~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~

عدد مرات النقر : 1,565
عدد  مرات الظهور : 50,758,847


عدد مرات النقر : 1,565
عدد  مرات الظهور : 50,758,847

العودة   منتديات وهج الذكرى > وهج الادب المنقول مما راق لي > ❦ وهـج القصص والخيال ❦ ❧
❦ وهـج القصص والخيال ❦ ❧ لكل ما يروق لنا من قصص او خاطرة
التعليمـــات روابط مفيدة
إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 07-30-2011
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل : Apr 2011
 فترة الأقامة : 5213 يوم
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم : 119
 معدل التقييم : الغزال الشمالي will become famous soon enoughالغزال الشمالي will become famous soon enough
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



وحار كيف يتلقاها ولكنها هوّلت عليه الأمر حين فتحت الصرّة وقالت موجهة حديثها لكل الرفاق:- لقد خشيت اللجنة أن تفرغ مؤونتكم فتطوّعت
لحمل هذه الأشياء...وفتحت الصرّة على خبز وسجائر وحلوى، وفتحت عينيها على نظرة استقطبت كل شوق العالم. أثارت انفعاله لدرجة
ودّ معها لو يضمها أمام رفاقه جميعاً..ولقد رأى من حقه وحده أن يمشي معها قليلاً وهي عائدة، وأن يمسك بأطراف أصابعها بيد مرتعشة،
ثم يرفعها إلى فمه دون أن يجد ما يقوله غير أن يتوسّل إليها ألاّ تعاود مثل هذا الجنون، ثم ابتعدت ووقف يرقبها حتى ابتلعها أحد المنعطفات.
وتكرّرت زياراتها.. لم تكن تلبث أكثر من دقائق ولكنها كانت كافية لتشحن أحاسيسه وانفعالاته بشكل يتعبه ويسعده معاً...
وإلى أن كان الأسبوع..واشتدت المعركة وجأرت النار طيلة ليلتين ونهار كامل وقسم من النهار الثاني...كانت سيارات الأعداء
المصفّحة تتجه على الطريق العمومي إلى نهاريا.. وكان عليهم أن يقطعوا عليها الطريق بالمدافع المبثوثة على الدور القريبة من الطريق...
ولم تهدأ المعركة إلاّ في الثالثة من عصر اليوم التالي، فانقضّوا على المتاريس، واستلقى بعضهم على الأرض، ونزل هو يغتسل
من حنفية الحديقة تمهيداً لزيارة للمدينة يستفهم فيها عن خطة الحرس القومي في سحب السيارات المصابة إلى داخل المدينة...
وكان الصابون يغمر وجهه حين انبعث صوت رصاصة فثانية، فسارع يزيل الصابون عن عينيه حين ثقب أذنيه صوتها..
والتفت إلى باب الحديقة فرآها تمرق منه.. وصرّتها بيدها، أما الأخرى فكانت على صدرها.. لم يصدّق أن بها شيئاً وقد كانت
واقفة على قدميها، ولكنها ما لبثت أن ارتمت عليه، وبدأ الدم يندلق من صدرها، فسد جرحها بيده، ونادى على رفاقه الذين
سارعوا بالقاء ستراتهم لتمتص دمها المسكوب.وفتحت فمها لتقول شيئاً، ولكن الحشرجة خنقت كلماتها.ثم انتهى كل شيء بشهقة!...
حدث هذا بسرعة لم يصدّقها.. دقائق وضعت حدّاً لكل شيء، فكيف، كيل لم يجمّد الزمن.. كيف تركها تموت؟
كيف لم تنتفض تحت قبلاته، نداءاته الملتاعة.. كيف لم ترتعش تلك الجفون وهي تشرب كلمات حبّه الأولى..ماتت...
كيف ورائحة شعهرا في أنفه ما تزال.. وحرارة يدها تأكل كفّه، وطعم شفتيها الرطبتين على شفتيه.
لم يكن في نظرتها موت، في عينيها اللتين تتحدّيان أي شيء..فيهما حب ووعد بالحياة...ويفرك عينيه، يطرد الكابوس
ويشدّ على الغليون الذي قدّمه له إبراهيم فلا تنغرز أظافره في راحته وهو يقرأ في عيون رفاقه..
أجل ماتت، وانتزعناها منك، ودفنّاها على الرابية هناك، وزرعنا على قبرها علماً، وكرّسناها بطلة..
كانت تحبّك فباتت رمزنا جميعاً.. إبراهيم، ووديع وصالح، وأحمد وعبدالله....خطّ أصفر نحيل وبضع نجيمات ..
ولا شيء إلاّ العتمة وأطراف السجائر المتوهّجة، وهم أمام المتاريس بلا نوم أو طعام أو شراب...
وانقضت الليلة هادئة إلاّ من مناوشات في الفجر، ثم سكت كل شيء، واستسلمت الرؤوس المتعبة إلى يوم
نوم يفسد الجوع وتوقع الخطر...ومع الفجر فرك عبد الله عينيه وسأل وهو يتطلّع في الصناديق الخشبية المركونة جانباً:
- أما من شيء نأكله؟...وردّ وديع:- أجل هناك جوعنا..وسكت...وهناك أرغفة سعاد.. لماذا لا يقولونها، وكانت
ملوّثة بدمها، فأي أدام تعس لخبزهم؟..لقد بدأوا يجوعون بشكل لا يطاق، وباتوا عاجزين حتى عن الوقوف..
وكان رامز يشعر بأن الظروف تتكاثف لامتحانه بشكل مذل، وبأنه ما من واحد من رفاقه سيجرؤ على
أن يفكر في الأرغفة إلاّ إذا عرضها هو...وغطّى عينيه بيديه، أهناك تعاسة بعد تعاسة اضطراره إلى أن يطعم دمها رفاقه؟..
وتطلّع إلى أخوانه. كان عبد الله مستلقياً على بطانية، وكذلك صالح، وكان أحمد جالساً على كيس من الرمل
وهو يضغط بطنه بيديه...إن واحدهم مستعد لأن يأكل جثة كلب، ولكن يداً منهم لم تمتد إلى الأرغفة المعمّدة بالدم..
لقد كان عليه أن تأتي البادرة منه.. ماذا يقول لرفاقه.. خذو فقد وهبتنا سعاد الخبز والأدام...وأطرق قليلاً، ثم تحامل
على نفسه ووقف.. إذا كان هو يستفظع الفكرة فإن عليه أن يمضي إلى المدينة ليتدبّر لهم ما يأكلونه...
وحاول أن يقف ولكنه كان ظاهر الخور.. وأدرك رفاقه ماذا يبغي من وراء ذهابه للمدينة، إن أية رصاصة
ستصطاده كعصفور صغير، فالمنطقة الخلاء بين مركزهم والعمران كبيرة ومكشوفة، ومرور سيارات مصفّحة تحمي
نفسها بإطلاق الرصاص في كل الإتجاهات متوقع في أية لحظة، فأمسك صالح به من كتفه واضطره إلى الجلوس...
فجلس لتتوثّب في رأسه طيوف معركة بين جوعه وجوع رفاقه وبين الأرغفة الحمراء... كانت ما تزال مكوّمة في
الزاوية، مصرورة كما حملتها سعاد.. إن التجربة شيء يجرح أعصابه ولكن شراء حياة خمسة، يجب ألاّ يخضع
لإحساسه الرهيف...ولكن أي ثمن سيدفع .. أين الأعصاب التي تحتمل أن ترى يداً تمتد لتمزّق رغيفاً وأسناناً تدور
لتلوك خبزها مغموساً بدمها.. وأغمض عينيه .. لا، هذا لن يكون ..ولو ماتوا جميعاً.. إنهم لا يفضلونها بشيء..
وماذا لو ماتوا..تموت وهي تحمل خبزهم، ويموتون لأنهم لن يمسّوا خبزاتها، فلا يشتري موتُها حياتهم.
يرفضون خبزات الفداء.. وقد امتدّت إليهم ممتحنة إنسانيتهم.. أو إنسانيته هو على الأقل.. فما ذنب هؤلاء ليجوعوا..؟
ولكن ماذا لو جاعوا..؟ ليحسبوا ألاّ خبز هناك.. إنهم على كل حال لا يتطلّعون إليه. لقد عفّوا وأقنعوا أنفسهم
بأن ينتظروا رزقاً غير هذا.. أو يموتوا.. ويموت معهم ثأرها..ثأرها؟ صحيح كيف ينسى ذلك...؟
كيف يختار أن يموت جوعاً ككلب ويميت معه خمسة؟ حقاً إن كثرة تعاملهم مع الموت قد سلبته تلك الصورة
المستفظعة، ولكن مهما كان له الحق في اختيار الميتة التي يشاء، فلن يختار أن يموت جوعاً.
سعاد نفسها ترفض ذلك لبطل...وارتعش بألم...لقد اكتشف أنه في الليلة الأخيرة قد فكّر في جوعه أكثر مما فكّر في سعاد.
لقد عطّلت غريزة الجوع كل أحاسيسه الأخرى. يا إلهي ما أفظع التجربة..ونادى إخوانه ففتحوا عيوناً تكاد
من إعيائها لا تنفتح، سيدعوهم واحداً واحداً..إبراهيم ووديع وصالح وأحمد وعبد الله، وسيلتفّون حوله في حلقة ..
ثم ينهض هو ويحضر الأرغفة.. وحين تمتد يده ليفكّ الصرة، سيحكي لهم قصة عتيقة تعرفها هذه الأرض. ..ويعيها ناسها...
قصة افتداء الحياة بالجسد والدم..ثم يحمل خبزاتها وبكل الجو الشعائري الذي يقدّم به كاهن كنيسة شرقية خبز
للمسيح سيقول لهم:كلوا هذا هو جسدي.. وهذا هو دمي فاشربوا... وسيأكل هو من الأكسير أيضاً.. وسيستقر
في شيء من سعاد في أحشائه.. شيء منها..أجل كيف لم يفطن إلى ذلك قبلاً.. شيء ما يفتأ يتململ ويضج طالب ويذكره
أن عليه أن يفعل شيئاً لهذا الجسد الثانوي في طرف الحديقة..وقام متحاملاً على نفسه إلى الزاوية تتبعه عشر عيون شعر بنظراتها
توثق رجليه.. فتناول الصرّة بيد ترتجف.. وفتحها وأدنى الأرغفة من شفتيه ثم اقترب من رفاقه وقدّمها راكعاً وقال:
كلوا.. إن سعاد لا ترضى لنا أن نموت جوعاً..وغامت الدنيا في عينيه، ووقع على الأرض فاقد الشعور!

سميرة عزّام












 توقيع :
قال تعالى {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً }النجم28

دائما النية الطيبة لاتجلب معها إلا المفاجآت الجميلة
لاتغيروا أساليبكم فقط غيروا نياتكم فعلى نياتكم ترزقون


رد مع اقتباس
إضافة رد
كاتب الموضوع الغزال الشمالي مشاركات 2 المشاهدات 1237  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع

(عرض التفاصيل الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع منذ بعد 07-18-2025, 04:41 PM (إعادة تعين) (حذف)
لا توجد أسماء لعرضهـا.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 04:41 PM بتوقيت الرياض


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون
Designed and Developed by : Jinan al.klmah