![]() |
مقال / الجنون العام دكتور مصطفى محمود
https://b.top4top.io/p_2500lonfu0.jpg
"ليس هناك أغرب من عادة شرب الدخان .. أن يصرف رجل عاقل نقوده في إحراق بعض المخلفات و استنشاق دخانها اللاسع الخانق الكريه . يدخن و يسعل و يبصق .. ثم يعود فيبتلع الدخان و يسعل و يبصق .. و يقول بصوت أجش مشروخ إنه يشكو من برد مزمن ، و إنه لهذا السبب استبدل الدخان الإنجليزي بالدخان التركي ! ثم ينفث حلقات الدخان و هو يحملق في الفراغ و فمه مفتوح ، و قد وضع ساقاً على ساق ، و سبح بخياله في حالة انعدام وزن لا يفكر في شيء .. مشهد كاريكاتوري من مسرح لا معقول . قصة بلهاء من خمس دقائق تبدأ بشطة عود كبريت ، ثم حركات استعراضية من رجل عجيب يأخذ أوضاعاً بهلوانية في كرسيه و يسترخي و يسرح و يشفط و ينفخ و يسعل و يبصق . و نفهم من القصة أنه يدفع من قوته و قوت عياله في سبيل هذا الدخان .. ثم يعود فيدفع مرة أخرى ليعالج نفسه من هذا السعال و الدخان .. ثم يعود فيدفع مرة ثالثة لينظف أسنانه من أوساخ هذا الدخان .. ثم يروي لنا أنه قرأ في المجلة عن تسبب التدخين في السرطان و في نفس الصفحة قرأ إعلانات عن فوائد التدخين . فإذا سألته و ماذا ستفعل ؟ قال لك سأستبدل لفافة التبغ بالسيجار ، أو السيجار بالشيشة ، أو الشيشة بالجوزة ! و تراه يصوم عن الطعام و لا يستطيع أن يصوم عن السيجارة .. و تراه يستمر في هذا الإنتحار الصغير كل يوم فيلقي بنقوده و صحته في البحر ، و يقف يتفرج على الإثنين يغرقان و هو يسعل و يبصق و يلهث .. رجل مخبول تماماً .. و لكن هذا المخبول هو كل الناس .. كل الناس ينتحرون لسبب غير مفهوم .. العملة الصعبة التي تنفق في استيراد التبغ و السيجار و المعسل في العالم كافية لحل مشاكل المجاعة و الفقر و الجهل و المرض .. و الإنسان المجنون ابتكر وسائل انتحار أخرى .. غير التبغ ، مثل الأفيون ، و الحشيش ، و الكوكايين ، و الهيرويين ، و عقار الهلوسة و الخمور بأنواعها .. و لم يكتف بهذا فاخترع أسلحة القتل السريع الأكيد مثل الرصاصة ، و القنبلة ، و الغاز السام . ثم عاد فابتكر الأعذار و المبررات الجاهزة للقتل .. مثل الصراع الطبقي و تغيير التاريخ ، و إنقاذ الحرية ! و الحرية ذاتها كانت دائماً هي المخدر الأكبر .. المدخن يقول لك : أنا أدخن لأني حر . و مدمن المخدرات يقول لك : أنا حر . و الذي يطلق أول رصاصة يطلقها ليكون حراً و دائماً الحرية هي أول ما تجهز عليه هذه الأسلحة .. و دائماً الحرية هي الضحية .. و الإنسان القاتل و المقتول هما الضحية .. و الجنون العام هو الحقيقة .. و هو طابع هذا الإنسان العاقل اللامعقول اللغز ... .. مقال / الجنون العام من كتاب " الشيطان يحكم " د .مصطفى محمود (رحمه الله ) |
رد: مقال / الجنون العام دكتور مصطفى محمود
وارفتنا
موضوع جميل ومميز تسلم ايدك خالص الود والشكر |
رد: مقال / الجنون العام دكتور مصطفى محمود
يسلم قلبك انسان
كل الشكر |
رد: مقال / الجنون العام دكتور مصطفى محمود
موضوع جميل
أسمحي لي أبدي أعجابي في موضوعك وتقبلي مروري العطر تحياتي لك أنتظر جديدك بكل شوق |
رد: مقال / الجنون العام دكتور مصطفى محمود
وارفة
سلمت أناملك على جميل طرحك ويعطيك العافية لطيب الجهد وتميز العطاء ما ننحرم من فيض عطائك وإبداعك مع ارق تحية لقبك الفرح كنت هنا اميرة الحب http://www10.0zz0.com/2022/08/01/17/405988173.gif |
رد: مقال / الجنون العام دكتور مصطفى محمود
نورتم يااخوان هلا وغلا
|
رد: مقال / الجنون العام دكتور مصطفى محمود
سلمت الأيادي على روعة الطرح
في انتظار جديد طرحك لاخلا ولا عدم |
رد: مقال / الجنون العام دكتور مصطفى محمود
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز، وفي انتظار جديدك الأروع والمميز.. لك مني أجمل التحيات، وكل التوفيق لك يا رب.
|
الساعة الآن 06:08 AM بتوقيت الرياض |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By
Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون