عرض مشاركة واحدة
قديم 06-24-2011   #9


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



للحظات اعتقدت بأن الشاب يخدعني، وربما يكون متعاونا مع الشرطي ضدي، فحاولت المراوغة، وقلت:
ولكني لا أملك نقوداً، فأنا قادم مع صديقي، وهو قد خرج قبلي.ابتسم الشاب وقال: لا عليك أنا سوف أعطيه.
وأخرج من جيبه عشرة دولارات ودسها في جيب الشرطي، عندها ابتسم الشرطي، وأعطاني جواز سفري
وعليه تأشيرة الدخول، وأشارَ لي بيده أن أذهب.
شكرت الشاب كثيراً، وطلبت منه أن يرافقني إلى خارج المطار، لكي أطلب من أيمن
نقوداً، أعيدها له بدلاً من النقود التي دفعها للشرطي، ولكنه رفض وغادر من أمامي بسرعة، حتى لم يعطني الفرصة لأسأله عن اسمه.
خرجت من مبنى المطار، فوجدت أيمن ينتظرني وقد بدت على وجهه علامات الخجلوالأسف، فبادرني بالقول:
أرجوك لا تؤاخذني فقد سهوت عنك، لأن تفكيري كله عند أهلي في القرية، ولم أشعر وأنا أخرج من دونك.
فقلت له: لا عليك، أنا أقدر ظرفك، وحكيت له ما جرى معي في المطار، وكيف ساعدني الشاب العربي.
كانت الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، استقلينا سيارةأجرة، انطلقت بنا وسط شوارع المدينة متجهين إلى بيت أيمن.
كنت أنظر من نافذة السيارة إلى المباني المرتفعة والشوارع الخالية من المارة وكأنني أشاهد فيلما سينمائيا لأول مرة،
ومن شدة تعبي، كنت لا أشعر بجسدي معي، كنت أشعر بأنني أطير، ولا أفكر إلا بسرير أرتمي عليه ولا أستيقظ قبل ثلاثة أيام.
وصلنا إلى الحي الذي يسكن فيه أيمن، وكان في أطراف المدينة، في منطقة أكثرُسكانها من الغجر، ومع أن
الوقت كان متأخراً، إلا أن بعض منهم كان يجلس فيالشارع ينتظر غنيمة يغتنمها من فتاة
عائدة من مرقص، أو من شاب سكرانأو من مسافر يحمل حقائبه الكثيرة مثلنا.
بعد أن نزلنا من السيارة، جاء اثنان من الغجر وعرضا على أيمن المساعدة في حمل الحقائب، وطبعاً رفض، وحذرني أن أحذر منهم جيداً.
حملنا الحقائب، ودخلنا المبنى الذي يقيم فيه أيمن، وعندما حاول فتح باب المصعد، أصبنا بالإحباط، فقد كان المصعد معطلاً، فقلت:
له لا عليك هيا لنصعد الدرج! ولكنه ابتسم ابتسامة صفراء، ونظرَ إلى الأعلى، وكأنه ينظر إلى السماء، وقال:البيت في الطابق العاشر!
عندما سمعت بالطابق العاشر، خارت قواي وشعرت بدوار في رأسي، ولكن بشيءمن العزيمة والصمود صعدنا الدرج، وأنا أفكر
بالسرير المريح الذي ينتظرني، وكنا نرتاح كلما صعدنا من طابق لأخر، حتى وصلنا في النهاية
إلى الطابق العاشر، وقد تقطعت أنفاسي من التعب!أدخل أيمن يده بجيبه ليخرج مفتاح الباب، ولكن يده كانت تخرج
فارغة، وكان يعاود إدخالها وإخراجها في جيوبه، وهو يتصبب عرقاً، ولكن عبثاً!
فقلت له أن يبحث في حقائبه، ربما وضع فيها المفتاح من غير أن يشعر، وفعلاً فتح كل حقائبه
وبعثر محتوياتها على الأرض ولكن بدون جدوى، أوقف البحث، وأطرق رأسه نحوالأرض ثم
زفر زفرة، أحسست بقوتها تلامس جبيني، وقال: لقد نسيت المفتاح فيالقرية، وأعتقد أننا
سنبقى هنا حتى الصباح، ريثما تعود صديقتي روكسانا لتفتح لنا الباب، فهي الوحيدة
التي تحمل مفتاح أخر، وهي الآن في مدينة أخرى، و سوف تصل في الصباح، كما تواعدنا قبل أن أسافر.
لم تكن ليلة سوداء من الظلام فقط، بل كانت ليلة سوداء من العذاب، في القرية
وعلى الطريق، وفي المطار، والمصعد المعطل، والمفتاح المفقود.






 
 توقيع :
قال تعالى {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً }النجم28

دائما النية الطيبة لاتجلب معها إلا المفاجآت الجميلة
لاتغيروا أساليبكم فقط غيروا نياتكم فعلى نياتكم ترزقون



رد مع اقتباس