أَصعدُ من هذا الوادي , على درجات نفسي تقريباً !
أَصعد إلى ربوة عالية لأرى البحر ، لا أغنية تحملني ولا سوء تفاهم مع الكينونة،
أَتسلِّى بمراوغة ظلِّي , وبالتفكير المريح في مآل قوس قزح الذي يلهيني فجأة عن ظلِّي المشتبك بعوسجة جرحته ولم ينزف !
أَنحني عليه لأسعفه من وخزات الشوك , فتنغرز شوكةٌ في يدي وتسيل قطرةُ دمٍ حمراءُ خِلْتُها في البداية , انعكاساً لأحد ألوان قوس قزح …!
لكن أَلماّ خفيفاً في يدي نَبَّهني إلى أَن ما تفعله الشمسُ بكثافة الماء الطائرِ هو شيء آخر ،
ضمَّدتُ جرحي التافه بمنديل ورقيّ , وواصلتُ الصعود إلى الربوة العالية لأرى البحر ،
ولكن الغيوم تكاثفت وغطَّت السهلَ والجهاتِ والبحرَ الذي وقع أَسيراً في إحدى الحروب !
هبط الليل على كل شيء , وظهرتْ أضواء المستعمرات من كل ناحية ،
وحين نزلتُ على درجات نفسي تقريباً , من الربوة العالية إلى الوادي , تذكَّرتُ أني نسيتُ ظلِّي عالقاً بعوسجة !
لا أعرف إن كنت حزنت أَم لا , فإنَّ خسارةً أدبيَّةً مثلَ هذه لا تصلح للتدوين …!
وقلت : غداً أصعد إلى ربوة أعلى لأرى البحر خلف المستعمرات ،
لكني سأربط ظلي برَسَنٍ لئلاً أُضيّعه مرة ثانية !
،
محمود درويش