرمضان عامة والعشر الأواخر وفيها ليلة القدر خاصة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه (البخاري ومسلم عن أبي هريرة)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه (البخاري ومسلم عن أبي هريرة) ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله (البخاري ومسلم عن عائشة) ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة ونوم فإذا كان العشر شمر وشد المئزر (أحمد عن عائشة) ،هذا أهم عمل يختص به رمضان وتستغل به ليلة القدر ، إنه الاجتهاد في الصلاة معظم الليل .
ونلاحظ أيضا أنه في هذا الشهر العظيم والموسم المبارك شرع صيام النهار ومن أهم مقاصد هذا الصيام أن يكون معينا على صلاة الليل بتهيئة القلب لتلقي العلم والإيمان ، ومحققا لصحة البدن لينشط في هذه الصلاة المباركة.
وفي العشر الأواخر من رمضان سن النبي صلى الله عليه وسلم لأمته الاعتكاف ليكون معينا على ذكر الله وكثرة الصلاة التي تقرب إلى الله عز وجل وتزيد الإيمان بالله واليوم الآخر .
ولما سأل ربيعة بن كعب رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم مرافقته في الجنة كان جوابه له : فأعني على نفسك بكثرة السجود، أي كثرة الصلاة، فهذا هو أعلى استثمار في هذه الحياة، وهو العمل الذي يؤهل صاحبه إلى مرافقة الأنبياء في الجنة.
المقال الثالث: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي

مما لا شك فيه ولا ريب أن الصلاة هي العلاج الجذري والمنهجي لما يشكو منه كثير من المربين والمصلحين مما وقع في صفوف الشباب والفتيات وهو ما يعرف بالعشق أو التعلق، وهو أنواع وألوان، وهو مراتب ودرجات فمنه القوي المستحكم ومنه السطحي الطفيف، ومنه الشامل المستغرق ومنه ما يكون في أمر واحد دون غيره من الأمور.
ومن يقرأ كتاب الجواب الكافي لابن القيم يراه يشخص ما ابتلي به الشباب والفتيات اليوم، وقد أطال ابن القيم في معالجة القضية وتحليلها وأجاد في ذلك إلا أن عين الدواء ربما اختفى في ثنايا كلامه ولم يستطع القارئ فقهه وفهمه.
والخلاصة والاختصار لمن سأل عن الجواب الكافي والدواء الشافي لعلاج هذه المعضلة التي تسيطر على القلب وتفسد السلوك وتوقع المبتلى بإحراجات ونقائص متعاقبة هو : الصلاة بمفاتيحها ، والتدريب على تطبيقها بشكل عملي متكامل، إنه علاج عملي واضح يقع على موضع الداء تماما وبعون الله يقتلعه من القلب والنفس ويحصل الشفاء والتنعم بالحرية والتخلص من عبودية التعلق.
إن عبودية العشق تحصل حين يفرغ القلب من عبودية الله ، والصلاة بمفاتيحها إذا طبقت بشكل صحيح متكامل تزرع عبودية الله في القلب وتنمو يوما بعد يوم حتى يحصل الارتقاء والصعود في سلم الكمالات ومراتب المعالي.
أصل هذا المرض وسببه الأكبر ضعف الإيمان وفراغ القلب من ذكر الله ، ثم إطلاق البصر وملاحقة الصور دون مراقبة أو مجاهدة أو محاسبة ، فتجد الشباب أو الفتيات يطلقون أبصارهم دون الشعور بأي حرج فيبدأ المرض ثم يزيد بالتدريج إلى أن يستحكم ويتغلغل فيسيطر على القلب ويأسره، وفي هذه المرحلة تتنوع الحالات فالكثير منهم يحصل عنده التعلق بصورة واحدة تسيطر عليه وتسد عليه الأفق فلا يرى غيرها ، وفي حالات أخرى يحصل التنقل من صورة إلى صورة بين كل فترة وأخرى.
وفي كل الحالات العلاج بإذن الله سهل ميسر حين يعالج بالصلاة ، بالتعليم والتوجيه والترغيب والتدريب إلى أن يتماثل الشخص للشفاء ويحس بالعافية وبعدها يمكنه متابعة نفسه بمفرده مع التأكيد عليه بألا يفرط بالعلاج أو يهمله حين يرى الشفاء ويحس بالعافية فينتكس مرة أخرى.
الصلاة هي العلاج الأول لمن لم يستطع الباءة أي الزواج ، والصوم وجاء أي قاطع لما يتبقى من دواعي الشهوة ، وقاطع لوساوس الشيطان ، فالصوم لا يكون وجاء حتى تكون قبله الصلاة وعلى الوجه الصحيح ، فالصوم والصلاة قرينان لمن أراد تزكية قلبه وإعفاف نفسه ، وحينما نقول الصلاة فينبغي أن نعلم معنى الصلاة وتعريفها العملي أنها ما تضمنت المفاتيح الأربعة عشر.

المقال الرابع: الصلاة حصن المسلم

حين طرد الشيطان من الجنة أقسم بعزة الله تعالى:"قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُم أَجْمَعِينَ(82)إَلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ(83)" ص:82ـ 83،لماذا استثنى المخلصين ؟ الجواب معلوم : أنه لا يقدر عليهم وليس له عليهم سلطان كما أخبر الله بذلك حين قال: "إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا" الإسراء: ٦٥
دوام الصلاة يحقق التوحيد والإخلاص الذي يحفظ ويحصن العبد من الشيطان، تسلط الشيطان يعني نقص إخلاص العبودية لله ، والصلاة تحقق إخلاص العبودية لله رب العالمين ، إذا الصلاة حرز وسياج قوي يحفظ ويحمي العبد من كيد الشيطان ، هذا هو التشخيص ، وهذه هي المعادلة في هذه القضية .
لا يوجد في هذه الحياة مضاد لسلطان الشيطان على النفس ، ومبيد لوساوسه في القلب مثل الصلاة.
إن الصلاة متى أديت بالكيفية الصحيحة والكمية الكافية فإن الشيطان لا يجد له إلى القلب سبيلا ولا يكون له سلطان على النفس أبدا .
الصلاة علاج النفس وشفاء القلب وهو بين يديك فإن شئت فاجتهد فيه تحصل على الحصانة والمناعة، وإن فرطت وقصرت في المجاهدة والتدريب فاعلم من أين أتيت وما سبب ضعفك ومصدر بلائك ، ومتى تعبت من حالك وأغلقت في وجهك الأبواب فتذكر هذا العلاج وعليك به يشفك الله من كل داء .
مجاهدة الشيطان مستمرة مع الأنفاس وهو متربص يتحين أي غفلة أو ضعف أو ترك للذكر والصلاة ليهجم على القلب ويحتله فيفسد فيه ويؤذي.
ولا يتصور أحد أن كيد الشيطان ينتهي وينقطع بفعل أمر من الأمور فهذا لا يكون أبدا ، إنما هو جهاد مدى الحياة.
هذه كلمات موجزة في هذه القضية الكبيرة من قضايا الحياة توضح لك أبعادها وتجيبك على كل أسئلتها ، وتجمع لك أطرافها، فمن علم غنم ، ومن جاهد سلم .





 
 توقيع :


رد مع اقتباس