لاشك ان علاقتنا مع ابنائنا ستتحول لمتعة حقيقية
حين نتفاعل معهم على أساس الحب واحترام المشاعر.
والاحترام والحب يعني :
" ببساطة ان تصبح مسافة الهواء التي تفصل بين جسد الطفل
وجسد والديه مملوءة بالدفء
والدفء ليس حالة احتضان دائم للطفل
ولكنه حالة اعتزام نفسي بأن هذا الطفل جدير بحبنا
وأن أخطاءه قابلة للإصلاح...."
أخي الأب.... أختي الأم :
أحبوا أبنائكم بغير شروط...
عانقوهم .... شدوا على ايديهم ...
اربتوا على كتفهم وظهرهم ....
تقبلوا أفعالهم بصدر رحب ...
تسامحوا مع أخطائهم .
حقا...
تربية الابناء " لحن حب" يعزفه الاباء والامهات
وعليهم عزف هذا اللحن بثقة واقتدار
على أن يكون العزف بمنتهى الهدوء لان هذا اللحن طويل جدا.
* مرآة المشاعر:
من الاخطاء الشائعة اعتقاد الاباء والامهات ان دليل محبتهم لابنائهم
هو توفير الحاجيات والملابس والهدايا والحلويات وما شابه ذلك
كل هذا ليس دليل حقيقي على الحب
فالحب الحقيقي الذي نغفله هو احترام مشاعر الابناء
وتفهم أحاسيسهم وعدم انتقادهم في كل صغيرة وكبيرة.
لا شك بأن هذا النوع من الحب هو الاساس القوي
لشعور الابناء بالامن والاستقرار ومن ثم نموهم نموا سليما.
فالطفل الذي يشبع من الحب والحنان يكون
أميل للطاعة والانقياد والتعاون والانضباط أكثر من غيره.
فالنصيحة التربوية:
لابد أن نشعر أبنائنا بأننا نحبهم في كل الظروف
واننا نفخر بهم في جميع الاحوال...
قد لا نحب منهم تصرفا أو سلوكا ما ونود لو غيروه ..
لكننا مع ذلك نحبهم ... نحبهم في كل الاحوال.
فعندما يشعر الاب مثلا بأن ابنه يعاني من مشكلة
ويرى على وجهه علامات الحزن والكآبة ....
لا يواجهه مباشرة : لماذا وجهك حزين؟
ما الذي حدث لك؟ أي مشكلة أتيت بها اليوم؟
بل يبدأ بمشاركته بما يحس ويشعر:
" يبدو أنك مهموم بعض الشئ"
" كأنك تشعر بالضيق من يومك الدراسي"
" يبدو ان شخصا ما ضايقك"
" يبدو انه كان يوما شاقا"
هو بدأ بمساندته ومشاركته وكأنه أحس بشعور ابنه
مما يجعل الابن يخرج ما في صدره.
هكذا نحترم مشاعر ابنائنا
فالابن الذي يعيش على عدم احترام المشاعر
يدفعه ذلك للبحث عن أخطاء الاخرين
والاستخفاف بمشاعرهم.
فمثلا:
عندما يقول الابن شيئا عن نفسه
كأن يقول: انني لست موفقا في مادة الرياضيات.
في هذه الحالة لا يفيد الام أو الاب أن يقولا:
نعم ... صحيح .. انت دائما خائب ....
انت لا تفهم شيئا
..... لانك ولد غبي.
وانما من الافضل:
- الرياضيات هذا العام تحتوي بعض المسائل الصعبة.
- أنا على ثقة أنك ستبذل ما في وسعك لتكون أفضل.
ان وظيفة " مرآة المشاعر" هي عكس المشاعر كما هي دون تشويه.
أيها الأب ...أيتها الأم..:
لابد ان تتعاملوا مع ابنائكم على اساس
انكم متفهمون لمشاعرهم ...
تعطفون على ضعفهم وخطئهم مع وجود
الرغبة الحقيقية في تصويب اخطائهم.
فهم بذلك سيقومون بإعطائكم حبهم ومودتهم وثقتهم ...
وذلك لشعورهم بالامن بجانبكم ... وبالسعة في صدوركم.
* قيادة القلوب:
لا شك بأن الكلمات هي من اكثر الرسائل
التي تساعدنا على توصيل " الحب" لأبنائنا
ولكن يجب ان كلماتنا لا تكتسب تأثيرها من ألفاظها
التي تصاغ منها بقدر ما تكتسب ذلك التأثير
من نسمات الحب التي تهب منها على قلوب الابناء...
فمثلا:
عندما تقول لابنك: " من فضلك" و " أشكرك".... الخ
هل تلقيها كأنها ألفاظ جافة تعودها ألسان
أم انك تلقيها عليه نابضة ينبوعها القلب.
ان كثيرا من الاباء اذا سمعته يقول لابنه " شكرا لك " أو " لو سمحت"
أحسست انه يخاطب جمادا لخلو صوته من أي نبرة تدل على المودة .....
يجب ان ننطق هذه الكلمات وكأن فيها نفحة من الحب والرحمة والعطف.
لذلك نصيحتي هنا: لا تمنح ابنك النصائح في شكلها المجرد..
واجعل ابنك يدرك ويعرف انك تعطيه من جهدك وراحتك
وطاقتك وأنك تضحي من اجله لكي تسعده ...
قل له انك تفعل له كل هذا : لإنك تحبه.
إن عالم الاطفال عالم غريب
والتأثير فيه يكون عن طريق الدخول لهذا العالم ...
فيا ترى ما هو الطريق الذي يوصلنا اليه؟
لاشك بأنه طريق اللطف والرحمة والعطف والحنان والبذل ....
من خلال الهدية والملاطفة والبسمة والنظرة ...
فتطفح نفوس هؤلاء الاطفال بالسرور والرضا والبشر والامن...
في تلك اللحظة ستملك عقولهم وقلوبهم
وتستطيع ان تزرع فيهم القيم والمبادئ التي تريد.
فالتربية الجافة المعتمدة على الاوامر والنواهي
والتي تلجم العواطف هذه التربية أمر مرفوض
لانها تقسي مشاعر الابناء وتجمد ينابيع العطاء في أعماقهم.
أما حين نتعامل معهم بالحب والتقدير
فسيتصرفون طبقا للإشارة العاطفية التي تخرج من قلوبنا.
ان القيادة الحقيقية للأبناء هي
" قيادة القلوب" لا قيادة الابدان...
قيادة الرضا لا قيادة الضغط ....
قيادة الحب لا قيادة الارهاب...
ولن نحصل على ما أفضل ما عند أبنائنا
حتى نستميل قلوبهم فيحبونا ، فإن أحبونا أطاعونا.
تسألني لماذا؟
لإن العقل لا يسمع .... حتى يسمع القلب.