الموضوع: أو ربـما جـنة
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 09-23-2021
روح الأمل غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
اوسمتي
تكريم اكتوبر المراقبة المتميزة متميزين الوهج وسام 30 الف 
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 3602
 تاريخ التسجيل : Jul 2020
 فترة الأقامة : 1810 يوم
 أخر زيارة : 12-24-2022 (09:39 AM)
 المشاركات : 49,122 [ + ]
 التقييم : 1400003561
 معدل التقييم : روح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 1,699
تم شكره 3,599 مرة في 2,462 مشاركة

اوسمتي

افتراضي أو ربـما جـنة



أمينة جبر محمد حسنين نعيم


جلستُ بجانبِ النافذةِ الزُجاجيَّة، ثم رأيتُ البيوتَ تتحرَّكُ إلى الوراء، بعضَ الدكاكين، وأُناسًا كثيرين؛ مَن يمشي للأمام، مَن يمشي للوراء، جميعهم خلفي، فأدرتُ وجهي للجهةِ الأُخرى، وجدتُ أخي يجلِسُ بجانبي، رأيتُهُ يضحَك ويذكِّرُني بأيَّامِ طفولتِنا، عندما كُنَّا نذهبُ معًا كي نسقي الأشجارَ التي زرعَها أبي في حديقةِ منزلِنا، فكانت تُمَلِّسُ بأيديها على رؤوسِنا، تتمايلُ بفروعِها تقبِّلُ جباهَنا، وكأنَّها تشكرنا على ما نفعل.



يذكِّرُني بأيَّام الصيام، ولياليه شديدةََ البرد، وأنَّنا كُنَّا نجلِسُ أمام المرئي نتغطَّى بالبطاطين، لا يعرفُ النومُ إلاَّ طريقَ أعيُنِنا، وتدعونا أمي للسحور، لكننا لا نستطيعُ التحرُّرَ من قيدَي النوم والبرد، فتأتي لنا بالطعام.



يذكِّرُني بخروجِنا معًا لنلعب بالدراجة، يركبُها مرَّة، وأركبُها مرَّة.



ثم قال لي: لا، لن تخرجي وحدكِ، فقلتُ له: لستُ منتظرةً أمرَك؛ لأني لا أريدُ الخروجَ وحدي، وأملتُ رأسي بخفةٍ قائلة: أنت مَن عوَّدني على ذلك.



ثم أدرتُ رأسي للنافذة مرَّةً أُخرى، اعتقدتُ أنَّ طفلاً رآني فاندهش، وقال لأبيه:

• انظر يا أبي، إنَّها تُكلِّمُ نفسَها.



فأدرتُ رأسي مُسرعةً لجهةِ أخي فلم أجدْه، رأيتُني وحدي في السيَّارة، لم أندهش كثيرًا، فقد عُدتُ للواقع، أعدتُ النَّظرَ من النافذة، وتذكَّرتُها، المرأةَ العجوز التي كانت تجلسُ أحيانًا أمام بابِ منزلِنا، تُهمهمُ بكلماتٍ لا نستطيعُ ترجمتَها.



وإنَّهُ حدَّثني مرَّةً عنها، أنَّها كانت تجلسُ في الطرقات، تهيمُ في الشوارع، لا يتحمَّلُها الناس، ولم لا؟ فإخوانُها لم يتحمَّلوها، زوجُها أقربُ الناسِ إليها لم يتحمَّل شرودَها الكثير، بل أكثر من ذلك، يجري وراءَها الأطفالُ يرشُقونَها بعباراتٍ تقعُ كالسِّكِّينِ على جُرحٍ غائر لن يلتئم أبدًا!



كانت تُجالسُ أُناسًا لا نراهم، لكنَّها تراهم، تراهم أرحمَ ممن يعيشون حولَها، أحيانًا تتشاجرُ معهم، لكنها تنتصر، أُناسٌ من حولها يُسمُّونهم عفاريت، ومن يدري لعلَّهم ملائكة، لعلَّهم أُناسٌ فقدتهم، لم يكونوا كما تمنَّت، لكنَّها استطاعت بخيالِها أن تعيشَ معهم كما تمنَّت، في عالمٍ تحوَّلت فيه ثيابُها الباليةُ إلى حرير، عالمٍ بنت فيه قصرًا، مدينةً فاضلة، أو رُبَّما جنَّة.



وجدتُني أقول: الحمدُ لله، معذرةً يا أُختي، أتمنَّى ألا تكوني نهايتي.

المواضيع المتشابهه:



 توقيع :


شكرا نجمتنا لا عدمتك :

رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ روح الأمل على المشاركة المفيدة:
 (09-23-2021)