منتديات وهج الذكرى

منتديات وهج الذكرى (https://www.wahjj.com/vb/index.php)
-   نفحــات ايمانيـة (https://www.wahjj.com/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر (https://www.wahjj.com/vb/showthread.php?t=32072)

الصقر 01-11-2021 11:29 AM

ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


حين جعل الله -تعالى- الدنيا دار ابتلاء وعمل، وحفَّها بالشهوات المُشاهَدة المحسوسة، وجعل الآخرة دار جزاء وقرار، وهي غيْبٌ أخبرنا عنه؛ فإنَّما ذلك لِيظهر مَن يؤمن بالغيب الموعود، ويقدِّمه على المشاهَد المحسوس، فيخاف وعيد الله -تعالى- في الآخرة، ويرجو وعده، ويعيش دنياه على وفق ذلك.


إنَّ مَن آمن بالحياة الباقية، وعَمِل للآجلة، وجعل غايته الدَّار الآخرة، ولم يستعجل اللَّذَّة العابرة، والشهوة الزائلة، ولا اغترَّ بالحياة الفانية؛ فإنَّ جزاءه جنَّة عرضها السَّماء والأرض، فيها ما لا عيْنٌ رأَت، ولا أذُن سَمِعت، ولا خطَر على قلب بشر، لا تَبْلى ثيابُهم، ولا يَفْنى شبابُهم، يَنْعمون فيها فلا يَبْأسون، ويصحُّون فلا يمرضون، ويخلدون فلا يموتون.

والكلام عن الجنَّة وما فيها من النعيم، تَطْرب له قلوبُ المؤمنين، وتشتاق له أسماع المُوقنين، فيشمِّرون عن سواعد الجدِّ والعمل في الباقيات الصالحات؛ لتحصيل أعلى المنازل والدَّرجات فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ


والقرآن والسُّنَّة مليئان بالحديث عن الجنَّة؛ لِزَرْع اليقين في قلوب المؤمنين بحقيقتها، وتَشْنيف أسماعهم بذِكْرها، وتشويقهم لأنواع نعيمها، وحفزهم للمسابقة في أعلى درجاتها. إذْ هي دار الكريم المنَّان، وجزاء الرحيم الرحمن، وهبَها للمؤمنين برحمته، وجعل الإيمان والعمل الصالح سببًا يوصل إليها، وليس ثمنًا لها، تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا ... وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ، جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى


ومن نعيم الجَنَّة ما فيها من أنهار تَجْري، وعيون تتفجَّر، وأنهار الدُّنيا وعيونها مع كثرتها، وعذوبة مائها، وطيب هوائها - ليست شيئًا يُذْكَر عند أنهار الجنة وعيونها، ومع ذلك فإنَّ أنهار الدُّنيا وعيونها قد سلَبَت الألبابَ بِجَمالها، وأشعلت الحروب لحيازتها، وعمرت بالسَّاكنين جنباتها، وأثمن ما في الأرض ما كان على حافة نهرٍ، أو نبعت فيه عين، وأغلى ما يُكترى من المنتجعات ما كان على شواطئ البحار وحواف الأنهار؛ لأَسْر منظرها، وجمال مَشْهدها، وطيب هوائها، وراحة النَّفْس فيها، وما زال الناس قديمًا وحديثًا يستجمُّون في سواحل البحار والأنهار، وإذا هطل المطر وحلَّ الربيع في الأراضي الصحراوية، خرج الناس لرؤية الوديان والشِّعاب وهي تجري بالماء، وخيَّموا حول الغدران والقيعان للتمتُّع بمنظر الخضرة والماء.

بل إن فرعون حين غشَّ الرعيَّة، وادَّعى الرُّبوبية؛ استدلَّ بجريان الأنهار من تحت قَصْره على سَعة مُلْكِه وقُدْرَته؛ مخادَعةً لقومه، ولولا ما في النُّفوس البشرية من محَبَّة ذلك، والاستدلال به على النَّعيم، لمَا استدل به فرعون اللئيم، الذي كفر نعمة الله -تعالى- إذْ رزقه، وهتك ستر نفسه حين ستَره؛ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ .

والله -تعالى- خالِقُ البشَر، وهو -سبحانه- يعلم جبِلَّتَهم في تمتُّعِهم برؤية الماء وجريانه؛ ولِذَا وعَدَهم على إيمانِهم وعمَلِهم الصالحِ جنَّاتٍ تجري من تحتها الأنهار في نحو من أربعين موضعًا في القرآن الكريم، وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ، لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ.

والأصل أن الأنهار تجري بالماء، وماء الجنة ليس كماء الدُّنيا عذوبةً وصفاء، ولذَّة ونفعًا، وفي الجنة أنهار أخرى على غير ما عَهِدَ البشر وعرَفوا، وهي المذكورة في قول الله -تعالى-: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى .

فذَكَر -سبحانه- هذه الأجناس الأربعة، ونفى عن كلِّ واحد منها الآفةَ التي تَعْرض له في الدنيا؛ فآفة الماء أن يَأْسَن من طول مُكْثه، وآفة اللَّبَن أن يتغيَّر طعمه إلى الحُموضة، وآفة الخمر كراهة مَذاقِها، وآفة العسَل عدم تصفيته، وهذا من آيات الرَّبِّ -تعالى- أن تجري أنهارٌ من أجناس لم تَجْر العادة في الدنيا بإجرائها، ويُجْريها في غير أُخْدود، وينفي عنها الآفات التي تمنع كمال اللَّذَّة بها.

وهذه الأنهار الأربعة جاء ذِكْرها في حديث معاوية بن حيدة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلَّم- قال: «إن في الْجنة بحرَ الماء، وبحْر العسل، وبحر اللبن، وبحر الخمْر، ثم تشقق الأنْهار بعْدُ»؛ رواه الترمذي وقال: حسنٌ صحيحٌ.


فتأملوا -رحمكم الله تعالى- اجتماع هذه الأنهار الأربعة، التي هي أفضل أشْرِبة الناس؛ فنَهْر الماء لشربهم وطهورهم، ونهر اللَّبَن لقوَّتهِم وغذائهم، ونهر الخمر للذَّتهِم وسرورهم، ونهر العسل لشفائهم ومنفعتهم، وثبت في الصحيح أن أنهار الجنة تتفجَّر من أعلاها، من الفردوس الأعلى من الجنة، وتنحدر إلى باقي درجاتها؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلَّم-: «إن في الجنَّة مائة درجةٍ أعدها الله للمُجاهدين في سبيله، كل درجتيْن ما بيْنهما كما بين السماء والأرْض، فإذا سألْتم الله فسَلُوه الفرْدَوْس؛ فإنه أوْسط الْجنَّة وأعْلى الْجنة، وفوْقه عرْش الرحمن، ومنْه تفَجَّرُ أنْهار الجنة»؛ رواه البخاري.


جريدة الأيام














جنان الكلمة 01-11-2021 12:09 PM

5454544454543الصقر5454544454543
جزاك الله خير الجزاء
احسنت جلب قيم ورائع وجذاب
يعطيك العافيه وبارك الله فيك
دمت في رعاية الله وحفظه
https://i.top4top.io/p_1837o002f1.png

عاشق القصيد 01-11-2021 01:13 PM

جزاك الله كل خير
على هذا الموضوع الجميل والمفيد
جعله في موازين حسناتك
تحياتي لك
أنتظر جديدك

وردة الغرام 01-11-2021 02:55 PM

بارك الله بجهودك الطيبة وجزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك

بانتظار جديدك يا غالي

الصقر 01-12-2021 11:55 AM

جزاكم الله كل خير على التوقف الكريم والدعاء
لا حرمنا الله تواجدكم الدآئم
دمتم بحفظ الرحمن

شموخ الكلمة 01-14-2021 05:16 PM

بارك الله فيك لطرحـك القيــم
جزاك الله خيـر 000icon43000icon43
تحيآآآتي

ريماس 01-15-2021 09:45 PM

جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري

روح الأمل 01-18-2021 09:50 PM

جزاك الله خير الجزاء اخي الفاضل وبارك فيك

ملكة الحنان 01-19-2021 08:21 AM

جزاك الله كل خير
ويعطيك ربي العافية و تسلم الايادي
في انتظار لكل جديدك الشيق يالرائع

انسان و ملاك 01-24-2021 04:37 PM

الصقر

جزاك الله خيرا

وبارك الله فيك

اشكرك والله


الساعة الآن 10:57 AM بتوقيت الرياض

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون