عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 01-18-2024
وارفة البيان غير متواجد حالياً
    Female
اوسمتي
وسام الادارية النشطة المركز الاول مسابقة التحدى تكريم اكتوبر وسام الإدارية المتميزه 
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 2794
 تاريخ التسجيل : Jan 2019
 فترة الأقامة : 2360 يوم
 أخر زيارة : منذ 2 أسابيع (07:17 PM)
 المشاركات : 91,711 [ + ]
 التقييم : 2147483647
 معدل التقييم : وارفة البيان has a reputation beyond reputeوارفة البيان has a reputation beyond reputeوارفة البيان has a reputation beyond reputeوارفة البيان has a reputation beyond reputeوارفة البيان has a reputation beyond reputeوارفة البيان has a reputation beyond reputeوارفة البيان has a reputation beyond reputeوارفة البيان has a reputation beyond reputeوارفة البيان has a reputation beyond reputeوارفة البيان has a reputation beyond reputeوارفة البيان has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 0
تم شكره 3,939 مرة في 2,489 مشاركة

اوسمتي

مقال نقيم دوماً في ماضٍ مستمرّ في الحاضر



"لماذا الذي كان ما زال يأتي ؟ … لأنّ الذي سوف يأتي ذهب
*عبد الله البردوني، "أغنية من خشب".

مع التقدّم شيئاً فشيئاً في السنّ لم يعد ما يُضني النفس ويُكربها هو انحسار المستقبل وشحوب أفاقه، "فالمستقبل شيءٌ نادرٌ" كما يقول رونيه شار،
ولا ضنك العزلة وضعف الرغبة في الالتحام بأشياء العالم والاشتباك العبثي مع مفاهيمه وترهاته، ولا خيانات البدن المتلاحقة، ولا خيبات الأمل الضرورية لحيوية العقل، فهذه كلّها من طبيعة الأمور ومن جوهر الصيرورة، بل ما يضني حقاً هو الشعور" بانتهاء الماضي وتلاشيه التدريجي" من حولك،
وكأنّ المرء قد انبثق لتوّه من هوة سحيقة سرعان ما اختفت وأخذت معها كلّ شيء، وكأنّها لم تكن.
فيتساءل أين كلّ شيء شكّلني وألّفني على ما أنا عليه؟ أين كلّ ذلك الذي كنته؟ أين هم؟ أين كلّ تلك النساء والرجال الذين تقاطعت معهم،؟ أين عوالمي، أين أحلامي، أين عبثي ومراهقتي وحماقاتي؟أين غبائي الجميل، وعفويتي الطائشة؟
فيدرك أنّ الإنسان، رغم انّه مقذوف به نحو المستقبل، هو في الواقع رهينة ماضيه، نعم ولا شيء آخر، وتلك هي تراجيديته الأساسية.
وإذا عدتُ إلى برغسون (وغالباً ما أفعل) فسأقول أنّ "الإنسان" لا يعيش الحاضر أبداً، بل هو يقيم دوماً في ماضٍ مستمرّ في الحاضر (على عكس كلّ الكائنات الطبيعية الأخرى)، ماضٍ لا ينتهي، ولكن ذلك التوتر الزماني، تلك الديمومة تأخذ، بفعل الزمان، في التراخي والتبلّد والانعطاب، فيبدأ المرء يشعر رويداً رويداً بفقدان الصلة الحيّة بماضيه، ماضي جسده وروحه ومعيشه وأشيائه الأليفة وأصدقائه وذويه، أي كلّ ذلك العالم الذي شكّل كينونته وزودّه بديمومة وهوية وذاكرة.
فالمرء ليس فرداً، أنا منحسر على ذاته، بل هو كل أولئك الآخرين الذين تعايش بينهم وفي كنفهم، وكل تلك الأشياء التي ألفها وألّفته، إنه كل شيء كان فيه وانصرم منه واضمحلّ.

انتابتني هذه الرؤية الميلانخولية بعض الشيء وأنا أعيد قراءة بعض مقاطع من minima moralia (تأملات عن حياة مبتورة) لثيودور أدورنو ."
الكاتب :
الدكتورشريف_مبروكي

المواضيع المتشابهه:



 توقيع :









https://a.top4top.io/p_2392dsxs72.gif

رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ وارفة البيان على المشاركة المفيدة:
 (01-26-2024)