قصة ذكريات منتحرة

إنه اليوم المنتظر .. أجمل أيام السنة .. يوم السنة الجديدة .. سأراه أخيرا .....سأرى عينيه التي تسحرني كلما نظرت فيها .. سأرى ابتسامته التي لا تفارق وجهه الوسيم .. لكن !! ... هل سيعود كل شيء كما كان قبل 3 سنوات ؟! .. قبل ذلك اليوم المشؤوم الذي غير حياتي وعبث في كياني ؟! ..هل سيعود ؟! .

*************

دخلت إلى شقتي الجديدة والمؤلفة من مطبخ وحمام وغرفتي نوم .. أنا أجهز منزلنا ليكون منتهياً في يوم السنة الجديدة ، يوم إطلاق سراحه بعد تلك المدة الطويلة التي غيرت حياتي ، وحياته ، وحياة عائلتينا .

بعد أن انتهيت من نقل الأمتعة خرجت مسرعةً خشية أن أتأخر عن موعد المشفى ، دخلت وألقيت التحية على الممرضة التي اعتادت على وجودي وأصبحت زميلة لي على مرور الوقت ثم توجهت نحو تلك الغرفة ، قرعت الباب ودخلت ثم جلست على الكرسي المقابل له و تكلمت بهدوء وحزن : عمي .. إنها أنا كلوديا .. لقد تأخرت قليلا لكني قد وصلت .. سأكمل لك قصة البارحة .

أنهيت القصة و قرع الباب ، دخلت الممرضة قائلة : وقت تبديل الملابس .

ابتسمت لها ثم نظرت نحو عمي وقلت : سأعود لاحقا .

ثم خرجت واتجهت نحو السوق ، يجب أن أنهي كل أموري ، فلم يتبقى على يوم السنة الجديدة سوى بضعة أيام .. ابتعت القليل من الملابس لي وله ثم عدت الى المنزل وبدأت بترتيب كل الأثاث للتحول شقتي من شقة فارغة قبيحة إلى شقة رائعة للغاية .

جلست على سريري القريب من النافذة ثم سرحت في ذكرياتي ... ذكريات أيامنا الخوالي .. وخصوصا يوم التقائي به ...

اليوم / 26 / أكتوبر/ 2012 ..

كوريا وبالتحديد في سيئول :

خرجتُ إلى شرفتيَ الصغيرةِ التي تدلّت عليها بعض الورود الجورية الحمراء لأستنشق بعض الهواء المنعش ، وأستمع لأصوات مدينتي باردة الأجواء .

" تباً !! كم أكره شتائها البارد و المنعش في الآن ذاته " تكلمت بتأفف ثم نظرت إلى تلك الدراجة التي قد أعلنت عن وصول ساعي البريد ، دخلت بسرعة إلى شقتي وأغلقت الباب خشية أن يراني ، فأنا لا أطيق وجهه وكلماته و حتى الطريقة التي يمشي بها ، بشكل عام .. أنا أكرهه !! .. لكن عندما قرع الباب سمعت صوت مختلفاً يقول : هنا ساعي البريد .

كان صوته مليئاً بالدفء والرجولة ، مشيت بدون وعي لأفتح الباب وقد كان وسيماً لدرجة أن الكلمات وحدها لا تصف وسامته !! وطوله بل وأناقته حتى في زي عمله ، كان واقفاً مع ابتسامة جذابة ساحرة للأنظار ، استيقظت من غفلتي على كلماته البسيطة التي أخذتني في سحر صاحبها " أنستي هل أنتِ معي ؟؟ " .

" أه آسفة شردت قليلاً " تلعثمت في حديثي فليس من طبعي التكلم مع الفتيان لكنه بحق قد لفت انتباهي !! .

قدم لي الرسالة و الابتسامة لا زالت على وجهه قائلا : تفضلي .

أخذت ما هو لي ثم تكلمت بانفعال : بالله عليك توقف عن الابتسامة هكذا !! .

أغلقت الباب في وجهه ثم لطمت نفسي و شتمتها على قلة احترامها ، أعني هو لم يفعل لي شيئا ً !! هو كان فقط يبتسم ، توقفت عن المدافعة عنه عندما سمعت صوت عقلي يقول : أنت قضية خاسرة كلوديا !! .

توجهت نحو النافذة وتبعت خطواته وصولاً الى ركوبه الدراجة الأكثر من عادية والتي تدل على أن حالته المادية ليست جيدة .

خرجت من أوهامي وذهبت لأرتدي ملابسي ثم أسدلت شعري تاركة له حرية التطاير وانطلقت مسرعة الى عملي .

عملي البسيط يكون في متجر الأزهار الواقع بالقرب من شركة البريد .. لحظة !! .. شركة البريد .. هذا يعني بأنني من المحتمل أن أقابله !! .. بمجرد تفكيري بالموضوع ابتسمت وبدأت باللعب بخصلات شعري .. لكن عندما بدأ الزبائن بالدخول نسيت الموضوع تماما ، و بعدها بفترة أتت والدتي لتزورني فاستقبلتها بحضن دافئ سعيد ثم تكلمت معها عن كل شيء ما عداه ..عرضت عليها تناول الغداء فوافقت بصدر رحب وتناولنا وجبتنا في شقتي الصغيرة .

دعوتها للنوم عندي لكنها تحججت بوالدي المريض والذي عليه الذهاب إلى المشفى هذا المساء ، فطلبت منها بأن تسلّم لي عليه وأعطيتها بعض المال الذي استطعت جمعه فأنا لا أصرف على نفسي الكثير وودعتها بعناق آخر متمنية لها الخير والتوفيق .

وذلك ببساطة أحداث التقائي بأهم شخص في حياتي .

******

اليوم 27/أكتوبر /2012 ....

ارتديت ملابس العمل وأنا في قمة حماسي لأراه ، خرجت إلى الشرفة أنتظره فأنا وكما قلت لكم متحمسة !! .

"سأعتذر له اليوم عن قلة أدبي معه فأنا فعليا لم أكن أقصد إهانته " تكلمت مع نفسي بجدية .

نظرت إلى الأسفل .. أوه يا إلهي لقد وصل !! دخلت إلى الشقة وأنا أنتظر قدومه لأسمع تلك الجملة مرة أخرى "ساعي البريد هنا " .

ستتسألون عن سبب قدوم كل يوم رسالة لي ، والسبب هو أني كل ليلة أرسل لمحل الزهور بطلبي للزهور التي أريدها لليوم التالي ، بالتالي يرسلون موعد وصولها وثمنها .

فلنعد إلى الشاب الواقف على الباب .. رتبت ملابسي وفتحت الباب لأتعجب برؤيته يبتسم بعذوبة كما فعل البارحة والأعجب أنني بادلته الابتسامة أخذت منه الرسالة فتلامست أصابعي مع أصابعه النحيلة ، سرت الرعشة في جسدي ، نظرت إلى تلك العيون .. إنها تنظر إلي ... أخذت نفساً عميقا لأتكلم قائلة : بالمناسبة .. البارحة على شتمي لك وإغلاقي الباب في وجهك .. آسفة .

تكلم بسرعة : لا عليك آنستي في الحقيقة ابتسامتي مستفزة أحياناً وخصوصاً بأنني أبتسم بدون سبب .

ضحكت لسرعة كلامه بينما عقلي مشغول بسماع صوت ضحكته أيضا لكن لأترك أوهامي تكلمت : لأعبر لك عن أسفي سأعطيك هذه القسيمة ..في الحقيقة أنا اعمل في متجر الأزهار الذي يقع بالقرب من شركة البريد .. إنه معروف في المنطقة .. إن احتجت أية أزهار فرجاء تعال فأنا لن اخيب ظنك بأزهاري .

ابتسم بسعادة ثم انحنى قائلاً : أشكرك للطفك يا أنسة ..

" كلوديا ... اسمي كلوديا " تكلمت بلعثمة بينما ابتسم قائلا : سررت بالتعرف إليك آنسة كلوديا وأنا أدعى مون بين .

أومئت له ثم انحنيت له وودعته وحين أغلقت الباب بدأت أقفز فرحاً وقلبي يفرقع كالألعاب النارية ، ضميري حينها قال : لقد جننتِ بالفعل كلوديا !!.

لكني لم أهتم له هذه المرة ، أعني من سيستمع لضمير وهو واقع في الحب ؟! .

خرجت للعمل متأخرة بسبب المفرقعات الموجودة داخلي ، وعندما وصلت كان هناك ملك أحلامي الجديد واقفاً ينتظر بابتسامته التي بدأت أذوب لرؤيتها ، لم أصدق ما رأيت لكني تقدمت إليه و وقفت أمامه بشرود تام ، نظر إلي ثم تكلم بمرح : التقينا مجدداً آنسة كلوديا .

ابتسمت له بخجل ثم دخلنا معاً ، رتبت الزهور وقد ساعدني في ذلك ثم قلت له : حسنا مون بين لمن تريد تقديم الأزهار ؟! لحبيبتك ؟!.

حك رقبته من الخلف بخجل ثم قال : أريد تقديمها لوالدي المريض .

أومئت له ثم أحضرت له أنواع مختلفة من الزهور الأولى كانت باللون الأحمر ، أمسكت واحدة ثم قلت : هذه الوردة تعني الحب المشتعل وهي تستعمل للاعتراف بالحب ، وأما البيضاء فهي الحب النقي الذي يخلو من سوء التفاهم و هي متداولة بين الأصدقاء ، والوردية تعني التعهد بالحب للأبد ، والصفراء حب رائع بسيط .. وأخيراً البرتقالية والتي تعني الرغبة بالبقاء مع الشخص الذي تحبه للابد .

كانت علامات التفاجئ تملأ وجهه اللطيف نظر الي بإبتسامة ثم قال : رائع !! لم اكن اعرف أن لكل زهرة معنى !! ، أظن أني سأختار البيضاء فمعناها قد أعجبني .

أخذت بعض الأزهار البيضاء ولففتها له بطريقة جميلة ثم قدمتها له ، أخذها بإمتنان ثم قال : إنها جميلة ، للأسف والدي لن يستطيع رؤيتها .

عقدت حاجبي قائلة : لماذا ؟! أعني هل هنالك مشكلة بنظره ؟!.

حرّك رأسه بالنفي وأجاب قائلا : لقد وقع له حادث سيارة منذ مدة ودخل في غيبوبة .

أوه يا الهي لم اتوقع أن يكون تعيساً هكذا ماذا علي أن أفعل ؟! ، حركت يدي وربتت على كتفه فابتسم لي ثم قال : إنه متجر كبير وجميل ، لكنه يتطلب الكثير من الجهد والعمل ألا تتعبين فيه ؟!.

" بلى لكني قد اعتدت على الموضوع .. هناك بعض الأعمال تتطلب رجلاً وهي التي أجد فيها الصعوبة الكبرى ." تكلمت بهدوء .

"هل يمكنني العمل معك ؟! "تكلم وهو يحرك الوردة التي بيده ، نظرت اليه بدهشة قائلة " ه هل تعني ما تقول ؟!"

لقد كنت اتكلم بتقطع لم اكن اتوقع هذا أبداً لكنه اومئ لي بابتسامة ساحرة قائلاً : أنا متحمس جدا للعمل هنا والتعرف عليك أكثر .. هذا إن كنت تريدين. .

"بالطبع أريد .. أعني أنا فعلاً احتاج لشخص ما يساعدني ويؤنسني " تكلمت بسرعة مشوبة ببعض الخجل .

مد يده لمصافحتي والإبتسامة لم تزل عن وجهه الملائكي قائلاً : إذن أراك غداً أيتها الرئيسة كلوديا .

صافحته بابتسامة قائلة : سأتشرف بوجودك غداً .

خرج من المتجر وهو يلوح لي وعندما اغلق الباب قفزت فرحاً وأخدت المكنسة ورقصت معها وقد كان ذلك أكثر شيء جنوني أفعله في حياتي !!.

****

نزلت دموعي اللؤلؤية على خدي وأنا أتذكر كل شيء فعلناه معاً ، اعتراف حبه اللطيف وتقديمه الهدايا لي في يوم ميلادي .

كان حياتنا غير جيدة تماماً وكنا ندعم بعضنا للبقاء على قيد الحياة ، عشنا معاً أجمل الأيام ولا أظن بأن هناك شخصاً شاهدنا معا الا وحسدنا ، كنت دائماً أفتخر بعلاقتنا وأقف رافعة رأسي به في كل شيء كما كان هو يفعل الشيء ذاته .

****

استيقظت صباحاً ورأسي يؤلمني من شدة البكاء لقد كانت أسوء ليلة في حياتي ، أو هذا يحدث كل ليالي ما قبل العام الجديد فأنا أحس فيها بالوحدة أكثر من باقي الأيام ، لكن في هذا العام لن أشعر بذلك فهو سيعود ليؤنس وحدتي ويفرحني مرة أخرى وعندما ألقاه سأرتمي في حضنه وأبكي كالطفلة الصغيرة .

خرجت من المنزل وأنا أرتدي معطفي الصوفي أزرق اللون واتجهت نحو المتجر ، مع أنني أصبحت أكرهه فهو المكان الذي سلب مني حبيبي لكنني لا استطيع نسيان فضله العظيم في جعلنا نتعرف .

في المساء أغلقت المتجر ثم توجهت نحو المشفى لأزور والده ، فكان من آخر كلماته أن أعتني بوالده ، دخلت الى المشفى فاستقبلتني الممرضة بحزن وتوتر : كلوديا عزيزتي .. يؤلمني أن أخبرك بأن والد مون بين قد أصيب بجلطة قلبية مفاجئة قد أدّت الى وفاته ، آسفة من أجلكما والبقية في حياتك .

لم تعد قدماي تحملانني فوقعت على الأرض من هول الصدمة ونزلت دموعي ، لم أستطع التحدث واستمريت في البكاء وأنا على الارض للحظات ثم اتجهت الى غرفته فوجدت الأطباء كلهم واقفين وكبيرهم يغطي وجهه بغطاء أبيض ، اقتربت من السرير ثم جلست على ركبتيّ وصرخت قائلة : هل أنتم أطباء أصلاً ، لم تستطيعوا معالجة شخص يقطن عندكم لخمس سنوات وببساطة أنتم تتركونه يموت !! أنتم مجموعة حثالى لا غير !!.

***

مضى على موت عمي يومان وأنا ببساطة لم اقم له عزاء لأنني لست فتاة اجتماعية وبالتأكيد لن يحضر أحد ، أخرجت صورة مون بين وتكملت بين دموعي : بين عزيزي .. أنا آسفة لم أستطع أن أحافظ على وعدي لك ، لولا ذلك الحقير الذي لفق للتهمة بك لكنت الآن موجوداً بجانبي نواسي بعضنا البعض ، لولا التهامات الباطلة التي وجهوها لك لكنت الآن بقربي .

***
1\يناير \2013...

اليوم هو ذكرى حبنا الأولى ، ففي مثل هذا اليوم منذ سنة اعترف لي بيني بمشاعره اللطيفة نحوي ، واليوم قد أخذ بين إجازة لنذهب في رحلة الى البحر للاحتفال .

كنا نعمل في المتجر كالمعتاد ولا يخلو الامر من الضحك والمرح ، واليوم على غير العادة دخل شرطيان وقلبي تنبأ بأنهم لا يحملون في طياتهم انباء سعيدة .

اقترب بين منهم ثم قال : كيف أساعدكما ؟!.

نطق أحدهما قائلاً : أنت هو السيد مون بين صحيح ؟!.

اومئ له موني بينما اكمل كلامه : على حد علمي فأنت تعمل في شركة للبريد القريبة من هنا ، لقد وقعت جريمة قتل البارحة وقتل فيها رئيس البريد ، وبحسب ما التقطته كاميرات المراقبة فأنت آخر من خرج من عنده .

اكمل الشرطي الثاني قائلاً : فهل يمكنك إخبارنا ماذا كنت تفعل ؟.

لقد كان بيني واقفاً ينظر للشرطيين بذهول وعندها تكلم : لقد طلبت إجازة للخروج في موعد .

الشرطي : مع من يكون الموعد ؟!.

اقتربت من موني ووقفت بجانبه قائلة : معي أنا واسمي هو كلوديا .

الشرطي : اذن هل يمكنك أن تأخذنا لشقتك للتفتيش ؟! .

أجاب موني بهدوء : بالتأكيد .. لكن هل يمكنك إمهالي لحظة من فضلك ؟! .

اومئ له الشرطي فاستدار لي قائلاً : أستأتين معي ام لا ؟!.

أومئت له فقال : لن ارغمك على البقاء لذلك أغلقي المتجر واتبعينا .

ركضت وأغلقت كل شيء وأسرعت بالوقوف بجانبه وأمسكت يده فقد كان متوتراً لسبب اجهله ، ابتسم لي ابتسامة مصطنعة وكأنه يعرف بأن شيء سيء سيحصل الآن .

دخلنا جميعاً وبدأت الشرطة تبحث وتقلب المكان رأساً على عقب ، كان موني قلقاً جداً والعرق يتصبب من جبينه وكأنه خائف من شيء ما ، وللأسف شكوكه قد كانت في محلها فقد صرخ الشرطي الأول قائلاً : لقد وجدته جون !!.

ركض الشرطي الثاني وأمسك بالزجاجة ثم أتى إلينا قائلاً : إن هذا السم هو نفسه الذي قتل فيه الرئيس ، سيد مون بين ستأتي معنا الى المغفر .

كان موني مصدوماً ولم يكن يصدق ما يجري حوله فوقفت وصرخت قائلة : موني لا يقتل رجلاً !! ، ربما قد أتى أحدهم ووضعه هنا لا تلفقوا التهمة عليه فوراً .

الشرطي بتملل : سيد مون بين هل قتلت هذا الرجل ؟!.

وقف بين ثم قال بثقة : كما قالت لكم أنا لم اقتل أحداً ، وليس لدي ضغينة مع الرئيس بل نحن أصدقاء .

الشرطي : هل أنت متأكد بشان هذا ، هل أتى اليك البارحة شخص ما ؟!.

موني بنبرة مخيفة : لقد أتى ماركوس زميلي في العمل .

الشرطي بغضب : لا تكذب يا هذا !! فقد أكد ماركوس حضوره في المقهى مع خطيبته ساعة الجريمة ، كما أن كاميرات المراقبة قد لقطت ذلك ، ستأتي الآن معي سيد مون بين فإن الأدلة أصبحت كافية لاعتقالك فوراً.

بين بغضب وانفعال واضحين : اسمعني جيدا أيها الشرطي قد أكون قد قتلت وهذا بالتأكيد لم يحدث ، لكني لا اكذب أبداً !! .

الشرطي بهدوء : ستقول هذا في المحكمة غدا .

وقعت على الارض من الصدمة وانا أرى الشرطيان يكبلان موني بينما بدأ الناس يتجمهرون على الضجة التي تحدث وأنا واقفة في مكاني أشاهد وكأنني جسد بلا روح لكن عندما رأيتهم يضعونه في السيارة ركضت الى السيارة وصرخت بين دموعي قائلة : سأحضر لك محامي وستخرج من هناك !! ولن أتركك أبداً تأكد من ذلك !! بالتالي لا تقلق واياك وفعل شيء خاطئ ستندم عليه لاحقاً .

ذهبت بعدها الى محامً معروف بشهرته وقد كان يملك ادلة جيدة لإخراجه .

في يوم المحكمة ..

جلست على الكرسي وقد أدخلوا موني والمدعي قد وصل أيضاً الا ... المحامي .

نفد صبر المدعي فبدأ بالكلام : سيدي القاضي ، هذا الشخص قد فعل شيئا شنيعا للغاية وقد سلب حياة شخص بريء لذلك نحن نحكم عليه بالسجن لثلاث سنوات والاعمال الشاقة .

كنت ارتجف في مكاني بينما بيني كان مطاطاة الراس بحزن لابد وانه يبكي انه لا يختلط باحد حتى يقتل !!.

تكلم القاضي : للاسف سوف ناخذ كلام المدعي عين الاعتبار وحكم عليك بالسجن لمدة ثلاث سنوات ، حكمت المحكمة .

وقفت وبدأت أصرخ : هل أنتم بلا ضمير ؟! لقد أخبرتكم هو لا يقتل لا يقتل !! كيف لكم ان تسجنوا شخص بريء. ها ؟!.

نظر الي بين وتكلم بابتسامة متكلفة : لا تقلقي علي ، واهتمي بنفسك وبالمتجر وبوالدي أيضاً ، ولا تنسيني .. وابحثي عن المجرم لتسمعي طرفه في القصة وهو من قلته لك سابقاً ، و انتظريني سأخرج مهما كانت المدة طويلة ، وسأبقى في قلبك إذا حدث لي شيء ما .

انهرت على الأرض وأنا أبكي بشدّة وبعدها فقدت الإحساس بكل شيء حولي ، استيقظت وأنا أهلوس وقد كنت في المشفى خرجت من الغرفة بعد أن كلمت الممرضة و اتجهت الى غرفة والد موني فقد ذهبنا معاً مرات عديدة ، قرعت الباب ودخلت ، جلست على الكرسي الموجود بجانبه وأمسكت بيده قائلة : مرحباً عمي أنا كلوديا صديقة ابنك منذ اليوم سوف اعتني بك حتى عودة بين .

***

هكذا ببساطة سلب مني حبيبي ، حاولت أن أقابله لكنهم أخبروني بأنه قد افتعل مشكلة ويمنع أن يرى احداً .

منذ ذلك الوقت و أنا أسعى بالفعل للبحث عن المجرم الذي ورطنا والمدعو ماركوس .

قرع الباب فذهبت لأفتحه ووجدت ذلك الحقير واقفاً مطأطأ الرأس ، صفعته وقلت له : هل مازالت لديك الجراة لتأتي الى هنا وتكلمني ايها المحامي الحقير ؟! ، هل تتخلى دائماً عن موكليك بهذا الشكل ؟! أظن بأنك علمت بأنه الان في السجن منذ ثلاث سنوات .

تكلم قائلاً : آسف ، أعلم بانه لا يمكنك مسامحتي ولا يمكنني الجزم بأن فعلتي الشائنة سيغفر لها ، لكنني ساخبرك بشيء قد يساعدك ألا وهو مكان ماركوس .

أعطاني ورقة وانحنى باحترام وتأسف ثم رحل ، فتحت الورقة وقرأت العنوان ثم اتجهت الى سيارة الأجرة وذهبت الى هناك .

كان منزلاً جميلاً يلعب أمامه طفلان صغيران ، علمت بأن المحامي خدعني وأعطاني عنواناً آخر لكنني ذهبت وقرعت الباب ، فتحت لي سيدة شابة قليلا ابتسمت لي ثم قالت : كيف أساعدك يا آنسة ؟!.

تكلمت بنبرة جادة : هل السيد ماركوس هنا ؟!.

اومئت لي ثم قالت :أجل دقيقة من فضلك .

اغلقت الباب ثم فتح بعد ثواني قد مرت ، عرفته من شكله الحقير الذي يأتي به أحياناً الى المتجر.

تكلمت بهدوء وانا اكتم اعصابي : مرحبا سيد ماركوس ، مرّ وقت طويل منذ لقائنا الأخير ، هل تتذكرني يا ترى ؟! أنا كلوديا حبيبة زميلك مون بين الذي اتهمته بجريمة قتل .

نظر الي ماركوس والشرر يتطاير من عينيه ثم قال : اسمعي ايتها الفتاة انا لا اعرفك و لا أعرف حبيبك فانصرفي حالاً .

تكلمت قبل ان يغلق الباب : مون بين محبوس في السجن منذ ثلاث سنوات وسيخرج قريباً ، لن استفيد اذا دخلت الآن الى السجن أنا فقط أريد منك اعتذاراً صادقاً لتعيش براحة بال طوال الاعوام المقبلة إن كتب لنا العيش ، لذلك سأعود لاحقاً مع موني ، وأيضاً تعرف متجري إن قررت المجيء بنفسك للاعتذار .. والى ذلك الوقت وداعاً .

كان واقفاً طوال كلامي وهو يلعب بيديه أظن بأنه قد اقتنع بكلامي ، هممت بالذهاب لكني التفت اليه قائلة : صحيح نسيت اخبارك من المحتمل أن أسامحك أنا لكنني لا أعرف إن كان موني سيسامحك .

ركبت سيارة الأجرة وعدت الى شقتي ، لقد أزيل همٌ كبير من قلبي وأنا استطيع الآن النوم بهدوء وبدون كوابيس مخيفة .

****

اليوم هو يوم السنة الجديدة ، لقد استيقظت باكراً جداً ورتبت المنزل ، جهزت كل شيء وكتبت مذكراتي .

ارتديت تنورة حمراء وكنزة بيضاء صوفية ، إن السماء صافية والجو جميل على غير المعتاد ، خرجت وأنا أرنم ببعض الألحان واتجهت الى السجن دخلت وقلبي سيخرج من مكانه من شدة فرحي ، ذهبت الى الشرطي الجالس والقيت التحية ثم قلت له : اليوم تسريح السجين مون بين ، لقد أتيت لاصطحابه .

اومئ لي ثم بحث عنه ، كاد أن يغمى علي من الحماس لكنني تمالكت نفسي ، نظر لي الشرطي نظرة غير مفهومة قائلاً : آنستي يبدو أنك لا تعلمين ، لقد انتحر السيد مون بين منذ شهرين بسبب التنمر الذي كان يصيبه وقد تم دفنه وهذا مكان القبر ، آسف من أجلك .

هل يمكن لأحدهم أن يطلب منه إعادة كلامه ؟! خرجت من السجن وأنا جثة تمشي على الأرض ، اتجهت الى المكان الذي قد أعطاني إياه الشرطي ووقفت أنظر للقبر لنصف ساعة بدون أن أتحرّك ثم وقعت على الأرض وبدأت بالبكاء وضرب الأرض بيدي وأنا أصرخ : لماذا ذهبت وتركتني ؟! أين ذهبت ؟! ألم تقل لي بأنك أينما ذهبت ستأخذني معك ؟! بأنك أينما كنت سأكون معك ؟! لأجلك كنت أبتسم ، أنام وأنا أفكر بك أصحو وأنا أفكر بك ، لأنك الفارس الذي يحميني ، لأنك البيت الذي يأويني ، أنت كنت حبيبي الوحيد ولك أنتمي .

خرجت كلوديا من المقبرة وهي تجر نفسها ودموعها تأخذ مجراها على وجنتيها الحمراوتين ، وصلت الى الجبل المطل على البحر و وقفت تشاهد اللا فراغ ، خلعت معطفها ورمته على الأرض ، فردت ذراعيها وأخذت نفساً عميقا تكلمت بتمتمة : أنت طريقي ولن أكون لغيرك أبداً .

ألقت نفسها داخل البحر العميق واستسلمت له لتغلق عينيها للمرة الأخيرة ولا تفتحهمامرة ا في حياتها .

أما بالنسبة لمجرمنا ماركوس فقد وصل الى متجرها في المساء وقرر الاعتذار لها فهو لا ينام جيداً وغالباً ما يشعر بتأنيب الضمير ، وجد المتجر مغلقا فسأل شخصاً ليخبره ببناء شقتها ، دخل وسأل المسؤل عن المبنى فأجابه قائلاً : مسكينة هذه الفتاة لقد كانت تعيش بشكل سيء جداً واليوم وردني اتصال من الشرطة بأنها قد انتحرت وسيأتون
ً
سأل ماركوس :عذراً ولكن هل تعرف سبب انتحارها ؟!.

أجاب بالنفي فانحنى ماركوس وخرج من الشقة وبدأ يمشي للا طريق معين ، لقد كان يؤنب نفسه بأنه لم يذهب مبكراً ، لم يكن عليه أن يلفق التهمة ببين هو قد فعل ذلك ليعيش حياة سعيدة ، لكنه الآن سيكون تعيساً جداً فقد تسبب بموت شخصين بدون ان يكون هناك سبب وجيه سوى كرهه لرئيس البريد .

وصل الى الحافلة القريبة من متجر كلوديا و التي ستقله لمنزله وقبل دخوله نظر الى متجر كلوديا و قال : سأعيش نادماً طيلة حياتي بدل أن أكون سعيداً لذلك ... عليك أن تكوني سعيدة في قبرك ولا تفكري بأشياء حزينة فأنت فعلاً كنت فتاة رائعة تستحق المدح .

كانت بطلتنا تعيش في دوامة أوهام لم تقدر على الخروج منها ، كان بداية هذا العام جيداً للبعض وسيئاً للاخر ! المغزى من هذه القصة ليس الانتحار عند المصيبة بل بطلتنا قد وصلت لمرحلة متأخرة من سرطان الدماغ بعد أن توفي والد مون بين مما جعلها تفقد الاحساس بالنجاة وقد وافتها المنية عندما وقفت فوق الجبل ، أما مجرمنا ماركوس فقد غير حياته وسلوكه بعد أن عاش تجربة قد لا يخوضها أي إنسان عادي .

هذا ما كتبه مجرمنا في كتابة الذي أسماه ( ذكريات منتحرة ) ، سلم كتابه لدار النشر ثم انطلق الى السجن ليعترف بفعلته عله يعود للحياة بشكل افضل


💢💢💢💢💢💢

مما قرأت

المواضيع المتشابهه:

• ذكريات...
• ذكريات الماضي
• ذكريات الغالي
• ذكريات من زمن فات
• ذكريات

وردة الغرام ,Poem r ,همس المطر معجبون بهذا

جميلة كثير القصة
يعطيكِ العافية لإدراجها
ربي يسعدك ويحفظك

وردة الغرام ,Poem r ,اميرة الحب معجبون بهذا

همس
اسعدني مرورك العذب
أجمل وأرق التحآيا لك

وردة الغرام ,Poem r معجبون بهذا

طررررح جميل ومميز وراااااائع




لك خالص الشكررررر والتقديررر ونتطلع للمزيد

وردة الغرام ,Poem r ,اميرة الحب معجبون بهذا

الذيب
اسعدني مرورك العذب
أجمل وأرق التحآيا لك

وردة الغرام ,Poem r معجبون بهذا

أميرة الحب
يعطيك العافيه
على هذا الطرح الجميل
موضوع في قمة الروعه
دمتي بود
وفي صحه وسلامه

وردة الغرام ,اميرة الحب معجبون بهذا

سلمت الانامل التي خطت هذا الجمال .
ونسجت من الاحرف بديع اللوحات
دام عطائك العذب

وردة الغرام ,اميرة الحب معجبون بهذا

عاشق .الجوري
اسعدني مروركم العذب
أجمل وأرق التحآيا لكم

وردة الغرام معجب بهذا

تسلم الايادي على الطرح الرائع والمميز والجميل

يعطيك الف عافيه حبيبتي اميرتنا

اميرة الحب معجب بهذا

وردة
اسعدني مرورك العذب
أجمل وأرق التحآيا لك