~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~

عدد مرات النقر : 357
عدد  مرات الظهور : 3,899,699


عدد مرات النقر : 357
عدد  مرات الظهور : 3,899,699

 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 03-04-2024
عبد العزيز غير متواجد حالياً
    Male
اوسمتي
الكاتب المميز تكريم اكتوبر وسام الترحيب بالاعضاء الجدد 
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 4049
 تاريخ التسجيل : Oct 2022
 فترة الأقامة : 575 يوم
 أخر زيارة : منذ 5 يوم (11:55 AM)
 المشاركات : 16,444 [ + ]
 التقييم : 11208
 معدل التقييم : عبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 8
تم شكره 207 مرة في 125 مشاركة

اوسمتي

افتراضي تباريح الصبابة :













في أحد البيوت الطينية وفي أحد ليالي الشتاء القارس وفي تلك الغرفة الخالية من الأثاث ولد خالد وشب وترعرع في كنف والديه فكان يغدو إلى المزرعة حيث ملتقى أصحابه وأترابه فيجرون بجانب الساقي وأحياناً يتسلقون النخيل وأحياناً يصطادون الطيور في تلك الأثلة المتنحية عنهم وكان أجمل مرحهم وعبثهم حينما يذهبون إلى الأثلة البعيدة فيتسلقونها ويأخذون ما يجدونه في أعشاش الطيور من أفراخ ويأتون بها إلى أمهاتهم اللاتي يطهينها لهم فيتناولونها تحت أحد النخيل والماء يجري من تحتهم والطيور تغرد من فوقهم .
بلغ خالد السابعة من العمر وهو على هذا المنوال لا هم عنده سوى اللعب مع أصحابه حتى حدث ما لم يكن في الحسبان .
أمرته أمه ذات صباح مع شروق الشمس أن يذهب إلى البئر ويملأ الإناء ماء فامتثل ما أمرته به أمه وعندما وصل إلى البئر شاهد فتاة أصغر منه معها إناء قد وقفت عند البئر ولم تستطع جلب الماء لخوفها من السقوط .
أتى خالد إليها وأخذ منها الإناء وملأه لها فابتسمت له ابتسامة عذبة كانت النواة الأولى للحب .
ملأ خالد إناءه وذهب إلى أمه وقد علت محياه الصغير علائم الفرح والاستبشار وأصبح كل صباح يذهب لجلب الماء ليشاهد هذه الفتاة ويساعدها بملأ الإناء ولم يكن خالد يعرف معنى الحب ولكنه وجد روحه قد اطمأنت لهذه الفتاة ويجد راحة وسعادة عند رؤياها ووحشة وضجراً عند غيابها ولم تكن هذه غير أمارات الحب وبداياته .
بلغ خالد العاشرة من العمر ومضى على هذا الحب ثلاث سنوات وفي أحد الأيام ذهب مع أصحابه للصيد عند الأثلة وعندما صعدوها صرخ أحدهم فجأة ما هذه الكتابة على الغصن .
أتى باقي الصحب ووجدوا منقوشاً عليه : (أنتِ ملاك الحب وأنتِ سعادتي التي تمدني بالحياة وجنتي التي ألجأ إليها عندما تثقل كاهلي نوائب الأيام) .
ثم نقش تحت تلك الخاطرة هذا البيت :

واعذاب اللـي حبيبـه مـا دريبـه
سـاهرٍ ليله حنينٍ لأريش العـيـن

ضحك الأطفال وقال راشد : لعل هذا ما باح به ضميرك يا خالد فلقد رأيتك تكثر المجيء لهذه الأثلة بعد غروب الشمس .
رد عليه حسن قائلاً : إن هذه خواطر محب وخالد لا يعرف الحب وهو كذلك معنا طول الوقت فكيف يلتقي بمحبوبته .
فقال ثامر : رحم الله أحوال العاشقين فليس لهم سوى الليل أنيس ومعين .
نظر صالح إلى خالد نظرة ذات مغزى فأطرق خالد برأسه ولزم الصمت .
بعد غروب شمس ذلك اليوم ذهب خالد كعادته إلى تلك الأثلة ولكن يا للعجب لقد وجد عندها صديقه المخلص صالح وكان بانتظاره فأسرع صالح يسأله ما الذي أحضرك إلى هنا يا خالد .
قال خالد : لقد أعجبتني الخاطرة فأتيت .
قاطعه صالح : إني أعلم يا خالد أنك عاشق وأنك أنت من كتب تلك الخاطرة وذلك البيت الرقيق الذّيْن لم يصدرا إلا من محب صادق فأخبرني بالحقيقة .
صمت خالد ونزلت دمعة من عينه وقال وهو يمسح الدمعة : لن أخفي عنك أمري ولكن عاهدني أن لا تخبر أحداً بما سأخبرك به .
أعطاه صالح ما أراد من العهود والمواثيق فأخبره خالد بأمر الفتاة وأنه يأتي إلى هذا المكان لأنه منعزل عن الناس فيخلو بنفسه ينشد الأشعار وكتب الخاطرة والبيت على غصن الأثلة لعل الفتاة تقرأها لأنه رآها ذات يوم تلعب مع صويحباتها حولها وحاولن تسلق أغصانها .
ضم صالح خالد وقال له أعانك الله على هذا الأمر العسير ثم ذهب وترك خالداً وحده .
كبر خالد وكبر معه الحب وظهرت عليه علاماته فكان يخلو بنفسه كثيراً وقل أكله وشربه ومعاشرته للناس وأكثر من الذهاب للأثلة فكان في أقسى الأجواء يذهب إليها ويجلس فوق صخرة بجانبها يناجيها ويبثها ما يعانيه من تباريح الهوى وما يكابده من لوعات الجوى تحت أشعة الشمس الحارقة وأحياناً تحت زخات المطر وأحياناً في ظلام الليل الدامس .
تساءل أهل خالد فيما ترى بينهم ما الذي دهى خالداً وغير حاله ولم يعرفوا السبب حتى أتى العيد وأتت أمه لتوقظه لصلاة الفجر فإذا بها تسمعه يترنم بهذا البيت :

كلٍّ نهار العيد دنّـى جديــده
وأنا نهار العيد دنيت الأكفــان

ثم يترنم بعده بهذا البيت يرددهما ويبكي :

عــسى الولي يجلب لروحي هـداهــا
ويْلـم معهـا الشمـل رغـم الـعـواذل

صمتت أمه ورجعت أدراجها بعدما علمت أنه محب وأخبرت أباه الذي قرر الرحيل عن القرية لأن الحب ليس له دواء سوى البعد عن المحبوب .
انتقل خالد مع أهله عن القرية التي كان فيها مغاني صباه وعرف الحب أول ما عرفه فيها وذهبوا إلى أحد المدن ولكن خالداً لم ينس تلك القرية وملاعبه ومراتع طفولته فكان يزورها في بعض الأحيان ويذهب إلى دار محبوبته يجول في عراصها ويذرف الدمع السجام .
لم يزل هذا دأبه وديدنه حتى أضناه السقم وسقط طريح الفراش ولم يبح لأحد بما يعانيه من آلام الهوى حتى وافته المنية وهو صابر على ما أصابه لم يشك ولم يتضجر .
بكى عليه أهله وأصحابه وغسلوه وصلوا عليه وذهبوا به إلى المقبرة وكان من ضمن المشيعين صالح الذي يعلم بأمره فقال يؤبنه :
هاهم أولاء الرجال يحملون نعشك وأنت في ريعان شبابك وهاهم الصغار يلهون وهم لا يعلمون أن هذه آخر مرة ينظرون إليك وها أنت تمر من مراتعك التي طالما شدوت بها أعذب القصائد وأجزلها تمر بها للمرة الأخيرة في حياتك وها هي الأثلة التي قضيت عندها أجمل مراحل عمرك مع أصحابك وركضت بجانبها وتسلقت أغصانها وتفيأت ظلها وأشعلت النار تحتها قبيل شروق الشمس تستدفيء من البرد القارس تتمايل أغصانها وكأنها تؤبنك وتودعك الوداع الأخير وفوقها الطيور التي طالما ناجيتها ترفرف وتغرد أجمل الألحان وكأنها ترثيك بلغتها أو تجاوب قصائدك التي ناغيتها بها وها هي الصخرة التي كنت تجلس عليها عندما يدلهم الظلام تسامر النجم وتبث شكواك لها عندما ناء الحمل بكاهلك وأعياك حمله وها هي الحبيبة التي طالما شدوت بحسنها وسهرت الليالي شوقاً إليها تطل عليك من النافذة فأين روحك حتى تنهض للقياها وأين عقلك حتى تصوغ لها أعذب أبيات الحب وهمسات الغرام .
وبعدما وضع في قبره وسوي الترب عليه وانفض الجمع بكى صالح وقال : ها أنت ذا مسجى وحدك قد صرت إلى ما ذكرته في قصائدك فكأنك لم تمر بهذه الدنيا ولم تقطع دروبها سعياً مع أصحابك ولم تملأ ما بين الخافقين شعراً رصيناً ورثاءً لأيام الصبا وشوقاً للحبيبة .
هاهم الأهل والأحباب قد انفضوا عنك لاقتسام ميراثك ولم يبق لك من الذكر سوى قصائدك التي بثثت بها لواعج صدرك وصبابات قلبك فرحم الله تلك الدموع التي سكبتها شوقاً إلى ماضيك وحنيناً إلى صباك ورد الله غربتك في قبرك وسهل عليك الحساب فقد استقر بك الرقاد الطويل الذي لن ينهضك منه إلا النفخ في الصور يوم الحشر الأكبر وقد انتهت آلامك وأشجانك وارتحت من ويلات الدنيا وثبورها في هذه الحفيرة التي فيها مقامك إلى يوم البعث والنشور .

1430 هــ ـــــ 2009 م .


المواضيع المتشابهه:



 توقيع :


جزيل الشكر ووافر الامتنان لأخي العزيز مصمم الوهج المتفرد أحمد الحلو على التصميم البديع .

رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ عبد العزيز على المشاركة المفيدة:
 (03-07-2024)
 
كاتب الموضوع عبد العزيز مشاركات 7 المشاهدات 1383  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع


(عرض التفاصيل عدد الأعضاء الذين شاهدوا الموضوع : 7 (إعادة تعين)
, , , , , ,

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 07:38 PM بتوقيت الرياض


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون
Designed and Developed by : Jinan al.klmah