عرض مشاركة واحدة
قديم 03-13-2012   #8


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



زوّجه ابنته الوحيدة،وأصبح بذلك جزءا لا يتجزأ من عائلة مُشغّله ،حيث كسبه ذلك الزواج متانة ورسوخا في المدينة ..وأسدل
ستارا على كل معارفه وأهله..ونسي قريته وأرضه..ودفن في أعماق نفسه الطيبة والمروءة والكرم !
إنها من مخلفات الماضي حسب اعتقاده!..

كل الناس تلهج بذكره،مقرونا بذكر مُشغله ،واعتبروه الساعد الأيمن له، وكلمته هي المسموعة ،أصبح يتصرف تصرّف المالك الأصلي
على كل أملاك مُشغّله،خاصة عندما اشتد المرض بصهره ،من جراء حادثة السير التي أودت بحياة زوجته وولديه!..
ولم يمض إلا وقت وجيز ،انتقلت روح صهره عند ربها ،وانتقل الإرث إليه
عن طريق زوجته الوريثة الوحيدة!فزاده ذلك شرفا وتعظيما..!

تولى مقام صهره ،لكن نفسه الأمارة بالسوء ..سولت له التصرف عكسيا لتصرفات المرحوم ..وأمسك يده..وضن على الجميع..سواء العاملين
معه أو غيرهم ،وتضاعفت مطامعه ومطامحه وتغلّبت عليه العدوانيية من فقره القديم ،وشرع ينتقم من المستضعفين ويقسى
على من لا يستحق..حتى صار مضغة في الأفواه..سيما عندما زاره بعض أفراد عائلته لتعزيته،وفي نفس الوقت تهنئته
بما حباه الله من النعم!حيث تنكر إليهم ،وتغاضى عنهم ،ورفض استقبالهم ،مدعيا بأن لا هو منهم ولا هم منه!
فنكر حسبه ونسبه! وأصله وفصله!وقديما قيل:
أم الكبائر أن تعلن الرضى للنفس الصغيرة!

عابت عليه زوجته ذلك،وحاولت اقناعه للتراجع عن غيه ،ويترك الأمور على حالتها ،ويرفع الظلم عن الناس ،ويحسن معاملتهم كالسابق..
إلا أنه لما ضاق ذرعا بنصائحها هدّدها بالطلاق بعد أن سلّمته ذات يوم تحت وطأة ضعف المرأة وكالة مفوضة للتصرف
في كل أملاكها وأموالها ..تراجعت وانكمشت كالطائر الجريح وأمسكت لسانها ،
وفوضت أمرها إلى الله ،قائلة في نفسها :حسبي الله ونعم الوكيل..!

دأب على حالته زمانا قصيرا..وسئمت عشرته وهجرته..سافرت عند أهلها ،وتركته يخوض ويلعب في الأموال والأعراض ،وأصبح
مراهقا كبيرا ..كسب رفاقا جدد وتنكر لكل الناس الذين كانوا يمجدونه ويساندونه في عهد صهره! وزين له الشيطان
أعماله ،وصده عن السبيل ،واعتقد أن فحولته التي صنع هالتها في نفسه وفرضها على رفاقه الجدد ،تغنيه
عن زوجه التي راودته فكرة الانفصال عنها ،لأنها تعارضه في أفكاره ،
في رأيه وفي طريقة عيشه وتسييره للأمور.!

لم يعد في حاجة إلى أي أحد يرشده أو ينهيه..لقد أصبح كبيرا..كبيرا في جسمه..كبيرا في ماله..كبيرا في كلمته! لقد وصل إلى ماكان
يتمنى ويثوق ،عندما غادر القرية! هذه الجملة ردّدها في نفسه عدة مرات ..كل ما حواليه يشهد له بذلك ..
فزادت نفسه في التعالي وصار يرى الناس صغارا.!

تلقى مكالمة هاتفية ذات صباح ،تفيد أن أحد مخازنه قد اشتعلت فيها النيران،خرج مذهولا وساق سيارته ومعه شلة من رفاقه الذين
يرافقوه في السراء والضراء! كانت السيارة تسير بسرعة البرق وأفكاره تركض أكثر منها ..ولسانه لا يكف عن السب والشتم
ضد مجهولين ! الجو كان ينذر بنزول المطر ..الضباب بعثر غباره على الطريق ..أحيانا لا يستطيع رؤية المنعرجات ..بعض
العربات والراجلين تنبت من حين لآخر فلا يراها حتى يوشك اصطدامها ..كان كل تفكيره منصبا في الوصول إلى ضيعته
لاستطلاع ما حل بمخزنه..بينما كان قريبا من إحدى المنعرجات إذا بعجلة سيارته الأمامية تنفجر ،وتنقلب
به السيارة في حافة قريبة من مسقط رأسه...أصيب بعدة كسور متفاوتة الخطورة ..بينما رفاقه
ماتوا في الحين ..نقل على إثر ذلك إلى المستشفى البعيد عن مكان الحادث ..وافته المنية
في الطريق نتيجة تأثره بجراحه..لم يودعه أحد ولا سامحه أحد! حتى الشهادتين
لم يلفظهما ..ولا رددهما أحد في أذنه! دفن بجوار والده من
طرف أهالي القرية ..احتراما للقرابة وصلة الدّم...!

انتهت
الغزال الشمالي











 
 توقيع :
قال تعالى {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً }النجم28

دائما النية الطيبة لاتجلب معها إلا المفاجآت الجميلة
لاتغيروا أساليبكم فقط غيروا نياتكم فعلى نياتكم ترزقون



رد مع اقتباس