ولا الأعتماد على ماقاله
رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
في أمور غيبية تختص بصفات الله عز وجل .
وبعد أن أستمر أبو الحسن الأشعري ( رحمه الله )
في إتباع منهج وطريقة ( الكلابية ) في التأويل ..
رأى أن منهجها غير صحيح
لانها تثبت صفات وتنفي صفات
وتعطل صفات وبالتالي لم تتطمأن نفسه وهنا
دخل في المرحلة الثالثة
المرحلة الثالثة :
وهي المرحلة في إثبات الصفات
جميعها لله سبحانه وتعالى
من غير تكييف لا وتشبيه ولاتعطيل
ولا تحريف ولا تبديل
ولا تمثيل ، تماماُ كما تقول أهل السُنة والجماعة ...
وفي هذه المرحلة كتب كتاب مهم
( الأبانة عن أصول الديانه )
يعلن فيه عن تفضيله لعقيدة
السلف ومنهجهم والذي كان حامل لوائه
الأمام أحمد بن حنبل ( رحمه الله )
وهذا الكتاب هو
( الإبانة عن أصول الديانة )
. ولم يقتصر على ذلك بل خلف مكتبة كبير ة
في الدفاع عن السنة وشرح العقيدة
تقدر بثمانية وستين مؤلفاً ،
توفي سنة 324هـ
ودفن ببغداد ونودي على جنازته :
( اليوم مات ناصر السنة)
هنا نتيقن بأن مؤسس الأشعرية أبو الحسن الأشعرى
رجع عن ما كان يقوله في بداية حياته الفكرية ،وتبرأ منه
في أواخر حياته ، وليس هذا فحسب ،
بل كتب كتاب أشرت إليه
( الأبانة عن أصول الديانه )
وجعله حُجة لطلابه ومريديه
كي يتبعوا ما قاله ويعودون من علوم الكلام والفلسفة
ويلتزمون بمنهج السلف في فهم العقيدة ...
ويعتمد أصحاب القول الأول
القائلين بتحوله إلى الكلابية
ومنها إلى مذهب السلف
على ما كتبه الأشعري في كتابه
(الإبانة عن أصول الديانة )
، ويقولون إنها من آخر كتبه،
وفيها نصَّ على
أنه على مذهب الإمام احمد بن حنبل رحمه الله .
الفرق بين متقدمي الأشاعرة ومتأخريهم :
لعل من الواضح لدى دارسي المذهب الأشعري
أن ثمة تباين ظاهر بين ما كان
عليه متقدموا الأشاعرة
في بعض المسائل، وبين ما استقر عليه الرأي
عند المتأخرين منهم في تلك المسائل،
وهو ما يؤدي بنا إلى القول
بأن الأشاعرة المتأخرين
لم يكونوا متبعين تماما لأبي الحسن الأشعري ( رحمه الله )
وإنما خالفوه في مسائل من الأهمية بمكان،
حتى قال بعضهم :
لو حدث الأشعري عمن له إلى رأيه انتماء
لقال أخبرهم بأني مما يقولونه براء.....
والأشعري في كتاب ( الإبانة عن أصول الديانة )
الذي هو آخر ما ألف من الكتب على أصح الأقوال ،
رجع عن كثير من آرائه الكلامية إلى طريق السلف
في الإثبات وعدم التأويل ..
يقول رحمه الله :
وقولنا الذي نقول به ، وديانتنا التي ندين بها
التمسك بكتاب ربنا عز وجل وبينة نبينا عليه السلام ،
وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث
ونحن بذلك معتصمون ،
ولكن بعد وفاة أبو الحسن الأشعري ( رحمه الله )
وعلى يد أئمة المذهب الأشعري ،
وواضعي أصوله
وأركانه ، أخذ المذهب الأشعري أكثر من طور
فتعددت فيها إجتهاداتهم ومناهجهم
في أصول المذهب
وعقائده ، وهنا تم تحريف المنهج ولم يعد
المنهج الذي كان يتبعه
أبو الحسن الأشعري ( رحمه الله )
فأتجهوا أأئمة المذهب لتطوير ه
فمن أبرز مظاهر ذلك التطور في المذهب:
-1 القرب من أهل اللام والرجوع الى فكر المعتزلة .
-2 الدخول في التصوف ،وإتجاهاته وفِرقه ،
والتصاق المذهب الأشعري به .
-3 الدخول في الفلسفة وليس هذا فحسب
بل جعلوها جزء أساسي من المذهب .
وفي هذه المرحلة تغير المذهب الأشعرى
وأصبح كما نراه اليوم مليء بفكر المعتزلة في تشبيه
واثبات وتعطيل الصفات لله سبحانه وتعالى
وإلتصاقه بالصوفية وطُرقها ومناهجها
ظاربين بعرض الحائط كلام ومنهج أهل السُنة والجماعة
ووصايا مؤسس الأشعرية أبو الحسن الأشعري ( رحمه الله )
وهناك من برز من الأئمة في المذهب الأشعري
ورجع وتبرأ ممن تقوله الأشعرية بعد وفاة أبو الحسن الأشعري
أفكار ومعتقدات الأشاعرة
ومصدر التلقي عند الأشاعرة
1 . الكتاب والسنة على مقتضى قواعد علم الكلام
كما قال الرازي في ( القانون الكلي للمذهب )
والآمدي وابن فورك وغيرهم .:
ولذلك فإنهم يقدمون العقل على النقل عند التعارض
( يقدمون ما تقولهم عقولهم في تفسير التشريعات
ولا يهتموا بالنقل عن النبي وصحابته الكرام ...)
- 2عدم الأخذ بأحاديث الآحاد في العقيدة
ولا مانع من الاحتجاج بها في مسائل السمعيات
أو فيما لا يعارض القانون العقلي.
والمتواتر منها يجب تأويله ،
ولا يخفى مخالفة هذا لما كان
عليه السلف الصالح
من أصحاب القرون المفضلة
ومن سار على نهجهم
حيث كان النبي صلى الله عليه وسل
م يرسل الرسل
فرادى لتبليغ الإسلام كم
ا أرسل معاذاً إلى أهل اليمن ،
ولقوله صلى الله عليه وسلم
قد روي عن عدد من الصحابة، منهم
( بالإضافة إلىابن مسعود، زيد بن ثابت
، ومعاذ بن جبل،
وجبير بن مطعم، وأنس
وأبو الدرداء.(. . ولفظه،
كما في الترمذيعنزيد بن ثابتقال:
سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول
: نضر الله امرأً سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره،
فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه،
ورب حامل فقه ليس بفقيه.......)
قالالترمذي: حديث حسن(.
… ، وحديث تحويل القبلة وغير ذلك من الأدلة .
-3 مذهب طائفة منهم وهم :
صوفيتهم كالغزالي والجامي في مصدر التلقي ،
أنهم يقدمون الكشف والذوق والرؤا على النص ، حيث يتم
تأويل النص ليوافق مايرونه من الكشف وغير ذلك ...
ويسمون ذلك ( بالعلم اللدني ) مثل ماتقول قاعدة الصوفية
في التلقي ( حدثني قلبي عن ربي )
ولا يخفى ما في هذا الأعتقاد من البطلان
والمخالفة التامة
لمنهج أهل السنة والجماعة
وإلا فما الفائدة من إرسال الرسل وإنزال الكتب
إذا كان هناك من يعتقد بمثل معتقد الصوفية والأشاعرة...
-4 التوحيد عند الأشاعرة
: فسروا الإله بأنه الخالق أو القادر على الاختراع ، وبذلك جعلواالتوحيد هو إثبات ربوبية الله عز وجل دون ألوهيتهمعتأويلأكثرصفاتهجل وعلا.
وهكذا خالف الأشاعرة أهل السنة والجماعة
في معنى التوحيد حيث يعتقد أهل السنة والجماعة
أن التوحيد أول واجب على العبد
هوإفراد الله بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته
على نحو ما أثبته تعالى لنفسه أو أثبته له
رسوله صلى الله عليه وسلم ،
ونفي ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه
رسوله صلى الله عليه وسلم
من غير تحريف أو تعطيل أو تكييف أو تمثيل
الأختلافات بين أهل السُنة والجماعة والأشاعرة هي:
1 . يعتقد الأشاعرة تأويل الصفات الخبرية
كالوجه واليدين والعين والقدم والأصابع
وكذلك صفتي العلو والاستواء .
وقد ذهب المتأخرون منهم إلى تفويض معانيها
إلى الله تعالى على أن ذلك واجب يقتضيه التنزيه ،
ولم يقتصروا على تأويل آيات الصفات
بل توسعوا في باب التأويل
حيث أولوا أكثر نصوص الإيمان.
أما مذهب السلف ( أهل السُنة والجماعة )
فإنهم يثبتون النصوص الشرعية
دون تأويل معنى النص
( بمعنى تحريفه ، أو تفويضه )
سواءاً كان في نصوص الصفات أو غيرها .
- 2الأشاعرة في الإيمان بين المرجئة التي
تقول يكفي النطق بالشهادتين دون العمل لصحة الإيمان ،
وبين الجهمية التي تقول يكفي التصديق القلبي
. ورجح الشيخ حسن أيوب من المعاصرين إن
المصدق بقلبه ناجٍ عند الله
وإن لم ينطق بالشهادتين ،
( تبسيط العقائد الإسلامية 29-32 ) .
و مال إليه البوطي ( كبرى اليقينيات 196 )
. وفي هذا مخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة
الذين يقولون إن الإيمان قول وعمل واعتقاد ،
ومخالفة لنصوص القرآن الكريم الكثيرة منها :
( أم حسب الذين اجترحوا اليسئات
أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات
سواءً محياهم و مماتهم ساء ما يحكمون )
. ففي فكر الأشاعرة يعتقدون
أن يكون إبليس من الناجين
من النار لأنه من المصدقين بقلوبهم ،
وكذلك أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم
وغيرهم كثير .
-3 الأشاعرة مضطربون في قضية التكفير
فتارة يقولون لا تكفر أحداً ، وتارة يقولون لا تكفر
إلا من كفرنا ، وتارة يقولون بأمور توجب التفسيق
و التبديع أو بأمور لا توجب التفسيق ،
فمثلاً يكفرون من يثبت علو الله الذاتي أو من
يأخذ بظواهر النصوص حيث يقولون :
إن الأخذ بظواهر النصوص من أصول الكفر .
أما أهل السنة والجماعة فيرون أن التكفير
حق لله تعالى لا يطلق إلا على من يستحقه شرعاً ،
ولا تردد في إطلاقه على من ثبت كفرة
بإثبات شروط وانتفاء موانع
4 ـ قولهم بأن القرآن ليس كلام الله
على الحقيقة ولكنه كلام الله النفسي
وإن الكتب المنزلة بما فيها القرآن مخلوقة .
أما مذهب أهل السنة والجماعة فهو :
أن القرآن كلام الله غير مخلوق وأنه تعالى يتكلم
بكلام مسموع تسمعه الملائكة وسمعه جبريل
وسمعه موسى ( عليه السلام ) ويسمعه الخلائق
يوم القيامة ...حيث يقول تعالى:
((وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى
يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ
بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ ) التوبة 6
-5 حصر الأشاعرة دلائل النبوة
بالمعجزات التي هي الخوارق
، موافقة للمعتزلة وإن اختلفوا معهم في كيفية
دلالتها على صدق النبي
بينما يرى جمهور أهل السنة
أن دلائل ثبوت النبوة للأنبياء
كثيرة ومنها المعجزات .
-6 قالوا بنفي الحكمة والتعليل في أفعال الله مطلقاً .
7 .وافق الأشاعرة أهل السنة والجماعة
في الإيمان بأحوال البرزخ ، وأمور الآخرة من
: الحشر والنشر ، والميزان ،
والصراط ، والشفاعة والجنة والنار ،
لأنها من الأمور الممكنة التي أقر بها
الصادق صلى الله عليه وسلم ،
وأيدتها نصوص الكتاب والسنة ،
وبذلك جعلوها من النصوص السمعية .
- كما وافقوهم في القول في الصحابة على
ترتيب خلافتهم ، وأن ما وقع بينهم كان خطأً
وعن اجتهاد منهم ، ولذا يجب الكف عن الطعن فيهم ،
لأن الطعن فيهم إما كفر ، أو بدعة ، أو فسق ،
كما يرون الخلافة في قريش ،
وتجوز الصلاة خلف كل بر وفاجر ،
ولا يجوز الخروج على أئمة الجور .
بالإضافة إلى موافقة أهل السنة في
أمور العبادات والمعاملات
تصدي الأمام أبن تيمية للأشاعرة تصدي الإمام ابن تيمية لجميع المذاهب الإسلامية
التي اعتقد أنها انحرفت عن الكتاب والسنة
ومنهم الأشاعرة وبخاصة المتأخرة منهم
في كتابه القيم ( درء تعارض العقل والنقل )
وفند آراءهم الكلامية ، وبين أخطاءهم
وأكد أن أسلوب القرآن والسنة هو الأسلوب اليقيني
للوصول إلى حقيقة التوحيد .
أنتشار المذهب الأشعري
والنفوذ الذي يحظى به
انتشر المذهب الأشعري في عهد وزارة نظام الملك
الذي كان أشعري العقيدة ،
وصاحب الكلمة النافذة في الإمبراطورية السلجوقية
، وكذلك أصبحت العقيدة الأشعرية عقيدة
شبه رسمية تتمتع بحماية الدولة .
وزاد في انتشارها وقوتها مدرسة بغداد النظامية ،
ومدرسة نيسابور النظامية ،
وكان يقوم عليهما رواد المذهب الأشعري ،
وكانت المدرسة النظامية في
بغداد أكبر جامعة إسلامية
في العالم الإسلامية وقتها ،
كما تبنى المذهب وعمل على نشره
المهدي بن تومرت مهدي الموحدين ،
ونور الدين محمود زنكي ،
والسلطان صلاح الدين الأيوبي
، بالإضافة إلى اعتماد جمهرة من العلماء عليه ،
وبخاصة فقهاء الشافعية والمالكية المتأخرين .
ولذلك انتشر المذهب في العالم الإسلامي كله ،
ولا زال المذهب الأشعري سائداً في أكثر البلاد الإسلامية
وله جامعااته ومعاهده المتعددة
ومن أبرز أئمة المذهب
من علماء الأشاعرة
يزخر المذهب الأشعري بأئمة أعلام، هم الذي
رسخوا المذهب وقووا دعائمه، وقعَّدوا له القواعد،
ووضعوا له المقدمات، ونشروا آراءه،
ودافعوا عنه ضد خصومه، إلا أن كثيرا منهم –
لسعة علمه - تبين له ضعف مسلك أهل الكلام،
فرجع في آخر عمره إلى مذهب السلف،
وعلم أن مذهبهم هو الأسلم والأعلم والأحكم،
وهؤلاء بعض أشهر علماء الأشاعرة،
مع بيان رجوع بعضاً منهم
إلى مذهب السلف، فمن علمائهم:
1 . القاضي أبو بكر الباقلاني
( 328-402هـ ) (950-1013هـ )
هو محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر ،
ولد في البصرة وسكن بغداد وتوفي فيها .
وجهه عضد الدولة سفيراً عنه إلى ملك الروم ،
فجرت له في القسطنطينية مناظرات مع
علماء النصرانية بين يدي ملكها .
من كبار علماء الكلام ، هذب بحوث الأشعري ،
وتكلم في مقدمات البراهين العقلية للتوحيد وغالى
فيها كثيراً إذ لم ترد هذه المقدمات في كتاب ولا سنة ،
ثم انتهى ورجع بعد ذلك إلى مذهب السلف
وأثبت جميع الصفات كالوجه واليدين
على الحقيقة وأبطل أصناف التأويلات التي
يستعملها المؤولة وذلك في كتابه :
( تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل (.
شارحاً فيه بُطلان المذهب الأشعري
في التأويل وإتباع الصوفية..
_2 أبو إسحاق الشيرازي
( 293-476هـ ) ( 1003-1083م )
وهو إبراهيم بن علي بن يوسف
الفيروز أبادي الشيرازي
بنى له الوزير نظام الملك :
المدرسة النظامية على شاطىء دجلة ،
فكان يدرس فيها ويديرها .
- 3أبو حامد الغزالي
( 450-505هـ) ( 1058-1111م )
وهو محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي ،
لم يسلك الغزالي مسلك الباقلاني
، في رجوعه عن الأشعرية
بل خالف الأشعرية في بعض الآراء وخاصة
فيما يتعلق بالمقدمات العقلية في الاستدلال ،
وذم علم الكلام وبين أن أدلته لا تفيد اليقين
كما في كتبه المنقذ من الضلال ،
وكتاب التفرقة بين الإيمان والزندقة ،
وحرم الخوض فيه فقال :
لو تركنا المداهنة لصرحنا بأن
الخوض في هذا العلم حرام
فترك الأشعرية ، كمن يهرب من الرمضاء الى النار ..
فأتجه نحو التصوف ،
واعتقد أنه الطريق الوحيد للمعرفة ..
وعاد في آخر حياته إلى السنة
من خلال دراسة صحيح البخاري .
-4 . أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن
أحمد الشهرستاني ت 548هـ
وقد رجع عن المذاهب الكلامية إلى دين الفطرة
جاء في كتابه ( نهاية الإقدام ص4 ) قوله :
عليكم بدين العجائز فإنه من أسنى الجوائز
5. أبو عبدالله محمد بن عمر بن الحسين الرازي
ويعرف بابن خطيب الري توفي سنة 606هـ
جاء في لسان الميزان ( 4/427 ) :
وكان مع تبحره في الأصول يقول :
من التزم دين العجائز فهو الفائز
، وقال ابن الصلاح أخبرني القطب الطوعاني مرتين
أنه سمع فخر الدين الرازي يقول:
يا ليتني لم أشتغل بعلم الكلام وبكى،
وروى عنه أنه قال:
لقد اختبرت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية
فلم أجدها تروي غليلا ولا تشفي عليلا ،
ورأيت أصح الطرق طريقة القرآن "
6 ـ إمام الحرمين أبو المعالي الجويني
( 419-478هـ ) ( 1028-1085م )
وهو عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني
، دافع عن الأشعرية فشاع ذكره في الآفاق ،
إلا أنه في نهاية حياته رجع إلى مذهب السلف .
وقد قال في رسالته :
النظامية والذي نرتضيه رأياً وندين الله به
عقيدة اتباع سلف الأمة للدليل القاطع
على أن إجماع الأمة حجة …
ويعضد ذلك ما ذهب إليه في كتابه ( غياث الأمم )
فبالرغم من أن الكتاب مخصص لعرض الفقه
السياسي الإسلامي فقد قال فيه :
والذي أذكره الآن لائقاً بمقصود هذا الكتاب ،
أن الذي يحرص الإمام عليه جمع عامة الخلق
على مذاهب السلف السابقين ، قبل أن نبغت
الأهواء وزاغت الآراء وكانوا رضي الله عنهم
ينهون عن التعرض للغوامض والتعمق في المشكلات … .
ونقل القرطبي في شرح مسلم
أن الجويني كان يقول لأصحابه :
يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام ،
فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي ما بلغ ما تشاغلت به
. توفي بنيسابور وكان تلامذته يومئذ أربعمائة .
-7 الفخر الرازي ( 544هـ - 1150م )
هو أبو عبد الله محمد بن عمر الحسن بن
الحسين التيمي الطبرستاني الرازي
المولد المعبر عن المذهب الأشعري في مرحلته الأخيرة
حيث خلط الكلام بالفلسفة ،
بالإضافة إلى أنه صاحب القاعدة الكلية
التي انتصر فيها للعقل وقدمه على الأدلة الشرعية .
قال فيه الحافظ ابن حجر في لسان الميزان :
كان له تشكيكات على السنة على غاية من الوهن
إلا أنه أدرك عجز العقل فأوصى وصية تدل على
حسن اعتقاده فقد نبه في أواخر عمره إلى
ضرورة اتباع منهج السلف ،
وأعلن أنه أسلم المناهج بعد أن دار دورته
في طريق علم الكلام فقال :
لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية
رأيتها لا تشفي عليلاً ولا تروي عليلاً ،
ورأيت أقرب الطرق ، طريقة القرآن ،
اقرأ في الإثبات ( الرحمن على العرش استوى ) و
( إليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه ) ،
و أقر في النفي ( ليس كمثله شيء
وهو السميع البصير ) و
( ولا يحيطون به علماً ) ،
ثم قال في حسرة وندامة :
ومن جرب تجربتي عرف معرفتي
وكان مع تبحره في الأصول يقول
: من التزم دين العجائز فهو الفائز "
،وقال ابن الصلاح أخبرني القطب الطوعاني مرتين
أنه سمع فخر الدين الرازي يقول:
يا ليتني لم أشتغل بعلم الكلام وبكى،وروى عنه أنه قال
: لقد اختبرت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية
فلم أجدها تروي غليلا ولا تشفي عليلا،
ورأيت أصح الطرق طريقة القرآن أهـ .
6. أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أحمد الشهرستاني
ت 548هـ وقد رجع عن المذاهب الكلامية إلى
دين الفطرة جاء في كتابه (نهاية الإقدام ص4 ) قوله :
( عليكم بدين العجائز ( الصحابة والسلف )
فإنه من أسنى الجوائز )