عرض مشاركة واحدة
قديم 06-24-2011   #10


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



استلقيت على الأرض بجانب باب البيت، و وضعت حقيبتي تحت رأسي، وأغمضت عيني محاولاً النوم، ولكني لم أستطع من صلابة الأرض ورطوبتها،
ومع أن فصل الصيف كان في نهايته إلا أن الجو في أوروبا كان بارداً بعض الشيء، فكنت أتقلب مرة على الجانب الأيمن، ومرة على الجانب الأيسر،
لأخفف عن جسدي صلابة الأرض ورطوبتها.شيئاً فشيئاً بدأ نور الشمس يتسرب إلى داخل المبنى معلناً بداية نهار جديد وبين النوم واليقظة،
والحلم والعلم، رأيت إمرأة عجوزا ترتدي ثوبا طويلا أخضرعليه نقط بيضاء، شعرها أبيض قصير، تناهز السبعين من العمر، خرجت من الباب
المقابل لبيت أيمن. نظرت إلينا وقد بدت علامات الدهشة والاستغراب على وجهها، اقتربت منا، وهي تتكلم بلغتها التي لا أفهم منها شيئاً،
وبدأت تحدث أيمن، وكانت تتكلم بصوت عال ظناً منها بأننا مثلها، سمعنا ضعيف.طلب أيمن منها الدخول إلى بيتها ليستعمل الحمام،
فسمحت له بالدخول، وتركني معها تكلمني وتناقشني، وأنا كنت أهز برأسي دائماً، وأبتسم عندما تبتسم، وأحزن عندما تتغير معالم
وجهها، وأرفع حاجبي عندما يجب أن أندهش، كي لا أشعرها بالإحراج، وعندما عاد أيمن، لا أدري ماذا قالت له حتى أضحكته
رغم العذاب الذي نحن فيه. سألت أيمن عن سبب ضحكه، فقال: إنها تمتدحك كثيراً وتقول إنك متفهم لكل الأمور وأسعدها
كثيراً الكلام معك، وأخذت أنا أيضاً أضحك بالرغم من التعاسة التي أنا فيها، وكانت خيبة العجوز كبيرة عندما علمت
بسبب ضحكنا.اقتربت مني العجوز ومدت يدها وقالت ماريا، فقال لي أيمن: العمة ماريا تعرفك بنفسها، فمددت
يدي مصافحاً وقلت لها: فارس، أنا فارس، صديق أيمن! وكان أيمن يترجم الحديث بيننا، الذي طال كثيراً.
ذهبت العمة ماريا إلى السوق، وقالت وهي تنزل الدرج: عندما أعود سوف تدخلون إلى بيتي ريثما تعود روكسانا.
ولكني لا أعتقد أن هذا سيحصل، لأن العمة ماريا سوف تمضي نصف النهارعندما تعود من السوق لتصعد الدرج إلى الطابق العاشر.
لم يطل انتظارنا كثيراً، حتى سمعنا أصوات أقدام تصعد الدرج، كانت فتاة في الخامسة والعشرين من عمرها، نحيلة الجسد، ممسوحة
الصدر، شعرها أصفر قصير تربطه إلى الوراء، تلبس بنطالا أبيض، وقميصا أصفر، وتنتعل حذاء رياضيا،
خلت من معالمها الأنوثة، لا تتميز عن الذكور إلا بصوتها النسائي.
اقتربت من أيمن وعانقته بشوق ولهفة، وتبادلا القبلات الحارة حتى أني خجلت من النظر إليهم، ورحت أسعل لأذكرهم بوجودي.
نظرَ أيمن نحوي وقال: لا تهتم يا صديقي، هذه الأمور عادية هنا، أنت في أوروبا يا رجل! ثم قدمني إلى صديقته قائلاً:
هذا فارس و هذه روكسانا! فمدت يدها، ولكن ليس لتصافحني، فقد رفعتها حتى اقتربت من وجهي، فقال أيمن:
العادة هنا عندما يصافح الرجل امرأة، يقبل يدها. فقلت له أنا لا أُقبل سوى يد أمي، ثم مددت يدي وصافحتها
كما أصافح الرجال، فشعرت بأنها تضايقت من ذلك.فتحت روكسانا باب البيت، ثم دخلنا إلى غرفة صغيرة،
وضع فيها كرسي ومنضدة وبجانبهما أريكة صغيرة، وتلفاز صغير بحجم الراديو الذي يستمع إليه أبي.
جلس أيمن وركسانا، وأخذا يتهامسان ويتحابان، وكأنهما لا يراني انتظرت قليلاً حتى يُدخلني أيمن إلى
غرفتي لكي أنام، ولكن أيمن لم يهتم بي، كان شغله الشاغل ملاطفة روكسانا، فقاطعت خلوتهما قائلاً:
أريد أن أدخل غرفتي لكي أرتاح وترتاحان أنتما أيضاً، ولكن أيمن راح يضحك وكأنني دغدغته بكلامي، ثم قال لي وهويحاول
إيقاف نفسه عن الضحك: هذا البيت يتكون من غرفة واحدة فقط. فقلت له:حسناً دعني أدخل إلى الغرفة لكي أنام فأنا مرهق.
ولكنه عاد للضحك مرة ثانية وهو يقول: هذه هي الغرفة، نحن نجلس فيها، والأبواب التي تراها هي أبواب المطبخ والحمام.
أصبت بصدمة عندما سمعت كلامه، فهل يُعقل أن كل هذا العذاب والانتظار والصعود للطابق العاشر وفي النهاية، البيت
غرفة بحجم مطبخ أمي في القرية استلقيت على الاريكة، وأرخيت جسدي المتعب، وسلمت أمري إلى الله. عندما استيقظت
كانت الساعة الثالثة بعد العصر، كنت أشعر بالجوع والعطش و كانت عظامي تؤلمني من النوم على باب
البيت، ورقبتي قد تشنجت من النوم من دون وسادة، نظرت حولي فلم أجد أحداً في
الغرفة، فرحت أنادي على أيمن بصوت منخفض، فلم يجب أحد.




 
 توقيع :
قال تعالى {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً }النجم28

دائما النية الطيبة لاتجلب معها إلا المفاجآت الجميلة
لاتغيروا أساليبكم فقط غيروا نياتكم فعلى نياتكم ترزقون



رد مع اقتباس