~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~ | |
|
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||||
|
|||||||||||||
يوميات رمضان
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://lalaplus.ma/content/uploads/2016/08/%D9%84%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D9%85%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%8A...%D8%AA%D8%B 9%D8%B1%D9%81%D9%8A-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D8%B1%D9%82-%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%83.jpg');border:10px inset silver;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-color:gainsboro;border:1px double silver;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center] _ يوميات رمضان _ _ ١ _ مالت الشمس على كتف الجبل القريب ، طيور السنونو بدأت بالعودة إلى أعشاشها المجاورة لبيتنا الطيني العتيق . كنت صغيرا يومها ، ربما في الصف الثالث الإبتدائي ، سمرة بشرتي لم تكن تعني لي شيئا ، بينما كان شعري أسودا كما ليل آخر الشهر ... هناك تقبع المدرسة الصغيرة التي لا تتجاوز ثلاثة غرف ربما لا تصلح حينها للعلم ، أما الدرب إليها فكان ينشد أغانيه كل صباح بانتظار قدومنا مع حقائب مهترئة ، طريق ترابي جميل لا زالت ملامحه ترتسم على الأفق الممتد من رابية يافعة نحو سماء لا نهاية لها ... _ اليوم لن نمر على بستان أم زهير يا عبد الكافي ... _ ولما لا ... بل سنمر فقد شاهدت شجرة المشمش ممتلئة عن آخرها ... _ لكنك نسيت بأن أم زهير تراقبنا ، وعصاها لا تفارق يدها ، إني أخشى ضرباتها المؤلمة ... _ لا تخف يا رفيقي ، أحدنا يصعد إلى الشجرة ، والآخر يراقب أم زهير ... لم يدع الجرس لنا مجالا لإكمال الحديث ، فولجنا إلى الصف خوفا من التأخر وعصا المعلم المربعة الشكل ... كان عبد الكافي تلميذا كسولاً يجلس في المقاعد الخلفية ، بينما كنت أجلس مع رفيق آخر في أول مقعد ... _ أين وظيفتك يا عبد ... _ أستاذ ... أستاذ ... أمي لم تعلمني كيف أكتب الوظيفة ... _ وهل تعرف أمك الكتابة والقراءة ... صمت عبد الكافي ، فأمه لا تعرف شيئا مما قاله المعلم ، كانت العصا تحرك رأسها كأفعى في عز الظهيرة ، ضحكت في سري ( أكلها عبد الكافي ) ... رحلة العودة إلى البيت تنطلق فجأة ، رسمنا لوحات على وجه ماء النهر المجاور للطريق ، تعمدنا التقهقر عن بقية الرفاق ، فهناك مهمة أخرى تنتظرنا بعد قليل ... _ سأصعد إلى شجرة المشمش ، وأنت راقب أم زهير ... _ هيا يا رفيقي ... سأفعل ذلك ولكن لا تتأخر فأنا جائع جدا ... ترك حقيبته التي غادر لونها منذ مدة تحت الشجرة ، وكنت هناك أراقب من بعيد ... فجأة تظهر أم زهير بثوبها الريفي الذي ضمته بين شفتيها ، كانت تضع عصبتها السوداء على رأسها ، أما العصا فكانت تكاد تحترق شوقا لأجسادنا الصغيرة ... المسافة قريبة جدا بيننا ، لم تدع لي مجالا للتفكير ، فحملت حقيبتي وتواريت خلف أشجار ورد جوري يعبق بالعبير والشوك ... _ ماذا حصل مع عبد الكافي ياترى ... سألت نفسي بعد أن أصبحت في مأمن ، أتراها شاهدته ، أم أن عمرها لم يسمح لها بذلك ... ربع ساعة تمر بسرعة ، شبح عبد يلوح من بعيد ، لم ترحمنا يومها الشمس من حرارتها القاسية كعصا أم زهير ... تلاقت نظراتنا للحظة ... _ ما بك يا عبد الكافي ... قلتها وأنا أضحك ... نظر إلي من طرف عينه التي بقيت على قيد الحياة ، وما لبث أن تابع مسيره دون أن ينبس بكلمة واحدة ... _ ولكن أين حقيبتك يا عبد ... أذكر حينذاك بأن الجبل القريب عاد إلي بصدى ندائي الأخير ، بينما سقطت من جيبه ( المبخوش ) ثلاث حبات مشمش ... _________ وليد.ع.العايش ١ رمضان ١٤٤٠ _ يوميات رمضان _ _ ٢ _ أقسم أبو عبادة بألا يعود في ذلك اليوم وإلا في جعبته الكثير من الطيور ... خمسة أطفال وبنت واحدة ، وزوجة ، في غرفة تصلح فقط لسكن بعض الدجاج ، القش يملأ الأرض في الخارج ، الجدران الثلاثة تكاد أن تلامس الثرى ، سقف متحرك يقف مجبرا في أعلى ، ساقية ماء تجاور البيت ، لكنها أصبحت أرملة منذ أكثر من سبع سنوات خلت ... الفجر لم يكن بعيدا في هذا الصباح ، نظر الرجل صوب كومة من اللحم تغط في سبات عميق ، تمتم بكلمات مبهمة ثم خرج رافعا رأسه نحو السماء ... _ لا تتأخر يا أبا عبادة ... الأطفال جياع ... _ لن أتأخر كثيرا ، سأعود قبل مغيب الشمس ... عادت أم عبادة إلى فراشها الذي مازال ساخنا ، الابن الأكبر ينظر من تحت غطاء رث ، لكنه بقي صامتا . عاد النهار من غفوته ، الأطفال يلهون قرب البيت ، بينما الأم ( الحامل ) تحلب العنزة السوداء ، الضرع يجود بما تركته بعض الحشائش في بطن العنزة ، عندما انتهت هرع الأطفال نحوها ... ناولتهم شيء من الحليب البارد ، كبيرهم لم ينل نصيبه ، فقد اغتالت الثغور الخمسة كل ما احتواه القدر الصغير ... _ لما لم تشرب يا بني ... _ لا يهم يا أمي ... لا يهم ... لست جائع ... _ لكنك منذ الأمس لم تذق طعاما ... _ بلى ... لقد أكلت بعض ورق شجرة العنب ... سكتت الأم ، فليس للكلام أي معنى الآن ، عاود الأطفال لعبهم ... ضرب أبو عبادة موعدا مع الطيور في تلك البادية ، لم يأبه للحرارة الشديدة ، عيناه تلتهمان الأرض والسماء دون هوادة ... بالقرب منه كانت خيام للبدو تمد رأسها بين أشعة الشمس ، الظهيرة تبدأ بالرحيل شيئا فشيئا ... _ تعال ... تعال أيها الرجل ... كان الصوت ممزوجا بلهجة بدوية جميلة ، نظر إلى مكان الصوت فإذا بامرأة تصرخ عليه من خلف ستارة الخيمة ... اتجه صوبها خجلا ، كانت جعبته تحمل طيور صغيرة ، بينما شعره الأشعث يقسو على رأسه أكثر مما يتوقع . _ أريد ماء يا أختي ... _ ادخل إلى ( الشق ) وسيأتيك الماء والطعام يا رجل ... _ أين صاحب البيت ... _ سيعود بعد برهة فهو مع الأغنام ... دخل الرجل إلى الخيمة ، كان التعب قد أخذ منه مأخذا كبيرا ... حضر الماء بآنية من ( الطوب ) وماهي إلا لحظات فقط وكان الطعام أمامه ، عندما نظر إلى الطعام انهالت على مخيلته وجوه أطفاله الستة ، تراجع قليلا إلى الوراء ... _ تفضل ... تفضل ... _ لك الشكر يا أختي ... سأفعل ... سأفعل ... لم يتم كلامه حتى كان صاحب البيت يصيح من بعيد ، أصيب أبو عبادة بشيء من الرعب ، والخجل ، بينما المرأة كانت تضحك وهي تختلس النظر إليه ... _ لدينا ضيف يا رجل ... _ أهلا وسهلا ... على الرحب والسعة ... تصافح الرجلان وكأنهما يعرفان بعضهما منذ زمن طويل ... _ لماذا لا تأكل يا صاحبي ... _ لا شيء ... لا شيء ... بعد إصرار الرجل تناول أبو عبادة بعض الطعام ، التهم الماء أكثر ... _ هل تقص علي حكايتك يا أبو ... تنهد أبو عبادة طويلا ، ثم قص على الرجل البدوي حكايته ، في ذلك الوقت كانت السماء تتوشح بغيمة من غيوم الصيف ... _ يجب أن أغادر الآن ... أطفالي بانتظاري هناك ... _ لك ما تريد ... أتمنى أن نلتقي مرة أخرى يا صديق ... قبل أن يغادر أهداه الرجل خروفا وأوصاه أن يطعمه لأطفاله ، لم يكن أمامه أي فسحة للرفض ... ابتعد أبو عبادة عن الخيمة وهو مازال يلوح بيديه للبدوي ... كاد قلبه أن يهجر مكانه فرحا ، حث خطاه نحو البيت ، الغيمة الصيفية تأبى أن تمضي دون أن تترك بعض حبات المطر تنسال عبر حرارة المساء ... أصبح على مقربة من البيت ، رتب أشياءه ثم تابع السير ، نظر إلى مكان ما ... _ يا إلهي أين البيت ... أين الأولاد ... أين الأولاد ... ________ وليد.ع.العايش ٢ رمضان ١٤٤٠ _ يوميات رمضان _ _ ٣ _ أشرقت شمس هذا اليوم من أيام كانون ، يا للمصادفة ، فمنذ زمن لم نعتد على رؤيتها في الصباح ، فقد كان يغتالها الغيم الأسود أحيانا ، والضباب أحيانا أخرى ، لكنها تمردت على الجميع وخرجت بثوبها الأبيض ، ورغم ذلك فإن البرد كان حاضرا فهو يأبى الركوع أمام حرارة متواضعة . ارتديت لباسي المدرسي بينما كانت أمي ( تدحرج ) لفافة بخبز التنور وبعض حبات الزيتون ، حقيبتي التي مازالت ترافقني منذ ثلاث سنوات تحمل كتبي وأقلامي ، كانت قبل ذلك لأخي الأكبر مني بأربع سنوات ، قبلت يد أمي وانطلقت رفقة أخي الصغير ... كنت حينها في الصف السادس الابتدائي ، أما أخي فكان مازال في الصف الأول ، الدرب ترابية موحلة حتى النخاع ، كنا نجرجر أقدامنا بصعوبة وبطء ، أمسكت بيده كي لا يسقط في الوحل ، اصطكاك أسنانه تضرب مسامعي ، لكن ماذا عساي أن أفعل ... نصف ساعة أو أكثر مضت حتى حطت رحالنا في باحة المدرسة ، كان الجميع هناك ، حتى المدير ذو الأنف المفلطح كان موجودا ... الدرس الأول سار على مايرام ، الرفاق يدسون اياديهم بين أرجلهم حينا وينفخون عليها حينا آخر ، المعلم لا يكترث كثيرا لنا ، فهو رجل جاوز عقده الرابع ، رأسه كان كأرض قاحلة ، صوته يشبه تغريد بلبل ، طويل القامة ، حنطي اللون ، بني العينين ، يختال بمشيته في أرجاء الصف ، دون أن ينسى نكتة بين فينة وأخرى ، كان مرحا في تعامله مع الآخرين ... قضينا وقت الاستراحة داخل الغرفة ، فقد غادرت الشمس ، وبدأ مطر كانون صاخبا في الخارج ، النافذة المكسرة لم تمنع البرد من الولوج إلينا ( يالها من مدرسة ) ... شاهدت المعلم ( ابراهيم ) الذي كان يحبني جدا يخرج من غرفة الإدارة متجها إلى الصف ، لقد حان وقت الدرس الثاني ... هرعت مسرعا إلى رفاقي ... _ هيا ... هيا إلى مقاعدكم لقد جاء الأستاذ ... ضحكات الرفاق تزداد ضجيجا ، لا أحد يستمع لصوتي التائه ... _ ما هذا ... ما هذا ... هل نحن في عرس ... _ أستاذ حاولت أن ... _ أنت عريف الصف ... عليك أن تضبط رفاقك ... _ ولكن ... لم أكمل كلامي حتى كانت عصاه تلوح لي ، بسطت يدي مرغما ، أذكر بأني حتى تلك اللحظة لم أعرف نكهة العصا ... سالت دموعي كما المطر المنهمر ، امتزج البرد مع قساوة العصا ، لست أدري ما الذي حدث لي فجأة ، صرخت بوجه المعلم وخرجت هاربا من الصف ، تبعني بنظراته وصوته ، لكني لم أعد ... بالقرب من المدرسة كانت ( مزبلة ) القرية تقبع هناك ، لم أجد مكانا آخر أفضل منها ، كنت أعبث بما تحتويه ، أما الدموع فما زالت تنساب من عيني ... _ يا إلهي ... هذه ربع ليرة ... حفرت أكثر بلهفة ، لم يعد للبرد مكانا في جسدي النحيل ... _ آه إنها واحدة أخرى ... كدت أن أطير من الفرح ، فهي أول مرة أمسك فيها ( بنصف ليرة ) ... _ سأشتري كل ما أريد اليوم ... انتظرت حتى انتهى الدوام المدرسي ، جائني بعض الرفاق ، لعل المعلم أرسلهم إلي ، حكيت لهم ماحصل معي ... انتشر الخبر بسرعة البرق ، الكل بدأ يبحث عن ودي له ، في تلك اللحظات نسيت أخي الصغير ... _ ماذا وجدت ... _ نصف ليرة ... _ إنها لي ... هاتها ... هيا ... _ وما العلامة ... _ كل ربع لوحدها ... كان من التلاميذ الراسبين في الصف ، أعرفه جيدا ... سكت المطر للتو ، كان أخي هناك ينادي علي ... _ سوف أخبر أمك بأنك هربت من الصف ... ________ وليد.ع.العايش ٣ رمضان ١٤٤٠ _ يوميات رمضان _ _ ٤ _ بلعَ رِيقَهُ بِصعوبةٍ هذه المرة , دراجته الحجرية تأبى العودة , طريقٌ تُرابيٌّ مازالَ على رصيفِ الانتظار , التريثُ لمْ يعدْ ذا فائدةٍ هذا المساء , حركةٌ مُتسارعة تُزينُ الشارع الإسفلتي العريض , بقايا رُكام رجلٍ بينَ الزحام , عينان ترقُبْانِ بقلقٍ وحزنٍ , تِلكَ المرأةُ الأربعينيةُ تحتفِظُ بأنوثتها , تحملُ بِضعةَ أكياسٍ سوداءَ وتُغادر , تاركةً ابتسامة حارقة وحُفنةَ حركاتٍ مُثيرة , طفلٌ يُخْرِجُ رُزمةَ مالٍ ليدفع بلا اكتراث , ثلاثةٌ منَ الباعةِ يتحركونَ برشاقةٍ بينَ الرفوف الخشبية , تراتيلُ المساءِ تنطلقُ كعادتها اليومية , النورُ يلتحِفُ حاجياته قبلَ رحيله الازلي , الوقتُ باتَ سلاحاً فتّاكاً , خمسةُ أفواهٍ تنتظرُ على الضِفّةِ الأخرى , عينان تتربصانِ نهايةَ الطريقِ الترابي , حاولَ أنْ يدُسَ نظراته بينَ تلافيفِ جلبابٍ قديم , دمعةٌ تكسِرُ حاجزَ الفرار , مرارةُ الخيبةِ تقتحمُ رأسه المُزركشِ ببياضٍ جميل , الزحام يُطلقُ إنذارَ النهاية , اِزدراءُ الحقيقة أمسى صفعةً حادة , اِمتطى صهوةَ دراجتهِ الباكية , ركلَ الأرضَ بِقدمه الميتة , مازالتْ الدقائقُ تُعالِجُ الألمَ المُنسابَ بِرعشةِ رُعبٍ , فجأة تاهتْ كلّ الأحلام في حنايا زقاقٍ مؤلم , كادت الدراجةُ أنْ تتحركَ تحتَ ألمِ الاستسلام , أيقنَ بأنَّ الدرسَ اليومَ ثَمِلٌ بالخيبةِ , البائعُ الصغير ينظرُ منْ خلفِ شاشةِ نظارته الأيمى , رُبما كان يترقبُ زوالَ الزحام العنيد , تناولَ مِنديلاً أبيضاً , مسحَ جبينه الغضُّ وشيئاً أخفتهُ النظارة , الشمسُ أخيراً سقطتْ خلفَ الجبلِ العتيد , صرخَ البائعُ الصغير دونما أنْ يشعرَ بصدى صوته المبحوح , ( تعالَ أخي تعالْ ) , الغسقُ ينزوي خَجِلاً ... _________ وليد.ع.العايش 4 رمضان 1440 هـ [/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN] [/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN] المواضيع المتشابهه: |
كاتب الموضوع | لجين | مشاركات | 5 | المشاهدات | 1427 | | | | انشر الموضوع |
(عرض التفاصيل) الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع منذ بعد 04-27-2024, 12:07 PM (إعادة تعين) (حذف) | |
لا توجد أسماء لعرضهـا. |
|
|