منازل الحب عند العرب

الحب أوله هزل وآخره جد .. دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف .. فلا ندرك حقيقتها إلا بالمعاناة .
طبيعة الحب:
يقول بعض الباحثين إن الحب انحراف بالغريزة الجسدية .. ويقول آخرون انه استعاده لذكريات ماضيه بينما يزعم غير واحد أن المحب إنما يحب ذاته من غير محبوبه فهو لا يرى فيه إلا نفسه .. وكأنه مرآه صافية له .. فيحلم به فهو إنما يحلم بنفسه .. ولكل محب طريقته في الحلم .. ومن خلال هذا الحلم لا من خلال الحقائق المجردة تغنى المحبون بمن يحبونهم ونظموا فيهم أشعارهم الغرامية التي تبعثها تلك القوة السحرية العجيبة قوة الحب التي تعمي المحب عن رؤية أي نقص في محبوبه .. بل التي تجعله يضفي عليه جميع الخصال والمحاسن .. حتى لكأنه نسج من أشعة القمر .. ولا يزال يعيش في هذا الخيال أو هذا الحلم منتشيا بشرابه الصفو الهنيء .

علامات الحب :
وللحب علامات يحس بها الفَطِن .. ويهتدي إليها الذكي .. فأولها إدمان النظر والعين .. فترى الناظر لا يطرف يتنقل بتنقل المحبوب وينزوي بانزوائه .. ومنها الإسراع بالسير نحو المكان الذي يكون فيه .. والتعمد للقعود بقربه والدنو منه .. ومنها اضطراب يبدو على المحب عند رؤية من يشبه محبوبه أو عند سماع اسمه فجأة .
وهذه العلامات تكون قبل استعار نار الحب وتأجج حريقه .. فأما إذا تمكن واخذ مأخذه فحينئذ ترى الحديث سرا والإعراض عن كل ما حضر إلا عن المحبوب جهارا .
من يحب صار الطعام والماء غصة في الحلق .. وكثر عنده الوجوم والسرحان وصار متثاقلا حائر النَّفْس جامد الحركة يبرم من الكلمة ويضجر من السؤال .
ومن علاماته أيضا حب الوحدة والإنس بالانفراد .. ونحول الجسم .. والسهر .