~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~

عدد مرات النقر : 359
عدد  مرات الظهور : 4,558,040


عدد مرات النقر : 359
عدد  مرات الظهور : 4,558,040

العودة   منتديات وهج الذكرى > وهج الادب المنقول مما راق لي > ❦ وهـج القصص والخيال ❦ ❧
❦ وهـج القصص والخيال ❦ ❧ لكل ما يروق لنا من قصص او خاطرة
التعليمـــات روابط مفيدة
إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 06-18-2011
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل : Apr 2011
 فترة الأقامة : 4782 يوم
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم : 119
 معدل التقييم : الغزال الشمالي will become famous soon enoughالغزال الشمالي will become famous soon enough
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي أم إخوتها



أم إخوتها,, لإيمان الدرع




إنه اليوم الأول للعيد بعد ثبوت الرؤيا ليلة أمس , أمضت الدقائق الأولى من صباحه الغائم بشعور يغمره الفرح
والترقـّب , والشوق العارم إليهم , هذا الشوق الذي يأخذها إلى دهاليز ودروب عتيقةربطتها بهم بوشائج أقوى
من أن تفنّدها لأنها من الرّوح , من النبض , من النسغ , ومن ندى العيون .
إنهم إخوتها , أحبّتها , فلذاتها , ولجوا قلبها الحاني الذي ضمّهم وحدهم , وقد تنازعت فيه أقوى عاطفتين :
الأم والأخت , بعد أن فقدتْ أبويها في حادث مروّع , زلزلها .
نسيت أنها امرأة عاشقة لزوجها الذي جمعتها به أيّام الزفاف الأولى التي لا تغيب , وقد وضعته أمام القرار
الأصعب الذي لا خيار فيه : ستغلق دارهما البعيدة عنهم , وتعيش بينهم قرب مدارسهم .
أثارت في قلبه كل الحنايا والكنوز الدافئة التي قدّمها بسخاءٍ حبّاً فيها..و استماتتْ بكلّ ما أوتيت من طاقة للصبر أن
تكون مُنصفةً في عاطفتها لكليهما, تمزّقها المشاعر المتضاربة التي يحاول كلّ طرفٍ أن يستأثر بالقسم الأكبر منها .
ذبُلَتْ ,ونحُلَتْ.., ورويداً اختفتْ نضرة خديها , ونامتْ عَتمة شعرها الغجريّ , على أضواءَ باهتةٍ
منسيّةٍ , وشاختْ ثيابها التي كانت زاهيةً مثيرةً حلوةً يوماً .
نبّهها مراراً , قرع في وجهها أجراس الإنذار علّها تلتفت إليه , لمناداة جسده ومحاورة قلبه , تعذره للحظات , فتتمدّد
قربه مُنهَكةً في بقايا جسد امرأةٍ كانت تلهبه بعواطفها يوماً ,و ترتدي ثوب عاشقة الليل للحظات لتهرب خلسة
آخر الغسق مندسّة في فراش إخوتها , تغطيهم , تعانقهم , تسكـّن سعالهم بالدواء وبالحب , ثم تنظـّم
دفاترهم وترتـّق مراييلهم المدرسية التي مزّقتها شقاوتهم. .

تتواتر في المقابل جرعة الألم والمكابرة وتتوسّع دائرة الصراع حدّ الانهيار, فتبكي بصمتٍ أوجعه أكثر .
بحث عن عمره الذي ضاع بين دروب تضحيات تترى سلبتْ منه سويعاتٍ كان يتوق إليها بشغف وحرم
منها دون أمل , انسحب لمـّا آثرتْ الخيار الثاني في البقاء معهم دون تردّد, ومن يومها تحوّل إلى ذكرى
حلم لم يكتملْ , واختفتْ ملامحه من حياتها رويداًرويداً حتى غابتْ وراء الغيم .
وتفرّدوا بذرّات الحنان المستفيض بلا حدود , تنظـّف , تطهو , تغسل , تعلـّم , تلفّ شطائرهم , توصلهم لمدارسهم
ذهاباً وأوبة ً , تمسح عنهم دموعهم وحرمانهم .
استشعرتْ أن الإيراد البسيط الذي كانت تجود به ليرات مرتّب أبيها المعدودات لم تعد تكفي ,. عملت في الحياكة التي
أتقنتْها بعد إصرارٍ عجيبٍ , وكفتْهم عن أي حاجةٍ للغير , وتناسَوا مع الأيام مأساتهم , سدّتْ لهم هذا الشرخ بكل
ما أوتيت من فنون الحب والعطف , تهدهد أنوثتها حتى أخرستْها , وألجمتْ كلّ من كان يحاول أن يذكـّرها
بها , أو يلمـّح لها بوحدتها عند هرمها , بعد أن يرحلوا عنها ويتزوجوا ويشقـّوا دروبهم .
كانت تراهن عليهم بأنهم أولادها , قبل أن يكونوا إخوتها , ولن يخذلوها , تقول ذلك وهي تشدّهم إلى صدرها
تعانقهم , تمطرهم بقبلاتها الدافقة وتمسح شعرهم. .

والآن قد كبُروا, ورحلوا , وأخذتْهم دروب الحياة , ولكنهم بقَوا في قلبها هؤلاء الفتية الصّغار الذين كانوا يلوذون
بها عندما يبكون ويرتجفون , وتلسعهم لفحات الأيام, هذا الحضن الدافئ لم يخذلْهم يوماً صغاراً ويافعين
وكباراً , نعم نادتْهم شطآن البحار وأبعدتْهم عن المرفأ إلى جزر مسافرةٍ ، ولكنهم يؤوبون معتذرين يطلبون
السماحة والأمان , فتصفح عنهم في كلّ مرة يكفيها ضمـّة صغيرة منهم تستنشق فيها أريج
طفولتهم التي سكنت أنفهاواستوطنت ذاكرتها .
أشدّ ما كان يفرحها إصرارهم على التجمّع عندها على مائدة إفطار العيد,في السويعات الأولى من أول أيامه ,هذا
الإصرار الذي يجعلها تكسب الرهان بأن تضحيتها ما ضاعت وأنها ما هانتْ عليهم رغم مشاغلهم . أصوات
المكبّرين عبر التلفاز: ( الله أكبر . الله أكبر .ولله الحمد , الله أكبر كبيرا ً والحمد لله كثيراً )
تداخل شوقها إليهم بالنور الذي أشعلته فيض الكلمات في خلاياها, تهزّ في وجدانها صوراً شتى صوراً تظهر
وتخبو , تارةً تضحك وأخرى تثرثر , وأخرى تبكي , وأحايين تزغردُ على وقْع طبول
أفراحهم وأعراسهم وشهاداتهم العليا .
عيونها تعود لتعبر من النافذة إلى الشارع المقابل لبيتها , لم تجدْ أحدا ً ، تخطو إلى المطبخ
تحمل الأكواب و الصحون اللامعة الملوّنةبالأصناف التي يحبون , تضعها على
الطاولة بذوقٍ ملفتٍ ., تعود إلى النافذة , قلبها يستعجلهم بدقـّات متواترة .
وجدت جماعات من الرجال والشبّان والفتية وقد خرجوا لتوّهم من المسجد المجاور يتبادلون التحايا والأماني
بوجههم الطَلْق الذي ينسيهم في هذه الأوقات المباركة كل صراعاتهم , وتظهر فطرة القلب الصادق الذي
جُبل عليها الإنسان , والذي يخنق الفضائل تحت وطأة قانون الغاب .
تعود إلى قهوتها الساخنة, تضع فيها حبّات الهيل , وهي تتخيّلهم كيف يرتشفونها بإعجاب كما في كلّ عيد .

مضت أوقات أخرى خفق قلبها من جديد, تشاغلت عن الدقائق البارقة كالسيف بمتابعة التلفاز الذي يضجّ بأغنيات
العيد وأفراحه , اقتحمتْ عالمه المليء بالألوان المزركشة التي يرتديها الأطفال وهم يلعبون ويمرحون , و بحيويّة
المذيعين وضيوفهم .سرتْ في روحها صور أطفالها من جديد , تحرّكت عندها نوازع الشوق أكثر .

تنبّهتْ إلى وقع خطوات عبر الدرجات المقابلات لشقّتها, همّت بفتح الباب , اختلاط الأصوات الضاحكة
المهنّئة وفَتْح الباب المجاور الذي يستعدّ لاستقبالهم أكّدت لها أنها غريبة عنها , فهي تميّز أصوات
أولادهالأنها تجاور أضلاعها قبل أذنيها .
عادتْ تصفّف قطع الحلوى التي سهرت الليل في إعدادها وهي تتصوّرهم يتناولونها بنـَهَم كما كانوا يفعلون .
ضجّة التلفاز وأغنياته الهادرة تزيد من إتلاف شرايينها ,تهرع إليه تخفض صوته، تلفّ جسمها الناحل
بشالها الصوفيّ وتلقي بنفسها على الكرسيّ الهزّاز تؤرجحه بصمتٍ رهيبٍ ,

رنّة الهاتف تعلو , تهبّ من فورها , تمسك السمّاعة بيدها الراعشة , صوت أختها يرجوها قبول الاعتذار عن
تأخرها واحتمال عدم قدرتها على الحضور نظراً لتجمّع الأولاد والأصهار والأحفاد عندها بعد قدوم ابنتها ليلى
من الخليج لتعيـّد بينهم , ولمّا سألت عن إخوتها ؟ تلعثمتْ وأجابت : بأنها لا تعلم .!!! لعلّ أحدهم في سفر !!
قالت لها والآخر .؟ ردّت سمعت أن امرأته أوشكت على الوضع , تابعت السؤال : وأصغر العنقود؟
ـ إنه في طريقه إليك لقد أكّد لي ذلك, لست أدري لم تأخرْ حتى هذه اللحظة .؟؟؟!!
أقفلتْ الهاتف بهدوء تصطنع إجاباتٍ باردةً, تخفي تحتها براكين دموع ., راحت منها التفاتة غير مقصودة إلى المرآة
الكبيرة التي تتصدر الحائط , هالها الثلج الذي غطّى شعرها مرتعداً , والأخاديد الغائرة في ثنايا وجهها , والهشاشة
التي اعترت عظامها الناتئة , والملابس الصوفيّة السميكة التي لم تفلح في تعويضها عن الدفء المفقود .
لفّتْ جسدها بشالها من جديد, وبمحاولةٍ يائسةٍ وقفت قُبالة شبّاكها تشكو وحدتها ولهفتها في أن تجد
طيفهم . , تخيّلتهم يأتونها لاهثين كعادتهم, يعتذرون عن التأخير وهم ينحنون على يدها يقبلونها
كي تصفح عنهم , حتى تلاشت هذه الاعتذارات رويداًرويدأً فصار غيابهم بلا مقدّمات
ولا مسوّغات حتى وصل إلى أعتاب سويعات العيد .
خابت ظنونها عندما لم تجدهم بين كل هذي الوجوه الضاحكة المتشابكة والمتعانقة, ألقت بنفسها من جديد على
أريكتها , تشاطرها الأزيز والأنين والوحدة والانتظار والترقـّب
نقرات على الباب, هبّت واقفةً , تناستْ خطواتها المتثاقلة وأوجاع عظامها , حادثتْ قلبها :أما قلت لك أنهم
سيأتون .؟؟!! هم أحبابك أيها القلب كيف لا يأتون؟!! هم أولادك وأخوتك كيف لا يأتون .؟؟!!
لا يحلو لهم العيد من دون رؤيتي, ولن يشعروا به إلا عندي , كيف لا يأتون .؟؟؟!!
فتحت الباب دون سؤال ,دون استفسار عن القادم .
تسمّرتْ عيناها الضعيفتان, وجفّ ريقها , واختلجتْ أوصالها لمـّا توضّحت لها صورة القادم شيئاً فشيئاً , إنه
سعيد ابن الرابعة عشرة الذي يقطن في البناء المجاور , جاءها معايداً ملهوفاً مهنئاً.. :
كل عام وأنت بخير يا خالة , هل تسمحين لي بالدخول..؟؟
!!




إيمان الدرع









 توقيع :
قال تعالى {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً }النجم28

دائما النية الطيبة لاتجلب معها إلا المفاجآت الجميلة
لاتغيروا أساليبكم فقط غيروا نياتكم فعلى نياتكم ترزقون


رد مع اقتباس
قديم 06-18-2011   #2


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



يالقسوة النكران والجحود !!
كرست حياتها لرعاية البذورلكنها خسرت حياتها في المقابل
ولم تحصد سوى آلام الوحدة في النهاية

لكن,, ألم يكن بوسعها أن تحفظ حياتها بالإضافة إلى رعاية إخوتها؟!
غريبة هي بعض القرارات, تجعلنا نتخلى عن حياتنا نهائيا
ربما هناك ظروف دفعتها لذلك
لكن لم تذكرها الكاتبة هنا





 


رد مع اقتباس
قديم 06-18-2011   #3


الصورة الرمزية شمس الاصيل
شمس الاصيل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Jun 2010
 أخر زيارة : منذ 5 يوم (04:27 PM)
 المشاركات : 91,983 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : White
شكراً: 1,083
تم شكره 3,395 مرة في 1,987 مشاركة

اوسمتي

افتراضي



الغزال الشمالي

رائعتك جعلتني اذرف الدمع الماً

يالروعة ماسطرت حروفك ومااجمل تعليقك على ماطرحت من قصة

يعجبني من يكتب ليستفيد من طرح تناول جوانبه وبحث عن سلبياته وايجابياته

الغزال الشمالي

ارفع القبعة لمثل هذا التواجد والحضور

رائعه وثقي تماما اني من المعجبين بحروفك وكلماتك في كل زوايا المكان

حتى ماكتب منه بالالمانيــة فقد تمت ترجمته .. وكم كان مؤلماً ماقرأته

رائعه هنا كما انتِ رائعه في مدونتك اليوميه التي تزداد ابداعاًوتألقاً ونبضاً

دمت بخير




 
 توقيع :


رد مع اقتباس
إضافة رد
كاتب الموضوع الغزال الشمالي مشاركات 2 المشاهدات 2006  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع

(عرض التفاصيل الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع منذ بعد 03-31-2024, 02:13 AM (إعادة تعين) (حذف)
لا توجد أسماء لعرضهـا.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 10:57 AM بتوقيت الرياض


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون
Designed and Developed by : Jinan al.klmah