~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~ | |
|
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||||
|
||||||||||||
![]() ![]()
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://images2.layoutsparks.com/1/29153/black-red-spots-lines.gif');background-color:black;border:5px double rgb(139, 0, 0);"][cell="filter:;"][align=center][align=center][tabletext="width:90%;background-color:black;border:4px double rgb(178, 34, 34);"][cell="filter:;"][align=center]
المسرح كبير، واللاعبون صغار، والمصفّقون سكرى، والمسرحيّة انتهت قبل أن تبدأ، وما انتبهوا… الأقنعة حاضرة، تستر زيف اللحظات، هبّت العاصفة، المرآة كُسرت، ما مالت الأقنعة، صارت هي الوجوه، وما فطنوا… العبث هو البطل، الجدّ قناعُه، وبين العبث والجدّ مسافات تضيع فيها النوايا والقضايا، والغلبة لمن عرف أولويّاته وآمن بها طريق الوصول إلى خطّ اللانهاية. العبث هو الثبات، الجدّ متغيّر، وما بينهما تدور عجلات القدر، والبوصلة ضائعة، وأنت بين صعود وهبوط، شكّ ويقين، السائق يموت، ولا تستيقظ إلّا عند ارتطامك بحواجز الهويّة على مفارق الظلام. الدروب كثيرة، الإضاءة مواربة، الهاربون كثر، الظلال مهاجرة، وحده الفرح الكامن في الدواخل ينير الطريق، وكلّ ما أتى من خارج، خارجًا يبقى، معلّقًا على أعمدة الإنارة التي أضلّت السالك يومًا، وظنّ أنّه اهتدى… الهجرة قاسية إلى خارج الذات، تبحث عن قيمة لك كبيرة في قلوب من تحبّ، لا تجدها، وما كان لك يضيع في البحث عمّا لك، تعود إلى باطنك، ترمّم القيمة التي لم يضفها أحد إلّا إيمانك بذاتك، تقنع بها، وحدها الباقية التي تدوم، والمفارقة أنّ العبث يسندها. وحده الإيمان الذي يتوّلد فيك، يوّلد لك ضمان استمرارك في قلب الحياة، ما يخيف ليس الآخرين، بل المتغيّرات التي تتحكّم بهم، والظرفيّة التي تحكم مزاجيّتهم، ويرتهنون لإشاراتها، وحده التحصين الذاتي بالحبّ النابع من الإيمان، بثبات العلاقة العموديّة، يرحمك من أن تكون عبد ارتهان مزاجيّة الأفقيّة. حين نتعلّم كيف نحصّن ذواتنا بإجادة حرفة تصنيع السعادة وخلق أسبابها من دواخلنا، كما أسباب دوام إنتاجها، نكون قد سوّرنا السكينة التي نسكن فيها. والتحصين لا يعني الانعزال، ولا الانغلاق ولا إلغاء التفاعليّة، بل القدرة على فَلْتَرةِ ما يدخل إلى الأذن، وترك أصماغ الكلام خارجًا، القدرة على رؤية اللوحات أمامنا بوضوح، المتحرّكة منها والساكنة، وتكثيف النظّارات حاجزًا بيننا وبين قبحها…فلا تنتقل أوهام الواهمين إلينا ولا مخاوفهم ولا قباحتهم.. بصمة الإنسان تكمن في تفاعل كتلة من المشاعر متناقضة، عبث وجدّ، ضحك وبكاء، خيبة ورجاء، فيتمّ الانتقال بين المتناقضين ومن يأبه متى وكيف ولماذا! أشهى ما في العبث ثرثرته حين يجب أن يصمت، وصمته حين يجب أن يثرثر، وفي أقسى المواقف قسوة وإيلامًا يضحكك، وفي أقسى المواقف تفاهة يبكيك. يقنعك بالزهد في أكثر الأمور المصيريّة، ويقنعك بالتلذّذ في أصغر التفاصيل والتمسّك بها… قد يكون الغرق في لجّة العبث مؤلمًا، لأنّ فيه إيقانًا بأّنك إلى عبث صائر، وإلى عدم سائر، فتنتفي قيمة الأشياء والأعمال، وتحكم لعنة الضجر حياتك، ويقتلك انتظار الساعة الفارغة التي تناديها وتستميت في جعلها هنا. ولكنّه مفرح حين يعلّمك أنّك حرّ، ترسم سطورك وتمحوها ساعة تشاء، وتتلاعب بخطوط الطول والعرض كما تشاء، أمّا الحسيب والرقيب فجنوحك والجنون. العبث ليس اللامبالاة واليأس والكسل، هو أن تطمح كثيرًا وتعمل بجدّ على تحقيق ما إليه صبوت، وتبني وتبني وتبني، من دون أن تخشى خسارة ما بنيته سنوات طوالا، ولا بأس إذا خسرت. العبث هو اقتناعك بأنّك قادر على التأسيس من جديد كلّ يوم، كأنّه يومك الأوّل في العمل، ولا بأس. العبث أن تعيش تميّزًا يرفضه منطق الأكثريّة ولا تأبه، وتتجّرأ على التمرّد تحت طائلة التطاول على ما به تفكّر، وتستمر في ترداد"من يأبه". وأجمل ما في العبث أنّه يجعل حياتك تضجّ بالمفاجآت، فلا يغريك تنفيذ وعوده ولا يحبطك خرق عهوده. ومعه أنت لا تخاف سوءًا لأنّك تتوقّع الأسوأ، ولا تنتظر فرحًا، لأنّك في الأصل مصيدة الفرح. أروع ما في العبث تلك الحريّة التي يمنحك إيّاها في التحرّر من التزامات الانتظار وقلقه، أهلا وسهلا بما يأتي، على قاعدة "نعمل ما علينا"، ولتأت النتائج بما تحمّله الأيام. هي الحياة تعشق من يعشقها ويزهد فيها في آن، تكافئ أهل الجدّ، وتقدّم نفسها مسرحًا للعبث. بين العبث والجدّ، أمجاد تتلاقى وطين يتشاقى، وطيش يقمع الرصانة وفرح يقطع الطريق على عيش وهم الهموم. وما بينهما بحث متواصل عن غائيّة أخرى للحياة، يعرف الباحث عنها أنّه قد لا يصل إليها، ويسير ويسير ويسير. فلا يُقتل العبث إلّا بالعبث، "ومن الجدّ ما قتل". وفي كلّ يوم مسرحيّة جديدة، وصندوق الفرجة، هو هو، وبائع العبث هو هو، وحدهم الناظرون يتغيّرون بحسب صراعهم بين الوقوف والمضيّ، والفصول تمشي. د. ناتالي الخوري غريب .. [/align][/cell][/tabletext][/align][/align][/cell][/tabletext][/align] المواضيع المتشابهه: ![]() |
كاتب الموضوع | ودق السماء | مشاركات | 5 | المشاهدات | 1855 |
![]() ![]() ![]() | انشر الموضوع |
![]() |
|
لا توجد أسماء لعرضهـا. |
|
|