~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~

عدد مرات النقر : 1,501
عدد  مرات الظهور : 42,796,776


عدد مرات النقر : 1,501
عدد  مرات الظهور : 42,796,776

العودة   منتديات وهج الذكرى > وهج الادب المنقول مما راق لي > ❦ وهـج القصص والخيال ❦ ❧
❦ وهـج القصص والخيال ❦ ❧ لكل ما يروق لنا من قصص او خاطرة
التعليمـــات روابط مفيدة
إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 06-24-2011
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل : Apr 2011
 فترة الأقامة : 5185 يوم
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم : 119
 معدل التقييم : الغزال الشمالي will become famous soon enoughالغزال الشمالي will become famous soon enough
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



دخلت إلى المطبخ الذي لا يتعدى طوله مترين وعرضه متر واحد، وقد وضعت بداخله
ثلاجة صغيرة جداً، ومغسلة ممتلئة بالصحون التي لم تُغسل منذ وقت طويل، وبعض
الرفوف بجانب المغسلة. فتحت الصنبور كي أشرب، فسال منه ماء بني اللون ممزوج
بالتراب، لا يصلح للشرب، ثم فتحت الثلاجة لعلي أجد فيها بعض الطعام، ولكنها
كانت خاوية مثل النملية التي تركتها في غرفتي!
جلست على الأريكة أنتظر أيمن، ومرَ وقت طويل وأنا أنتظر واشتد جوعي، جف
حلقي، وبدأت الأفكار والظنون تدور في رأسي... أين ذهب أيمن؟ ماذا أفعل الآن
وحيداً في هذه الغرفة؟ أسئلة كثيرة لم أجد لها جوابا!
كان صمت رهيب يطبق على صدري، يشعرني بالوحدة القاتلة عندما سمعت صوت
روكسانا يرن كالجرس في أذني وهي تضحك في الخارج، ثم فتح الباب، ودخل أيمن
بيده علبة من الكرتون تفوح منها رائحة الطعام، تتبعه روكسانا، وهي تتمايل
عليه وتضحك بأعلى صوتها، وقد حملت بيدها زجاجة من الخمر.
بادرني أيمن بالحديث قائلاً: اعتقدت بأنك سوف تنام طوال النهار والليل، فلم
أرد أن أزعجك، ولهذا خرجت مع روكسانا لندعك تنام جيداً، وقد اشترينا لك بعض
الطعام، فأنت لم تأكل منذ البارحة.
لم تسعفني الكلمات لكي أعاتب أيمن،فقد فتحت العلبة، وكانت تحتوي على البطاطا
المقلية وقطع من لحم الدجاج، وبجانبها زجاجة ماء، فرحت ألتهم الطعام بشراهة
من شدة جوعي، حتى أني خجلت من نفسي أمامهم.
كنت أشعر بنظرات روكسانا تراقبني وفيها شيء من التقزز، وكأن لسان حالها
يقول: من أين جاء هذا الغريب ليشاركني الغرفة مع صديقي.
سألت أيمن متردداً، وقد بانت على وجهي علامات الارتباك:
- كيف نتدبر أمرنا نحن الثلاثة في هذه الغرفة الصغيرة؟ وأنت لم تخبرني بأن
صديقتك تعيش معك في بيتك!
طال جواب أيمن، فقد كان ينظر إلى سقف الغرفة، واعتقدت بأنه يفكر في حل لهذا
الموضوع، ولكنه فاجأني عندما قال بعد تنهيدة طويلة: هذا البيت ملك روكسانا
وأنا أقيم عندها.
فسألته مستغرباً: الذي أعرفه أنك تاجر وعندك أملاك كثيرة وشركة وسيارة ورصيد
في البنك، ومحلات تجارية... هل كل هذا كان كذبا؟
احمر وجه أيمن حتى ظننت بأن عروق الدم ستنفجر في رأسه، ونظرَ إلى الأرض ثم
رفع رأسه إلى السقف مع تنهيدة طويلة، وقال: إنه القمار يا صديقي، لم يُبق لي
شيئا، حتى ثيابي بعتها وقامرت بها، وهذا كان سبب ذهابي إلى البلد، كي أطلب
بعض المال من أهلي، وقد أعطوني ولكن لا يعلمون بأني أبدد المال في القمار
ولكن هذه المرة سوف أعمل وأضع يدي بيدك ولن أعود للقمار.
عائلة أيمن في القرية غنية جداً، وهم يملكون الكثير من الأراضي الزراعية، ولهذا
كان باستطاعتهم إرساله إلى الخارج ليكمل تعليمه، أما عائلتي فقيرة، وأبي
لا يملك سوى قطعة أرض صغيرة لا تكفي لإطعام البغل.






 توقيع :
قال تعالى {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً }النجم28

دائما النية الطيبة لاتجلب معها إلا المفاجآت الجميلة
لاتغيروا أساليبكم فقط غيروا نياتكم فعلى نياتكم ترزقون


رد مع اقتباس
قديم 06-24-2011   #2


الصورة الرمزية شمس الاصيل
شمس الاصيل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Jun 2010
 أخر زيارة : منذ يوم مضى (09:20 PM)
 المشاركات : 93,010 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : White
شكراً: 1,085
تم شكره 3,439 مرة في 2,006 مشاركة

اوسمتي

افتراضي



:sm2:sm2:sm2


سأظل متابع لكل مايحدث لفارس وايمن

وسأظل اتابع ماذا سيكون وضعهم القادم

شكرا الغزال الشمالي

فالتشويق في طرح القصه يذكرني بقصة قرأتها منذ اكثر من عشر سنوات وتتكرر الان !!

مؤكد ان وهج الذكرى تذكر هذه القصة فقد كانت في اول منتدى نشارك فيه سوياً .




 
 توقيع :


رد مع اقتباس
قديم 06-27-2011   #3


الصورة الرمزية شمس الاصيل
شمس الاصيل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Jun 2010
 أخر زيارة : منذ يوم مضى (09:20 PM)
 المشاركات : 93,010 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : White
شكراً: 1,085
تم شكره 3,439 مرة في 2,006 مشاركة

اوسمتي

افتراضي



??????




 


رد مع اقتباس
قديم 06-27-2011   #4


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شمس الاصيل مشاهدة المشاركة
??????


آسفة على التأخير شمس الأصيل
أهلا وسهلا بك ,جميل تواجدك و متابعتك
تحيتي









 


رد مع اقتباس
قديم 06-27-2011   #5


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



كل هذا يحدث، ولا أحد من الناس يكترث، حتى حارس الحديقة ذهب بعيداً، لكي لا يتدخل أما أنا فقد بدأت أعصابي ترتجف
والدم العربي ينبض في عروقي، نهضت لكي أساعد هذه العجوز المسكينة التي لا حول ولا قوة لها أمام هذا المعتدي اللعين.
لكن أيمن أمسكني ومنعني من الذهاب لنجدتها، وكان يقول لي: لا تتدخل، هذا الأمر لا يعنيك نحن
في أوروبا، كل شخص مسؤول عن نفسه هنا، ألا ترى أن الجميع لا يهتم!

ولكني لم أستطع أن أتحمل هذا الظلم، فاندفعت إلى اللص غير مبال بكلام أيمن الذي حذرني بأننا سوف نقع في ورطة كبيرة.
أبعدت اللص عن العجوز، وأخذت من يده الحقيبة التي استولى عليها بالقوة، وأعدتها إلى العجوز التي كانت غائبة
عن الوعي تقريباً...أما اللص، فقد ركض هارباً، وهو يصرخ ويدمدم بكلمات، أظنها عبارات تهديد.

كان أيمن يقف بجانبي وقد شحب لون وجهه، وبدأ يشدني من يدي ويقول خائفاً: هيا نهرب بسرعة ليس معنا متسع من الوقت.
وفعلاً لم يُنه أيمن كلامه حتى عاد اللص، وخلفه أربعة من الغجر يركضون نحونا، وكان أضعفهم، بحجمي أنا وأيمن معاً!
لم يكن أمامنا سوى الهرب، فرؤية الغجر يركضون نحونا حاملين بأيديهم السلاسل الحديدية والسكاكين الكبيرة، لا تدعنا نفكر سوى في الفرار...
ركضنا محاولين الخروج من الحديقة، ولكن مجموعة أخرى من الغجركانت لنا بالمرصاد، فوقعنا بين المجموعتين، محاصرين من
كل الجهات حاولت التملص من بين المجموعتين، وقد نجحت، ولكن أصابني أحد الغجر بضربة
من سلسلة حديدية، مزقت ظهري، أما أيمن فقد وقع بين أيديهم، فأخذوا يضربونه من دون رحمة، وهو يصرخ مستنجداً بي...
مع أن الضربة التي تلقيتها كانت ضربة موجعة جداً،إلا أني لم أتحمل رؤيةالغجر وهم يضربون أيمن بهذه القسوة، فجمعت
قواي، وركضت نحوهم وأنا أصرخ بأعلى صوتي: أتركوه يا كلاب..أتركوه..يا حُقراء، فشتت انتباههم عن أيمن
فتركوه يهرب، ولحقوا بي ركضت بين الأشجار، محاولاً تضليلهم عني، ولكن عبثاً، كنت كلما أفلت من أحدهم،
وجدت آخر بوجهي، كانت مطارة عنيفة جداً، حتى أني لم أعد أرى أيمن، والأشخاص الذين
كانوا يتنزهون بالحديقة هربوا،إلا شخصا واحد كان يبيع سكاكر غزل البنات
على عربة متحركة،وكان يقف بعربته بجانب حوض كبير جداً من الورود،فخطر لي
أن أختبئ داخل هذا الحوض، ولكنها كانت فكرة خطيرة جداً، فسوف يروني وأنا
أدخل إلى الحوض،وسوف يمسكون بي، ولكن لم يكن أمامي سوى هذا الخيارالصعب، فربما
اكسب وقتاً أطول، فيحدث شيئاً ما، ولربما يعود أيمن ومعه الشرطة لم أتردد كي لا أضيع علي آخر فرصة، فركضت بكل ما عندي
من قوة، وقبل أن يلاحظني أحد، ارتميت في حوض الورود منبطحاً على الأرض زحفت كالدودة بين الحشائش وأغصان الورود
كي أصل إلى منتصف الحوض، حتى لا يجدوني بسهولة، كنت أسمع أصواتهم المخيفة يصرخون من جهة لأخرى،
وأصوات السلاسل الحديدية، والسكاكين الطويلة الحادة، تثير الرعب والقشعريرة في جسدي.
شيئاً فشيئاً بدأت أسمع أصواتهم تقترب مني، وكأنهم عرفوا مكاني، أو رآني أحدهم عندما ركضت نحو الحوض.
كان قلبي يخفق بشدة كلما تحركت الأغصان بجانبي، كانت كل لحظة بالنسبة لي هي النهاية، فضربة
من سلسلة حديدية على رأسي، أو طعنة سكين في ظهري، سوف تكون فيها نهايتي!









 


رد مع اقتباس
قديم 06-27-2011   #6


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



كنت كلما أقترب مني صوت أو حركة من إحدى الجهات، هربت زاحفاً إلى الجهة الأخرى وكنت أرى الأقدام وهي تقترب
مني بحذر من جميع الجهات، فعدت بذاكرتي إلى القرية عندما كنت أنا وأبي والجيران، نحاصر الثعلب بين أكوام
القش، لما يفترس الدجاج، وكان كل واحد منا يحمل عصا أو قضيبا حديديا كبيرا، وفي معظم الأحيان
كان يُفلت منا،هارباً بين الحقول...
لم يعد لي مجال للهرب وأيقنت أنها النهاية، ولم يتبق سوى خطوة واحدة من أحد الغجر ليضع يده علي من بين الحشائش.
كانت يدٌ ضخمة وطويلة أمسكت بي من قميصي وسحبتني بسرعة هائلة لأجد نفسي
داخل العربة التي كانت تقف بجانب حوض الورود.
كانت عربة مصنوعة من الخشب، على شكل صندوق كبير له دواليب لكي يدفعه البائع أمامه بسهوله، وكان البائع يضع
بداخله حوائجه من سكر و أصبغة لصناعة الحلويات. كان المكان مظلما جداً لم أستطيع أن أرى شيئاً،
سوى أنفاس خائفة مرتعبة، تخترق آذاني، ولكن هذه الأنفاس لم تكن غريبة عني فقد كنت أعرفها
جيداً، منذ زمن بعيد عندما كنا نختبئ في خم الدجاج، هاربين من باقي الأطفال لكي لا يرونا، كانت أنفاس
أيمن، نعم هو أيمن بجانبي! همست بصوت خافت جداً، حتى أني لم اسمع صوتي جيداً: أيمن.. أيمن...
فسمعت صوته باكياً يريدني أن أصمت: صه.. صه..صمت قليلاً، ولكني عدت وسألته بصوت غير مسموع:
أيمن ماذا حصل.. ما الأمر؟لم يسمع ما قلت له، لكني أعتقد أنه فهم ماذا أريد.
وضع شفتيه على أذني تماماً، وهمس : إنه بائع غزل البنات، يحاول أن يساعدنا عرفت الآن لمن هذه اليد الضخمة
التي سحبتني إلى داخل العربة، فقد كانت يد البائع الذي كان يقف بجانب حوض الورود، وهو يخاطر بحياته لكي يساعدنا
لا أستطيع أن أصف إحساسي بالذل والمهانة، وأنا مختبئ داخل العربة مثل الجبناء، عشت فقيراً ولكني
لم أكن جباناً أبداً، فقد كانت عروقي تنتفض، وأعصابي ترتجف، من شدة القهر الذي أصابني،
ومن غير أن أشعر، اندفعت من باب العربة محطماً الخوف الذي يحاول السيطرة على كبريائي، وقد
فضلت الموت بشجاعة، طعناً بسكين أو بضربة تكسر رأسي، على الاختباء، ولكن البائع
كان لي بالمرصاد فلم أستطيع الخروج بسبب ضخامة جسده القابع على باب العربة.
فتح باب العربة، وأطل علينا البائع برأسه الكبير، ثم أشار لنا بأصبعه على فمه بأن نهدأ، فهز أيمن رأسه للبائع، ثم
قال لي هامساً، بعد أن أغلق البائع باب العربة: أرجوك أهدأ، أنا أعرفك جيداً وأعرف أن هذا الأمر
صعب عليك جداً، منذ كنا أطفالا وأنا أتذكر كيف كنت تعارك من هم أكبر
منك سناً، ولا تسكت لهم، ولكن أرجوك نحن هنا نواجه الموت، وأنا لا أريد الموت الآن، فإذا
كنت لا تبالي بحياتك، فأنا أريد أن أعيش أرجوك.. أرجوك.. أرجوك.. وأخذ يجهش بالبكاء.
لم أجب على كلامه، وبقيت صامتاً، ولكني حاولت تهدئته، فوضعت يدي على رقبته
محاولاً تشجيعه، ولكن ماه ذا السائل الذي يملئ رقبته الضعيفة؟
كان الدم يجري من رقبة المسكين أيمن من غير أن يشعر به، فمزقت قطعة من قميصي وتحسست
مكان الجرح بيدي، ثم ضمدت الجرح، وأنا لا أرى شيئاً، فربما ما يزال هناك جروح أخرى في جسده.
علت أصوات اللصوص في الخارج، وقد أصابهم الجنون، فهم لا يعرفون أين اختفت
فريستهم التي كانت ستقع بين أيديهم، ولا يفصلهم عنها سوى قاب قوسين أو أدنى.
اقترب أحدهم من البائع وهو يصرخ، ويضرب العربة بسلاسل حديدية، وكأنه يقول
للبائع، إنك تعرف مكانهم ولا تخبرنا، فكان البائع يتمتم بصوت خافت، وكأنه
يقول له، دعني وشأني، فأنا لا أعرف شيئاً.
كل هذا كنت أخمنه، لأني لا أستطيع أن أسأل أيمن عن أي شيء، فأقل همسة مني، سوف يسمعونها، ويكشفون
مكاننا فوراً، فالتزمت الصمت، ووضعت يدي على ظهر أيمن كي أشعره ببعض الاطمئنان،
ولكن جسد أيمن بدأ بالارتعاش عندما فتح باب العربة، وامتدت يد سوداء طويلة
تبحث عن شيء، ولم تكن يد البائع، كانت يد أحد اللصوص الذي أخذ قطعة من الحلوى، ومن
غير أن ينظر إلى داخل العربة، ثم أغلق الباب، فهو لم يفكر أبداً، بأننا يمكن أن نكون محشورين
داخل هذه العربة الصغيرة. كانت أنفاس أيمن شبه مقطوعة من شدة الخوف، ولكن
سرعان ما هدأ خوفه عندما ابتعد اللصوص عن العربة.
مرت أكثر من ساعة قبل أن يفتح البائع الباب، ويكلم أيمن، ثم أغلق الباب
وبدأ أيمن يترجم لي ما قاله بصوت أعلى بقليل من ذي قبل:
- يقول البائع، إنهم ابتعدوا عن العربة، وهم الآن يقفون على أطراف الحديقة
يراقبون مخارجها لأنهم متأكدون بأننا لم نغادر الحديقة، ويقول البائع إنه
من الأفضل أن نبقى مختبئين حتى غياب الشمس، لكي نستطيع مغادرة الحديقة في الظلام
وعلى كل حال لم يتبق كثيراً لغياب الشمس.
لم يمض وقت طويل حتى فتح باب العربة مرة ثانية، وأشار لنا البائع بالخروج فخرجنا من العربة، وكان الظلام قد خيم على الحديقة.
أخرج أيمن من جيبه بعض النقود ومد يده ليعطيها للبائع، لكن البائع رفض بشدة، وكأني فهمت
من كلامه، بأنه ساعدنا لله وليس من أجل المال، والغريب في الأمر
أن البائع كان غجريا ولكنه غجري شريف، يأكل من عرق جبينه!
شكرنا البائع كثيراً، وودعناه متسللين بهدوء إلى منطقة بعيدة من الحديقة
لكي نهرب منها، من غير أن يشعر بنا اللصوص...
ما أن وضعنا أقدامنا خارج الحديقة، حتى رآنا أحد اللصوص، وبدأ يصرخ وينادي
باقي المجموعة، فأوقفت أول سيارة أجرة قادمة من على الطريق، وارتمينا بداخلها
ونسيت أن السائق لا يعرف العربية، فرحت أصرخ به لكي يسرع قبل أن يصل
اللصوص.. بسرعة أرجوك... بسرعة... أسرع.. هناك من يريد قتلنا! ولكن السائق لم يفهم إلا عندما
انهال أحد اللصوص بالضرب بسلسلته الحديدية على النافذة
الخلفية للسيارة، ليتطاير الزجاج في كل مكان...
عندما رأى السائق ما يحدث، فهم الموضوع، ولم ينتظر كثيراً، حتى كانت أصوات
دواليب السيارة تحتك بالأرض من شدة السرعة، بعد أن انطلق هارباً.
لم نتوقف إلا عندما وصلنا الحي الذي يسكن فيه أيمن، نزلنا من السيارة، وأخذنا
نتفحص الأضرار التي ألحقها اللصوص بها.
كان السائق ينظر إلى سيارته، وهو حزين جداً عما لحقها من تحطيم للزجاج، وبعض
الضربات على الجوانب، لكن أيمن لم يتركه يعاني كثيراً، فقد أعطاه أجرته، وأعطاه
ثمن الزجاج، ولم ندعه يذهب إلا راضياً، وممنوناً.






 


رد مع اقتباس
قديم 06-27-2011   #7


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



كانت مهمتي شاقة وصعبة جداً، فيجب أن أصعد بأيمن إلى الطابق العاشر، وهو بالكاد يستطيع أن يقف على قدميه، بعد الضرب
الذي تلقاه من اللصوص كما صعدنا أول مرة عندما وصلنا من المطار متعبين، صعدنا هذه المرة أيضا
وما أن وضعت يدي على باب البيت، حتى ظهرت روكسانا أمامي، وهي تنظر إلينا
بسخط، ولكن ما أن رأت أيمن بحالته هذه، حتى تغيرت
تعابير وجهها، واقتربت بسرعة لتمسك به وتساعده على الدخول.
حدث ما لم أتوقع، فقد دخلت روكسانا، ثم أغلقت الباب في وجهي وتركتني في الخارج، أول مرة في حياتي أشعر
بهذه المهانة، فما فعلت روكسانا معي لم يفعله أحد على الإطلاق، شعرت بكرامتي تتدحرج على
الدرج، من الطابق العاشر إلى الأرض اسودت الدنيا أمام عيني، وتمنيت لو أن الأرض
تنشق وتبلعني، إحساسي في هذا الوقت لا أستطيع أن أوصفه، فمن الصعب
أن يشعر المرء بالذل والمهانة والمشكلة الأكبر أن تأتي الإهانة من واحدة مثل روكسانا!
وقفت قليلاً أمام الباب وأنا أسمع صراخ أيمن وركسانا في الداخل، وكان صراخاً
عنيفاً، توقعت بأن أيمن سيوبخ روكسانا لأنها أغلقت الباب بوجهي،وأنه سوف
يأخذ موقفاً... يترك لها بيتها، ويخرج ...
كان صوتهما عالياً جداً، ولكني لم أكن أفهم منه شيئا، ثم بدأتُ اسمع أصوات أشياء تتكسر، وشيئاً فشيئاً
هدأ كل شيء، ولم أعد أسمع شيئاً، وحل السكون على المكان مرت ساعة على الأقل، وأنا أنتظر
خروج أيمن، ولكن عبثاً، فلم يكن أمامي سوى بيت العمة ماريا أطرق بابه.
طرقت باب العمة ماريا بهدوء، فلم يجب أحد، فقلت في نفسي، ربما تكون نائمة
فلا أريد أن أزعجها، ثم جلست على الدرج ثانية أنتظر، فربما يخرج أيمن أو تخرج العمة ماريا
صدفة، فتدخلني إلى بيتها. كنت أفكر بأمور كثيرة، وقد شردت
في هذا العالم الغريب الذي يجعلني أهيم في أرض لا أعرفها، وأطير محلقاً بأجنحة
من طين، متحدياً النسور، متعدياً على الثوابت، متوهماً بنور يأتي من بعيد موجود في الخيال، أسابق الفراشات
إلى النور، أرقص مع دوائر الضوء الملونة بجميع الألوان الزاهية مقترباً شيئاً فشيئاً
من مبعث النور، فيعانقني بقوة، بشوق، بلهفة، فأحترق بحرارة لهيبه، فيتصاعد الدخان من
أجنحتي،وأقع على الأرض، فتأتي الأفاعي ،وتطبق على نفسي الأخير
أيقظني من شرودي صوت العمة ماريا وهي تصعد الدرج، وأظنها كانت تستعين
بالله على صعود الدرج حتى الطابق العاشر.
عَرفت على الفور العمة ماريا ماذا حدث، عندما رأتني أجلس على الدرج، بجانب
الباب كال... ولكنها، ومن غير أن تنطق بأي حرف، ابتسمت لي، ثم مدت يدها إلى
جيبها لتخرج مفتاحاً، وقد ربطته بخيط أبيض قصير، وأشارت لي أن أضعه في جيبي
يا الله! ما أحسن هذه المرأة! لقد عانت مشقة النزول والصعود إلى الطابق العاشر
لكي تصنع لي مفتاحا، أحتفظ به كي أدخل إلى البيت في حال غيابها...
يا إلهي ما أروع هذه العجوز! وكم هو الفرق شاسع بين
طيبتها، وبين عجرفة روكساناوطبعها السيئ!
دخلت مع العمة ماريا إلى بيتها، ولم أنتظر كثيراً حتى كان طعام العشاء جاهزاعلى المائدة.
أكلت وحمدت الله، ثم نهضت لأساعد العمة ماريا في رفع الصحون، ولكنها
صرخت بوجهي، ثم وضعت أصبعها على خدها، وكأنها تريد أن تقول لي بأنها تخجل بأن
تدعني أرفع الصحون، وكانت تحاول أن تفهمني بالإشارات، بأنها مثل أمي.....أمي
آه يا أمي! أعتقد أنها طارت عبر المسافات البعيدة وأتت إلى هنا لتتدخل
روحها وأنفاسها الجميلة جسد العمة ماريا لكي ترعاني، فمن شدة امتناني
للعمة ماريا، بدأت أناديها يا أمي، وكانت تبتسم لي في سعادة..


يتبع




 


رد مع اقتباس
قديم 06-27-2011   #8


الصورة الرمزية هشام السعدون
هشام السعدون غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 260
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 12-11-2017 (10:17 AM)
 المشاركات : 1,699 [ + ]
 التقييم :  79
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
افتراضي



جميل اختي الغزال على هذة القصه الجميلة وتقبلي سلامي



 
 توقيع :


رد مع اقتباس
قديم 06-28-2011   #9


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هشام السعدون مشاهدة المشاركة
جميل اختي الغزال على هذة القصه الجميلة وتقبلي سلامي


الجميل مرورك أخي هشام السعدون
شكرا لك









 


رد مع اقتباس
قديم 06-28-2011   #10


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي




مرت ثلاثة أيام على الأقل حتى استطعت أن أرى أيمن، فقد كنت أطرق على باب
روكسانا مرات عديدة كل يوم، ولكنها لم تفتح لي الباب، وعندما كنت أدق الباب
كثيراً، كانت تصرخ من الداخل، ولا أفهم شيئا مما تقوله!
في مساء اليوم الثالث، كنت أشاهد التلفاز مع العمة ماريا، حين رنَ جرس الباب
فذهبت العمة ماريا لتفتح، ثم عادت ومعها أيمن، وقد تغيرت ملامحه، وأثار الضرب
كانت واضحة بشكل كبير على جسده المتورم.
أخذته بالأحضان، وكأني لم أره منذ سنين، وجلسنا نتحدث، وبدأ أيمن يقص على
العمة ماريا ما حدث معنا في الحديقة، وكانت العمة ماريا تُصلب بيدها بعد كل
عبارة يتوقف عندها أيمن، وبعد أن انتهي أيمن من كلامه، قامت العمة ماريا
وضمتني إلى صدرها، وقد بدأت الدموع تسيل من عينيها، وهي تقول لي كلمات
لم أفهم منها شيئا، فقال أيمن مترجماً:
-تقول العمة ماريا إنها سعيدة جداً بشجاعتك، وأنها تخيلت نفسها مكان العجوز
التي ساعدتها في الحديقة، وأنها تحمد الله على عودتك سالماً
نظرت إلى العمة ماريا، وقلت لها ساخراً، وبالإشارة حتى تفهمني جيداً:

أنا عدت سالماً، ثم نظرت إلى أيمن وقد انتفخت عيناه وازرق جلده، وقلت.
وهذا المسكين، لقد عاد سالماً أيضاً، ولكن بعد أن تورم جسده، وتغير لونه
فضحكنا جميعاً بشدة، حتى أخذ أيمن يتألم من شدة الضحك.
تحدثنا وتسامرنا حتى ساعة متأخرة من الليل، أما روكسانا، فقد كانت تأتي
من وقت لآخر لتستعجل أيمن بالعودة إليها، ولم تجرؤ على الدخول، ليس خجلاً مني
ولكنها كانت تعلم بأن العمة ماريا لا تحبها ولا ترتاح لرؤيتها.
في الصباح، استيقظت على صوت أيمن يستعجلني بالنهوض من الفراش قائلاً
هيا هيا بسرعة، ليس معنا وقت، لقد تعودت على النوم والكسل، هيا يجب
أن نبحث عن عمل، بدلاً من الجلوس والنوم من دون فائدة!
وماذا يجب أن نفعل، وما هو العمل الذي يجب أن نعمله ،وأين مكانه، وووو؟
أسئلة كثيرة وجهتها إلى أيمن من غير أن أشعر، ولكني تلقيت إجابة واحدة فقط
هيا بنا الآن وسوف تعرف كل شيء بنفسك!
لم ينتظر أيمن العمة ماريا كي تُعد الفطور، وقال لي بأننا سنأكل أي شيء
في طريقنا إلى مكان العمل، وطلب مني أن أدع جواز سفري وأي شيء مهم في البيت
حتى إذا تعرضت للسرقة، فلا يجد اللصوص في جيبي شيئا.








 


رد مع اقتباس
إضافة رد
كاتب الموضوع الغزال الشمالي مشاركات 31 المشاهدات 10295  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع

(عرض التفاصيل الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع منذ بعد 06-19-2025, 09:38 PM (إعادة تعين) (حذف)
لا توجد أسماء لعرضهـا.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 01:31 PM بتوقيت الرياض


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون
Designed and Developed by : Jinan al.klmah