د. أسماء جابر العبد
حين تبذل من مشاعرك ونفسك لأجلهم، ثم تُقابَل بالجُحود والنُّكران، وحين تعمل كل ما عليك لإرضائهم، ثم تُقابَل بالصدِّ والهِجران، فلا تُحبطك هذه الخيبات إزاء ردود أفعالهم تجاهك، واسِ نفسَكَ وكن لها كل شيء.
نعم احزَنْ وابْكِ؛ لكن ارْضَ عن أقدار الله، فألم اليوم هو قوةُ الغد، ستصقلك لا شكَّ أعاصير المعاناة.
وحين تخطئ في شيء، ويتخطَّاك قطار النجاح إلى غيرك دون أن يقف في محطَّتِك، فلا تبتئس، وتعلَّم من أخطائك، واعلم أنك إنسان يُخطئ ويُصيب.
اصنَع خطة لحياتك، ولا تترك نفسَكَ هملًا تُسيِّرها الظروف كيفما أرادت، قوِّ علاقتك بربِّكَ؛ فهي الركن الشديد حين تَخونك أركانُ العبيد.
أقْدِم ولا تتردَّد، اتَّخذ قرارك بنفسك، ولا تَجعل أحدًا ينوب عنك، أنت لستَ ضعيفًا؛ بل فقط تَجهل موطن قوَّتك، ولا تدري أن مفاتيح السعادة بيديك.
وحين تقتلع الأعاصيرُ أوتادَ قلبِكَ، ويُدْمي الشوك أجزاءَ جسدك، فلا تتحطَّم على أعتابها رُوحُكَ، ولا يتحيَّر في أحداثها عقلُكَ؛ بل ادعم نفسَكَ ذاتيًّا ومعنويًّا، ربِّت على كتفها، وامنحها شعورًا مُفعمًا بالراحة والسعادة والاسترخاء.
كافئ نفسك كلما نجحت في تحقيق إنجازٍ ولو صغير، ولا تنتظر من أحدٍ أن يُواسيك أو يُكافئك، فتظل تستجدي التصفيق منهم أبد الدهر.
أنت تستحقُّ أن تعيش سعيدًا، فعليك أن تُتقِن فنَّ إسعاد نفسك دون اتِّكالٍ على أحد، عبِّر عن مشاعرك وإحساسك، لا تقمعها وتكبتها.
عبِّر عن فرحِكَ وسعادتِكَ، وعن ألَمِك وتعاستِكَ، وعن حنينِكَ وحاجتِكَ، وحين تُحاصِرُكَ جبالُ الهموم، وتُغطي بابَكَ تِلالُ الجليد، فلا تيئَس ولا تبتئس، وافتح نوافذَكَ للحياة تتسلَّل إليكَ أشِعَّةُ الشمس الدافئة مؤذنة ببدء يومٍ جديد، وحلمٍ مُشرقٍ سعيد.
لا تعِشْ في كابوس الماضي تندب الحَظَّ الفائت، ولا تُفكِّر في ماضيك إلا بقدر ما تستفيد منه من أخطائك وتتعلَّم من تجاربك، لا تنتظر أن تواتيك فرصة للنجاح، أو تطرق عليك بابَكَ؛ بل اصنعها بنفسك.
جرِّب وخاطر، واصبِر وثابر، واعلَم أن قوة إرادتِكَ ستُسهِم لا شكَّ في تشكيل واقعك وتحقيق حلمك، لا تنتظر أن يلتفت أحدٌ إليك حين تتعثَّر، أو يأخذ بيديك حين تسقُط، أو يحسُّ بألمك حين تئنُّ وتتألم.
لا تُظهِر تعبَكَ وفقرَكَ، ولا تشكُ حزنَكَ وهمَّك لغير ربِّك، ولا تَبُحْ لأحد بسرِّك، وكن صاحب قرارك، وصديق نفسك، واستغْنِ بمعيَّة الله عن البشر من حولك.
امنَح نفسَكَ فرصة للتأمُّل والاسترخاء، متِّعْ ناظريك بألوان الحدائق والأطيار، وتنشَّق بعمق عبير الأزهار، ولا تقفْ على الأطلال تندبها؛ بل تطلع إلى هناك؛ حيث زقزقة العصافير، وإشراقة الشمس وتناغُم الفراشات، كافئ نفسَكَ، واشترِ لها شيئًا تُحبُّه.
مارس هوايتك المفضَّلة، ولا تتوقَّف عن اكتساب مهارات جديدة، وركِّز على نقاط قوَّتِك، وحاوِل تنميتها وتعزيزها، وانظر نقاط ضَعفها، فحاول علاجها.
لا تقارِن نفسك بأحد؛ بل قارنها بذاتها؛ كيف كانت بالأمس، وكيف أصبحت اليوم، وما ينتظر لها أن تكون في الغد.
كن لنفسك الناقد المصلح، والصديق المخلص، ستسقط مراتٍ، وتتعثَّر مراتٍ، فتعلم أن تنهض وحدَك كلما كبوت، وتبدأ من جديدٍ كلما تعثَّرت.
كن مؤمنًا بربِّك، واثقًا بقدراتك، متفائلًا بمستقبلك، وكن لنفسك كل شيء.
12-20-2021
كن لنفسك كل شيء
العرض العادي
