12-08-2022
|
|
ثنائية الموت والحياة
علي بن حسين بن أحمد فقيهي
صدر في يونيو عام (١٩٦٣م) كتاب بعنوان "الموت في الفكر الغربي" لمؤلفه (جاك شورون)؛ وهو عبارة عن دراسة شاملة لأبرز آراء وأفكار الفلاسفة السابقين واللاحقين عن حقيقة الموت، الذي يعتبر أمرًا غامضًا، وحدثًا مقلقًا، ووضعًا مُشكِلًا، لدى الفلاسفة والمفكرين، والشعراء والفنانين، والعامَّة والخاصَّة.
تتجلى حقيقة (الموت والحياة) في الفكر الإسلامي بأوضح المعاني، وأبْيَن الدلائل، وأظهر المقاصد، وأبلغ الحِكَم، في قوله جل وعلا: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ [الملك: 2].
تبرز معالم التصور الإسلامي حول (الموت والحياة) في القواعد والأصول التالية:
1) الموت والحياة مخلوقان لله عز وجل؛ وُجِدا لتحقيق الحكمة من تكوين المخلوقات، وصنع الكائنات؛ ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾.
2) الروح (النفس) هي موضع الموت والحياة، أما الجسد، فهو الظرف والوعاء الذي يعتريه الحركة والبقاء، أو السكون والفناء.
3) تمثل الحياةُ الدنيا المرحلةَ الأولى من مراحل الوجود الإنساني، كما أن الموت يمثل نهايةَ المرحلة الدنيوية، وبداية المرحلة الثانية، وهي الحياة الأُخْروية.
4) الموت نهاية حَتْمية وعاقبة خِتامية لكل المخلوقات؛ ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴾ [الرحمن: 26].
5) يعتبر الموت راحة للفرد ورحمة للعبد؛ مُرَّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بجِنازة فقال: ((مستريح ومستراح منه))، قالوا: يا رسول الله، ما المستريح والمستراح منه؟ قال: ((العبد المؤمن يستريح من نَصَب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبد الفاجر يستريح منه العبادُ والبلاد، والشجر والدواب))؛ [رواه البخاري].
6) نُهي عن تمني الموت وكراهية الحياة؛ لمنافاته القوة والصبر، وتأديته للقنوط واليأس: ((لا يتمنينَّ أحدُكم الموتَ؛ إما محسنًا فلعله أن يزداد خيرًا، وإما مسيئًا فلعله أن يَستَعْتِب))؛ [رواه البخاري].
7) ضرورة التوسط والاعتدال بين المذهب المادِّيِّ الذي يُعظِّم الجسد ويُمجِّد اللذة، والمذهب الروحاني الذي يقرر الرَّهْبَنَة ويُعزِّز التَّبتُّل.
8) لزوم الإيمان الخالص واليقين الصادق بالقضايا الغيبية، والمسائل الخفية؛ العلمية والعملية؛ (مدة الحياة - موعد الوفاة - كيفية الموت - ماهية الروح - صفة الاتصال والانفصال بين الروح والجسد).
9) وجوب اتباع الهَدْي النبوي في كيفية التعامل والتفاعل مع طبيعة الحياة وحقيقة الوفاة.
ومضة:
(اللهم اغفر لحيِّنا وميِّتنا، ولصغيرنا وكبيرنا، وذَكَرنا وأنثانا، ولغائبنا وشاهدنا، اللهم من أحيَيْتَه منا فأَحْيِهِ على الإسلام، ومن توفَّيْتَه منا فتَوَفَّه على الإيمان).
المواضيع المتشابهه:
|