عرض مشاركة واحدة
قديم 06-27-2011   #7


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



كانت مهمتي شاقة وصعبة جداً، فيجب أن أصعد بأيمن إلى الطابق العاشر، وهو بالكاد يستطيع أن يقف على قدميه، بعد الضرب
الذي تلقاه من اللصوص كما صعدنا أول مرة عندما وصلنا من المطار متعبين، صعدنا هذه المرة أيضا
وما أن وضعت يدي على باب البيت، حتى ظهرت روكسانا أمامي، وهي تنظر إلينا
بسخط، ولكن ما أن رأت أيمن بحالته هذه، حتى تغيرت
تعابير وجهها، واقتربت بسرعة لتمسك به وتساعده على الدخول.
حدث ما لم أتوقع، فقد دخلت روكسانا، ثم أغلقت الباب في وجهي وتركتني في الخارج، أول مرة في حياتي أشعر
بهذه المهانة، فما فعلت روكسانا معي لم يفعله أحد على الإطلاق، شعرت بكرامتي تتدحرج على
الدرج، من الطابق العاشر إلى الأرض اسودت الدنيا أمام عيني، وتمنيت لو أن الأرض
تنشق وتبلعني، إحساسي في هذا الوقت لا أستطيع أن أوصفه، فمن الصعب
أن يشعر المرء بالذل والمهانة والمشكلة الأكبر أن تأتي الإهانة من واحدة مثل روكسانا!
وقفت قليلاً أمام الباب وأنا أسمع صراخ أيمن وركسانا في الداخل، وكان صراخاً
عنيفاً، توقعت بأن أيمن سيوبخ روكسانا لأنها أغلقت الباب بوجهي،وأنه سوف
يأخذ موقفاً... يترك لها بيتها، ويخرج ...
كان صوتهما عالياً جداً، ولكني لم أكن أفهم منه شيئا، ثم بدأتُ اسمع أصوات أشياء تتكسر، وشيئاً فشيئاً
هدأ كل شيء، ولم أعد أسمع شيئاً، وحل السكون على المكان مرت ساعة على الأقل، وأنا أنتظر
خروج أيمن، ولكن عبثاً، فلم يكن أمامي سوى بيت العمة ماريا أطرق بابه.
طرقت باب العمة ماريا بهدوء، فلم يجب أحد، فقلت في نفسي، ربما تكون نائمة
فلا أريد أن أزعجها، ثم جلست على الدرج ثانية أنتظر، فربما يخرج أيمن أو تخرج العمة ماريا
صدفة، فتدخلني إلى بيتها. كنت أفكر بأمور كثيرة، وقد شردت
في هذا العالم الغريب الذي يجعلني أهيم في أرض لا أعرفها، وأطير محلقاً بأجنحة
من طين، متحدياً النسور، متعدياً على الثوابت، متوهماً بنور يأتي من بعيد موجود في الخيال، أسابق الفراشات
إلى النور، أرقص مع دوائر الضوء الملونة بجميع الألوان الزاهية مقترباً شيئاً فشيئاً
من مبعث النور، فيعانقني بقوة، بشوق، بلهفة، فأحترق بحرارة لهيبه، فيتصاعد الدخان من
أجنحتي،وأقع على الأرض، فتأتي الأفاعي ،وتطبق على نفسي الأخير
أيقظني من شرودي صوت العمة ماريا وهي تصعد الدرج، وأظنها كانت تستعين
بالله على صعود الدرج حتى الطابق العاشر.
عَرفت على الفور العمة ماريا ماذا حدث، عندما رأتني أجلس على الدرج، بجانب
الباب كال... ولكنها، ومن غير أن تنطق بأي حرف، ابتسمت لي، ثم مدت يدها إلى
جيبها لتخرج مفتاحاً، وقد ربطته بخيط أبيض قصير، وأشارت لي أن أضعه في جيبي
يا الله! ما أحسن هذه المرأة! لقد عانت مشقة النزول والصعود إلى الطابق العاشر
لكي تصنع لي مفتاحا، أحتفظ به كي أدخل إلى البيت في حال غيابها...
يا إلهي ما أروع هذه العجوز! وكم هو الفرق شاسع بين
طيبتها، وبين عجرفة روكساناوطبعها السيئ!
دخلت مع العمة ماريا إلى بيتها، ولم أنتظر كثيراً حتى كان طعام العشاء جاهزاعلى المائدة.
أكلت وحمدت الله، ثم نهضت لأساعد العمة ماريا في رفع الصحون، ولكنها
صرخت بوجهي، ثم وضعت أصبعها على خدها، وكأنها تريد أن تقول لي بأنها تخجل بأن
تدعني أرفع الصحون، وكانت تحاول أن تفهمني بالإشارات، بأنها مثل أمي.....أمي
آه يا أمي! أعتقد أنها طارت عبر المسافات البعيدة وأتت إلى هنا لتتدخل
روحها وأنفاسها الجميلة جسد العمة ماريا لكي ترعاني، فمن شدة امتناني
للعمة ماريا، بدأت أناديها يا أمي، وكانت تبتسم لي في سعادة..


يتبع




 
 توقيع :
قال تعالى {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً }النجم28

دائما النية الطيبة لاتجلب معها إلا المفاجآت الجميلة
لاتغيروا أساليبكم فقط غيروا نياتكم فعلى نياتكم ترزقون



رد مع اقتباس