المغرب العربى فى القرن الخامس الهجرى
كان لقيام الدوله العبيديه الشيعيه ( الفاطميه)
اكبر ألأثر فى نشر الخرافات والبدع بين قبائل ألأمازيغ
فى المغرب العربى واستمر الحال فى التدهور حتى
بعد نهايه هذه الدوله الخبيثه وبعد الناس عن ألإسلام
ولم يعرفوا من الدين إلا اسمه
فقد قاموا باغتيال كل علماء السنه وتركوا الناس
على الجهل بشئون دينهم لحقدهم على اهل السنه
انتشر بينهم الزنا حتى بين المحارم وبعلم الجميع
واصبح الجار يزانى حليلة جاره وجاره يعلم ولا ينكر
لأنه يفعل الشيئ نفسه ، وانتشر بينهم الزواج
بأكثر من أربعه من الحرائر وانتشرت الخمور
وسائر الموبقات ولم يعد الناس يعرفوا حلالا ولاحراما
وانتشر مدعوا النبوه فى كثير من القبائل واتبعهم أقوامهم
ونذكر منهم على سبيل المثال حاييم بن منا الله فى قبيلة
غماره ادعى النبوه وقال انه نبى على دين الاسلام
وشرع لهم صلاتين فقط واحده عند الشروق وواحده
عند الغروب ووضع عنهم الوضوء والإغتسال من الجنابه
ووضع عنهم الحج وأحل لهم أنثى الخنزير وحرم عليهم
أكل البيض وأكل السمك إلامذبوحا
وفى قبيلة برغواته ظهر صالح بن طريف بن شمعون
ادعى النبوه على دين ألإسلام أيضا
وظهرت عبادة الكبش تقربا إلى الله فى بعض القبائل
ولجهل الناس بدينهم كانو يحسبون أن هذا من ألإسلام
بارقة أمل
كانت قبيلة جداله تسكن فى منطقة جنوب موريتانيا
وكان زعيمها يحيى بن إبراهيم الجدالى رجلا نقى السريره
لم يعجبه ماعليه قومه من الفسق والفساد فقرر أن يستقدم
شيخا يعلمهم صحيح الدين
وفى سبيل ذلك قرر أن يحج ويعرج فى طريق عودته على
القيروان حاضره العلم فى المغرب العربى الكبير
فحج وذهب للقيروان وقابل اكبر علمائها أبو عمر الفاسى
وقص عليه ألأمر فأرسل معه أحد تلامذته
عبد الله بن ياسين
وليس بين أيدينا من سيرة الرجل الكثيرغير انه كان من علماء
القيروان وكان له تلاميذ ، فقرر ترك القيروان والذهاب
فى الصحراء مع شيخ جداله يحيى بن إبراهيم الجدالى
فى قبيلة جداله
ويبدأ عبد الله ابن ياسين في مهمته الجديدة
تعليم الناس الإسلام من البداية
بدأ بالنصيحة والانكار , والبشارة والانذار , فما رأى منهم الا العناد والإصرار
[ وشرع يعلمهم القرآن ويقيم لهم رسم الدين ويسوسهم بآداب الشرع وألفاهم يتزوجون بأكثر من أربع حرائر فقال لهم ليس هذا من السنة وإنما سنة الإسلام أن يجمع الرجل بين أربع نسوة حرائر فقط ]
وجعل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر وكبحهم عن كثير من مألوفاتهم الفاسدة وشدد في ذلك فأطرحوه واستصعبوا علمه وتركوا الأخذ عنه لما جشمهم من مشاق التكليف
ثم طردوه واخرجوه من البلد
طرد من البلد الذي خاض الصحراء كلها ليعلمهم دينهم الذي نسوه
طرد خارج البلد وحيدا
فهل قال مثلا ( انا - أصلا - تواضعت كثيرا حين تركت طلابي وجئت هنا لتشتموني ) ؟
لا والله
اختار ان يدخل أكثر وأكثر في أعماق الصحراء
أرض السنيغال
جلس بجانب احد الأنهار ونصب خيمة صغيرة واستقر فيها
انقطع الشيخ في أدغال افريقيا
ليبدأ دعوته بخيمة
كما بدات دعوة الاسلام من غار ثم دار
وخرج معه الفوج الأول ممن كان في قلبه حمية لدينه
أتدرون كم كان عدد الفوج
يقال أنهم اثنان فقط
والعدد الأقصى للروايات يقول أنهم سبعة أشخاص فقط
هناك في السنيغال
الشيخ الذي ترك مئات طلاب العلم وعشرات حلقات الدروس يخوض الصحراء المهلكة ليعلم سبعة أشخاص
وبدأ الشيخ بالعمل في مخيمه الجديد
يعلم طلابه العقيدة والأحكام
يخرجون فيصطادون ويأكلون
يعلمهم بالإضافة إلى ذلك الفروسية
واستمر صابرا محتسبا منقطعا في وسط افريقيا
مرت الأيام وعاد الجداليون إلى قومهم
وجاءوا من هناك بستة او سبعة أشخاص اخرين
ثم ازداد العدد بوتيرة بطيئة إلى أن ضاقت بهم الخيمة
فوسعوا المخيم وأقاموا خيمتين
ثم ثالثة ثم رابعة ثم خامسة
وتكاثر طلابه بوتيرة بطيئة
وقسمهم الى مجموعات ومع كل مجموعة وضع المتميزين لمساعدته في تعليم الحضور
ومرت الأيام والليالي
وتتالت الشهور
وبعد أربع سنوات وصل العدد إلى ألف رجل وبدأت بوادر نجاح فكرة المخيم تظهر
يقول في كتاب اخبار المغرب :-
[ فدخلها ودخل معه سبعة نفر من كدالة وابتنى عبد الله رابطة هناك وأقام في أصحابه يعبدون الله تعالى مدة في ثلاثة أشهر فتسامع الناس بهم وأنهم اعتزلوا بدينهم يطلبون الجنة والنجاة من النار فكثر الواردون عليهم والتوابون لديهم فأخذ عبد الله بن ياسين يقرئهم القرآن ويستميلهم إلى الخير ويرغبهم في ثواب الله ويحذرهم ألم عقابه حتى تمكن حبه من قلوبهم فلم تمر عليه إلا مدة يسيرة حتى اجتمع له من التلامذة نحو ألف رجل وكان من أمرهم ما تسمعه عن قريب]
واصبح بدل الداعية الوحيد الف داعية
يعودون إلى بلادهم ويدعون أقوامهم
وينظم واحد بعد واحد بتوفيق الإله الواحد سبحانه الله
ثم حصلت نقلة نوعية
وصلت الدعوة الى زعيم قبيلة لمتونة ( يحي ابن عمر اللمتوني )
فانضم إليه وضم معه عدد ضخما من قومه
وفي ظرف اربعة وعشرين ساعة
يرتفع عدد المستجيبين لابن ياسين من ألف رجل إلى سبعة آلاف
هكذا دفعة واحدة بمنه سبحانه
وما يعلم جنود ربك إلا هو
جاء يحي اللمتوني بهذا العدد ثم مات بعد ذللك بأيام قليلة فنعم ماصنع رحمه الله
فخلفه في رياسة اللمتونيين ( ابو بكر ابن عمر اللمتوني )
فضموا إلى شمال السنغال بعض مناطق جنوب موريتانيا التي اخرج الشيخ منها قبل سنين ووصل عددهم إلى اثني عشر ألفا من الرجال
ثم بعد ذلك بسبع سنين يموت المؤسس المحتسب العالم العامل عبد الله ابن ياسين
بذر بذرة الخير وصنع رجال الخير
ومات بعد أحد عشر عاما كاملا قضاها في ادغال افريقيا داعيا
بدأ بلا شيء
و مات رحمه الله وخلف جيلا من أروع ما يكون
مات شهيدا مجاهدا فى إحدى معاركه لنشر صحيح الدين
[ ولما حضرته الوفاة قال لهم يا معشر المرابطين إني ميت من يومي هذا لا محالة وإنكم في بلاد عدوكم فإياكم أن تجبنوا أو تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وكونوا أعوانا على الحق وإخوانا في ذات الله وإياكم والتحاسد على الرياسة فإن الله يؤتي ملكه من يشاء من خلقه ويستخلف في أرضه من أراد من عباده في كلام غير هذا ] أهـ
فتولى ابو بكر اللمتوني زعامة الاثني عشر الف
وكونوا بعد ذلك دويلة صغيرة جدا
وبعد عامين كان العدد قد وصل اربعة عشر ألفا
قسمه ابو بكر اللمتوني قسمين
قسم اخذه هو ونزل به الى جنوب السنغال لاصلاح أحدى النزاعات ثم انه بعد ذلك وجد اقواما لم تبلغهم دعوة الاسلام فأخذ في دعوتهم وفتح البلدان الافريقية ونشر الاسلام هناك
والقسم الاخر وضع عليه نائبه ( يوسف ابن تاشفين ) الى حين عودته
لكن اللمتوني تأخر هناك في جنوب السنغال وما بعدها للدعوة والفتوح
وأثناء ذلك سار ابن تاشفين الى الشمال
فدعا الناس للاسلام وقاتل مدعي النبوة والمرتدين وانضمت إليه المدن تلو المدن
والآلاف تلو الآلاف
وقطع الحواضر والبوادي
وبدأت مملكتهم تكبر وتكبر
وكل هذه الدواه العظيمه (دوله المرابطين بدأت برجل واحد فى خيمه واحده
تلك الخيمة التي كان يجلس فيها الشيخ عبد الله ابن ياسين مع سبعة من تلاميذه
كل هذه الفتوح التي كانت بعد موته في ميزان حسناته
بل كلما صلى رجل في هذه البلاد كان في ميزان حسناته بإذن الله