أما تفسیر ذلك فھو أن مواضع تخزین الدھون القریبة من عضلات البطن تطلق الكثیر من
فائضالدھنیات إلى الدم ( الشحوم الثلاثیة ) على شكل حموض دسمة تجول في مصل الدم
، وھذا الفائض یخلق الفوضى في وظائف الجسم كافة ، فتصبح خلایا العضلات أقل
إستجابة للإنسولین ، ولا یعود الكبد بإستطاعتھ تخزین الغلوكوز على شكل غلیكوجین ( أي
مولد السكر ) ، بل یزید من إطلاقھ للغلوكوز إلى الدم في الوقت الذي لا یحتاج فیھ الجسم
لھذا الغلوكوز ، مما یعني إرتفاع مستویات سكر الدم وشحومھ فوق الطبیعي وتطلق العنان
لظھور السكري من النمط الثاني .
إن الرابط القوي بین البدانة والنمط الثاني من السكري ھو الدافع الرئیسي لإعتماد التغذیة
السلیمة المتوازنة بعیداً عن التخمة والإفراط في تناول السكریات والدھون ، بالإضافة إلى
مزاولة الحركة النشیطة والتمارین الریاضیة كعلاج أساسي في تدبیر السكري من النوع
الثاني ، وعلیھ یكون إنقاص الوزن عن طریق الحمیة الغذائیة ومزاولة الریاضة ضروریاً
للتخلصمن الدھون الضارة بالصحة والإستقلاب عند الشخص .
- قلة الحركة
یعاني أكثر من ثلث الناس من قلة الحركة لأنھم یقضون وقتاً طویلاً في الجلوس أمام التلفاز
ویتناولون المأكولات الغنیة بالدھون والسكاكر المركزة ( كالوجبات السریعة ) ویفتقرون
إلى الفرصة للخروج وممارسة الریاضة والمشي السریع والحركة النشیطة .
وتساھم قلة الحركة في حیاتنا الیومیة بظھور الإصابة بمرض السكري وتجعلھ یتفاقم لسببین
، أولھما : ھو أن قلة الحركة تؤدي إلى زیادة الوزن ، التي تعد العامل الأكثر خطورة على
القلب والشرایین والسكري ، وثانیھما : ھو أن قلة الحركة تجعل خلایا الجسم أقل إستجابة
للإنسولین ، وبمعنى آخر أنھا تجعل الخلایا تقاوم الإنسولین وترفض إبتلاع الغلوكوز
الجائل مع الدم .
وعلى عكس ذلك ، فإن التمارین الریاضیة غیر المرھقة تحث الخلایا على الإستجابة لفعل
الإنسولین عبر تنشیط أحد البروتینات الموجودة في خلایا العضلات وھو البروتین الذي
یحمل جزيء سكر الغلوكوز إلى داخل الخلیة ، ولأن خلایا العضلات ھي المستھلك الأول
للغلوكوز ، فإنھا تعتمد كثیراً على الإنسولین في عملھا ، ولا تنسَ أن العضلات في أجسامنا
تعمل لیلاً ونھاراً .
- مجموعة أعراضالمتلازمة الإستقلابیة :
ھي عبارة عن ( syndrome ربما تشعر بالغموض في ھذا الإسم ، وكلمة ( المتلازمة
مجموعة غیر نموذجیة من الأعراضوالعلامات المرضیة تتناول أكثر من عضو وأكثر من
وظیفة حیویة في الجسم ، وكلمة ( الإستقلابیة ) تعني العملیات الحیویة في الجسم التي
تتصرف بموارد الطاقة وتصرفھا من أجل الحفاظ على سلامة الخلایا والنسج والأعضاء ،
وھذه ( المتلازمة الإستقلابیة ) تمھد لظھور السكري من النمط الثاني وأمراض القلب
والشرایین ، وھي تتمیز بمجموعة من الأعراض والعلامات التالیة :
إضطراب تحمل الغلوكوز ، وھي حالة تحدث عندما یعجز الإنسولین الذي §
تنتجھ خلایا بیتا في البنكریاس عن إدخال جزیئات سكر الغلوكوز بفعالیة
وبشكل تام إلى الخلایا .
البدانة المركزیة ( في منطقة البطن ): حیث تطلق الدھون المتراكمة على §
مستوى البطن الكثیر من الحموض الدھنیة الدسمة إلى الدم ، فتتسبب في
إحداث إضطرابات مختلفة ، منھا أنھا تجعل
خلایا العضلات أقل إستجابة للإنسولین ، فیقل
إستھلاكھا لسكر الدم ، وتعطل أیضاً قدرة الكبد
على تخزین الغلوكوز ، بل تزید من إطلاقھ
وتحریره إلى السائل الدموي .
وإنخفاض TG إرتفاع شحوم الدم الضارة ، وذلك بإرتفاع شحوم الدم الثلاثیة §
في الدم . HDL مستوى الكولیسترول الجید
إرتفاع ضغط الدم : حیث تفقد جدران الأوعیة الدمویة مرونتھا وقدرتھا على §
دفع السائل الدموي عبرھا إلى النسج والأعضاء بسبب تراكم الشحوم السیئة
على باطن ھذه الأوعیة وتصلبھا ، فیضطر القلب إلى مضاعفة جھد الضخ ،
لیكفل وصول الترویة الدمویة بما تحملھ من مواد تغذیة وأكسیجین إلى جمیع
الخلایا والأعضاء والنسج ، وھذا أحد أسباب إرتفاع ضغط الدم الذي قد لا
تتحملھ الجدران القاسیة للأوعیة الدمویة بسبب تصلبھا وفقدانھا للمرونة ،
فتتمزق أحیاناً ، أو تنسد بشكل كامل في أحیان أخرى .
المقاومة على الإنسولین : وتبدأ ھذه الظاھرة المرضیة الصامتة من نقطة قلة §
الحركة والنظام الغذائي الغني بالسكریات المصنعة والنشویات المكررة والغنیة
بالدھون المشبعة ( المھدرجة ) والدھون المتحولة ، كما ھو الحال في الوجبات
السریعة والمآكل المحفوظة ( الشیبس والبرغر والبیتزا والحلویات
والمخبوزات وغیرھا مما تعج بھ الأسواق ) وھذه المآكل تسبب إرتفاعاً سریعاً
في معدل سكر الدم ، وفي البدء تتجاوب خلایا بیتا البنكریاسیة بشكل مقبول
فتفرز المزید من الإنسولین في مجرى الدم لتصریف ھذا الفائضمن سكر
الغلوكوز ، ومع مرور الوقت ،
تبقى معدلات الإنسولین في
الدم أعلى مما ینبغي ، الأمر
الذي یعزز من تحویل السكر
إلى دھون وتخزینھا تحت
الجلد وخصوصاً في منطقة
البطن ، فتزید من إطلاق
الحموض الدسمة إلى الدم مرة أخرى وتقلل من إستجابة الخلایا للإنسولین
( المقاومة على الإنسولین ) ، كما تصبح سھلة الترسب على باطن الأوعیة الدمویة
من أوردة وشرایین ، فتتسبب في إرتفاع ضغط الدم أیضاً .
ونتیجة لھذه الإضطرابات الإستقلابیة ، یحدث السكري من النمط الثاني وأمراض
القلب والشرایین ، ومن حسن الحظ ، أنھ یمكن الإتقاء من ھذه الأمراضوأعراضھا
المذكورة ضمن المتلازمة الإستقلابیة عن طریق إنقاص الوزن وممارسة التمارین
الریاضیة بإنتظام وتناول الأطعمة قلیلة الدھنیات والتحول من الأطعمة المصنعة
والمحفوظة إلى بدائلھا الطبیعیة كالفواكھ والبقول والخضار الطازجة والحبوب الكاملة.
- العمر وتقدم السن :
مع تقدم العمر ، یخسر الجسم تدریجیاً قدرتھ على إستھلاك الغلوكوز كما كان یفعل في سني
العمر السابقة ، ویزید من ذلك تراجع مستویات النشاط والحركة ، مما یجعل الوزن یزید ،
وعملیة تصنیع الدھون من الغلوكوز اكثر حدوثاً من إستھلاك الغلوكوز بالحركة والعمل
العضلي ، وھذه الزیادة الوزنیة ھي نقطة بدء للإستعداد للإصابة بالنمط الثاني من السكري
، وعامة تبدأ ھذه الزیادة بالوضوح في سن الخامسة والأربعین من العمر ، وقد یبكر
الإستعداد للإصابة بالسكري في توقیت أبكر إذا حدثت البدانة قبل ھذا العمر ، نتیجة نمط
الحیاة السائد ، وقد توسع المجال العمري للإصابة بالنمط الثاني حتى وصل إلى عمر
الأطفال والمراھقین ، ولم یعد مرض السكري من النمط الثاني مقتصراً على الكھول
والمسنین ، وبما أنھ یتلازم بإزدیاد خطورة الإصابة بالأمراض القلبیة والوعائیة ، فإن
ناقوس الخطر یدق بشدة ، خصوصاً بعد أن إزدادت معدلات إصابة الأطفال والشباب
بإرتفاع ضغط الدم والجلطات القلبیة .
- الجذور الحرة :
إذا كنت مصاباً بالسكري من النمط الثاني ، فمن المتوقع أن تكون معدلات مضادات
الأكسدة التي ینتجھا جسمك منخفضة ، ونذكرك بتعریف مضادات الأكسدة بأنھا مجموعة
من المواد النافعة تعمل على القضاء على الجذور الحرة ومنعھا من إلحاق الضرر بالخلایا
ووظائفھا الأساسیة والحیویة ، وعندما تكون مضادات الأكسدة غیر كافیة ، تسیطر الجذور
الحرة على الجسم وتھاجم الأنسجة والخلایا وتتلف بعضاً منھا ، وقد یساھم ھذا في ظھور
الإصابة بالسكري من النمط الثاني ویحرض على تسریع ظھور المضاعفات القلبیة
والوعائیة .
- التدخین :
في الولایات المتحدة الأمریكیة وحدھا ، یقتل التدخین حوالي 400 ألف أمریكي سنویاً ،
ولذلك یعملون على ترغیبنا بالتدخین بكل الوسائل ، ویعتبر التدخین المتھم الأول في مرض
سرطان الرئة وإلتھابات الرئة المزمنة والسكتة القلبیة ، وقد إكتشف
الباحثون مؤخراً وجود صلة قویة بین التدخین المزمن ومرض
السكري من النمط الثاني،على الرغم من أن التدخین لا یتسب
مباشرة في الإصابة بالنمط الثاني من السكري ، لكنھ یجعل ظاھرة
( المقاومة على الإنسولین )عند المدخنین المدمنین على التدخین
تزداد حدة وإیذاءً ، وعلى ذلك ، فإن مریض السكري المدمن على التدخین تزداد حالتھ
سوءاً ، والمتھم الأول ھو النیكوتین ، وقد تبین ذلك في دراسات عدة أجریت على أشخاص
یستعملون لصقات وعلكات النیكوتین للتخلص من عادة التدخین ، فوجد الباحثون أن ھذه
الأشكال من النیكوتین مثلھا مثل الجائر نفسھا تجعل خلایا الجسم أقل إستجابة للإنسولین ،
كما یولد التدخین جذوراً حرة أیضاً ، فتعمل تخریباً وتدمیراً في خلایا الجسم ووظائفھ ،
وتلحق الأضرار البالغة بالمریضالسكري الذي لدیھ أصلاً عوامل تخریب أخرى سببت لھ
الإصابة بالسكري ، كما نتجت عن عدم ضبطھ لسكر دمھ .