![]() |
قصة ربما الجنة
http://g.top4top.io/p_2611o1nu40.jpg
جلستُ بجانبِ النافذةِ الزُجاجيَّة، ثم رأيتُ البيوتَ تتحرَّكُ إلى الوراء، بعضَ الدكاكين، وأُناسًا كثيرين؛ مَن يمشي للأمام، مَن يمشي للوراء، جميعهم خلفي، فأدرتُ وجهي للجهةِ الأُخرى، وجدتُ أخي يجلِسُ بجانبي، رأيتُهُ يضحَك ويذكِّرُني بأيَّامِ طفولتِنا، عندما كُنَّا نذهبُ معًا كي نسقي الأشجارَ التي زرعَها أبي في حديقةِ منزلِنا، فكانت تُمَلِّسُ بأيديها على رؤوسِنا، تتمايلُ بفروعِها تقبِّلُ جباهَنا، وكأنَّها تشكرنا على ما نفعل. يذكِّرُني بأيَّام الصيام، ولياليه شديدةََ البرد، وأنَّنا كُنَّا نجلِسُ أمام المرئي نتغطَّى بالبطاطين، لا يعرفُ النومُ إلاَّ طريقَ أعيُنِنا، وتدعونا أمي للسحور، لكننا لا نستطيعُ التحرُّرَ من قيدَي النوم والبرد، فتأتي لنا بالطعام. يذكِّرُني بخروجِنا معًا لنلعب بالدراجة، يركبُها مرَّة، وأركبُها مرَّة. ثم قال لي: لا، لن تخرجي وحدكِ، فقلتُ له: لستُ منتظرةً أمرَك؛ لأني لا أريدُ الخروجَ وحدي، وأملتُ رأسي بخفةٍ قائلة: أنت مَن عوَّدني على ذلك. ثم أدرتُ رأسي للنافذة مرَّةً أُخرى، اعتقدتُ أنَّ طفلاً رآني فاندهش، وقال لأبيه: • انظر يا أبي، إنَّها تُكلِّمُ نفسَها. فأدرتُ رأسي مُسرعةً لجهةِ أخي فلم أجدْه، رأيتُني وحدي في السيَّارة، لم أندهش كثيرًا، فقد عُدتُ للواقع، أعدتُ النَّظرَ من النافذة، وتذكَّرتُها، المرأةَ العجوز التي كانت تجلسُ أحيانًا أمام بابِ منزلِنا، تُهمهمُ بكلماتٍ لا نستطيعُ ترجمتَها. وإنَّهُ حدَّثني مرَّةً عنها، أنَّها كانت تجلسُ في الطرقات، تهيمُ في الشوارع، لا يتحمَّلُها الناس، ولم لا؟ فإخوانُها لم يتحمَّلوها، زوجُها أقربُ الناسِ إليها لم يتحمَّل شرودَها الكثير، بل أكثر من ذلك، يجري وراءَها الأطفالُ يرشُقونَها بعباراتٍ تقعُ كالسِّكِّينِ على جُرحٍ غائر لن يلتئم أبدًا! كانت تُجالسُ أُناسًا لا نراهم، لكنَّها تراهم، تراهم أرحمَ ممن يعيشون حولَها، أحيانًا تتشاجرُ معهم، لكنها تنتصر، أُناسٌ من حولها يُسمُّونهم عفاريت، ومن يدري لعلَّهم ملائكة، لعلَّهم أُناسٌ فقدتهم، لم يكونوا كما تمنَّت، لكنَّها استطاعت بخيالِها أن تعيشَ معهم كما تمنَّت، في عالمٍ تحوَّلت فيه ثيابُها الباليةُ إلى حرير، عالمٍ بنت فيه قصرًا، مدينةً فاضلة، أو رُبَّما جنَّة. وجدتُني أقول: الحمدُ لله، معذرةً يا أُختي، أتمنَّى ألا تكوني نهايتي. 🔹️🔷️🔹️🔷️🔹️🔷️🔹️ مما قرأت |
رد: قصة ربما الجنة
قصة جميلة جداً وواقعية تمس الوجدان
فيها مزيج رائع من الواقع والخيال حبيت إدراجك جميلتي بارك الله فيكِ ونفع بكِ أسعدكِ الرحمن |
رد: قصة ربما الجنة
|
رد: قصة ربما الجنة
سلمت الانامل التي خطت هذا الجمال .
ونسجت من الاحرف بديع اللوحات دام عطائك العذب |
رد: قصة ربما الجنة
|
رد: قصة ربما الجنة
سلمت الأيادي ..
ويعطيك العافية لـ جمال الآنتقاء لروحك جنائن الورد |
رد: قصة ربما الجنة
|
رد: قصة ربما الجنة
قصة فيها من العبر والدروس الكثير جُزيت خيرا طرح راقي وثري وجهد مميز سلمت الايادي سوسنتي الحلوة احمد الحلو |
الساعة الآن 08:26 PM بتوقيت الرياض |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By
Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون