~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~ | |
|
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() طلّقها قصة : نزار ب. الزين طلّقها !لكم أكره هذه الكلمة ، لكم أمقتها و أنفر من ذكرها ، لكم حطمت بشرا و شتت أسرا . أذكر جيدا يا أبي أنك اخترتها لي و أنك آثرتها من بين كثيرات بل و قد انتزعتها لي بمؤامرة من أحد خطابها ، فكيف تدعوني الى طلاقها يا أبي ؟ أطلق من ملأت حياتي بهجة ؟ بأي ذنب ؟ بأي منطق ؟ و ما شأني ببقاء السلالة طالما أنا سعيد ببقائي ؟! " على أي حال له قضيته ، لعله يراها عادلة فيتشبث برأيه و يلح بطلبها و يلحف بالرجاء ليحققها ، عدالته هي عدالة المصلحة العليا ، مصلحة السلالة - مع أني لا أظنها سلالة فريدة من نوعها- هي لا شك غريزة عمياء يسمونها غريزة بقاء النوع ؛ أما عدالتي و للغرابة هو غارسها ؛ فهي مقابلة الود بالود ، و الاحسان بالاحسان ، و الوداعة بالرقة ، و الاخلاص بالرعاية ، و العطاء بالسخاء . " طلقها ، يكررها كلما طلب الخلوة بي و ما أكثر ما يطلب الخلوة بي ليقول لي طلقها ! - طلقها .. طلقها .. طلقها .. لقد أعطاك الشرع هذا الحق فاستثمره . فطوم ابنة خالك تبين أنها مصابة بالعجز الكلوي ، أفتى شيخ لزوجها بالطلاق فطلقها و هي لا زالت عروسا ؛ سليمة حفيدة ابن عمي سليمان ، أصيبت بحالة اكتئاب إثر حمل لم يستقر ، فأفتى شيخ بجواز طلاقها فطلقها ,كل الناس يطلقون الا أنت ؟! - " أهي سلعة ، يمكن إعادتها لبائعها أنى نشاء ؟ يا أبي؟! " - طلقها .. طلقها .. طلقها .. ضجيج هذه الكلمة الكريهة يصم أذنيّ . زوجة أبي مستعدة للبحث عن غيرها في الحال ! " حذاء يمكن استبداله أنّى نشاء ؟!." هكذا هَمَسَت في أذني ذات يوم . و لكنك لم تنجبي بدورك يا زوجة أبي ، لِمَ لم يطلقك أبي يا زوجة أبي ؟ عمتي تقترح أن أتزوج من أخرى على أن أبقيها بذمتي فلا أكون ظلمتها ! و لكنك اكتويت بمرارة الضرّ يا عمتي ... أعمامي لاذوا بالصمت ، لقد أنجبوا بناتا فلا يحق لهم و الحال كذلك الحديث عن بقاء السلالة ! ***** مضت عشر سنوات أو تزيد ، مائة و عشرون شهرا أو تزيد ، أربعة آلاف يوم بلياليها و لم أفرحك بطفل يا زهير . اني أشعر بمعاناتك يا زهير . أشعر بقلبك الرقيق يكتوي بمرارة الصراع . أشعر بضرباته القوية في مجابهة الضغوط . أشعر بحبك الكبير لأبيك و ببرك بأبيك و رغبتك الصادقة بطاعة أبيك و كذا أشعر بحزنك لانتقاصك من برّه و طاعته من أجلي . كم بودي دعوتك اليها تلكم الكلمة البغيضة فأعفيك من ألم النفس و عذاب الضمير ، و أريح والدك و كل أؤلئك الذين التفوا من حوله يتحسرون على سلالة أصبحت وشيكة الانقراض . كم بودي دعوتك اليها و لكن الموت أهون علي منها يا زهير . فأنا لا أشعر بالحياة الا بين ذراعيك و لا بالطمأنينة الا في محيط أنفاسك و لا أستطيب الحركة الا اذا كانت من أجل خدمتك .. أنا .. أنا لا أفهم العالم الا من خلال عينيك . فلنحاول ثانية و ثالثة ، فلنحاول للمرة الألف بل للمرة المليون ... قدرتي على الاحتمال لا حدود لها .. لقد اعتدت أسّرة المشافي و ألفت طعوم الأدواء و روائح العقاقير . لم تضجرني أحاجي الأطباء السمر منهم أو الشقر . و لم و لن أسأم قط إذا حولوني الى فأر تجارب .. ولم و لن أتذمر أبدا من أنابيب تغرس في عروقي و حقن تمتص دمائي و شعاعات تنقب في أحشائي و عّينات تنتزع من أنسجتي . المهم أن أقدمه لك ذات يوم . له نفس عينيك الحانيتين . له نفس قلبك الكبير و نفس صبرك الجميل . حاملا نفس نبلك ..نفس أخلاقك . لأجل عينيك يا زهير أحتمل كل الشقاء و كل الألم . وليس من أجل سلالتك المجيدة . ********* - زهير لقد احتضنتك أبا و أما حين فقدت الأم ، و رعيتك منذ الثالثة من عمرك ثانية بعد ثانية و تابعت نموك رقما بعد رقم و أنشأتك فكرة إثر فكرة و دفعتك في درب الحياة خطوة بعد خطوة ، حتى جعلتك طبيبا ينحني له الأطباء ، و مع ذلك ترى في حلقي غصة فلا تحاول خلاصي منها. أنا أطلب منك حفيدا و حسب يا زهير ، هل كثير عليّ أن يكون لي حفيد يا بني ؟ طلقها أو تزوج من أخرى فالشرع أحل لك أربعا يا زهير ! - - أبتي العلم يتقدم و الطب كذلك يتقدم . كل يوم كشف جديد . كل يوم فتح جديد . كل يوم أمل جديد . أطفال الأنابيب هل سمعت بهم ؟ الأرحام المستعارة هل قرأت عنها ؟ و مع ذلك أنا لا أفكر باستعارة رحم أو استخدام أنبوب . زوجتي ليست عاقرا يا أبي إلا أنها كثيرة الإجهاض . زوجتي التعيسة يا أبي تعاني من عدو كامن في أحشائها مرصود لاجهاض فرحتها ... زوجتي ضحية الآلية الحمقاء و شذوذ الطبيعة ... هل سمعت بمقاومة الجسم الذاتية للمواد الغريبة حتى لو كانت لمنفعته ؟ هل سمعت بموت من زرعت لهم قلوب أو رئات أو كلى ؟ جهاز زوجتي المقاوم يخال أجنتها أجساما عدوّة فيفرز حولها سمومه ليقضي عليها قبل اكتمالها ؛ تلك هي المعضلة ؛ فما ذنب زوجتي يا أبي ؟ اني طوع بنانك في كل أمر يا أبي الا في هذا الأمر فاعذرني أرجوك . ******** بقايا ( أمل ) على سرير أبيض التصق ظهرها به منذ شهور سبعة ... شاحبة الوجه ، ذابلة العينين ؛ غرسوا في رقبتها أنبوبا وصل بين وريد رقبتها الأيسر و جهاز تنقية الدماء ، و هي على هذا الحال منذ شهور سبعة ... ( زهير ) الى جانبها جامد التعبير ، عودته الشهور السبعة على كآبة المنظر . يدخل كبير الأطباء و ثلة ضمت أطباء و ممرضات ؛ يفحصها بدقة ، يبتسم ، يخاطبهما بثقة :" لقد أكمل شهره السابع و هو بصحة جيدة ، قلبه ينبض بقوة ، وضعه في الرحم سليم ، حركته تشير الى نشاط و حيوية ؛ لقد زالت معظم الأخطار . " ثم أكمل موضحا : " الخطر الوحيد المتبقي هو أن يلتهب هذا المكان - و أشار الى نقطة التقاء الانبوب بالرقبة – عندها سنضطر الى سحبه قبل موعده ؛ الا أنه خطر بعيد الاحتمال . " و أضاف و قد ملأت ثغره ابتسامة عريضة : " اني أقول هذا لأؤكد لك بأنك ستصبحين أما و سوف تنعمين بنعمة الأمومة يا سيدة أمل " لم تستطع ( أمل ) ضبط نفسها فأجهشت بالبكاء .. بكاء الفرح .. بكاء الفرج .. بكاء الأمل الضاحك... أما ( زهير ) فقد تهاوى على الأرض فسجد سجدة طويلة ، و اذ احس بابتعاد ملائكة الرحمة ، زحف نحو السرير فألقى برأسه على صدر زوجته ثم راحا معا في نشيج متناغم . كان زهير يسر الى ذاته :- " ستحصدين قمح الصبر يا ( أمل ).... وتذوقين ثمار النصر .. و تنسين ليالي القهر . " و كانت ( أمل ) تسر الى ذاتها : " ستحصد قمح الصبر .يا زهير. و تذوق ثمار النصر .. و تنسى ليالي القهر " و استمرت تهمس الى ذاتها : " اليوم عادت الي آدميتي .. أنت أعدت الي آدميتي يا زهير .. أنت و كل هؤلاء الأطباء والعلماء و الباحثون .. تضافرتم جميعا لتعيدوا اليَّ إنسانيتي بعد أن كدت أفقدها .. و سأظل مدينة لكم جميعا الى الأبد ." و فجأة رفعت رأسها ، مسحت دموعها ، و بصوت نابض بالحرارة قالت : " زهير قم حالا و اهتف لأبيك و بشّره بالخبر السعيد . " نزار الزين |
كاتب الموضوع | الغزال الشمالي | مشاركات | 1 | المشاهدات | 1528 |
![]() ![]() ![]() | انشر الموضوع |
![]() |
|
لا توجد أسماء لعرضهـا. |
|
|