الموضوع: ثم عاد ( رواية)
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-17-2011   #7


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



واعلم - يا أحمد - أنَّك اتَّخذت موقِعَك من التوبة، نعم ولكن في أيِّ درجة من درجات التوبة، فالنوع الأول من التوبة - الذي هو توبة الإنابة -
لا يكون إلاَّ بعد مقام اليقظة، يقظة الإنسان من غفلته واكتشافه أنَّه غارق في مُستنقع الشهوات والمعاصي، فيشتاق إلى لحظة سعيدة مع
الطاهرين، والثانية هي توبة العبد المستقيم السالك إلى الله إذا أصابه الشيطان في طريقه ببعض الطلقات والنَّخسات.
﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: 135]،
فليس شرط ذلك التائب العصمة، ولكن الطبيعة البشرية لازمة، فالله - عزَّ وجلَّ - يثني على المؤمنين وذكر أنَّهم من الممكن أنْ تصدرَ منهم أعمال
سيئة كبيرة، أو ما دون ذلك، ولكنهم يُبادرون بالرجوع والاستغفار، فسألوه المغفرة لذنوبهم، والستر لعيوبهم مع ندمهم الشديد.
إنَّ التوبةَ - يا أيها التائب - هي شلال الجمال المتدفِّق من كوثر الرَّحمن، الفواح بأريح عطاء الله وكرمه، التوبة يا أيها التائب هي وضوء النفس وطهورها تَمامًا،
كما أنَّ الأعضاء البدنية وضوءها وطهورها الماء، فأَنْ تتوبَ إلى الله يعني: أنَّك تتطهر، وأنك تُجرِّد نفسك من خبائثها تجريدًا، التوبة - يا أيها التائب -
ترتقي بصاحبها عبر الأمواج الدافقة نحو السماء، إنَّها جمال الطهور المفضي إلى بحر المحبة الإلهي؛ قال جَلَّ جلاله:
﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: 222]، وبذلك كان سيد التائبين يدعو على إثر الوضوء:
((اللهم اجعلني من التوَّابين، واجعلني من لمتطهرين))،
فقرن بذلك بين طهورين في سياق واحد: طهور النفس، وطهور البدن.
قال أحمد: ما أجملَ هذه المعاني في تنفيذ التوبة، لكن هناك إشكال في جانب من جوانب التوبة، والعَودة إلى الله، وهو أنِّي مثلاً على سبيل المثال قرَّرت
قبل ذلك أنْ أتركَ الذنوب، ثم أعود، ثم أشعر بالألم، فأتوب، ثم أذنب، ومن الممكن أنْ تصلَ إمَّا إلى اللامبالاة بالذنب، ويأس من المغفرة،
وإمَّا إن كان هناك عزيمة أعودُ مرة أخرى إلى التوبة، فما الحل؟ أجبته: سبحان الله! يا أحمد، ما أشبه الليلة بالبارحة! قال: وما ذاك؟
قلت: "عن عقبة بن عامر قال: إنَّ رجلاً جاء إلى النبي فقال: يا رسول الله، أحدنا يُذنب، قال: ((يكتب عليه))، قال: ثم يستغفر منه ويتوبُ،
قال: ((يغفر له ويُتاب عليه))، قال: فيعودُ، فيذنب، قال: ((فيكتب عليه))، قال: ثم يستغفر منه ويتوب، قال: ((يغفر له ويتاب عليه، ولا يَمَلُّ الله حتى تَمَلُّوا))" ،
فالباب إذًا مَفتوح لا يغلق، ليس هذا فحسب، بل ربنا يُقرِّر لعباده ويُناديهم كما في الحديث القدسي:
((يا عبادي، إنَّكم تُخطِئون بالليل والنَّهار، وأنا أغفر الذُّنوب جميعًا، فاستغفروني أغفر لكم...)) .

يتبع













 
 توقيع :
قال تعالى {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً }النجم28

دائما النية الطيبة لاتجلب معها إلا المفاجآت الجميلة
لاتغيروا أساليبكم فقط غيروا نياتكم فعلى نياتكم ترزقون



رد مع اقتباس