![]() |
الشمعة
عبدالغفور مغوار
انقطع التيارُ الكهربائي بفعل هبوبرياح قويَّة؛ مما زادني توترًا تلك الليلة، أطفأت الشمعة بنفث قويٍّ يفشي سرَّ احتقاني، وجذبت بنفس العصبية لحافي ألفُّ به رأسي، حاولت إغماضَ عينَيَّ استعجالاً للنوم، فأبَتِ الأهداب أن تلتقي، أحسست باختناق؛ فأخرجتُ رأسي من تحت اللِّحاف، فبدَتْ لي الشمعة متَّقِدة من جديد بضوء خافت، لسانها كان ثابتًا لا يتحرك؛ تيبَّست شفتاي حين همَمْتُ بالنفث عليها لتنطفئ، نَمِلَ كلُّ عضو في جسدي، ودارت بذهني خرافات مبهمة، سألت نفسي: هل انطفأَتِ الشمعةُ قبل أن أغمَّ رأسي باللحاف؟ فأجاب صوت قريب مني: • ما دهاك؟ أَأَذْهَبَتِ السِّنون تركيزَك أيها البائس؟ لم أستطع الردَّ، ولا تمييز مصدر الصوت، همهمت بشيء أنا نفسي لم أميِّزه، فجاءني صوت قهقهةٍ قريب جدًّا، فحدقت بالشمعة، وصار الصوت يُردد: • تحدق بي هكذا، كأنك لم ترَ شمعة من قبلُ تتحدث كما يتحدَّثُ البشر؟! أردت أن أقول: نعم، إنها الحقيقة، لكن لساني تاهت عنه لغتُه، حاولت أن أنهض، أو على الأقلِّ أن أعتدل على مرفقي، ففشلتُ، ضاعت أعصابي بمواصلة الصوت: • تريد النومَ، ومِن أين لك أن تنام وأنت بلا جسد؟! حاولت أن أتحسَّس ذاتي تحت اللِّحاف، فما لمستْ يدي - أو ما أزعم أنها كانت يدي - إلا الفراش. سألت: أين أنا؟ أين ذهب جسمي؟ أرى وأسمع وأفكِّر، فأين الباقي من جسدي؟ ضحك الصوت مرة أخرى مردِّدًا بسخرية: • عبثًا تحاول أن تجد نفسك في هذا الظلام المؤثَّث بهذا الضوء الخافت مني؟ قلت: ضوء خافت، لكنْ مُؤْنِسٌ، وكان ما قلت لم تتحرك به شفتي، ردَّتِ الشمعة بعدما تيقَّنت أنها هي مَن تحادثني: • أبشع ما رأيت: إنسان ذائب، تقوم على دمعِه شمعة لا تريد أن تنطفئ! بالفعل، كنت أذوب ودمعي يهمي، سمعت من تلك الشمعة حكايات مَن قابلت قبلي، وكيف كانت نهايتهم؛ فتخيَّلتُ نهايتي على أحوال متعددة ومختلفة، كلها أليمة ومُحْزنة! هل كانت بداية جنون غير متوقَّع؟ هل كان كابوسًا مباغِتًا؟ لم أنتبه أني في غمرة تلك الحيرة قد نمتُ أخيرًا، ولكن عند صحوتي وجدت نفسي أنفثُ على الشمعة، وأجذب اللِّحاف على وجهي، مغالبًا حاجتي المُلحَّة في السهر، ولما غمَّ عليَّ اللحاف، أخرجت رأسي لآخذ نفسًا، فصدمت لكون الشمعة كانت لا تزالُ متَّقدة، وأصوات غريبة تخاطب غرباءَ في غرفتي لم تَرَهم عيني، كانوا قد ذابوا في أماكنهم حسب ما فهمتُ من سياق ما جاءت به الأصوات، فسلَّمت بكوني قد أصبحت أنا أيضًا فردًا ضمن كائنات ذائبة. |
رد: الشمعة
روح الأمل
سلمت اناملك ويعطيك العافيه ع القصة الجميلة وروعة مضمونها لاعدمنآ هـ العطآء ولا هَـ المجهود الرائع بشوق دائم لجديدك باقات من الجوري لروحك كنت هنا اميرة الحب http://www11.0zz0.com/2021/08/30/13/646446134.gif |
رد: الشمعة
شكرا اميرتنا اسعدك الله
|
رد: الشمعة
سلمت يدآك طرح جميل
ننتظر جديدك بشوق يعطيك العآفيه |
رد: الشمعة
قصة جميله جداً
بارك الله فيكِ ونفع بكِ ربي يسعدك غاليتي |
رد: الشمعة
جزيتم خيرا شاكرة مروركم
|
رد: الشمعة
دمت ودآم بحـر عطآئك
أرق التحايا مع الورد |
رد: الشمعة
.. قصة اكثر من رائعة شكرا على روعة الطرح وحسن الاختيار وتميزك دوماً في طرح كل ماهوراقي ومميز فلك مني شكري وعظيم امتناني دمت بكل خير http://www.nalwrd.com/vb/upload/4183nalwrd.gif |
الساعة الآن 07:30 AM بتوقيت الرياض |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By
Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون