قصة ذو القرنين و ياجوج و ماجوج

ذو القرنين ويأجوج ومأجوج
عاش ذو القرنين فى زمن نبى الله إبراهيم عليه السلام وكان ملك عادلاً
وآمن ذو القرنين مع إبراهيم عليه السلام وطاف معه حول الكعبة حين بناها
وقد تعلم الخير الكثير والعلم الوفير من إبراهيم عليه السلام .
وكان ذو القرنين يتمنى أن يصبح العالم كله على الإيمان والتوحيد
ومن أجل ذلك جهز جيشاً كبيراً ليخرج به ليدعو الناس إلى عبادة الله وتوحيده
فأكرمه الله عز وجل وهيأ له كل الأسباب التى تعينه على تبليغ هذه الدعوة المباركة .
طاف ذو القرنين مشارق الأرض ومغاربها وهزم كل الجيوش التى قابلته
وحكم الناس بالعدل والرحمة ولم يظلم أحدًا أبدًا
حتى ملك الأرض كلها بفضل الله سبحانه وتعالى
ونحن نعلم أنه ملك الدنيا كلها أربعة
رجلان مؤمنان وهما :
نبى الله سليمان عليه السلام
وذو القرنين رحمه الله .
ورجلان كافران هما :
النمرود وبختنصر.
وكان من رحمة الله جل وعلا بأهل الأرض أن ذا القرنين ملك الأرض بعد النمرود الذى أفسد فى الأرض كثيرًا.
فجاء ذو القرنين فملأ الأرض رحمة وعدلاً وطاف مشارق الأرض ومغاربها ليدعو الناس إلى عبادة الله وتوحيده .
واستمر ذو القرنين فى رحلته المباركة لينشر العدل بين الناس ويعلمهم التوحيد .
ومن أجل ذلك تعلم كل لغات العالم حتى يستطيع أن يدعو كل شعب بلغته .
وقد يسر الله له أسباب كل شىء من معرفة اللغات إلى معرفة الطرق والبلاد .
وسار ذو القرنين بجيشه حتى بلغ أقصى مكان فى الأرض من ناحية الغرب .
فلما وصل إلى هذا المكان نظر ذو القرنين إلى الشمس فرآها وكأنها تغرب فى المحيط الذى أمام عينيه .
ووجد فى هذا المكان قومًا كافرين فدخل عليهم ومكَّنه الله منهم
ثم خيره بين تعذيب أهل هذه الأرض أو العفو عنهم ونشر العدل بينهم .
فكان ذو القرنين فى قمة الرحمة والعدل فقال :
من ظلم واستمر على شركه وكفر بـالله عز وجل فسوف نعذبه
ثم إذا مات على كفره فإن الله جل وعلا سيعذبه عذابا شديدًا .
ومن آمن واتبعنا على الإيمان والتوحيد فهذا سيكافئه الله أعظم الجزاء فى الجنة .
هل كان ذو القرنين نبيا أم عبدًا صالحا ؟
كان ذو القرنين عبدا صالحا وكان الله عز وجل يُلهمه بما يفعل ويوفقه ويمكنه وييسر له أسباب النصر والتمكين .
بعدما وصل ذو القرنين إلى مغرب الشمس بدأ رحلته الثانية الطويلة إلى مشرق الشمس .
وكان لا يمر بقوم إلا نصره الله عليهم وأخذ يدعوهم إلى الإيمان والتوحيد .
وظل هكذا حتى وصل إلى المكان الذى تشرق منه الشمس فرأى أُمة عجيبة .
رأى قوما حفاة عراه ليس لهم بيوت يستظلون فيها من حر الشمس وبرد الريح .
وليس عندهم أشجار ولا جدران
وقد حفروا لأنفسهم سراديب تحت الأرض ليدخلوا فيها حتى تحميهم من حر الشمس.
فأخذ ذو القرنين يعلمهم كيف يبنون بيوتا تحميهم وتقيهم من حر الشمس وبرد الريح .
ودعاهم إلى الله جل وعلا فآمنوا وامتلأت قلوبهم بلذة الإيمان ونور التوحيد .
ثم ودعهم ذو القرنين وأنطلق فى رحلته الثالثة .
فسلك طريقًا ثالثا بين المشرق والمغرب يوصله إلى جهة الشمال حيث الجبال الشاهقة .
ووصل ذو القرنين إلى منطقة بين جبلين كبيرين عند بلاد الترك
فوجد قوما لا يكادون يعرفون لغتة غير لغتهم .
وكانت لغتهم غريبة وصعبة حتى أن ذو القرنين لم يستطع أن يفهمهم إلا بواسطة ترجمان .
وبعدما تكلم معهم ذو القرنين علم أنهم يعيشون مأساة حقيقية
وذلك لأنهم يعيشون بالقرب من جبلين متجاورين
ومن وراء الجبلين تعيش أمة متوحشة وهم قوم يأجوج ومأجوج
وهم من ذرية يافث بن نوح عليه السلام
وكان لهم أشكال وأحجام عجيبة وكانوا كفارا لا يؤمنون بـالله جل وعلا
بل وكانوا لصوصًايعيشون على السلب والنهب والسرقة .
وكان هؤلاء القوم المساكين الذين لقيهم ذو القرنين يعيشون مأساة حقيقية
لأن قوم يأجوج ومأجوج كانوا إذا دخل الليل خرجوا من وراء الجبلين إليهم
فأكلوا زروعهم وثمارهم وسرقوا مواشيهم وأغنامهم

حتى أصبح هؤلاء الناس جوعى لا يجدون طعاما ولا شرابا .
فلم علم ذو القرنين قصتهم قرر أن يقف بجانبهم وأن يساعدهم بشرط أن يؤمنوا بـالله جل وعلا .
فآمنوا بـالله ووحدوه وبدأوا يعرضون على ذى القرنين عرضا مُغريا .
{قَالُوا يَا ذَا الْقَرْ‌نَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْ‌ضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْ‌جًا عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ﴿٩٤﴾ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَ‌بِّي خَيْرٌ‌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَ‌دْمًا ﴿٩٥﴾} الكهف
عندما وجدوه فاتحا قويًا وتوسموا فيه القدرة والصلاح
عرضوا عليه أن يقيم لهم سداً فى وجه يأجوج ومأجوج
وذلك مقابل قدر من المال يجمعونه له من بينهم .
فرد عليهم بعفة وزهد وقال لهم
{ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَ‌بِّي خَيْرٌ‌}
ولما عف ذو القرنين عن أموالهم وزهد فيها ، أراد أن يتركوا العجز والكسل
وأن يعلمهم النشاط والعمل والكسب والسعى فقال لهم
{فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَ‌دْمًا }
وبدأ ذو القرنين يفكر فى أفضل طريقة يستطيع من خلالها أن يسد الطريق على يأجوج ومأجوج
فلا يستطيعون أن يخرجوا على هؤلاء القوم المساكين
وبعد تفكير رأى أن أفضل وسيلة هة أن يردم الحاجز الذى بين الجبلين .
وأصدر بالفعل ذو القرنين أمره لهؤلاء القوم بأن يحفروا فى الأرض التى بين الجبلين
حتى يلقى فيها أساسا متينا ليبنى عليه ذلك السد .
فحفروا معه حتى وصلوا إلى مكان عميق وبدء ذو القرنين فى وضع الأساس
فوضع فى تلك الحفرة صخورا ورمالا ثم طلب بقطع نحاس كبيرة
وأمرهم بأن يوقدوا نارا تحت النحاس فلما ذاب صبه فوق الصخور
ثم طلب بأن يأتوا إليه بقطع حديد كبيرة وأخذها ذو القرنين وبدء بوضعها فوق بعضها العض
حتى وصل إلى حافة الجبلين ثم أمرهم بإيقاد النار تحت الحديد
وأمر مجموعه أخرى بأن يأتوه بالنحاس
وتم صهر الحديد والنحاس فتخلل النحاس وسط الحديد
وصار معدنا واحدًا قويًا متينًا.
وترك الحديد مع النحاس حتى جمدا فصار سدا منيعا مدهشا.
لقد هدى الله ذو القرنين إلى طريقة فذة عجيبة فى تمتين البناء وتقويته .
عجز يأجوج ومأجوج أمام السد
لما أتم ذو القرنين بناء السد جاء يأجوج ومأجوج على عاداتهم ليعبروا المضيق
ولكنهم فوجئوا بالسد المنيع أمامهم
حاولوا أن يظهروا ويتسلقوا عليه فلم يستطيعوا
وحاولوا أن يهدموه وينقضوه فلم يستطيعوا .
قمة فى التواضع
نظر ذو القرنين إلى هذا العمل الضخم الذى قام به
فلم يشعر بأى شىء من الكبر والغرور
بل شكر الله على أنه وفقه فى هذا ونسب الفضل كله لله
وأخبر القوم بأن هذا السد رغم قوته ومتانته فإنه سوف يدك فى يوم من الأيام بتقدير من الله جل وعلا .
{قَالَ هَـٰذَا رَ‌حْمَةٌ مِّن رَّ‌بِّي ۖ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَ‌بِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ۖ وَكَانَ وَعْدُ رَ‌بِّي حَقًّا ﴿٩٨﴾} الكهف
وبذلك تنتهى سيرة ذى القرنين .
النموذج الطيب للحاكم الصالح
يمكنه الله فى الأرض وييسر له الأسباب
فيجتاح الأرض شرقا وغربا ولكنه لا يتجبر ولا يتكبر
ولا يتخذ من الفتوح وسيلة للمكاسب المادية
ولا يعامل البلاد المفتوحة معاملة الرقيق ولا يسخر أهلها فى أغراضه وأطماعه
أنما ينشر العدل بكل مكان يحل به
ويستخدم القوة التى يسرها الله له فى التعمير والأصلاح ودفع العدوان واحقاق الحق
ثم يُرجع كل خير يحققه الله على يديه إلى رحمة الله وفضله .
الرسالة الأخيرة
لما بلغ ذى القرنين مشارق الأرض ومغارها ونشر التوحيد بين أهل الأرض
أحس بأن مهمته قد انتهت وان أجله قد أقترب
فقد مرضا مرضا شديداً عندما بلغ أرض بابل .
فلما أشفق أن يموت أرسل رسالة إلى أمه وكتب
يأماه اصنعى طعاما واجمعى من قدرت عليه
ولكن لا يأكل طعامك من أُصيب بمصيبة

واعلمى أن الذى أذهب إليه خير من كل ما أنا فيه .
والســــلام .
فلما وصل كتابه صنعت طعاما وجمعت الناس وقالت :
لا يأكل هذا من أُصيبة بمصيبة ،فلم يأكلوا
فعلمت ما أراد فقالت :
ما يبلغك عنى أنك وعظتنى فاتعظت ، وعزيتنى فتعزيت
فعليك السلام حيا وميتا .
وهكذا رحل ذو القرنين بعدما ملأ الأرض رحمة وعدلا
ونشر التوحيد والإيمان .
الدروس المستفادة
1- لابد للمسلم أن يتبع نبيه وأن يقتدى به .
2- الدعوة إلى الله فرض على كل مسلم بحسب علمه وقدرته .
3- المسلم إذا أراد أن يدعوا قوما فعليه أن يتعلم لغتهم .
4- إذا اعطا الله الانسان القوة فعليه أن يستخدمها فى الخير .
5- السفر فيه فوائد كثيرة جدا.
6- من أستطاع أن ينصر أخاه ويرفع الظلم عنه فلابد أن يفعل .
7- لن يكون شىء فى هذا الكون إلا بتقدير الله .
8- لابد للمسلم أن يرضى بقضاء الله .

جزاكي الله خيرا
وبارك فيكي على هذا
الموضوع الرائع

واياك البرنس رامي