~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~

عدد مرات النقر : 324
عدد  مرات الظهور : 1,703,981


عدد مرات النقر : 324
عدد  مرات الظهور : 1,703,981

العودة   منتديات وهج الذكرى > وهج الادب المنقول مما راق لي > ❦ وهـج القصص والخيال ❦ ❧
❦ وهـج القصص والخيال ❦ ❧ لكل ما يروق لنا من قصص او خاطرة
التعليمـــات روابط مفيدة
إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 06-23-2011
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل : Apr 2011
 فترة الأقامة : 4765 يوم
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم : 119
 معدل التقييم : الغزال الشمالي will become famous soon enoughالغزال الشمالي will become famous soon enough
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي بائع الطين ( رواية)



بائع الطين - رواية
بقلم / فايز الأشتر




وصلت إلى البيت في الساعة العاشرة ليلاً، عائداً من العمل الذي من المفروض
أن ينتهي في الساعة السادسة مساءً، إلا أن بُعد المعمل عن مكان سكني، وجشع صاحب
المعمل الذي بوده أن يُبقي العمال في المعمل ليلاً ونهاراً، وبأجر زهيد، لا يسمن
ولا يُغني من جوع، كل هذا يجعلني أتأخر حتى هذا الوقت، وأحياناً يُبقينا صاحب
المعمل حتى الواحدة بعد منتصف الليل، إذا كان مزاجه مُتعكرا من زوجته الجميلة
التي تصغره بعشرين عاماً، والتي تزوجها من أبيها رغماً عنها
بسبب الحاجة والفقر.
أول شيء فكرت في فعله عندما دخلت إلى الغرفة هو إسكات معدتي التي قرصها
الجوع طوال اليوم.
بحثت في "النملية"هكذا يسمونها، ولا أدري لماذا! فقد كانت عبارة عن رفوف
خشبية لها باب من المنخل الناعم كي لا تدخل الحشرات، وبنفس الوقت يسمح بدخول
الهواء لتهوية الطعام، ولها باب ثان خشبي له قفل، وتستعمل قديماً بدلا من الثلاجة،
وعلى كل حال أنا لست بحاجة لها لأن الطعام لا يباتُ عندي وحجم الغرفة صغير، ولا
يتسع لثلاجة، وإذا أردتم الصراحة... أنا لا أملك ثمنها!
لم أجد شيئا آكله في النملية سوى نصف رغيف من الخبز، تبقىَ من الأمس وقليل من
دبس البندورة في وعاء زجاجي، نسميه "قطرميز" أعطتني إياه أمي عندما
جئتُ من القرية، أمي الحنون التي لم تصدق عندما قلت لها إن دبس البندورة
يُقدم في مطاعم المدينة بجانب البطاطا المقلية، ولكني لم أخبرها بأن دبس
البندورة الذي تصنعه بيديها أفضل بألف مرة من دبس البندورة الذي
يقدمونه هنا، أمي الحنون التي حاولت مراراً أن تقنعني بالعدول عن الذهاب إلى
المدينة للعمل، وأن أبقى في القرية لكي أعمل مع أبي في زراعة الأرض، أمي
الحنون التي كانت تبتسم عندما أتذمر إذا تأخرت في تحضير الطعام، أين أنت
يا أمي لتري ابنك يأكل نصف رغيف شبه يابس مدهون بدبس البندورة؟
مددت دبس البندورة على نصف الرغيف و فوقه بضع قطرات من الزيت، و قليل من
مسحوق النعنع اليابس، وكما تقول أمي (كل شيء مع الجوع طيب) والآن بعد أن
أسكت معدتي الجائعة، اشتهيت كأس شاي لأخفف من طعم دبس البندورة
فقد بدأتُ أشعر بحرقة في معدتي بعد أن التهمت الخبز بشراهة من شدة جوعي
وأعتقد أن كأسا من الشاي سوف يُعدل مزاجي.
تركت الماء تغلي في الإبريق جيداً، ثم وضعت الشاي الأسود على الماء، ففاحت رائحة
الشاي العطرة في الغرفة، فتحت علبة السكر فتسمرت عيناي في قاعها الفارغ
وأدركتُ حينها إني سوف أنام من دون أن أشرب الشاي.
مع أن الحرقة اشتدت في معدتي، إلا أن التعب من العمل كان أشد على جسدي المنهك
فرحت أغط في نوم عميق.





المواضيع المتشابهه:



 توقيع :
قال تعالى {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً }النجم28

دائما النية الطيبة لاتجلب معها إلا المفاجآت الجميلة
لاتغيروا أساليبكم فقط غيروا نياتكم فعلى نياتكم ترزقون


رد مع اقتباس
قديم 06-23-2011   #2


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي




كانت الساعة الثانية بعد منتصف الليل عندما أيقظتني من نومي دقات على
الباب، ولكن من شدة تعبي، اعتقدت إني كنت أحلم، فعدت للنوم، ولكن مرة ثانية
دُقَ الباب ولكن هذه المرة كانت الدقات أقوى مما جعلني أستيقظ، وأذهب لأفتح
الباب، وقد انتابني شعور بالخوف والقلق، وبدأت الأفكار تدور في رأسي، من هذا
الذي يزعجني في هذه الساعة المتأخرة من الليل؟
ذهبت لكي أفتح الباب، وعيناي بالكاد تريان الطريق إليه، ومن غير أن أسأل
أو أستفسر عن هوية هذا الزائر الذي قض مضجعي وانتهك حرمة نومي
امتدت يدي إلى مقبض الباب وفتحته بهدوء، وأنا أحاول بصعوبة أن
أبقي عيني مفتوحتين لأرى ذلك الشخص الواقف أمامي، بوجه شاحب، وجسم
ضعيف، ولولا ثيابه الجديدة التي كان يرتديها لحسبته متسولا ساقه قدره
التعيس إلى من هو أتعس منه.
تمعنت بوجه الزائر وقلت له: نعم! ماذا تريد؟
نظرَ بوجهي باستغراب وقال: أنا ابن خالتك..أيمن..صديقك، ألم تعرفني؟
نعم إنه ابن خالتي وصديقي أيمن! كيف لم أعرفه؟ ولكن معي حق أن لا أعرفه
فقد مرت سنين طويلة منذ رأيته آخر مرة،عندما سافر إلى أوروبا الشرقية
لكي يدرس الطب، ولم يعد بعد انتهاء الدراسة، بل فضل البقاء هناك لكي يعمل
بالتجارة، ولكن ما الذي غيره إلى هذه الدرجة فقد كان ممتلئ الجسم، ذو وجه منير ووسيم!
أخذته بالأحضان وقلت له: أرجوك لا تؤاخذني فأنا لم أعرفك من شدة النعاس
تفضل بالدخول.. البيت بيتك..





 


رد مع اقتباس
قديم 06-23-2011   #3


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



أبعدت ثيابي المرمية على الأريكة ليتمكن من الجلوس عليها، ويا ليتني لم
أبعد عنها الثياب، فقد بانت على حقيقتها، بالية، مهترئة وقد خرج القش
المحشو بداخلها إلى الخارج!
جلس أيمن وهو يبتسم، ولكن ابتسامته كانت باهتة، تكشف عن وجه مهموم وخائف
فسألته:
ما بالك؟ لماذا كل هذا الشحوب على وجهك؟
نظرَ إليَ بعينين خائفتين وقد اغرورقتا بالدموع، وقال:
أنا آسف جداً على إزعاجك.....في هذا الوقت المتأخر من الليل!
فقاطعته قائلاً:
لا عليك يا رجل، ما هذا الكلام الذي تقوله! تستطيع أن تأتي في أي وقت تشاء....
وتابع حديثه بصوت متقطع يخالطه البكاء:
صدقاً أنا آسف ولكن لم يكن أمامي سوى بابك أقصده، فقد كنت في القرية، وأخذت عنوانك
من أمك وهي تسلم عليك كثيراً، وقد أرسلتني لكي أختبئ عندك حتى يحين موعد سفري إلى أوروبا.
قاطعت كلامه مستغرباً:
تختبئ عندي! ولماذا تختبئ؟
تابع حديثه ببطء وهو يمسح الدموع من عينيه:
لقد عدت من أوروبا منذ أسبوع، في إجازة لكي أزور أهلي، ولكني لم أهنأ بهذه الإجازة،
فقد قتل ابن عمي جاره عن طريق الخطأ، وسلم نفسه للشرطة، ولكن أهل القتيل يريدون
قتل أي شخص يرونه أمامهم، والبارحة كنت مختبئا عند أمك في القرية، ولكنها خافت أن
يراني أحد عندكم، فيخبرهم عني، فنصحتني أن أختبئ عندك في المدينة حتى يحين موعد
سفري، ولم أستطع مغادرة القرية إلا بعد منتصف الليل كي لا أصادف أحداً من أهل
القتيل، ومرة ثانية أكرر أسفي وأعدك بأنني لن أزعجك أكثر من ثلاثة أيام!
هونت عليه قائلاً:
ما هذا الكلام يا رجل! إذا لم يتسع لك المكان أضعك فوق
رأسي، صدر البيت لك والعتبة لي..
وطلبت منه أن يبدل ثيابه، وأعطيته ثيابا
للنوم، وبصعوبة بالغة أقنعته بالنوم على السرير و نمت أنا على
الأريكة الممزقة التي كانت تتحرك تحتي كموج البحر.





 


رد مع اقتباس
قديم 06-23-2011   #4


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



عندما استيقظت، لم تكن الشمس في مكانها الذي عهدته كل صباح، فقد قطعت مسافات
بعيدة عن نافذتي، والساعة قد قاربت من العاشرة صباحاً، وطبعاً لن أترك ضيفي
لوحده وأذهب للعمل وعلى كل حال تأخرت كثيراً وسوف يطردني صاحب المعمل.
خرجت لشراء الفطور، وعدت بسرعة قبل أن يستيقظ أيمن، وكان الفطور سهل
التحضير، بيضا مقليا وحمصا ناعما، ولم أنس أن أشتري السكر لكي أشرب الشاي مع الضيف.
أيقظت أيمن بلطف، ودعوته لتناول الفطور فقد كان جائعاً مثلي.
جلسنا نشرب الشاي بعد الفطور ونحن نتحدث ونسترجع الماضي، وأيام الطفولة
والمدرسة، وتلال القرية، والسباحة في مياه السواقي، والسباق في بيادر
القمح، وحصاني الخشبي الذي انكسر. كانت أياما جميلة لم نشعر وقتها بهموم الحياة!
كان أيمن يجول بنظره في أرجاء الغرفة التي توحي بالفقر والحاجة، ونظرَ إليَ
وقال: لماذا لا تأتي معي إلى أوروبا وتعمل معي بالتجارة؟
ضحكت بصوت عال وقلت له: ليس معي نقود لأشتري طعاما، فكيف أسافر إلى أوروبا وأعمل بالتجارة؟
فقال لي: لا عليك أنا سوف أدفع لك كل التكاليف، وعندما تعمل وتربح
تعيد لي المال، ويجب أن تفكر بسرعة، قبل أن يحين موعد سفري، فإذا وافقت فسوف تسافر معي بعد ثلاثة أيام.
لم أفكر كثيراً، فما أعانيه في عملي، وحياتي يجعلني أوافق بسرعة على عرضه.
وفعلاً لم أضيع الوقت، ذهبت معه إلى السفارة وحصلت على تصريح السفر، واشترى لي بطاقة سفر بالطائرة.
ذهبت لكي أودع صاحب المعمل وآخذ باقي أجري منه، ولكن كما توقعت، فقد
طردني ولم يعطيني شيئا، وقال لي: اذهب الدرب الذي يأخذك لا يرجعك! تركته وذهبت
إلى القرية لأودع أمي و أبي، ويا ليتني ما ذهبت!
وصلت إلى القرية بعد الظهر، وكان السكون يخيم على أرجاء القرية، إلا من بعض
الباعة المتجولين الذين يأتون من المدينة ليبيعوا بضائعهم في القرى التي
يصعب على سكانها الوصول إلى المدينة، وقبل أن أذهب إلى بيتنا، مررت على بيت
خالتي لأطمئنهم على أيمن، ولكني لم أجد أحداً في البيت.
وصلت إلى بيتنا، وكان باب (التوتة) الكبير مفتوحاً كالعادة.. وكانوا يسمونه
بباب التوتة لأنه مصنوع من صفائح التوتياء، وكان كبيراً بحيث يدخل منه البغل
وهو يجر العربة ، دخلت إلى ساحة البيت التي تتوسطها
شجرة التوت الهرمة مسدلةً ما بقي منها من أغصان إلى الأرض، شعرت للحظة
وكأنها تناديني لأتسلق أغصانها كما كنت أفعل وأنا طفل صغير، لأركب على الأرجوحة
التي ربطتها أمي على جذعها القوي، لأتفحص أعشاش عصافير الدوري، وأساعد هرتي
الصغيرة على النزول عندما تعلق في أغصانها العالية، وبالقرب منها كان البئر
العميق بحبله الطويل ودلوه الحديدي يناديني لأشرب من مائه العذب، وبالطرف
الآخر من الساحة كانت أغصان الكرم اليابسة تحترق في الموقد تحت قدر من محشي
الباذنجان، ورائحة الطعام تفوح بالمكان.
كانت أمي تقف بجانب الموقد لتضع الحطب على النار لتبقى مشتعلة، وعندما رأتني
ارتسمت على وجهها الجميل المنقط بشحار الموقد، ابتسامتها الحنونة التي دائماً
كانت تقابلني بها، وسارعت إلى أحضانها وكأني طفل صغير عاد إلى أمه بعد أول يوم له في المدرسة.





 


رد مع اقتباس
قديم 06-23-2011   #5


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



جلست مع أمي وأبي نتناول الطعام، وأنا أكلمهم عن المدينة، وماذا حصل معي
وكيف جاءني أيمن في الليل، ولكني لم أفتح موضوع السفر مباشرة،
انتظرت حتى جاءت أمي بالشاي المغلى على نار الموقد.
كنت كلما حاولت أن أفتح موضوع السفر تصيبني غصة في حلقي، تمنعني من النطق
لأني أعرف أمي جيداً، وأعرف بأنها لن تتقبل هذا الموضوع، فهي وبصعوبة بالغة
وافقت على سفري إلى المدينة، فكيف توافق بأن أسافر إلى مكان بعيد
مثل أوروبا، فحاولت أن أدخل الموضوع بشكل تدريجي، أخبرتها بأن أيمن عرض عليَ
السفر معه، وأنا بحاجة أن أجمع المال لأشتري بيتا في المدينة، ولكن ما أن بدأت
بالكلام حتى بدأت تذرف الدموع التي كانت تحرق قلبي، ورددت نفس العبارات التي
كانت تنصحني بها في الماضي، أن أبقى في القرية، وأعمل مع أبي في زراعة الأرض.
كان أبي يجلس في زاويته المعهودة في طرف الغرفة، وهو يحرك مفتاح المذياع بحثاً
عن محطات إذاعية، ولم يكن ينبس بكلمة، ولكني كنت أعلم أنه كان يتابعنا بكل كلمة
نقولها، نظرَ إليَ بعينين واثقتين وقال: اذهب يا بني وسافر أينما تريدلا تبقى كما
بقيت أنا ولم أفعل شيئا في حياتي سوى زراعة الأرض!
كانت أمي تشد الحبل وأبي يرخيه وطال النقاش حتى قاربت الساعة من السادسة مساءً
وكان موعد الطائرة في الساعة الثانية عشرة ليلا، وأخيراً وبمساعدة أبي الذي ساندني
اقتنعت أمي، بشرط أن أعود بعد ثلاثة شهور.
جهزت لي أمي بعض الأشياء كي آخذها معي، وأكثرها كان من الطعام الذي لا يفسد
كالشنكليش، المكدوس، الزعتر، وخبز التنور الذي تصنعه في تنور
البيت، فيخرج محمراً برائحة الخبز الحقيقي الذي يسيل اللعاب لرؤياه.
أخرج أبي بعض النقود التي كان يدخرها إلى يوم أسود، وطلب مني أن أضعها
في جيبي، ولكني رفضت بشدة، وأصرَ أن آخذها منه، وبصعوبة بالغة أقنعته أني
لست بحاجة، وأن أيمن سوف يدفع كل المصاريف، مع أن جيبي لم يعرف شكل المال منذ وقت طويل.
خرجنا إلى ساحة المنزل، وقد حثثت أمي على الإسراع لكي ألحق بالحافلة الأخيرة
التي تغادر القرية إلى المدينة. حانت لحظة الوداع التي أكرهها كثيرا،وهي
بالنسبة لي أصعب من السفر بكثير، دموع، فراق، ألم، وحرقة في القلب.
عانقت أمي لأودعها، وقد أخفت دموعها للحظات ريثما أغادر المنزل مع أبي الذي
سوف يودعني عندما أركب الحافلة، وعندما اقتربت من باب التوتة، بدأ أزيز
الرصاص في الخارج، وكأن معركة قد اشتعلت، فحاولت الخروج لأرى ماذا يحدث، ولكن
أمي منعتني، وأدخلتني إلى الغرفة مع أبي.
لم يدم إطلاق الرصاص طويلاً، فسرعان ما سمع صوت سيارات الشرطة قادمة من بعيد
مما شجع أمي أن تدعنا نخرج، ونتجه إلى ساحة القرية لنرى ماذا حدث.
علمنا من أحد الجيران أن أهل القتيل قاموا بإطلاق الرصاص على أقرباء
أيمن، وعندما سمعوا صوت سيارات الشرطة لاذوا بالفرار.
عدنا إلى البيت، ومرة ثانية، ودعت أمي واتجهنا إلى الحافلة مسرعين، ولكن هذه
المرة كانت الحافلة قد غادرت، وتركتني أبحث عن البديل.
لم يكن أمامي سوى عربة أبي التي يجرها البغل لكي توصلني إلى الطريق الذي
تمر منه السيارات المتجهة إلى المدينة، وكان يبعد عن القرية بضع كيلومترات.
أخرج أبي البغل من الإسطبل، وثبته أمام العربة، ثم انطلقنا عبر الأراضي الزراعية مختصرين الطريق.
كانت الساعة قد قاربت على التاسعة مساءً، والظلام قد أسدل بستاره على الأجواء.





 


رد مع اقتباس
قديم 06-23-2011   #6


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



للحظات نسيت نفسي، وشعرت بحقول القرية تودعني بموكب موسيقي مهيب، كانت أنفاس
البغل العجوز تصل إلى مسامعي وهو يجر العربة متثاقلاً، وكأنه يعزف
بالبوق، والجنادب تقفز أمام قوائمه وكأنها أطفال تتراكض أمام الموكب بانتظار
أن يرمى إليها بالحلوى، ونقيق الضفادع في السواقي بمحاذاة الطريق يملأ الجو
صخباً، وكأن فرقة موسيقية تعزف على جانبي الطريق، وأبي هو المايسترو الذي
يقود الموكب الموسيقي، فكان يُحرك الحبل الذي يوجه به البغل بين الحين والأخر، وكأنه
يعطي الإشارات للموسيقيين، والنجوم كانت تشع بالسماء الصافية، لتكمل روعة المشهد الجميل.
وصلنا إلى الطريق الرئيسي، وكنت محظوظا فقد توقفت لي سيارة عابرة وأقلتني معها إلى المدينة.
كانت علامات القلق واضحة على وجه أيمن، وكان على لسانه أسئلة كثيرة، يريد أن
يعرف لها أجوبة، ولكني طلبت منه أن يُسرع لكي نلحق بالطائرة، وسوف
أخبره بكل شيء على الطريق.
كانت المرة الأولى التي أرى فيها مطاراً، وطبعاً أول مرة أركبُ فيها الطائرة، مما
جعلني أقلق بعض الشيء.
كانت الطائرة مكتظة بالركاب، وهذا ما هدأ من روعي وخوفي، وكان من بين الركاب
نساء وأطفال يضحكون ويمرحون، وكان أيمن يجلس بجانبي، وقد أرخى برأسه على
جانب المقعد، ولم أدر إذا كان نائما أو يخفي وجهه المهموم عني.
انقضت ثلاث ساعات قبل أن تهبط الطائرة في المطار، نزلنا من الطائرة، واتجهنا
إلى مبنى المطار، ومن ثم إلى شرطة الجوازات لوضع تأشيرة الدخول
كنت أمشي وراء أيمن، وكأني طفل صغير يلحق بأبيه، وصلنا إلى غرف صغيرة من
الزجاج يجلس بداخل كل واحدة شرطي، وكان للغرفة نافذة تسمح بإدخال الجواز
فقط، أعطى أيمن جوازه للشرطي، فوضع عليه الختم وأعاده إليه، ثم غادر إلى
الجانب الثاني من المبنى، ولم أعد أراه.
جاء دوري، فأعطيت الجواز للشرطي الذي فتحه، وهو يتمعن تارة في الصورة التي
على الجواز وتارة أخرى في وجهي، مما جعلني أشعر بالارتباك، ثم خرج من الغرفة
الزجاجية، وأشار لي بيده أن ألحق به، التفت يميناً ويساراً لعل أحدا يشرح لي
ماذا يريد مني الشرطي، ولكني لم أجد جواباً أو تعليقاً من أحد، كان يجب أن أعطي
جوازي قبل أيمن، كيف فاته هذا الموضوع! لحقت بالشرطي إلى غرفة جانبية من
الإسمنت، وفيها كرسي ومنضدة صغيرة.
نظرَ إليَ الشرطي، وأشار لي بأن أخلع ثيابي، فشعرت بشيء من الخوف والقلق، حاولت
إفهامه بأني لا أفهم ماذا يريد، ولكنه مرة ثانية أشار بأن أخلع ثيابي، وبدأ
يصرخ ويدمدم بكلمات لم أفهم منها شيئاً، ثم خرج من الغرفة بعد أن أشار لي
بيده أن أبقى مكاني، وأنه سوف يعود بسرعة.
لم يطل غياب الشرطي طويلاً، فقد عاد ومعه شاب أسمر، ذو ملامح
شرقية، عرفت من خلالها بأنه عربي.
تحدث الشرطي مع الشاب بضع كلمات بلغة لم أفهمها، ثم نظرَ الشاب نحوي وقال:
هذا الشرطي يريد منك أن تخلع ثيابك كي يفتشك
فقلت: ولماذا أنا لوحدي..أنا فقط.. يريد أن يفتشني، وبهذه الطريقة المهينة؟
فرد قائلاً: إنه يريد إخافتك حتى تعطيه بعض النقود، وأنصحك أن تعطيه
بدلاً من أن يطبق عليك قوانينه الدنيئة.

يتبع





 


رد مع اقتباس
قديم 06-23-2011   #7


الصورة الرمزية شمس الاصيل
شمس الاصيل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Jun 2010
 أخر زيارة : منذ يوم مضى (03:51 AM)
 المشاركات : 91,980 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : White
شكراً: 1,083
تم شكره 3,392 مرة في 1,984 مشاركة

اوسمتي

افتراضي



الغزال الشمالي

علقت بحماس في وسط القصة !

رائعه هذه القصه ويبدوا ان باقي تفاصيلهااروع

سأتابعها معك بشغف

لاتطيلي علينا سرد بقاياها ففيها من الجمال الادبي ماجعلني ابدأها ولا اتوقف حتى كلمة ( يتبع )

طاب الجلوس هنا

ويلمت يداك التي تحضر لنا دائما الاروع والاجمل

لكِ مني كل التقدير




 
 توقيع :


رد مع اقتباس
قديم 06-24-2011   #8


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شمس الاصيل مشاهدة المشاركة
الغزال الشمالي


علقت بحماس في وسط القصة !

رائعه هذه القصه ويبدوا ان باقي تفاصيلهااروع

سأتابعها معك بشغف

لاتطيلي علينا سرد بقاياها ففيها من الجمال الادبي ماجعلني ابدأها ولا اتوقف حتى كلمة ( يتبع )

طاب الجلوس هنا

ويلمت يداك التي تحضر لنا دائما الاروع والاجمل


لكِ مني كل التقدير

والأكثر روعة تواجدك شمس الأصيل
سرني مرورك وأسعدتني متابعتك لأحداث القصة
أتمنى لك أوقات ممتعة
دمت بود






 


رد مع اقتباس
قديم 06-24-2011   #9


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



للحظات اعتقدت بأن الشاب يخدعني، وربما يكون متعاونا مع الشرطي ضدي، فحاولت المراوغة، وقلت:
ولكني لا أملك نقوداً، فأنا قادم مع صديقي، وهو قد خرج قبلي.ابتسم الشاب وقال: لا عليك أنا سوف أعطيه.
وأخرج من جيبه عشرة دولارات ودسها في جيب الشرطي، عندها ابتسم الشرطي، وأعطاني جواز سفري
وعليه تأشيرة الدخول، وأشارَ لي بيده أن أذهب.
شكرت الشاب كثيراً، وطلبت منه أن يرافقني إلى خارج المطار، لكي أطلب من أيمن
نقوداً، أعيدها له بدلاً من النقود التي دفعها للشرطي، ولكنه رفض وغادر من أمامي بسرعة، حتى لم يعطني الفرصة لأسأله عن اسمه.
خرجت من مبنى المطار، فوجدت أيمن ينتظرني وقد بدت على وجهه علامات الخجلوالأسف، فبادرني بالقول:
أرجوك لا تؤاخذني فقد سهوت عنك، لأن تفكيري كله عند أهلي في القرية، ولم أشعر وأنا أخرج من دونك.
فقلت له: لا عليك، أنا أقدر ظرفك، وحكيت له ما جرى معي في المطار، وكيف ساعدني الشاب العربي.
كانت الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، استقلينا سيارةأجرة، انطلقت بنا وسط شوارع المدينة متجهين إلى بيت أيمن.
كنت أنظر من نافذة السيارة إلى المباني المرتفعة والشوارع الخالية من المارة وكأنني أشاهد فيلما سينمائيا لأول مرة،
ومن شدة تعبي، كنت لا أشعر بجسدي معي، كنت أشعر بأنني أطير، ولا أفكر إلا بسرير أرتمي عليه ولا أستيقظ قبل ثلاثة أيام.
وصلنا إلى الحي الذي يسكن فيه أيمن، وكان في أطراف المدينة، في منطقة أكثرُسكانها من الغجر، ومع أن
الوقت كان متأخراً، إلا أن بعض منهم كان يجلس فيالشارع ينتظر غنيمة يغتنمها من فتاة
عائدة من مرقص، أو من شاب سكرانأو من مسافر يحمل حقائبه الكثيرة مثلنا.
بعد أن نزلنا من السيارة، جاء اثنان من الغجر وعرضا على أيمن المساعدة في حمل الحقائب، وطبعاً رفض، وحذرني أن أحذر منهم جيداً.
حملنا الحقائب، ودخلنا المبنى الذي يقيم فيه أيمن، وعندما حاول فتح باب المصعد، أصبنا بالإحباط، فقد كان المصعد معطلاً، فقلت:
له لا عليك هيا لنصعد الدرج! ولكنه ابتسم ابتسامة صفراء، ونظرَ إلى الأعلى، وكأنه ينظر إلى السماء، وقال:البيت في الطابق العاشر!
عندما سمعت بالطابق العاشر، خارت قواي وشعرت بدوار في رأسي، ولكن بشيءمن العزيمة والصمود صعدنا الدرج، وأنا أفكر
بالسرير المريح الذي ينتظرني، وكنا نرتاح كلما صعدنا من طابق لأخر، حتى وصلنا في النهاية
إلى الطابق العاشر، وقد تقطعت أنفاسي من التعب!أدخل أيمن يده بجيبه ليخرج مفتاح الباب، ولكن يده كانت تخرج
فارغة، وكان يعاود إدخالها وإخراجها في جيوبه، وهو يتصبب عرقاً، ولكن عبثاً!
فقلت له أن يبحث في حقائبه، ربما وضع فيها المفتاح من غير أن يشعر، وفعلاً فتح كل حقائبه
وبعثر محتوياتها على الأرض ولكن بدون جدوى، أوقف البحث، وأطرق رأسه نحوالأرض ثم
زفر زفرة، أحسست بقوتها تلامس جبيني، وقال: لقد نسيت المفتاح فيالقرية، وأعتقد أننا
سنبقى هنا حتى الصباح، ريثما تعود صديقتي روكسانا لتفتح لنا الباب، فهي الوحيدة
التي تحمل مفتاح أخر، وهي الآن في مدينة أخرى، و سوف تصل في الصباح، كما تواعدنا قبل أن أسافر.
لم تكن ليلة سوداء من الظلام فقط، بل كانت ليلة سوداء من العذاب، في القرية
وعلى الطريق، وفي المطار، والمصعد المعطل، والمفتاح المفقود.






 


رد مع اقتباس
قديم 06-24-2011   #10


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



استلقيت على الأرض بجانب باب البيت، و وضعت حقيبتي تحت رأسي، وأغمضت عيني محاولاً النوم، ولكني لم أستطع من صلابة الأرض ورطوبتها،
ومع أن فصل الصيف كان في نهايته إلا أن الجو في أوروبا كان بارداً بعض الشيء، فكنت أتقلب مرة على الجانب الأيمن، ومرة على الجانب الأيسر،
لأخفف عن جسدي صلابة الأرض ورطوبتها.شيئاً فشيئاً بدأ نور الشمس يتسرب إلى داخل المبنى معلناً بداية نهار جديد وبين النوم واليقظة،
والحلم والعلم، رأيت إمرأة عجوزا ترتدي ثوبا طويلا أخضرعليه نقط بيضاء، شعرها أبيض قصير، تناهز السبعين من العمر، خرجت من الباب
المقابل لبيت أيمن. نظرت إلينا وقد بدت علامات الدهشة والاستغراب على وجهها، اقتربت منا، وهي تتكلم بلغتها التي لا أفهم منها شيئاً،
وبدأت تحدث أيمن، وكانت تتكلم بصوت عال ظناً منها بأننا مثلها، سمعنا ضعيف.طلب أيمن منها الدخول إلى بيتها ليستعمل الحمام،
فسمحت له بالدخول، وتركني معها تكلمني وتناقشني، وأنا كنت أهز برأسي دائماً، وأبتسم عندما تبتسم، وأحزن عندما تتغير معالم
وجهها، وأرفع حاجبي عندما يجب أن أندهش، كي لا أشعرها بالإحراج، وعندما عاد أيمن، لا أدري ماذا قالت له حتى أضحكته
رغم العذاب الذي نحن فيه. سألت أيمن عن سبب ضحكه، فقال: إنها تمتدحك كثيراً وتقول إنك متفهم لكل الأمور وأسعدها
كثيراً الكلام معك، وأخذت أنا أيضاً أضحك بالرغم من التعاسة التي أنا فيها، وكانت خيبة العجوز كبيرة عندما علمت
بسبب ضحكنا.اقتربت مني العجوز ومدت يدها وقالت ماريا، فقال لي أيمن: العمة ماريا تعرفك بنفسها، فمددت
يدي مصافحاً وقلت لها: فارس، أنا فارس، صديق أيمن! وكان أيمن يترجم الحديث بيننا، الذي طال كثيراً.
ذهبت العمة ماريا إلى السوق، وقالت وهي تنزل الدرج: عندما أعود سوف تدخلون إلى بيتي ريثما تعود روكسانا.
ولكني لا أعتقد أن هذا سيحصل، لأن العمة ماريا سوف تمضي نصف النهارعندما تعود من السوق لتصعد الدرج إلى الطابق العاشر.
لم يطل انتظارنا كثيراً، حتى سمعنا أصوات أقدام تصعد الدرج، كانت فتاة في الخامسة والعشرين من عمرها، نحيلة الجسد، ممسوحة
الصدر، شعرها أصفر قصير تربطه إلى الوراء، تلبس بنطالا أبيض، وقميصا أصفر، وتنتعل حذاء رياضيا،
خلت من معالمها الأنوثة، لا تتميز عن الذكور إلا بصوتها النسائي.
اقتربت من أيمن وعانقته بشوق ولهفة، وتبادلا القبلات الحارة حتى أني خجلت من النظر إليهم، ورحت أسعل لأذكرهم بوجودي.
نظرَ أيمن نحوي وقال: لا تهتم يا صديقي، هذه الأمور عادية هنا، أنت في أوروبا يا رجل! ثم قدمني إلى صديقته قائلاً:
هذا فارس و هذه روكسانا! فمدت يدها، ولكن ليس لتصافحني، فقد رفعتها حتى اقتربت من وجهي، فقال أيمن:
العادة هنا عندما يصافح الرجل امرأة، يقبل يدها. فقلت له أنا لا أُقبل سوى يد أمي، ثم مددت يدي وصافحتها
كما أصافح الرجال، فشعرت بأنها تضايقت من ذلك.فتحت روكسانا باب البيت، ثم دخلنا إلى غرفة صغيرة،
وضع فيها كرسي ومنضدة وبجانبهما أريكة صغيرة، وتلفاز صغير بحجم الراديو الذي يستمع إليه أبي.
جلس أيمن وركسانا، وأخذا يتهامسان ويتحابان، وكأنهما لا يراني انتظرت قليلاً حتى يُدخلني أيمن إلى
غرفتي لكي أنام، ولكن أيمن لم يهتم بي، كان شغله الشاغل ملاطفة روكسانا، فقاطعت خلوتهما قائلاً:
أريد أن أدخل غرفتي لكي أرتاح وترتاحان أنتما أيضاً، ولكن أيمن راح يضحك وكأنني دغدغته بكلامي، ثم قال لي وهويحاول
إيقاف نفسه عن الضحك: هذا البيت يتكون من غرفة واحدة فقط. فقلت له:حسناً دعني أدخل إلى الغرفة لكي أنام فأنا مرهق.
ولكنه عاد للضحك مرة ثانية وهو يقول: هذه هي الغرفة، نحن نجلس فيها، والأبواب التي تراها هي أبواب المطبخ والحمام.
أصبت بصدمة عندما سمعت كلامه، فهل يُعقل أن كل هذا العذاب والانتظار والصعود للطابق العاشر وفي النهاية، البيت
غرفة بحجم مطبخ أمي في القرية استلقيت على الاريكة، وأرخيت جسدي المتعب، وسلمت أمري إلى الله. عندما استيقظت
كانت الساعة الثالثة بعد العصر، كنت أشعر بالجوع والعطش و كانت عظامي تؤلمني من النوم على باب
البيت، ورقبتي قد تشنجت من النوم من دون وسادة، نظرت حولي فلم أجد أحداً في
الغرفة، فرحت أنادي على أيمن بصوت منخفض، فلم يجب أحد.




 


رد مع اقتباس
إضافة رد
كاتب الموضوع الغزال الشمالي مشاركات 31 المشاهدات 9466  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع

(عرض التفاصيل الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع منذ بعد 04-11-2024, 03:48 PM (إعادة تعين) (حذف)
لا توجد أسماء لعرضهـا.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 10:07 AM بتوقيت الرياض


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون
Designed and Developed by : Jinan al.klmah