مسألة الحجامة للصائم محلّ خلاف هل الحجامة تُفسد الصوم أو لا ؟
أما الحاجِم ، أي الذي يفعل الحجامة فهو مظـنَّـة أن يذهب الدم إلى جوفه ، فيفسد صومه .
وأما المحجوم فالذي يظهر أنَّ مَن كانت الحجامة تُضْعِفه بحيث يحتاج إلى الإفطار يَصدق عليه حديث
: أفطر الحاجم والمحجوم .
ومن لم تُضْعِفه فإنه يُحْمَل عليه فِعْله عليه الصلاة والسلام
وحديث احتجامه صلى الله عليه وسلم رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما .
وهو أصح مِن حديث : " أفطر الحاجم والمحجوم " ، فإن أسانيد هذا حديث " أفطر الحاجم والمحجوم "
لا تخلو من مقال .وعلى القول بتصحيح الحديث ، فإنه محمول على مَن تُضْعِفه الحجامة كما تقدّم .
وقد روى البخاري من طريق ثابت البناني أنه سأل أنس بن مالك رضي الله عنه : أكنتم تكرهون الحجامة
للصائم ؟ قال : لا ، إلاَّ مِن أجل الضعف .
والجمع بين الحديثين أن يُقال :
إن قوله صلى الله عليه وسلم : أفطر الحاجم و المحجوم . يدلّ على منع الحجامة للصائم .
وفعله عليه الصلاة والسلام يدلّ على جواز الحجامة لمن لا تُضعفه .
ويدلّ على ذلك ترخيصه صلى الله عليه وسلم للصائم بالحجامة ، والرخصة إنما تكون بعد المنع .
روى الدراقطني من طريق ثَابِتٍ الْبُنَانِىِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : أَوَّلُ مَا كُرِهَتِ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ
أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِى طَالِبٍ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ ، فَمَرَّ بِهِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : أَفْطَرَ هَذَانِ . ثُمَّ رَخَّصَ النَّبِىُّ
صلى الله عليه وسلم بَعْدُ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ . وَكَانَ أَنَسٌ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ . قال : كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ ، وَلاَ أَعْلَمُ لَهُ عِلَّة .
قال الإمام مالك : لا تُكْرَه الحجامة للصائم إلاَّ خَشْية مِن أن يَضعف ، ولولا ذلك لم تُكره ، ولو أن رجلاً احتجم في
رمضان ثم سَلِم مِن أن يُفْطِر ، لم أرَ عليه شيئا ، ولم آمره بالقضاء لذلك اليوم الذي احتجم فيه ؛ لأن الحجامة إنما
تُكره للصائم لِمَوضِع التغرير بالصيام ، فمن احتجم وسَلِم مِن أن يُفطر حتى يمسي فلا أرى عليه شيئا ، وليس عليه
قضاء ذلك اليوم .
وروى الإمام مالك عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر كانا يحتجمان وهما صائمان .
وروى عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يحتجم وهو صائم ، ثم لا يفطر . قال : وما رأيته احتجم قط