من عجائب هذا الوهم
إن من أعجب ما قرأت في موضوع ( وهم الحب) ما ذكره الإمام ابن حزم في بعض كتبه قال : (( دخلت يوما على عمار بن زياد صاحبنا فوجدته مهموما فسألته عما به فتمنع ساعة ثم قال : لقد وقع لي أعجوبة ماسمع بها قط ! قلت : وما ذاك ؟! قال : رأيت في نومي الليلة جارية فاستيقظت وقد ذهب قلبي فيها وهمت بها وإني لفي أصعب حال من حبها ؟؟!))
قال ابن حزم : ولقد بقي أياما كثيرة تزيد على الشهر!! مغموما لايهنأ بشيء وجدا عليها ! إلى أن عذلته وقلت له : من الخطأ العظيم أن تشغل نفسك بغير حقيقة وتعلق وهمك بمعدوم لا يوجد .. هل تعلم من هي ؟ قال : لا والله قلت : إنك لقليل الرأي مصاب البصيرة إذ تحب من لم تره قط ولا خلق ولا هو في الدنيا لو عشقت صورة من الصور المصنوعة لكنت عندي عذرا .. فما زلت به حتى سلا.
وأعجب من قصة هذا الرجل مانشرته إحدى المجلات الساقطة من قصة تلك الفتاة ذات السبعة عشر ربيعا والتي بعثت بها إلى زاوية الشكاوي العاطفية حيث تقول : إنني أعاني من أغرب مشكلة يمكن أن تسمعوا عنها وأرجو أن تصدقوني ولاتسخروا مني إنني أحب شخصا ميتا !! هذه هي الحقيقة دون زيادة ونقصان أحب (..) الراحل ولا أفكر إلا فيه حتى لم يعد في حياتي وقت لشئ أو إنسان غيره ..!! أعرف أن هذا الحب سخيف جدا ولا معنى له ولا مستقبل له لكنني لا أقدر على مقاومة عواطفي فأظل أفكر فيه ليلا ونهارا ؟! ولا أقدر على فعل أي شئ غير البكاء .. في بعض الأحيان أدرك مدى الخطأ الذي ارتكبه بحبي لإنسان لايوجد في هذه الحياة وأظل أتساءل: هل هو الجنون ؟! مامعنى هذا الحب الذي يسيطر على حياتي؟! هل فقدت أعصابي إلى هذا الحد ؟!
أفكاري تعذبني وحبي يقيدني إليه فهل تستطيعون مساعدتي ؟
هذه بعض عجائب هذا الحب ( الوهم ) وهي أكبر دليل على الخواء الروحي والفراغ النفسي لدى أولئك الفارغين والفارغات والغارقين والغارقات في أوحال الوهم والذين لم يتذوقوا حلاوة الأنس بالله ومحبته ومناجاته فكانت النتيجة هي العذاب والضنك الذي ذكره الله عز وجل في محكم كتابه فقال سبحانه : (( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا))
هذا في الدنيا أما في الآخره : (( وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى