الحب من أول نظرة !

الحب من أول نظرة !











د . عدنان جواد الطعمة












صادفتنا منذ ولادتنا لغاية اليوم وتصادفنا في المستقبل مواقف واشكال و شخصيات نميل إليها ونحبها أو ننفر منها من أول نظرة .


كل واحد مرّ ويمرّ بمثل هذه الحالات عندما يشاهد شخصا مهما كان عمره سواء أكان طفلا أو صبيا أو بنتا أم سيدة أم رجلا أو شيخا نميل إليه ونحبه أو ننفره سواءا أتحدثنا معه أو لم نتحدث .







تلعب العيون وهي من أقوى عدسات الكامرات دورا هاما في حياتنا لإلتقاط الصور واستلام وإرسال ذبذبات و موجات لإلتقاط كل الأشياء و الأشخاص أمامنا . وترسل هذه الصور إلى دماغنا ومخنا لحفظها وتعديلها و عملها كما نفعل بالصور في برنامج الفوتوشوب .







و مردود هذه الصور و الأشكال يؤثر على حالتنا النفسية التي ستتقبل الأشكال أم ترفضها ، معنى ذلك تنعكس على تقاسيم وملامح وجوهنا ، حيث نبتسم لمن نرتاح ونميل إليه أو ننفر منه .

مررت شخصيا بعشرات بل وبمئات الحالات والمواقف منذ صغري و لحد الآن و باقي دول العالم التي زرتها .

يفسر علم النفس هذه الظاهرة بالميل و الإرتياح أو بالنفور و الإبتعاد وعدم الإرتياح إلى كل شخص من خلال أول نظرة تتم بيننا و بينه .







و السبب يعود إلى الذكريات السابقة لأشخاص إلتقيت بهم لأول مرة إرتحت بالأكثرية منهم ولم أرتاح إلى بعضهم ، حيث بقت ملامح الأشخاص والصفات والمعلومات مخزونة في الدماغ و المخ والذاكرة .

فإذا صادفت شخصا ما من أول نظرة يحمل إحدى الصفات أو الملامح القديمة المخزونة في المخ والدماغ والذاكرة فإن الرد العكسي سيكون إما بالإرتياح أو عدم الإرتياح لهذا الشخص ، مهما كان سواء أتحدثت أو تعاملت معه أو لم أتحدث وأتعامل معه .







لأن العيون و النظرات والهواجس و المشاعر و الأحاسيس لا تعرف الكذب أو الغش ، فهي مرآة صادقة للصور القديمة و الملامح المخزونة في المخ .

وقبل مدة حملت كامرتي و ذهبت مع زوجتي الكريمة للنزهة في حديقة النباتات و الزهور و الأشجار خلف دارنا و القريبة منا من أجل إلتقاط الصور للبراعم و الزهور الصغيرة الزاهية و الرومنسية من نوع كروكوسه Krokusse .


كان البرد شديدا جدا إلا أن الشمس كانت مشرقة في ذلك اليوم . بدأت بالتقاط الصور لبعض الأشجار والبحيرة ثم دنوت إلى مكان الزهور كروكوسه الصغيرة الزاهية الألوان .

إضطررت إلى الجلوس والإنحناء لإلتقاط هذه الزهور و تلك بالقرب من البحيرة .

و بينما كنت منشغلا ومنغمسا بالتقاط الصور ، سمعت برنات المشي تشك تشك تشك ، أدرت وجهي إلى اليسار للإستراحة والتنفس ، فإذا بفتاة صغيرة جميلة واقفة بجنبي مبتسمة و محياها ملائكي نوراني مضيئ مشرق .

إبتسمت معها بسمات خفيفة و ضحكت : ههه ههه . ثم تبادلنا بسمات العشق الإلهي أو الملائكي دون التحدث بكلمات في الدقيقة الأولى .
و بعد ذلك بادلتها بالحب والحنان و العاطفة والغزل البريئ ، حيث عمت الفرحة على وجهينا و احمرت خدودنا .

سألتها برفق ما هو إسمك يا عزيزتي ؟

أجابتيني : ساما أو سماء .







بدأنا نتحاور برفق وحنان ونتبادل مشاعر العشق الروحي بكلمات رومانسية هادئة . ثم نهضت حاملا كامرتي الكبيرة الضخمة مع عدستها على كتفي .

وبعد ذلك مددت يدي إليها و صافحتها بكل رقة وهدوء . إبتسمت سماء و أشرق وجهها نورا لإنعكاس اشعة الشمس عليه ، فتخيلتها ذلك البدر التام المضيئ .







أما أنا فتهت في عشقها و غمرتني السعادة ومسكت يدها الناعمة بثلاثة أصابع لأن كفها كان صغيرا جدا وناعما ، وسرنا خطوات إلى أن جاءت كل من أمها و زوجتي .

توقفنا وحييت أمها و تبادلنا أطراف الحديث ثم قلت لسماء بأننا سنغادر الحديقة إلى دارنا ، مع السلامة يا سماء .

أخذت دقات قلبي تتصاعد وكانها تعزف احلى ألحان وأنشودة العشق والهيام والغرام ، حيث انتعشت روحي و شعرت بالإرتياح اللامثيل له .

سرت مع زوجتي يمكن عشر خطوات ، و إذا بحبيبتي سماء تركض خلفي وتناديني بضحكاتها و بسماتها البريئة فاتحة ذراعيها و حاملة لعبتها الصغيرة بيدها .

وفجأة توقفت مع زوجتي وبدأت ألتقط لها و لحركاتها صورا بديعة جدا وخلفها الزهور اليانعة .







ثم مددت ذراعي وكفي إلى سماء فلمست كفها الناعم الصغير الحار والتقطت لها أجمل الصور في تلك اللحظات .

علقت الكامرة على كتفي ومددت ذراعي الثانية لها ثم حملتها و وضممتها إلى قلبي و صدري و قبلتها قبلتين و شعرت بدقات و نبض قلبينا فكأنهما يتحاوران مع بعضهما الآخر.

وعندما راقبت زوجتي الكريمة هذا الموقف واحمرار وجهي ، طلبت مني أن أعطيها كامرتي لكي تلتقط لنا صورتين .

و ضعت سماء على صدري و شعرت بدقات قلبها وقلبي فكأنهما عصفوران يغردان أنشودة العشق والهيام . ثم وضعتها برفق على الأرض وكلمت أمها و سألتها عن إسمها و أين تسكن و طلبت منها أن تزورنا مع سماء عصر غد لشرب القهوة و الشاي و لكي أعطيها صور سماء .







للأسف الشديد ومن شدة فرحي العظيم نسيت أن أكتب رقم هاتف أمها و عنوانها ، لأني توقعت أن رقم هاتفها وعنوانها موجودان في دليل الهواتف .

ثم ذهبنا إلى البيت وحدثتني زوجتى عني وقالت :

أن الفرحة كانت طافحة على وجهك المشع نورا .







وعند وصولنا البيت فتحت دليل الهواتف لم أجد إسم الأخت فيه ، ثم اتصلت بالإستعلامات ، فأخبرتني موظفة الإستعلامات بأن السيدة فلانة غير مسجلة في دليل الهواتف .







و نمت تلك الليلة التي كانت واحدة من أجمل وأهنأ الليالي ، حيث شعرت بالبهجة و الحبور بالتعرف على سماء .

ذهبت في اليوم التالي إلى المدينة و طبعت صور سماء واشتريت لها لعبتين صغيرتين .

إنتظرناهما في الساعة الثالثة عصرا لنشرب القهوة سوية فلم تأتي أمها.

خطرت على بالي فكرة بأن نتصل هاتفيا بدائرة تسجيل و سكنى المواطنين في مدينتنا ، حيث حكيت للموظفة القصة من البداية إلى النهاية وطلبت منها إعطائي عنوان سكن أم سماء و عائلتها .

أجابتني الموظفة المسؤولة عليك أن تحضر هنا وتدفع رسما قدره 8 يوروات ونعطيك عنوانها . قلت لها سأحضر مع زوجتي غدا .








ذهبنا في اليوم التالي إلى دائرة تسجيل وسكنى المواطنين وجلسنا أمام الموظفة وحكيت لها القصة الكاملة و أعطيتها إسم السيدة الكامل .

بحثت الموظفة في الكومبيوتر ، إلا أنها للأسف الشديد لم تجد إسم أم سماء في سجلات الدائرة .








ثم عدنا خائبين إلى البيت ، إلا أني لم أقطع الأمل برؤية الطفلة حبيبتي سماء ، لأن طبعي التفاؤل والصبر .

وددت من الأعماق أن أنشر صور سماء ، إلا أني لا أنشر اية صورة لسماء إلا بعد أخذ موافقة أمها لأنّ موضوع الصور خاص يخص سماء و أمها ،

لكني أعدكم بأن أنشر كافة صورها عندما ألتقي بسماء وأمها وآخذ موافقتها على ذلك ، لأني أيضا حريص على خصوصياتها .

كم تسعدني رؤية الحبيبة سماء و متابعة نموها وتطورها في حياتها .







إنها بحق هبة ونعمة جليلة من الله سبحانه وتعالى لي بأني إستمتعت بأعذب اللحظات مع أطهر طفلة ببرائتها و إشراقتها . شعور فياض في غاية السعادة و الإبتهاج لأننا سرنا سوية يدا بيد عدة خطوات وكأننا نعرف بعضنا الآخر لفترة طويلة . ستبقى ذكرياتي العذبة مع الطفلة الجميلة الساحرة خالدة في ذاكرتي و قلبي و وجداني طالما القلب ينبض بالحياة . ربي يحفظها و يحفظ جميع أطفال العالم .

وهكذا نشأت صداقة حب أصيلة نزيهة و طاهرة مع الحبيبة سماء :











آه منك يا سماء
آه من عاديات الزمن
وبعدك عني يا سماء
إلى اللقاء يا حبيبتي سماء






د .عدنان

ألمانيا في 5 مارس 2015

المواضيع المتشابهه:

• (تم التصحيح وتغيير العنوان) تحذير من كذبة صور مدينة إرم ذات العماد
• نظرة ميكروسكوبية داخل أجسامنا
• نظرة هنا بقلمي
• نظرت إلى الشاب فإذا هو يصارع الموت ..سبحان الله

أستمتعت في رقة صفحتك
سلمت يمينك في اختيارِك ودام عطائك
الذي فاض معه هذا الابداع
دمت بخـير ،، و السرور يملأ نفسك
لك تحياتي وأعــذب ورودي العـطره

ومن شده تعلقك بسماء تخيلتها غيمه امطرتك هتان من المشاعر الساميه

شوقتنا استاذ عدنان لرؤيه ملاكك الطاهر البرئ ذلك الكائن الصغير الذى منحك نبضاً وشفافيه بدون لغه حوار ...

ذلك لم يكن حباً من اول نظره بقدر ماهى كيميائيه الارواح ليقع الانسان بحب اشخاص من اول نظره

وقبل اكشاف علماء النفس اخبرنا من لاينطق عن الهوى صل الله عليه وسلم بان الارواح جنود مجنده

تلك الاروح التى تحب بدون مقابل ولا سابق معرفه لتجمل المحب وصورته وتجعل عين الرضى عن كل عيب كليله ...

ذلك مايجعلنا نتقبل البعض وننفر من البعض .

جميل ان ينزل الله محبه الخلق لنا في القلوب والاجمل ان تجمعنا تلك المحبه في الله بدون مصالح دنيويه زائله.

البراءه الطهر الشفافيه سمو بعض الارواح ونقاء السريره ونظافه القلب تجبرنا ان نبادل من نراهم حباً.


ولا توجد هذه الصفات الا بالاطفال فكيف لانهيم بهم عشقاً وحباً قبل ان تدنسهم الحياه بشرورها

.جميله اللحظات التى عشتها بين اسطرك وحراره مشاعرك وصدق عباراتك والاجمل ان عبرت عن خلجاتك وشاركتنا بمتعه قراه مدادك

فسلم المداد وصاحبه تقبل منى استاذى كل تقديرى وشكر لكريم شخصك.

د/ عدنان...

سلمت اناملك وصح لسانك...

شكراً يا دكتور على الابداع والرقي الموجود في هذا المتصفح...

استمتعت بتواجدي هنا شكري وتقديري ايه المبدع..!!