عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 01-16-2022
روح الأمل غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
اوسمتي
تكريم اكتوبر المراقبة المتميزة متميزين الوهج وسام 30 الف 
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 3602
 تاريخ التسجيل : Jul 2020
 فترة الأقامة : 1757 يوم
 أخر زيارة : 12-24-2022 (09:39 AM)
 المشاركات : 49,122 [ + ]
 التقييم : 1400003561
 معدل التقييم : روح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 1,699
تم شكره 3,599 مرة في 2,462 مشاركة

اوسمتي

افتراضي المستقبل السراب



صالح الشناط


المستقبلُ السرابُ، هكذا هو العنوان، بحذف أداة التشبيه ووجْه الشبه؛ ليُصبح تشبيهًا بليغًا، فالمستقبل حقيقة كالسراب، منذ طفولتنا وهم يحدِّثوننا عن المستقبل، وضرورة وأهمية العمل لبنائه وصناعته، كلما قطعنا مرحلة سمِعنا الهمسات والكلمات والدعوات للإعداد للمستقبل في مرحلة جديدة.



فأين هو المستقبل؟ هلا تُجيبنا يا بن الأربعين؟ وابن الخمسين؟ بل الستين بل السبعين؟

هل المستقبل هو جمع المال؟ أو رؤية الأحفاد؟ أو الحفاظ على الصحة؟ من ملك ذلك هل يعني أنه امتلك مستقبله وأحسَن صناعته؟

لا؛ بل إن المستقبل لا ينتهي حتى عند من بلغ الخمسين، فلا يزال يسمع الهمسات بألَّا تأكل كذا ولا تفعل كذا، ونظِّف هنا ولا تُوسِّخ هنا، حتى يُحسَّ بنفسه ثقيلًا عند ابنه أو ابنته، فلربما صناعة المستقبل عندئذ هي بأن يجتنب اللوم والملاحظات!



إن المستقبل وصناعته كذبة؛ فالمستقبل الحقيقي هو ألا تُضيِّع ساعة دون فائدة، هو أن تكون أنفاسُكَ وحركاتك وسكناتك في رضا الله سبحانه وتعالى، حتى إذا جاءتك الوفاة ما كنت تنتظر مستقبلًا ولا تنظر في ماضٍ، ﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون: 10، 11].



المستقبل هو الآخرة، فالدنيا ممرٌّ والآخرة مستقرٌّ؛ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: ((كن في الدنيا كأنك غريبٌ، أو عابر سبيلٍ))، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: "إذا أمسيتَ فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحتَ فلا تنتظر الـمساء، وخُذْ مِن صحَّتِكَ لِمرَضِكَ، ومن حياتك لِمَوتك"؛ رواه البخاري.



في الآخرة المستقبل؛ لأن الله قال: ﴿ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ﴾ [الغاشية: 25]، فمرجعنا إلى هناك، فأي مستقبل نصنع هنا؟



يقول أديب الفقهاء وفقيه الأدباء الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله تعالى:

درستُ الابتدائي لأجل المستقبل، ثم أدرس المتوسط لأجل المستقبل، ثم قالوا: ادرس الثانوي لأجل المستقبل، ثم قالوا: ادرس الباكالوريوس؛ لأجل المستقبل، ثم قالوا: توظَّف لأجل المستقبل، ثم قالوا: تزوَّج لأجل المستقبل، ثم قالوا: أنجِبْ ذرية لأجل المستقبل، وها أنا اليوم أكتب هذا المقال وعمري 77 عامًا، وما زلت أنتظر هذا المستقبل!



المستقبل ما هو إلا خرقةٌ حمراء وُضِعت على رأس ثور يلحق بها، ولن يصلها؛ لأن المستقبل إذا وصلت إليه أصبح حاضرًا، والحاضر يُصبح ماضيًا، ثم تستقبل جديدًا، إن المستقبل الحقيقي هو أن تُرضي الله، وأن تنجو من ناره، وتدخُل جنَّتَه.

المواضيع المتشابهه:



 توقيع :


شكرا نجمتنا لا عدمتك :

رد مع اقتباس