منتديات وهج الذكرى

منتديات وهج الذكرى (https://www.wahjj.com/vb/index.php)
-   ❦ وهـج القصص والخيال ❦ ❧ (https://www.wahjj.com/vb/forumdisplay.php?f=14)
-   -   زهرة البنفسج (https://www.wahjj.com/vb/showthread.php?t=37447)

روح الأمل 09-30-2021 09:52 AM

زهرة البنفسج
 
مصطفى صلاح محمد


لَم يدرِ لِم ألحت تلك الذكرى عليه في ذلك التوقيت، تريدُ أن تتحرَّرَ من سجنٍ طالما سجنها فيه وأضعفها إهمالاً ونسيانًا، ياااااه!



كم سنة مرَّتْ منذ ذلك الوقت؟! هو نفسُه لا يدري لكن تلك الشعيرات البيضاء التي غزت رأسَه، وتلك الأخاديد العميقة التي رسَمت ملامحَ وجهِه، وهذه النظرة العميقة من خلف نظَّارتِه المكبِّرة أوحَت إليه بطول تلك المدَّة.



هزَّ رأسَه لعلَّه يُبعدُ تلك الذكرى، أو يسقطها في بئرِ الزمنِ السحيق، الذي تحاولُ جاهدة أن تتشبَّثَ بحافَّته لترى النُّورَ لكنَّه لم يفلح.



أراح رأسَه المتعبة على مسندِ ذلك الكرسي العتيق، أمامه كوب الشاي الساخن، وجريدتُه اليومية، وأوراقُه وأقلامُه، وعلى الحائط استقرَّتْ تلك اللوحات والنياشين التي تحكي إنجازاتِه، ألقى إليها نظرةً خاوية، تنهَّد تنهيدةً عميقة، أغمضَ عينيه وسمحَ لذكرياتِه أن تتدفَّق، يالها من أيَّام؛ تذكَّرَ طفولتَه العذبة، وتذكَّرَها، كيف له أن ينساها كلَّ هذه المدَّة!



رأى - بعينين حالمتين - تلك الحديقة التي جَمَعتهما، رأى ذلك الجمال الأخضر ذا الألوان يغطِّي الأفق؛ أفقَه الصغير، رأى زهور البنفسج التي كانت تعشقُها؛ رآه يجري ويتعثَّرُ بخطواتِه المضحكة خلف تلك الفراشة الملوَّنة، سقطَ مرارًا واتسخت ثيابُه لكنَّه لا ييئس، رآها بعينِ الخيال تؤنِّبه بشدَّةٍ على اتساخه، سمع صوتَها الحنون يتردد في ذهنه:



• محمود، ألم تعدني ألا تتسخ ثيابُك! لن أصحبَك إلى هنا مرَّةً أخرى.



لكنَّه يلمح من خلف نظرات الغضب المصطنعة لمحاتِ المحبَّة والرِّضا، لم تكن غاضبة لهذه الدرجة، ثمَّ هي تعرفُ كيف يحبُّ هو هذه الحديقة، وكيف تحبُّها هي، وتحبُّ كذلك صحبةَ القمر، ومحمود، وتلعثماتِه الطفولية المضحكة، وزهورَ البنفسج، وغروبَ الشمس، ونسماتِ الهواء الباردة.



يقتربُ منها في مرحٍ حاذر، يخرج يدَه من خلفِ ظهرِه ممسكًا بزهرة البنفسج، يمدُّ ذراعَه إليها متودِّدًا، صمتتْ قليلاً، ثمَّ قالت بحزم:

• كلا، لن آخذ منك شيئًا حتى تلتزمَ بتعليماتي.



توقَّفَ الزمنُ قليلاً لمحت في عينيه توسُّلاً، قاومت تلك الرغبةَ في أن تستمرَّ في عقابِه، لكنَّها لم تلبث أن استسلمت له بابتسامة مشرقة.



يضحكُ ضحكةً طفولية صافية، تضمُّه إليها، ويستشعر دفءَ حضنها، ويتمنَّى ألا يُحرمَ منه أبدًا بعد ذلك.



حتى عندما ماتت أمُّه ظلَّ - لسنوات عدَّة - يزور تلك الحديقةَ ويتأمَّل تلك الخضرةَ، ويجري خلفَ تلك الفراشةِ، ويقطف زهرة البنفسج، ثم...



ثمّ يبكي عندما يتذكَّرُ أنَّها لم تعد هناك لتضمه.

همس المطر 09-30-2021 11:05 AM

رد: زهرة البنفسج
 
قصة رائعه جداً
يعطيك العافيه ع الإنتقاء
ربي يسعدك حبيبتي

روح الأمل 09-30-2021 11:42 AM

رد: زهرة البنفسج
 
الأروع تواجدك غاليتي همس اسعدك الله

اميرة الحب 10-01-2021 02:37 AM

رد: زهرة البنفسج
 
روح الأمل


سلمت اناملك ويعطيك العافيه ع القصة الجميلة والقيمة
لاعدمنآ هـ العطآء ولا هَـ المجهود الرائع
بشوق دائم لجديدك
باقات من الجوري لروحك
كنت هنا اميرة الحب



http://www6.0zz0.com/2021/09/30/00/280221089.gif

الجوري 10-01-2021 04:27 AM

رد: زهرة البنفسج
 
دمت ودآم بحـر عطآئك
أرق التحايا مع الورد

روح الأمل 10-01-2021 11:23 AM

رد: زهرة البنفسج
 
أميرة الحب - عطر الجوري
شاكرة مروركم لا عدمتكم

ريماس 10-06-2021 08:46 PM

رد: زهرة البنفسج
 
طرح رائع
الله يعطيك العافيه
ارق تحيه محمله بآلجوري لشخصك
احتراماً / وتقــديراً

اسير الذكريات 03-22-2022 07:55 PM

رد: زهرة البنفسج
 


..

قصة اكثر من رائعة
شكرا على روعة الطرح وحسن الاختيار
وتميزك دوماً في طرح كل ماهوراقي ومميز
فلك مني شكري وعظيم امتناني
دمت بكل خير
http://www.nalwrd.com/vb/upload/4183nalwrd.gif


الساعة الآن 12:38 PM بتوقيت الرياض

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون