09-01-2022
|
#2
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 3925
|
تاريخ التسجيل : Jan 1970
|
أخر زيارة : 01-01-2025 (10:50 AM)
|
المشاركات :
12,053 [
+
] |
التقييم : 250525
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
شكراً: 198
تم شكره 150 مرة في 91 مشاركة
|
رد: " الثقافة عُهر " حوار مع زميلة
أحببت مشاركتكم بقصة لأحد الأخوة والأصدقاء الذي بيني وبينه صحبة ،
وعلى ضوء ما اسرده من فصول نستنبط بعض الفوائد والحلول :
كان هذا الأخ كباقي الأولاد يحب اللعب ويأتي ما يأتيه أقرانه من مشاغبات وشقاوة ،
حينها كنت أكبره بسنوت طويلة ، وكنا حينها في بداية الالتزام _
وكنا بفضل الله نستقطب الأطفال والشباب ونشركهم في رحلات وفي التعليم ،
وكان صاحبنا هذا يقبل ويدبر ، وكان يسبب لنا صداع الرأس ،
فيقوم بالضحك علينا ، وبعد فترة استقر رأيه على الجلوس معنا ،
ومرت السنوات حتى فقدناه لتخلفه عن الرحلات والمناشط ،
فكلفت بالذهاب إليه ، ذهبت إليه واخبرته بأن الأخوة قلقون عليه ،
ولكونه يعزني ويقدرني كثيرا جاء إلينا مجاملة ،
وما زلت أذكر آخر رحلة معنا كانت رحلتنا إلى _ المزارع _ ،
ومنها انقطع خبره ونزلنا عند رغبته ،
فمرت الأيام والسنون ،
وبعدها وصل الخبر بأن ذلك الولد الصغير أصبح من جلاس أحد العلماء الراسخون في العلم ،
وفوق هذا أصبح هو من يقدمه الشيخ من أجل الإجابة على الأسئلة التي يسألها الناس !
كنت كثير التردد عند ذلك العالم ، وهو يعدني مثل إبنه ،
حينها زاره ذلكَ الأخ فسلم على الحاضرين ،
وما أن جلس الجميع إلا وباب الأسئلة قد فتح ،
وأخذت توجه الأسئلة للشيخ ،
وذلك الشيخ يردها على صاحبنا وهو يجيب ،
وأنا في دهشة من أمري كيف ذلكَ ؟!
من أين تعلم ؟!
مالذي جعله يصل لتلك الدرجة ؟!
وفي يوم من الأيام كنت جالساً مع ذلك العالم وسألته عن صاحبنا ،
على أنه يقدمه للإجابة قال لي :
جربته فوجدته يرد المسألة لأصلها .
حينها بدأ ذلك المجتهد بالتواصل معي ،
فكانت بيننا رحلات وجلسات ،
تبينت منه عن سبب بلوغه لتلك الدرجة من العلم ،
ومع هذا وجد من يقف في طريقه حجر عثرة ،
ومن أقرب الناس له ممن قاسمهم الأكل والشرب ،
فسعو إلى تشويه سمعته ، والتشكيك في علمه ،
واتهموه بالكبر ،
والغرور ،
والعجب ،
ولم يتركوا نقيصة ولا قبيحة إلا ولزوها به !
ومع هذا لم يلتفت إليهم ،
وكان أقصى ما يجيب على من ينقل له خبرهم بأنه مستعد للجلوس مع من ينتقده في جلسه علمية أخوية ،
ولكن يقابل الطلب بالرفض ! يخبرني بأنه كان جالساً مع ذلكَ العالم وجاء أحد المشائخ مع طلابه وأخذ الطلاب يسألون الشيخ
والشيخ كعادته يُحّول الإجابة على صاحبنا في هذه المرة رفض الإجابة والشيخ يلح عليه ويرفض وعندما سأله الشيخ بقوله :
" مالك اليوم حاسد " ؟! رد عليه بأن شيخهم لا يريد الجواب مني ،
حينها ذهب ذلك الشيخ الزائر الى الحمام والعالم يقول لصاحبنا :
الآن جاوب شيخهم ليس هنا فرفض ،؛ حتى ذهبوا من عند العالم ،
حينها طلب ذلك الشيخ الزائر من صاحبنا الحديث معه ،
يقول صاحبنا أن ذلك الشيخ أخذ ينصحه بأن لا يتصدر
المجالس ولا يتقدم العلماء في الجواب ،
وهو يقول له :
"أحسنت جزاك الله خيرا على النصيحة " .
الحلقة التي تعديتها هو كيف كانت بداية النجاح ، دعونا نسمعها منه يقول صاحبيبداية المشوار كانت رغبة تشكلت في حنايا قلبي ،
وكأني وجدت ذاتي ، وأني خلقت من أجل غاية ، لعل مراحل الطفولة كان لها أثر تأخر إدراك تلك الغاية ،
وما أن اختليت بنفسي حتى كان ذلك القرار الذي اتخذته ، ومن طبعي الذي كان مختلطا بطبيعتي وتركيبتي أني ألغيت من قاموسي كلمة " مستحيل " ،
فهدفي سأقطف ثمرته ولن أتوقف حتى بلوغه أو أموت دونه ، فقد كنت أجلب الكتب من المساجد ،
وكنت أختار فترة الظهر لكون حركة الشارع قليلة كنت أخبئ الكتاب تحت ثوبي فيستقر بي الحال في المجلس وأبدأ اقرأ ،
وعندما تواجهني معضلة في فهم شيء اتصل بالعلماء استفتيهم ، وكانوا يحاولون معرفة شخصيتي من تلكم الأسئلة ،
وكنت أجيب أنا " السائل " ، وبذاك غرفت من معين العلم ، وعندما رأيت في نفسي تحقيق ما أصبو إليه بدأت في مجالسة العلماء ،
وكان عمري حينها عندما كنت أجالس ذلك العالم الذي يقدمني للفتيا 18 سنة ! حتى بدأ الناس يستدعوني لجلسات الإفتاء ، والمحاضرات .
ومما تفرد به صاحبنا هو الطموح الذي الذي لا يحده حدود ،
فقد نوع ثقافته ،
تعلم المنطق ،
والفكر ،
وتعلم الإدارة ،
وتعلم فنون القتال ،
وهو مطلع على الكثير من الثقافات ،
فهو في السياسة سياسي ،
وفي الفكر مفكر ،
وفي الرياضة رياضي ،
وفي النحو نحوي ، و....
وهو الآن :
استاذ جامعي لمادة " المنطق " .
ما تعلمته من ذلك الأخ والصديق ؛
- أن التفوق لا يحده عمر ,
- أن تحديد الهدف والإصرار على تحقيقه هو عدة الساعي وعتاده .
- أن الإنسان لا يجامل غيره ليكون على حساب ذلكَ الهدف الذي يسعى لتحقيقه .
- أن الإنسان إذا وضع قدمه على طريق التميز والتفوق كان هدفاً مشروعا لكل حاسد وحاقد .
- " أن الحسد يكون من أقرب الناس لك " .
.- أن لا يكترث الإنسان بما يقال عنه كي لا يأخر عجلة النجاح .
- إذا حمى وطيس التعدي ليتجاوز حدود المعقول كانت المواجه هي سبيل قطع حجة _المعتدي _ ومع هذا لن يسلم من كيدهم .
- لا يظن ظان بأن الإنسان يمكن أن يسلم من لسان الناس ، فحتى الله تعالى وخير خلقه لم يسلموا من كلام الناس !
- على من ارتقى بعلمه أن يجعل من ذلك الفضل سبباً ليكون في قمة التواضع ويذكر فضل الله عليه .
تعلمت :
" أن الإنسان إذا ما كان في قمة العلم ودار حديث في مجلس ما،
وتُطرح قضايا ومسائل يُخاض فيها أن لا يُقحم نفسه ليتصدر بذلك المجلس للفت الأنظار إليه مالم يطلب منه ،
وإذا لم يستدعي الأمر من الوقوع في المغالطات والمخالفات " .
تعلمت :
" أن يكون الإنسان حين توجيهه ونصحه للآخرين أن يتقمص دور المشفق الموجه المشجع
بحيث لا يُحسس الطرف الآخر بأنه جاهل وأنه لا يفهم الدليل " .
تعلمت :
"أن نحفظ الفضل لأهل الفضل " .
و
" أن لا يكون همنا بلوغ الشهرة ،
وأن تكون لنا شهوة الظهور " .
في ذاكرتي :
فما تزال تلك الكلمات تتلجلج في سمعي حينما قال لي :
" يا فلان لا تلتفت لقول العذال لأنك بذلك تحقق ما تريد ،
وستراهم بعد سنوات على وضعهم ذاك ! وأنت قد حققت هدفك ،
وتأكد بأن أولئك النقّاد سيخضعون للأمر الواقع وسيعترفون بعلمك وفضلك
عندما يجدون الناس يتهافتون عليك ، حينها لن يجدو محيصا من التسليم " .
"اقتصر على هذا القدر لأترك ما خطته أناملي على مائدة التفكر والتمعن " .
|
|
|