والصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعم اخي سأوضح ماأوردته في الخطبة
بخصوص صنع الطعام لأهل الميت
وهنا سأسترشد بأقوال العلماء الافاضل
من أهل السُنة والجماعة لأيضاح هذه النقطة المهمة
وهي صنع الطعام لأهل الميت
والطريقة ومتى تكون سُنة ومتى تكون بدعة أو امر مُستحدث لم يأتي به الرسول عليه السلام او أحد من أصحابه
سأذكر الحديث الصحيح الذي أورد أمر صنع الطعام
وكان ذلك عندما أُستشهد جعفر رضي الله عنه عم النبي عليه السلام
فقال ثبت في الحديث الصحيح
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما بلغه موت ابن عمه
جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في غزوة مؤتة قال :
( اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا ، فَقَدْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ ) رواه الترمذي ، وحسنه ، وأبو داود ،
وابن ماجه ، وحسنه ابن كثير ،
فعندما قال النبي عليه السلام ذلك
اظهر كم هو عليه السلام مُحب لأهله وأصحابه
ومراعياً لمشاعرهم والحال التى هم عليها
فالذي تحدث له وفاة من اهل بيته
بالطبيعي ينشغل به ويصبح الألم والحزن هو المسيطر
وعلى هذا الاساس لايصبح لهم وقت ولا نية ولاقدرة على صنع
ومن هنا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصنع الطعام لآل جعفر
فقد أتاهم مايشغلهم عن صنع الطعام لأنفسهم ....
ولم يحدد من ذا الذي يقوم بصنع الطعام لهم
فأصبح الامر عام يدخل فيه ذوي رحم آل جعفر
أو جيرانهم أو اصحابهم او من عامة المسلمين
ولكن هنا صنع الطعام لآل بيت المتوفي
وليس صنع الطعام وكأنها ولائم كالذي يحدث في هذا الزمن
وكذلك كره العلماء لأهل الميت أن يصنعوا
سوى في اليوم الاول للوفاة أو الثاني او الثالث او الاربعين او السنوى
أن أصبحت الولائم لها أيام محدده ليس لأطعام المعزين
الذين يأتون لتقديم العزاء من اماكن بعيده
بل يصنعون الطعام لذكرى الميت
كالذي تقوم به بعض المجتمعات من أنهم يصنعون الطعام
ويكون اليوم الثالث وكأنه وليمة عُرس فيه من الاطايب واللحم والفواكه
الشيء الكثير بحجة الصدقة على الميت
وأيضاً هناك نقطة مهمة وهي لايجب الفرض
على اهل الميت أن يصنعوا طعام للضيوف او الزوار
لانهم إن فعلوا ذلك ربما يصنعون الطعام بأموال الميت والتى هي اصبحت
من حق الورثه وكذلك ربما ترك الميت أطفال صغار
لذلك امر النبي عليه السلام بصنع طعام لآل جعفر
في يومهم الاول فقط لانهم مشغولين بالحزن على الميت
وليس لهم وقت لأعداد الطعام لأنفسهم......
حيث كره جمهور العلماء لأهل الميت أن يصنعوا طعاماً لتقديمه للناس ، سواء كان ذلك يوم الموت أو في اليوم الرابع أو العاشر أو الأربعين أو على رأس السنة
، فكل ذلك مذموم .
وهنا أقوال علماء اهل
السنة والجماعة في هذا الامر:
قال ابن الهمام الحنفي:
وَيُكْرَهُ اتِّخَاذُ الضِّيَافَةِ
مِنْ الطَّعَامِ مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ ؛
لِأَنَّهُ شُرِعَ فِي السُّرُورِ لَا فِي الشُّرُورِ،
وَهِيَ بِدْعَةٌ مُسْتَقْبَحَةٌ.
وقال الحطَّاب المالكي :
أَمَّا إصْلَاحُ أَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا ،
وَجَمْعُ النَّاسِ عَلَيْهِ :
فَقَدْ كَرِهَهُ جَمَاعَةٌ ، وَعَدُّوهُ مِنْ الْبِدَعِ
لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِيهِ شَيْءٌ ،
وَلَيْسَ ذَلِكَ مَوْضِعَ الْوَلَائِمِ ".
فَأَمَّا صُنْعُ أَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا لِلنَّاسِ
: فَمَكْرُوهٌ ؛ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةً عَلَى مُصِيبَتِهِمْ ، وَشُغْلًا لَهُمْ إلَى شُغْلِهِمْ ،
وَتَشَبُّهًا بِصُنْعِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ
وفي " فتاوى اللجنة الدائمة
أما صنع أهل الميت طعاما للناس واتخاذهم ذلك عادة لهم : فغير معروف فيما نعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن خلفائه الراشدين ، بل هو بدعة ، فينبغي تركها ؛ لما فيها من شغل أهل الميت إلى شغلهم ، ولما فيها من التشبه بصنع أهل الجاهلية ، والإعراض عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين
رضي الله عنهم ". انتهى .
وقالوا :
أما ما يفعله أهل الميت اليوم من عشاء
وإذا أرادوا الصدقة عن الميت بإطعام الطعام
فينبغي أن لا يتقيدوا بيوم معين ،
ولو تصدقوا على الفقراء
بنقود فهو خير لهم ؛
لأنه أبعد عن الرياء وأنفع للفقراء
وأبعد عن التشبه بغير المسلمين ".
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة"
والقول بالكراهة هو الذي عليه مذاهب الأئمة الأربعة ، كما سبق نقل أقوالهم ، وذهب بعض العلماء إلى التحريم .
ويتوجه القول بالتحريم إذا كان ثمن الطعام من أموال اليتامى والقصر .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ :
وقد صرح الفقهاء رحمهم الله أنه يكره
لأهل الميت صنع الطعام للناس ،
وأن هذا طعام المأتم المنهي عنه.
وإن كان الطعام في تركة الميت ،
وفي الورثة قصار ، أو غائبون
أو من لم يرض من الورثة : فهو حرام ؛
لما فيه من التصرف
بأموال الغير بدون إذن شرعي
وقال الشيخ محمد المختار الشنقيطي :
فتكليف أهل الميت بصنع الطعام خلاف السنة،
بل قد يكون حراماً إذا كان من أموال اليتامى
والقصار كما يفعله بعض الجهال ،
حيث يقدمون على تركة الميت
التي فيها حق اليتامى والأرامل ،
ويأخذون منها الأموال لوضع الفرش
والبسط وكلفة العزاء وكأنه حدث عرس ،
فيتكلفون في ذلك ويضرون بآل الميت ،
فيكون هذا الطعام من
أكل أموال اليتامى ظلماً ،
والفاعلون لذلك وصفهم الله بأنهم :
( إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ
نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا )
وقال الشيخ محمد المختار الشنقيطي أيضاً :
هنا مسألة عمت بها البلوى ،
وهي مسألة الضيف إذا نزل على آل الميت ،
فإذا كان هناك ضيف ، خاصةً من القرابات :
كأبناء عمٍ أو إخوانٍ نزلوا وجاءوا من سفر
ونزلوا على الإنسان ،
وهم ضيوف لهم حق الضيافة ،
فذبح لهم ، لا لأجل الموت ولا صدقةً على الميت ،
فلا حرج ؛ لأن هذا منفكٌ عن أصل مسألتنا ،
فليس من العزاء ولا هو متعلق بالعزاء ،
وإنما هو من باب إكرام للضيف
الذي أمر الله به ورسوله ، فيكرم الضيف
أن هناك استثناء من الكراهة :
في صنع الطعام لمن ينزل بهم من الضيوف
إذا كان صنعه على سبيل الإكرام ، لا بسبب الوفاة
فمثل الذي يحدث في بعض المجتمعات الاخرى
والتى تتبع طريقة وسنة حميده في أن يصنعوا
وكذلك لابأس حتى لأهل الميت إن صنعوا
بعد يومهم الاول صنعوا طعاما لضيوفهم الذين أتوا مُعزين لمصابهم
ولكن النية يجب أن تكون إكرام الضيف وليس امر اخر .....
وعلى هذا الاساس قال ابن قدامة :
وَإِنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ جَازَ ؛
فَإِنَّهُ رُبَّمَا جَاءَهُمْ مَنْ يَحْضُرُ مَيِّتَهُمْ مِنْ الْقُرَى
وَالْأَمَاكِنِ الْبَعِيدَةِ ، وَيَبِيتُ عِنْدَهُمْ ،
وَلَا يُمْكِنُهُمْ إلَّا أَنْ يُضَيِّفُوهُ .....انتهى
قال الشيخ ابن باز :
أما إن نزل بأهل الميت ضيوف زمن العزاء :
فلا بأس أن يصنعوا لهم الطعام من أجل الضيافة ،
كما أنه لا حرج على أهل الميت
أن يدعوا من شاؤوا من الجيران والأقارب
ليتناولوا معهم ما أهدي لهم من الطعام
"فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز
نقطة مهمة وهي إن قام اهل الميت بصنع طعام
لمن يقدم لعزائهم فهذا مكروه
، كذلك يكره الأكل
من الطعام الذي أعدوه لهذا السبب ،
وإن كان الطعام من مال الورثة
واتفق الفقهاء على أنه تُكره الضيافة
من أهل الميت ،
لان الضيافة شُرعت في أيام السرور
وليس في أيام الشرور والحزن والوفيات
حيث صرّح الحنابلة بأنه يُكره الاكل من طعام
أهل الميت ، فإن كان من تركة الميراث
فهو مستحق ومحجور
أي أنه ليس لأهل الميت
أو غيرهم صرفه على الطعام أو الشراب للمعزين
وهنا يدخل التحريم فيه ....
وصرّح الحنابلة والشافعية بأنه يحرم تهيئة واعداد وصنع
الطعام للنائحات والذين يتخذون النواح والبكاء صنعة
لانه إعانة على معصية ......
وصرّح الحنفية بأنه يُكره إتخاذ الطعام وصنعه
في أيام معدودة كاليوم الثاني أو الثالث للوفاة أو الاربعين
وخُلاصة هذه الاقوال اخي الحبيب شمس
أن اهل الميت غير مطالبين بصنع الطعام للمعزين في ايام وفاة ميتهم
وأما ماقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في خصوص آل جعفر
فهذا معناه إصنعوا لآل جعفر طعام لهم
أي لآل بيت جعفر وليس للذي يأتي للتعزية ......
لانهم مشغولين بأمر وفاة جعفر
وهذا الامر يسري على كل المسلمين
أنه غير مطالب صاحب الوفاة أن يصنع الطعام للمعزين
كل هذه الاقوال تندرج تحت
الحرص على أهل بيت الميت
أن لا يصنعوا شيء من طعام أو شراب
للمعزين
والذي يقوم بذلك إن دعت الضرورة
هم أهل وجيران واخوان صاحب الميت
يقوم بذلك جيرانه أو اصدقائه أو اقاربه بصنع الطعام
لأهل الميت تكريما وجبر لخواطرهم ومساعدتهم على مصابهم
وإن كثر المترددين عليهم من أماكن بعيده
هنا الجيران أو الاقارب أو ذوي صلة رحمهم
من باب كرم الضيافة وليس من باب مناسبة الوفاة
أما إن صنع أهل الميت الطعام بأنفسهم لمن ينزل بهم معزياً
فهو مكروه ويكره لمن حضر للعزاء الأكل من هذا الطعام
بل يحرم أن كان مصنوعاً من أموال اليتامى والصغار ....
ان شاء الله اخي الحبيب استطعت في عجالة
أن اوضح لك ما أستفسرت عنه ,,,,
تقديري لك وامتناني على مرورك الايجابي
والذي يبين مدى حرصك على التعلم والفهم وعدم قبول
أي شيء يتم كتابته وقوله الا بالدليل الشرعي
وهذا الذي احببته فيك أن تقرأ للتتعلم وهذا هو لُب المنبر ورسالته
تقديري لك وامتناني وتحياتي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته